|
الأعجميان وفوضى الحكم في العراق !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1155 - 2005 / 4 / 2 - 12:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يستطيع أحد من العراقيين ، ممن لهم طويل خبرة في الظرف السياسي الذي لفّ العراق منذ صعود البعث للحكم فيه ثانية ، أن ينكر أن المعارضةالعراقية ما استطاعت في يوم من الأيام أن تلم نفسها ، وتقود الشعب العراقي كله ، لتطيح بالنظام العفلقي المستبد ، فقد كنا نحن الذين نعيش خارج الوطن العزيز نسمع بين حين وآخر قيام جبهة جديدة بين قوى المعارضة العراقية سرعان ما تنهار قبل أن يُعلن بيان قيامها ، وذلك بسبب من تخلف عقول قيادات تلك المعارضة التي رهنت نفسها لمصالح حزبية ضيقة ، ومن دون أن ترهنها لمصلحة الشعب ، والوطن العليا ، وأطرف مثال يمكن أن يقال في هذا الصدد هو أن أطراف المعارضة العراقية اجتمعوا مرة في دمشق ، العاصمة السورية ، من أجل تشكيل جبهة معارضة عراقية تقود نضال شعبنا في الداخل والخارج ، لكن هذه الجبهة تلاشت قبل أعلان بيان قيامها الأول ، وكان السبب في ذلك كلمة : البسملة التي أصرت القوى الدينية العراقية على أن تتصدر ذلك البيان ، مثلما أصرت القوى العلمانية على رفض ذلك . حين نزل بنا خبر فشل قيام تلك الجبهة بسبب من كلمة : البسملة، قلنا نحن الذين كنا نعيش ساغبين مع الرعية : كان من الممكن أن تصدر الاحزاب الدينة والعلمانية بيانا بذات المضمون ، تصدره القوى الدينية بكلمة البسملة ، وتوزعه على قواعدها ، بينما تمتنع القوى العلمانية عن ذلك في نسختها التي ستوزعها على أعضائها ومناصريها كذلك ، ولكن المصلحة الحزبية الضيقة هي التي انتصرت آخر المطاف على حساب مصلحة الناس والعراق ، تماما مثلما يشاهد العراقيون اليوم بأم عينهم كيف يُراد لمجلسهم الوطني أن يتحول الى حسينية على الطريقة الايرانية ، ذلك البرلمان الذي لا يجرؤ أي واحد من أعضاء على الدخول الى صالة اجتماعاته من دون أن يتعرض الى تفتيش مذل عند أبوابه من قبل جند بوش الميامين ! مثلما تشكى أكثر من عضو فيه من ذلك . وعلى هذا يجب على العراقي المغلوب على أمره أن يعي أن من يراهم يصولون ويجولون من أطراف الحكم اليوم ، واطراف المعارضة أمس ، لا يملكون من الأمر شيئا كثيرا ، فأعلب الفريقين في اصطفافهم الديني والعلماني قد رهنا نفسيهما للاجانب الذين لم يكونوا في أية حال من الأحوال بديلا عن العراقي الذي يشعربشعور أبناء وطنه وملته ، ويتحسس آلام شعبه وبلواه المستديمة ، وإذا كان هناك أحد في شك من ذلك ، فما على هذا الأحد إلا أن يسأل العراقيين الذين عاشوا في خارج العراق سنين طويلة رحلت : هل انقلب بعضهم الى رجل ألماني أو هولندي أو غيرهما ؟ فالجواب عندي هو : لا ثم لا . فشعور العراقية لايزال مستبدا بعقل كل العراقيين الذين يعيشون في اصقاع كثيرة من عالمنا المترامي الأطراف ، وعليه يتوجب على من يريد أن يحكم العراق من العراقيين أن لا يسحق على شعور العراقيين ذاك ، ويعلق نفسه بالسستاني ، طالبا منه عونا في تشكيل حكومة عراقية ، وفي مزايدة رخيصة ، وهو يعلم أن السستاني نفسه قد خاطب بريمر ، حاكم العراق المنصرف قبل شهور ، قائلا : أنا ايراني وأنت أمريكي ، فلماذا لا ندع العراقيين وشأنهم ! فعلام هذه الزلفى وهذا الملق بعد هذا القول المبين ؟ وعلام يتملق نفر من العراقيين رجلا لا يريد جنسيتهم لانه معتز بجنسية وطنه ، وشعبه الذي هو من الشعوب العريقة في المنطقة ؟ ولماذا ينافق آخر ويطالب بمنح السستاني جائزة نوبل ، بينما السستاني نفسه يرفض قبول تلك الجائزة لانها ستُمنح من دولة كافرة ؟ ثم لماذا يحاول البعض خاصة من اطراف دينية تحميل الرجل اكثر من طاقته ، وهو المدرك أنه حتى لو أعلن الجهاد اليوم لن ينهض معه الكثير من العراقيين ، وستضيع دعوته للجهاد ، مثلما ضاعت دعوة السيد الشهيد محمد باقر الصدر زمن المجرم صدام من قبل ، ومع هذا فقد تمنى السستاني على المنتصرين في الانتخابات الاسراع في تشكيل حكومتهم، لكن أمنياته تلك ضاعت ، ولم يستجب لها أحد ، فالسستاني لا يملك كل أوراق اللعبة السياسية الجارية في العراق ، ومن يعتقد ذلك فهو على وهم كبير ، حاله في ذلك حال بعض كتابنا الافاضل الذين يتوهمون أن أمر تشكيل الحكومة العراقية منوط بقيادات القوائم الفائزة في الانتخابات بهذا الشكل أو ذاك ، وينسى هذا البعض أن اليد الطوالى في حكم العراق اليوم هي للجيوش الجرارة الجاثمة على صدره ، وأن أية حكومة ستقوم فيه لا تختلف كثيرا عن حكومة تقوم في كوريا الجنوبية التي تحكمها الحراب الأمريكية منذ أن وضعت الحرب الكونية الثانية أوزارها ، ورب قائل يقول : إن القوات الأمريكية سترحل عما قريب ، وربما بعد قيام حكومة في العراق ، لكن قولا مثل هذا القول يتجاهل حقيقة مؤداها هو أن الامريكان احتلوا العراق ليبقوا فيه ، وأن العراق قد عاد الآن رأس حربتهم في مشروعهم المعروف بالشرق الأوسط الكبير ، وفي حال رحيل قواتهم فان السفارة الامريكية في العراق ستكون هي البديل عنها ، تلك السفارة التي ستضم جيشا عرمرما ، لجبا من الدبلوماسيين يربو عددهم على ثلاثة آلاف رجل وامرأة ، يضاف الى ذلك حكومة عراقية تصغي لكلمة العجمي بوش ، وليس للعجمي السستاني ، أما أطراف الحكم من العراقيين فهم بين هذا الرجل منهما وذاك ، ولكنهم في النتيجة سيخضعون لكلمة الأقوى ، أما زعران مقتدى الصدر ، وزعران الزرقاوي ، ما هما والله ثم والله إلا ذباب تعلق في ذيل حصان جموح ، لا يقون على مواجهته في معركة مفتوحة . خلاصة القول أن الامريكان هم وليس غيرهم من سيقوم في وقت قريب بتشكيل الحكومة العراقية التي طال انتظارها ، وما كلمة الأعجمي بوش في عراقيي أمريكا قبل ثلاثة أيام إلا دليل على ما زعمت ، فقد وعد بوش أؤلئك العراقيين بقرب تشكيل الحكومة العراقية ، وذلك بعد الشكوى المرة التي سمعها منهم عن تردي الوضع السياسي في العراق ، وعن قيام حكومات الطوائف فيه، فكل وزارة صار الوزير فيها ينحاز للطائفة أو القومية التي يمثلها حسب المحاصصة التي اعتمدتها الاحزاب ، والحركات السياسية الحاكمة تحت حراب جند بوش وجند آخرين ، ومثل حال الوزير ووزارته صار حال السفير وسفارته ، كل في فلك يسبحون ، وعلى هذا سيكون قول بوش لعراقيي أمريكا هو قول الفصل ، ورحم الله شاعرنا القديم حين قال : إذا قالت حذام فصدقوها = = = فإن القول ما قالت حذام
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البصرة وضراط القاضي !
-
شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
-
الى وزير خارجية العراق ونوابه !
-
الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
-
قراءة أخرى في نتائج الانتخابات العراقية !
-
التوافقية !
-
المقهى والجدل *
-
جون نيغروبونتي ملك العراق الجديد !
-
ظرف الشعراء ( 34 ) : بكر بن النطاح
-
الجلبي يفتي بحمل السلاح !
-
أوربا وقميص عثمان !
-
الما يحب العراق ما عنده غيرة !
-
من أسقط صداما ؟
-
ما كان أهل جنوب العراق سذجا يوما !
-
نيران الفتنة قادمة من أيران ! سهر العامري
-
الجلبي دولة مرشدها آية الله الخامنئي !
-
الانتخابات خيط من فجر الديمقراطية في العراق !
-
ما بين الجبهة الوطنية وائتلاف المرجعية !
-
ظرف الشعراء ( 31 ) : عُلية بنت المهدي
-
نظرية المال عند صدام !
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|