|
ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى - رؤية سياسية حداثية
زاهر زمان
الحوار المتمدن-العدد: 4010 - 2013 / 2 / 21 - 17:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فى كتاب محمد بن عبدالله مؤسس الديانة الاسلامية والمسمى بالقرءآن وردت عبارة يطلق عليها أتباع محمد مصطلح آية اعتقاداً منهم أن ماورد فى هذا الكتاب قد نزل على محمد من عند الاه يقبع هناك فى السماء السابعة . هذه العبارة أو (الآية) كما يسميها المحمديون وردت فى نص طويل عنوانه [ سورة البقرة ] كما أطلق عليها محمد وأصحابه أو ربما أصحابه هم الذين أطلقوا هذا الاسم على هذا النص من نصوص الكتاب الذى يقول المؤرخون أنهم – أى أصحاب محمد – قاموا بجمعه بعد وفاة محمد وأسموه القرءآن ، وذلك حرصاً منهم على العبارات أو الآيات كما يسميها المحمديون ، حتى لا تضيع وتذهب طى النسيان اذا مامات من حفظوها عن محمد فى حياته ! وليس هنا مجال تفصيل الأسباب الحقيقية لحرص أصحاب محمد المقربين منه كابن ابى قحافة وعمر وعثمان على جمع وتدوين مقولات محمد فى كتاب أسموه القرءآن أو ربما حتى هذه التسمية نفسها كانوا قد أخذوها عن محمد نفسه ، إذ وردت هذه التسمية بالفعل فى احدى العبارات التى تضمنها كتاب القرءآن . المهم دعونا نعود الى العبارة الواردة فى ذلك الكتاب تحت رقم 120 من النص المسمى تحت اسم ( البقرة ) . يقول نص هذه العبارة : [ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ] !!! ورغم أن مضمون العبارة ومعناها ومغزاها ومدلولاتها وأبعادها لا تحتاج الى أدنى الجهد فى تأويلها أو تفسيرها وذلك لوضوح ألفاظها وتراكيبها ولغتها ، الا أننى سأضع فى المقالة تفسيرات واحداً ممن يطلق عليهم علماء المسلمين ألقاب مثل قطب التفسير وشيخ المفسرين وهلم جرا . سأضع تفسير ابن كثير وهو من كبار من قاموا بتفسير عبارات محمد ونصوصه استناداً الى أقواله هو شخصياً وأقوال أصحابه الذين أخذوا عنه ! يقول ابن كثير فى تفسيره لهذه العبارة مايلى : [ قال ابن جرير : يعني بقوله جل ثناؤه : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) وليست اليهود يا محمد ولا النصارى براضية عنك أبدا ، فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، أقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق .] ويمضى فى تفسيره قائلاً : وقوله تعالى : قل إن هدى الله هو الهدى ) أي : قل يا محمد : إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى ، يعني : هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل ) !! وهو هنا يخبر اليهود والنصارى أن مايقوله هو – أى محمد – ليس من تأليفه ولا من بنات أفكاره وأنه مبعوث به من الاله الذى يؤمن به اليهود ويؤمن به النصارى كذلك وأن ذلك الذى جاءه هو الهدى وهو الدين المستقيم واذا عرضنا هذا التفسير الذى فسره ابن كثير مع التفسير السابق لعبارة [ لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ، يتضح لنا أن محمداً كان يعانى من رفض اليهود والنصارى للدين الجديد الذى كان يؤسس له محمد بين العرب ، فما كان منه الا أن جاءهم وغيرهم بعبارة [ قل هدى الله هو الهدى ] وذلك معناه أن الله القابع فى السماء السابعه والذى قال محمد أنه يبعث اليه بذلك القرءآن مع ملك اسمه جبريل ؛ ذلك الله هو الذى أعطاه الهدى وهنا يقول محمد بأسلوب الكناية لليهود وللنصارى أنه غير محتاج لملتهم لأنه يستقى دينه من الله مباشرةً وأيضاً توحى تلك العبارة لليهود والنصارى بأن مايأتى به محمد هو الصواب وأن