أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - الإسلاميون: الولاء للحزب... أم الوطن؟















المزيد.....

الإسلاميون: الولاء للحزب... أم الوطن؟


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4014 - 2013 / 2 / 25 - 09:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما ينتقل أي قيادي حزبي من الأفق الضيق للحزب الذي ينتمي إليه إلى أفق وطني أرحب تضيق به جماعته، ثم لا تضيع فرصة لتهميشه أو التخلص منه. وتنخرط القيادات الحزبية في العمل الوطني والتنافس والصراع منطلقة من مقولة تسير في جينات أي حزب تنص على أن مصلحة الوطن هي في مصلحة الحزب، وأن العمل للثاني يعني خدمة الأول. ومع مرور الزمن ومواجهة الأزمات وتعقيدات الواقع تكتشف بعض هذه القيادات أن تلك المقولة ليست مطلقة، وأن مصلحة الحزب، لا تنسجم في كثير من الأحيان، مع مصلحة الوطن، وأن الأولوية يجب أن تكون دائماً للثانية حتى لو اضطر الحزب لتقديم خسارات تكتيكية. والتجربة والاحتكاك تنقل هذه القيادات من مستوى إلى آخر، وهو ما رأينا أمثلة كثيرة له في ممارسة الأحزاب الإسلامية في حقبة ما بعد "الربيع العربي". والسلفي عماد عبدالغفور رئيس "حزب النور" سابقاً يكتشف هذا الاصطدام، فيصطدم مع بقية الحزب، لينتهي مستقيلًا ومؤسساً لحزب جديد اسمه، للمفارقة، حزب "الوطن". ومشعل ينتقل إلى أفق وطني ما بعد حزبي بعدما يكتشف ضيق تحزب "حماس" وعنادها في أكثر من سياق، وهو ما يدفع إلى تهميشه، وربما إزاحته عن قيادة حركته. والجبالي، أحد القيادات التاريخية للإسلام السياسي في تونس ورئيس وزرائها بعد بن علي، يكتشف ضيق أفق الحزب ورغبته في الاستئثار بالسلطة، ويطرح تشكيل حكومة تكنوقراط تتجاوز أفق الحزب. وبعيد سقوط مبارك يكتشف عبدالمنعم أبو الفتوح كيف أن "إخوان" مصر لا زالوا تحت الأرض، ويفكرون بمصلحة الجماعة أكثر من مصلحة مصر، فيتركهم ويؤسس حزباً لـ"مصر القوية". وهناك أمثلة أخرى كثيرة بطبيعة الحال.

وفي الشكل الحديث لممارسة السياسة ضمن إطار "الدولة- الأمة" تبلور الحزب السياسي بكونه شكلاً للتنافس بين الرؤى الإيديولوجية والمصلحية والسياسية في خدمة الوطن المعني. والحزب السياسي يفترض أن يكون هو الشكل الأكثر نجاعة لاستيعاب وتذويب الولاءات السابقة التي تعتمد على القبيلة، والطائفة، والدين، أي على العلاقات الغرائزية التي تشترط ولاءً أعمى يسبق الولاء للوطن وللدولة. والأشكال ما قبل الحديثة للتجمعات البشرية تريد تحقيق مصالح التجمع الصغير، الإثني، أو الطائفي، أو الديني، على حساب مصالح التجمع الكبير، الشعب. والحزب السياسي، بالتعريف النظري، يخترق تلك الحدود التقليدية وينضم الناس إليه لتحقيق مصالح مشتركة، بالخيار، وليس لأنهم سليلو عشيرة معينة، أو إثنية، أو ورثوا اتباع دين معين. والفروق الكبيرة بين المجتمع التقليدي والمجتمع الحديث من ناحية ممارسة السياسية والانتماء تكمن في أن الانتماء إجباري في الحالة الأولى (للعشيرة، والطائفة والدين)، واختياري في الحالة الثانية (للحزب، أو أي تنظيم قائم على المصلحة المشتركة)، وتكمن في أن الفرد يُعرّف في الحالة الأولى بـ"من هو" وإلى من ينتمي، وأن الفرد يُعرّف في الحالة الثانية بـ"ماذا يعمل" وماذا يُنجز -بحسب مفهوم "ماكس فيبر".

وليست الأمور مثالية في الشكل الحديث لتسيس البشرية حتى في أفضل أشكالها الديمقراطية، ذلك أن مصالح الأحزاب تختلط وتبتعد عن طوباوية "خدمة الوطن". ولكن هذا الشكل على سيئاته هو أفضل ما أنتجه الإنسان في سياق الصراع على الحكم وإدارة التنافس بين مكونات أي مجتمع بشري. وفي المنافسة بين الأحزاب، وفي المنافسة بين القيادات الحزبية، وفي المنافسة على رئاسة الدولة، هناك غايات حزبية وإيديولوجية، وهناك طموحات وتوق شخصي للوصول إلى القيادة، ونزعة فطرية لحب الرئاسة وقيادة الآخرين، ولكن هذه الغايات والطموحات والأنانيات تشتغل تحت ضوء الشمس وفي سياق حريات عامة. وعوض أن تصطرع بالعنف، تتنافس بطريقة سلمية وحزبية، وهي الطريقة التي تخلف أقل قدر ممكن من الدمار. ومعنى ذلك أن نسبة المصلحة الحزبية أو الشخصية مقارنة بمصلحة الوطن تكون مكشوفة للرأي العام، والرأي العام هو الذي يقرر عبر صناديق الانتخاب. ومعنى ذلك أيضاً أن هناك اعترافاً واقعياً وتصالحياً بأن التنافس السياسي الحزبي ينطوي على قدر كبير من الرغبة والطموح الشخصي الذي يرفع راية "خدمة الوطن والشعب". وطالما أن المرشح للرئاسة، الذي قد تقوده طموحاته الشخصية أكثر من دافع خدمة الوطن، سيضطر لخدمة الوطن ومحاولة إثبات أنه الأفضل عن طريق الإنجاز والخدمة وذلك لتحقيق أحلامه الشخصية في المجد ودخول التاريخ، فلا ضير في أن تتحقق مصلحته عن طريق تحقيقه لأقصى قدر من المصلحة العامة. وطالما أن الحزب يحقق مصالحه مع إنجازات المصالح العليا للوطن فلا ضير في ذلك.

