|
حراس الفكرة
مجاهد الطيب
(Megahed Al-taieb)
الحوار المتمدن-العدد: 4011 - 2013 / 2 / 22 - 14:34
المحور:
المجتمع المدني
" ومن المعروف عن الشيخ حسن البنا أنه كان ينشىء علاقات مع المتعاطفين من بعض رجال الدولة والشخصيات البارزة ، ويعدون أعضاء فيها ، بغير علم أجهزة الجماعة ، وكان من هؤلاء المستشار حسن الهضيبي عندما كان مستشارا بالقضاء " ....................الحركة السياسية في مصر – طارق البشري ص128 ابتداء ، ليس مدهشا ما يصدر عن المستشار طارق البشري من تحليلات ومواقف منذ 25 يناير وحتى الآن ؛ فالرجل يصدر عن قناعات استقرت لديه ، ووجدت بوصلتها من زمن . بمناسبة صدور الطبعة الثانية من كتابه المهم ( الحركة السياسية في مصر ) 1981 ، والذي يعالج فيه الفترة من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى قيام ثورة 23 يوليو ، ارتأى طارق البشري أن يضع مقدمة جديدة طويلة ( 72 صفحة ) ؛ ليقدم فيها بعض المراجعات لرؤيته التي رأها آنذاك غيرملمة كما يجب ، وبعيدة عن وجه الحقيقة . لم يشأ أن يغير في المتن ، لكنه أفاض في المقدمة ليضع ما وصل إليه واستقر في كتابه تحت ضوء جديد ، توفر هذا الضوء – طبقا له – بفضل ظهور روايات جديدة ، إضافة إلى غياب مسألة الوافد والموروث عن ذهن المؤرخ ، التي إن اعتُبرتْ – حسبه - لمكَّنت التيارات الإسلامية من الوقوف في مكانها المستحَق . تنبني مراجعته بالأساس على إعادة النظر في الحركة الشيوعية والحزب الوطني ( فتحي رضوان ) والإخوان المسلمين ، ما سوف نهتم به هنا هو مراجعته لحركة الإخوان الذين قاربهم الكتاب في فصلين ، الإخوان الذين لم يتح له إنصافهم " أستطعت أن أميز استقلالية كل من مصر الفتاة والحزب الوطني مفرقا بين التحالف وبين التبعية ، لكنني لم أستطع ذلك حين عالجت الإخوان ، ويرجع ذلك لسببين : 1 – كان يلزم إدراك ثنائية الوافد الموروث لإدراك شواغل الإخوان. 2 – الأمر الثاني : أن معظم القوى الوطنية اجتمعت على نقد الإخوان. يتستطرد البشري : " ثم فطنت إلى أني بقدر ما واتاني البصر أن أنظر في كل من التيارات الأخرى من داخلها ( ……. ) ولكني لم أفعل ولا واتاني البصر بشيء من ذلك مع الإخوان 0 كنت خارجيا عنهم ، ولم يتح لي فكري سبيل الولوج من بابهم لأدخل دارهم ، وأتطلع إلى شواغلهم ، استخدمت مع غيرهم الموازيين والمكاييل والتحاليل ، وقستهم هم بالمتر والشبر والفتر. ) ومؤخرا يقول المستشار البشري في ورقته المنشورة في جريد الشروق ( ثلاث حلقات ) : إن الإخوان أظهروا خلال ثورة 25 يناير إنكار ذات. الحقيقة أن مسألة بيت الإخوان وشواغلهم السرية هي أول القصيدة ! هي التي عاشت وتعايشت وأنتجت استجابات من نوع : ( إحنا شفنا إيه من الإخوان عشان نعاديهم - نجربهم ونشوف - طب ياخدوا فرصة ) إلى الآن مازال البعض الكثير ناس وإعلاميون و وقضاة وساسة يثيرهم ما أثارالبشري ، أعني الرؤية المجحفة لفصيل وطني سري لاقى الأمرّين في سجون عبد الناصر ، إلى الآن لم يكشف الإخوان من شواغلهم إلا اللمم . أمازالوا يحتاجون إلى زيارة بيتهم ؟! بعد أن دخلوا بيوتنا ، وحلموا – في عز الضهر - أن يتجولوا فيها شبرا شبرا ؛ ليرفعوا بصمات التغريب ، ومظاهر البعد عن الخلق القويم ! ،0 الإخوان في الحكم ومازالوا يشتكون من شعب كامل لا يقدِّر ؛ لأنه لا يعرف شواغلهم الجليلة ، صنعوا الدستور ليلا على أنغام " يسقط حكم المرشد " الآتية من التحرير ، على بعد أمتار من معمل التأسيسية . ومع ذلك يصرخون بعزم الصوت أن المؤمرات تدبر لهم
