|
الاحتفال بين وصاية الخوانجية ومنطق التاريخ الحضاري
عبد الرحيم قروي
الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 04:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بعض الخوانجية يتساءل بأسلوب ملغم غارق في الرجعية قد تدغدغ لاشعوريا شوفينيتنا وانتماءنا االحضاري على غرار .هل أنت مع الاحتفال بالسنة الميلادية أم ضدها؟ولم يكلف نفسه الافصاح عن السؤال الضمني الخبيث: هل أنت مع مشروع الدولة الدينية ؟ .فحتى لوجاريناه في سؤاله المحتال هذا مع العلم أن الغالبية العظمى لاتهتم بالاحتفال ليس نتيجة لخلفية المعتقد الديني كما قد يبدو للبعض.بل فقط لأن المشاكل الأساسية في ظل شح الامكانيات "الوجودية" واجتفاف القدرة الشرائية تغلب على الاهتمامات الترفيهية التي لاتتناقض مع طموح أي فرد في العيش الكريم. فلماذا لايتساءل هؤلاء عن استعمال الحاسوب والفايسبوك باعتباره من صنع الغرب.ولماذا لانستغني عن السيارة أوالتلفاز أوالفحص والتطبيب بالليزر........... لأنها من صنع الغرب الكافر ؟ألن يكفوا عن أساليب التفكير القروسطي بالتواء انتهازي محض؟.أرى أن المشكل ليس في الاحتفال بل المشكل في أناس يريدون أن يعلبوا عقولنا في قوالب الجهل فقط ليسهل عليهم استعمالها مجرد أصوات ناخبة لهم في الدنيا حتى يضمنوا لنا الثواب في الاخرة.أما رأس السنة فلا علاقة له بالديانة المسيحية وان كانت تبدأ بميلاد المسيح. بل أصبحت سنة كونية تأخد بالنظام الزمني الشمسي الذي فرض نفسه على الحياة العامة نظرا لانتظامه. بعكس التأريخ على أساس السنة القمرية غير المنتظمة والتي كان عرب شبه الجزيرة العربية يأخدون به قبل مجيئ الاسلام .لغيروا التقويم الزمني انطلاقا من الحدث التاريخي الهام المتمثل في الهجرة النبوية.فالأمر لايحتاج الى هكذا تهويل حتى نربطه بقيمنا الدينية .هذا التهويل الذي لا يستمد من روح الاسلام بقدر ما يعبر عن سيادة اسلام العجائز المؤسس على القشور.على حد قول بعض علماء المسلمين القدامى من أمثال الشيخ محمد عبده ورفاعة الطهطاوي والكواكبي .....والمحدثين وما أكثرهم من أمثال شهيد التنوير الدكتور فرج فودة والفقيد نصر الله حامد أبو زيد وأيضا عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين............. فما من شك أن تلاقح الحضارات هو ما أوصلنا الى هذا المستوى الذي وصل اليه التطور الانساني مع شئ من التحفظ عن السلبيات المتعلقة بالأخلاق .والتي لامحيد عنها في بالنظر الى السيرورة التاريخية.اذ فكما كانت المقصلة في أوروبا كانت أعناق المعارضين للبلاط تعلق على مشارف بغداد ودمشق وحضرموت .....كل ذلك في اطار التناقضات التي تعج بها الحضارة الانسانية.وأكيد أن ذلك لم يكن يوما بسبب الخروج عن الاسلام أو المسيحية بقدر ما كان بسبب الخروج عن طاعة الحاكم المستبد.لأن الاستبداد أصلا لاديانة له غير البطش والتنكيل بالمعارضين.هذا التلاقح الحضاري جعل روني ديكارت صاحب منهج الشك ينهل من الفيلسوف العربي-الاسلامي العظيم ابن رشد.ودوركايم مؤسس علم الاجتماع ينهل من نظرية العصبية والدولة للعلامة الفقيه عبد الرحمان بن خلدون.........ونحن الان نستفيد من الحضارة الانسانية فننعم بالثلاجة في وقت كنا نجفف اللحوم.....ونأكل الخضر والفواكه بعد أن كنا نقتصر على "العصيدة" أو كسكس الشعير المخضر بالتين المجفف......ونستعمل العقل والعلوم في حفظ خيرات بلادنا واستغلالها بكل "تدبير وعقلنة" .في حين كان البعض من "اخواننا" في مدن الملح.ممن يؤطر الان لهيمنة الجهل ويرعاه سياسيا وماليا ولوجيستيكيا-على حساب أمن وسلام الشعوب- ينبطح على ظهره منبهرا بالمنظار وعجائبه والذي أهداه له الغزاة الانكليز مقابل نهب ابار النفط..كما أصبحنا نستعمل السيارة ليس لأن الغرب صنعها بل لأن أجدادنا من مختلف الأجناس ساهموا بشكل من الأشكال في وضع اللبنات الأساسية للمستوى التقني الحالي. كما أن العرب والمسلمون ليسوا وحدهم من أسس لهذا التطور الحضاري الضخم .انه منطق التكامل بين الحضارات وهو ما ندين له حتى في تواصلنا المجاني باستغلال التكنلوجيا الرقمية. فلنحسن استعمال التقنية وستوى التطور الانساني باحترام الرأي وانصاف التراث البشري الغني.والمساهمة في التطور الى الأرقى والأجود والأحسن جوهريا وليس سطحيا يبتغى منه حكم رقاب الناس باستغلال الدين في السياسة.
#عبد_الرحيم_قروي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا
...
-
هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
-
قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
-
الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
-
عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل
...
-
الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد
...
-
قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا
...
-
قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|