ولكن هناك ما هو أخطر من الطموح الفردي للوصول إلى القيادة والرئاسة، وهو ما يمكن ترويضه عبر آليات محاسبية ورقابية وفصل للسلطات. والخطر الحقيقي في الحياة الحزبية يتمثل في الأحزاب عميقة التأدلج أو ذات البعد الطائفي، أو العشائري، أو الإثني، أو الديني. ففي هذه الحالة تسود المصلحة الإيديولوجية، أو الطائفية، أو القبلية، أو الإثنية، أو الدينية، على أي شيء آخر، حيث يتم اختصار الوطن والمصلحة الوطنية بكونهما لا يتحققان إلا من خلال تحقيق مصلحة الحزب المعني. وهنا ترتبك الأمور وتختلط ليس فقط على الأفراد والقواعد التابعة للأحزاب، وهم دائماً مقودون بالتعليمات العليا وأوامر الحزب وعليهم السمع والطاعة، بل يطال الارتباك القيادات نفسها المنهمكة في الدفاع عن الحزب حتى العظم، ولو أدى ذلك إلى تدمير مصلحة الوطن.

ولكن ماذا يفعل الحزبي الذي منح حزبه زهرة شبابه وقضى فيه سنوات طويلة من عمره، طواعية وعن خيار حر، عندما يرتبك ضميره الوطني ويكتشف أن انتماءه وولاءه لحزبه صار يعاكس ولاءه لوطنه، وأن مصلحة الإثنين لم يعد يراها منسجمة كما كان يراها سابقاً؟ الفكرة الابتدائية في التحزب السياسي عند غالبية أفراد أي حزب تفترض أن خدمة الحزب هي خدمة للوطن، وأن تحقيق مصلحة الأول يعني تحقيق مصلحة الثاني. وتتكاثر الحالات التي يبرز فيها هذا الاشتباك والتشظي على مستوى الضمير الوطني والولاء الحزبي عندما ينتقل الحزب من العمل السري إلى العمل العلني، ويكتشف كثير من الأفراد أن الحياة السياسية تحت الشمس غيرها تحت الأرض، وأن تعقيدات الواقع غير خيال المثال المجنح. وتحت الشمس وفي ضوء الحرية تختبر المقولات والإيديولوجيات وبعضها، إن لم يكن كلها، تتواضع طوباوياتها وتصبح أكثر عقلانية، وتبرز ثنائية مصلحة الوطن ومصلحة الحزب. والحزب الناجح هو الذي يتأقلم بأسرع وقت ممكن ليتواءم مع مناخ الحرية ويتخفف من وطأة الحزبية والسرية والانغلاق وينفتح على أفق وطني. والحزب الذي يفشل في ذلك يفقد عناصره، أفراداً وجماعات، ذلك أنهم في مناخ الحرية يرون الأشياء بطريقة مختلفة. وهذا ما حدث مع كثير من منتسبي الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس وليبيا واليمن والأردن والمغرب وفي كل بلد انفتحت فيه آفاق للعمل السياسي. انتقل حزبيون إسلاميون كثر من أفق الحزب إلى أفق الوطن، وتمردوا على المعادلة المؤدلجة التي تنص عليها دساتير أحزابهم بأن مصلحة الوطن هي مصلحة الحزب.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درويش بين الاحتكار والابتذال!
- «هندسة» الانتخابات الفلسطينية
- الأزمة السياسية في مصر
- العشائرية والطائفية... والأمية الانتخابية
- ازدواجية معايير المقاطعة الشعبية!
- كارثة تسييس الدين وتديين السياسة
- جائزة -البوكر- للرواية العربية: توسيع فضاءات الحرية
- ضمير الناس يهزم «الفتاوى المتأسلمة» ... ولكن!
- مسلمو الدنمارك وفن صناعة العنصرية
- عين إيران على الأردن، فأين الخليج؟
- عنف اللغة... ولغة العنف!
- متى سيهرب السفير الروسي من دمشق؟
- مشعل في غزة: تكريس المصالحة
- مآزق الأيديولوجيات الأممية
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة التنظيمية (3)
- -دسْترة- الشريعة... ضرورة أم ذريعة؟!
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة الإقليمية والدولية (2)
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة الوطنية (1)
- -ملالا- إيقونة الحرية... تهزم -طالبان--!
- الإسلاميون والحكم: الانحياز للماضي أو الانفتاح على المستقبل


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - الإسلاميون: الولاء للحزب... أم الوطن؟