ماعليه اليهود والنصارى ليس مثل الذى يأتى مع جبريل لمحمد ، وعليه يجدر باليهود والنصارى تصحيح ملتهم والانخراط فى مشروع محمد لأنه كما يقول هو – محمد – أنه الهدى والدين الصحيح . أيضاً فى هذا القول [ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى ] تثبيت محمد لأصحابه وأتباعه فى مواجهة حجج وأقاويل اليهود والنصارى ومعارضتهم واختباراتهم المتواصله له ولأفعاله وأقواله ومشروعه الذى كان يؤسس له بالكامل . فضلاً عن أن ذلك القول هو حشد لأتباع محمد فى مواجهة معارضيه واختبار لمدى تأثير أقواله وأفعاله على كلاً من مؤيديه ومعارضيه . هل يشك أتباعه فى صدق دعوى اتصاله بالاه قابع فى السماء ؟ هل يتأثرون بأقوال معارضيه من اليهود والنصارى ضده وضد مشروعه ؟ وكذلك فى هذه العبارة تأصيل للصراع بين أتباع محمد من جهة وأتباع اليهودية والنصرانية من جهةً أخرى ! ذلك الصراع الذى امتد منذ حياة محمد وحتى يومنا هذا والذى نلمس تبعاته السيئة والكارثية فى اضطهاد كل من يعارض محمد ومشروعه من أتباع الديانات الأخرى أو من غير المؤمنين بأىٍ من الديانات . ومالصراع العربى – الاسرائيلى الدائر حول ملكية مدينة القدس وأرض فلسطين كما يسميها العرب أو أرض اسرائيل كما يسميها الاسرائيليون سوى حلقة من حلقات الصراع بين مشروع محمد الاسلامى ومشروع موسى اليهودى !! أما عبارته التى يقول فيها : [ ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ] ففيها تأكيد على أمرين أساسيين ؛أولهما أن مايقوله ويفعله محمد هوليس من ابتداعه أو اختراعه أو تأليفه وانما هو من عند الاله القابع فى السماء ، وذلك معناه نفى المآرب الشخصية أو المكاسب الذاتيه التى يظن البعض أن محمداً يبغى تحقيقها من وراء أقواله أو أفعاله وهذا مقصود به اقناع مؤيديه ومعارضيه على حدٍ سواء ، فالناس عامةً ينفضون عمن يدعوا الى فكرٍ جديد عندما يستشعرون أنه يهدف من وراء ذلك الى تحقيق مجدٍ شخصى له ومنفعة ذاتية كالحكم أو التسيد أو السيطرة على مقدراتهم . لقد محمد أفلح فى اقناع العوام والبسطاء من أتباعه أنه لا منفعة شخصية له من وراء مايقول أو يفعل وانما هو يريد صالحهم هم . لقد كان محمدٌ سياسياً من أدهى الساسة الذين عرفهم التاريخ العربى قاطبة ولم يقترب من دهائه السياسى سوى أصحابه المقربون ورفقاء مشواره فى تأسيس دولته كابن أبى قحافة وعمر وعثمان وابن عمه على ابن أبى طالب . رؤية حداثية / بقلم زاهر زمان
#زاهر_زمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التجارة الدينية لأغراض سياسية - دعوى قضائية لتجريم الرقص ومع
...
-
رؤية نقدية لمقال شاهر الشرقاوى [اللبس الشيطانى ..ما بين الفك
...
-
فى زمن الاخوان .. لا أمن ولا أمان !
-
حلم الخلافة ومشروع الشرق الأوسط الجديد !
-
السببية بين العلم والدين ! 1
-
خواطر متدين سابق ( 4 ) المطوع ..وأنا..وصلاة الصبح !
-
الرائع سامى لبيب ..وأنا...والله
-
أين أنت ياعهد صوفان ؟
-
مطلوب تفكيك الجيش المصرى بعد تدمير الشرطة !
-
نواب الشعب المصرى وثورة الشعب !!
-
أشهد أن لا اله الا الله !!
-
تلك المسماة بالجامعة العربية !!!!!
-
ثورة علياء ماجدة المهدى
-
ولا زال البعض يحلم بدولة الخلافة !
-
هل محمد ابن سفاح أم نكاح ؟ لا يهمنا ذلك الأمر !
-
هل الله موجود أم لا ؟
-
مراجعات نقدية لبعض الأحاديث النبوية ( 1 )
-
خواطر متدين سابق ( 3 ) أنا وزوجتى وصغيرتى
-
خواطر متدين سابق ( 2 ) الله والشيطان ومحمد وأنا
-
خواطر متدين سابق 1
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|