الإحساس بالذنب الذي تغيرت به بوصلة البشري ، مازال ساريا ويعمل . بالطبع مفكر بحجم البشري لم يتوقف عند الإحساس بالذنب ، لقد تبنى مفهوما يتسم بالتماسك ( في نظره هو ونظر آخرين ) مفاده أن التغريب الذي ضرب في مفاصل الدولة المصرية بداية من عصر إسماعيل في التعليم والقضاء ! وسائر نواحي الحياة ، هو الذي جعلنا نستغرب الحركات الإسلامية ولا نقدّر شواغلها . باختصار مع سقوط الخلافة العثمانية ومجيء أتاتورك أصبحت الفكرة الإسلامية بلا ممثلين ، وهذا ما ترتب عليه ظهور هذه التسميات العمومية ( الاتجاه الإسلامي ) ( الإخوان المسلمون ) ، لأننا ببساطة بإزاء فكرة ترى الصلاحية كل الصلاحية في العنوان ( الإسلام ) بصرف النظر عن المعالجات الدنيوية لها أو بمعنى أدق هي تدمج الفكرة بمعالجات واجتهادات من عاشوا في دنيا أخرى غير دنيانا . وكلما تأجل نزول هذه الفكرة على الأرض واختبارها كلما ازدادت تعتيقا ، ومن ثم سحرا للاتباع ، وصار من الأمورالعقيدية أن بحضورها - مجرد حضورها - سنرى غير ما نري ، أو كما قال أحدهم سنرى جبالا من ذهب وأنهارا من عسل ! في حضرة هذه التسميات العمومية نمت وأثمرت شجرة الإقصاء . ال العهد ( ال ...إسلامي ) تحصر وتستغرق وتستولي على ما يليها ؛ فلا تدع مَنابا للغير ، ويكون المضمر : إذا أردت نصيبا فأهلابك معنا بأي صفة تريدها ، أهلا بك محبا أو متعاطفا أو مستهلكا ، وإن أردت السكوت فلك . وكفى الله المؤمنين شر القتال. من الصعب تلخيص كل المقدمة ، لكن ثمة شيئا لافتا في حديثه عن البعثات الأولى ، يرى البشري أن البعثات في عصر محمد علي كان تنتقي الشباب الناضج ذا المنعة ، أما في عصر إسماعيل فذهب شباب أقل منعة ! . ما يقوله البشري هنا ينطوي على وجوب حدوث نوع من التفاعل المشروط مع الغرب ، تفاعل يأخذ ولا يدفع ، لا يمس ثوابت الآخِذ ، وكأن المعرفة في بلاد الغرب موجودة بمعزل عن ( شرورها ) ، وكأن ثقافة الآخذ تخلو من ( الشرور).
الرومانتيكية و التفكير 24 ساعة في " الهوية " ! هي أهم ما يميز هذه الفكرة ، وكأننا عشنا كل مايسمى بالعصر الحديث كالهباء المنثور. والأهم أنها توجد مستهلكا سلبيا لها ، يؤمِّن عليها 0 والحاصل أن من استفاد منها هم الإخوان أنفسهم وكل الإسلاميين المحتاجين إلى أسانيد تدعمهم في نقاشاتهم مع أنفسهم للتثبيت ، وفي مناظراتهم مع الأغيار للإزاحة أو التكفير0
بالمناسبة ، المنعة جار تحديثها و سحبها على الشباب ( الطاهر! ) المنادي بسقوط الإخوان ، شباب قليل المنعة ! وقع فريسة للإعلام غير المسئول ، والإنترنت غير المراقَب ! لكن المفاجأة أن ثمة رجالا ونساء صبايا وفتية لم يعتمدوا ما اعتمده البشري وسائر حراس الفكرة ، هناك في مصر من قرأوا الوشوش لا الأفكار .ما اقترفه الإخوان - ما وقع منهم ومن ذويهم بحرِّ إرادتهم بات هو الكتاب الأكثر اعتمادا. فكرة البشري - فضلا عن كونها فكرة – هي مأساة حقيقية ؛ لأنها ببساطة بلا ممثلين ، هل هذه الجموع - جموع الأتوبيسات الذين صرخوا بجانب تمثال نهضة مصر ، هم ممثلو الفكرة ؟ إن كانوا هؤلاء ممثلي الفكرة التي نشأت مرة في مكاتب النخبة ، ومرة بحيلة السياسي التنظيمي والداعية في آن ، إن كان هذا هو آخر صبر الفكرة ، فيالضياع ! بعد أن خُيل للقوي الإسلامية وذويهم أن الصراع بين الثورة والنظام القديم( هو أفكار ورؤي وسياسات من بينها أفكار الإخوان الإقصائية ذاتها ) قد وضع أوزاره ، ظهرأصدقاء وحراس أوطى كعبا من البشري ، ليطالبوا بالبناء مرة( العجلة ! ) والحوار مرة أخرى ، الإخوان يسرهم ذلك ، أن يتحول هذا الخيال العملي ( انتهاء الثورة ) إلى واقع بفضل الكتاب والقانونيين والإعلاميين من أصحاب الذقون الباطنة ، ممن يقولون لأنفسهم كل صباح مع كوب الشاي : نحن لسنا إخوانا نحن لسنا إسلاميين ، نحن مصريون نريد مصلحة البلاد ، يرددون حتى لا يَنسوا أو لا يُنسوا ، . بعض هؤلاء الحراس دفعهم طموحهم إلى استجلاب أوجه خشبية تليها كرافتات يمشون عليها بأيديهم . في البداية يكون الهدف دفع الخجل أو الاستهبال بالانشغال ، ثم تصير العلاقة بالكرافتة علاقة مستقلة لن يتنازلوا عنها وإن سالت دماء ، وإن تحولت الثورة إلى كلمة بذيئة ، في أيام معدودة يُعتمد الوجه الخشبي ، ننتقل من الاستهبال إلى التبجح ، قلوب الحراس صارت هواء من فرط الإيمان ، بالسراب . من هؤلاء الحراس أيضا من يعبد ( الاستقرار) جهارا نهارا ، ولو شُبه له . لأن فؤاده لا يتحمل كلمة ثورة وماتحمله من نذر الفوضى والانفلات ، ويعتبر من الفضل والنعمة أن ثورتنا كانت ( سلمية ؟ ) ، وأنها انتهت والحمد لله في زمن قياسي! محبو الا ستقرار من طرف واحد يكرهون وقف الحال ، لا يحبون سوى صورة واحدة ألا وهي : ( المغسل وضامن الجنة ) ، إن لم تكن ضامنا فلا تقترب من الجثة ، دعها بين الحياة والقبر ، نحن بعون الله وبقوة ( الأمل ؟) سنراها حية، حاول أن تراها كذلك . لو أردتها حية ستكون حية . حين يتعاظم الخطر على الجثة يولولون ، فتعود سليمة من غير سوء . كل ما هنالك أنها جثة !.
أخيرا لنسأل السؤال البسيط : ماذا يعنى للقاضي والمؤرخ ( ولكل حراس الفكرة ) أن تكون القوى الوطنية خلال الأربعينيات والخمسينيات مجتمعة على نقد الإخوان ، وتكون القوى الوطنية( ما عدا الإسلامية ) بعد 25 يناير 2011 مجتمعة على نقد ذات الإخوان ؟ الحاصل أن هذا لا يعنى الكثير للمؤرخ ؛ لأن ( الضوء ) الجديد الذي أنار له ما استُغلق من حقيقة الإخوان ومكنه من إنصافهم ( عام 1981 ) مازال ساريا وكاشفا. سيتوقف الجهد ( الأمين ؟) فقط عند انتقادات تمس رعونة التطبيق ، ولن يقترب بتاتا من صلاحية الفكرة . وهذا يعني ضمن ما يعني أن الفكرة والحمد لله سليمة ! وأن الجماهير الرافضة في الميادين وفي البيوت تحتاج إلى مراجعة نفسها ، إلى التحلي بالإنصاف .إلى التشكك في قواها العقلية !
#مجاهد_الطيب (هاشتاغ)
Megahed_Al-taieb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف حوّلت حماس إطلاق سراح الأسرى إلى مشهد مهين-لإسرائيل-؟
-
حماس تسلم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة و183 فلسطينيا إلى الحر
...
-
-وحدة الظل-.. ماذا نعرف عن القوة المسؤولة عن احتجاز الأسرى ا
...
-
حشود غفيرة تحمل الأسرى الفلسطينيين المحررين في احتفالات بالض
...
-
اجتماع عربي بالقاهرة لبحث اتفاق غزة واستهداف الأونروا
-
رسائل -اليوم التالي-.. القسام تحشد وحداتها العسكرية في عملية
...
-
تزامنا مع خروج الأسرى.. الاحتلال يطلق قنابل الصوت صوب الفلسط
...
-
وصول حافلات تقل معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية إلى
...
-
حماس تفرج عن ثلاث رهائن في رابع عملية لتبادل الأسرى مع إسرائ
...
-
الأسرى الفلسطينيون.. الحرية مهما تأخرت تظل حقا لا يسلب + فيد
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|