|
الخصخصة في الاقتصاد العراقي
عبد الكريم كامل أبو هات
الحوار المتمدن-العدد: 4009 - 2013 / 2 / 20 - 23:21
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تمهيد: هل أصبحت الخصخصة شرطا" للتقدم والازدهار المالي والاقتصادي في العراق ؟ أو هل تندرج عمليات الخصخصة ضمن المكونات الاساسية للمستقبل ؟ سؤال:- يبدو قاسيا" الى حد ما في اطار المفهوم الذي تتبناه* لهذه العملية في هذه الورقة.. غير أن الاجابة عليه لا تمثل أهمية استثنائية ومعقدة اذا ما رجعنا الى ما نشر وكتب عن الخصخصة، حتى انها لكثرة، ما قيل عنها ودار حولها، لم تعد مفهوما" غير مألوفا" لدى من يسكن اقصى ارض في العراق.. وما زالت هذه اللفظة في الذهن ترتبط بتداعيات العقائديات اكثر مما تتصل بالقوانين الموضوعية للتطور الخاصة بكل بلد ، وهذا مما يعطيها بعدا" معقدا"..ووجه العقدة يتجلى عندما تثور المقارنة وتأخذ ثيمات طبقية او مصلحية.. فالحكومات العربية ليست شعبية بالمفهوم (الديمقراطي) ومعروف كيف اقيمت وواصلت هيمناتها، وهذا بأعتقادنا يجعل الخصخصة مشروعا" ((حكوميا")) للهيمنة أكثر منه مشروعا" شعبياً" تتولاه قوى سياسية، يستوعب هموم الناس ويحل معضلاتهم اليومية بأفتراض أن التحويل نحو القطاع الخاص يحقق للجماهير آمالها في الازدهار !!! وهذا افتراض ليس من السهل الاتفاق معه .... فقياسا"الى تجارب الامم التي طبقت الخصخصة) لم تكن النتائج مشجعة على مستوى الآليات الجديدة للتطور، فقد تخفت المشروعات التي خصخصت وراء (قلاع) من التدابير الحكومية غير المفهومة.والى ذلك مازلنا نرى ان الاقتصاد العراقي بحاجة الى عملية خصخصة في بعض من قطاعاته شرط ان يحصل ذلك ضمن سياسة اقتصادية كلية Macro-Economic PoLicy تحول دون ظهور العملية وكأنها (مشروعا" حكوميا"). كما هو حال عمليات الخصخصة التي جرت في العراق قبل المنعطف الكبير في حياة العراقيين في 9 نيسان 2003 ?? اولا": كيف فهمت الخصخصة في اطار التوجهات السياسية والاجتماعية للسلطة الدكتاتورية البائدة ومنذ بداية الثمانينات وحيث كان العالم يضع خطواته الاولى على طريق تحولات عميقة قدر لها ان تقلب المتداول من المفاهيم والسياسات، تبنى رجال الحكم مفهوما" ساذجا" وتصورا"مبتذلا" لعملية الخصخصة، تمثل في ان الخصخصة ان هي الا( عملية بيع الدولة لمشروعاتها لمن يرغب من الافراد)..! وقت ذاك كانت قد تبلورت طبقة اجتماعية مميزة هيأت لها السلطة عبر تدابير متواصلة تداخلاً في علاقاتها الاستثمارية.والغريب ان هذه(الطبقة) تشكلت بمعزل عن أي فهم او وعي بالوظيفة الاجتماعية والاقتصادية التي كان من المفترض ان تنجزها او تؤديها بسبب طبيعة الانحدار المكاني لها، فمن الريف نحو المدن تدحرجت و ((بقدرة قادر)) لتصبح بين يوم وليلة المهيمنة ماليا" على السياسات الحكومية والمجتمع، ومعنى ذلك ان مواقع البرجوازية المرتبطة تاريخيا" بالمدن( من تجار وملاك عقارات )بدأت مواقع تأثيرها بالتضعضع ما خلا مشاهد وحالات استثنائية لايصح القياس عليها، استمرت بالاعتياش على صداقات السلطة وماتتيحه من هوامش حركة لها ولغيرها . لذا نجد ان مفهوم السلطة( للخصخصة) قد ترتب عليه ان عملياتها جرت دون دراسات تحليلية لظاهرات الاقتصاد العراقي ومشكلاته وحاجاته الفعلية اولا"، وثانيا" ان غالبية ما تم (خصخصته) لم يكن مبررا" من الناحية المالية والاقتصادية ولم يخضع لاسس اقتصادية.وثالثا"، ان مسايرة الموجة اللبرالية على المستوى الدولي شكلت هاجسا" للسلطة لاسترضاء مؤسسات المجتمع الدولي المالية والاستثمارية للاهتمام بالعراق خاصة وانه دخل حربا" لم يكن لاحد ان يتوقع نهايتها وكم ستكلف..! و قدمت(( الهيئة العراقية للخصخصة)) فهما آخر هو انها (سياسة نقل ملكية او ادارة وحدة الاصول الحكومية كلا" او جزء من القطاع العام الى القطاع الخاص). وفي العراق 192 شركة حكومية تشكل مع المنشآت التابعة لها نحو500 وحدة اقتصادية حكومية [1] في كل القطاعات، يعمل فيها نصف مليون شخص واكثرها دمر او نهب والعاملون فيها ما زالوا في العمل ويعانون من البطالة المقنعة فضلا عن وسائل انتاج بدائية . لم نر( للخصخصة) التي شرعت بها السلطة طوال عقدي الثمانينات والتسعينات أي تاثير ايجابي على المستويات العامة لتطور الاقتصاد العراقي ، فالمشروعات التي بيعت الى القطاع الخاص تم بيعها بأدنى من كلفتها الحقيقية والى جهات ( عائلية وقرابية ) لا تدري شيئاً عن هذه المشروعات وعن ادارتها بل انها لا تفهم اصلاً انها اقدمت على شراء اصول مالية فائقة الاهمية للاقتصاد!، والامرّ ُ من ذلك ، ان السلطة عمدت الى ترك العديد من المشروعات والمعامل الصناعية والتجارية والزراعية تحت رحمة ( الإدارات السيئة ) ينخر ها الفساد الاداري والمالي وتسيرها الامزجة والاهواء الشخصية ليثبت فشلها وعدم جدواها الاقتصادية وعدم توفر الكفاءة الاقتصادية لها فيكفي هذا مبررا ((لاهدائها )) الى افراد معلومين ومعرفين بهوياتهم الولائية للسلطة ولجهازها الحزبي والامني، وعلى هذا النحو جرى تمليك (وليس نقلاً قانونياً ) الكثير من الوحدات الخدمية والانتاجية لممثلي القطاع الخاص وبذلك انتظمت عملية متواصلة لنهب مدروس لملكيات عامة دون مقاومة او اعتراض داخلي او خارجي . هكذا كانت عمليات الخصخصة التي ادارتها السلطة مستندة الى شماعة الحصار الاقتصادي ووطأة الوضع المالي الصعب الذي تعانيه البلاد، فعن اية سياسات نهجها النظام ولم تحمل بذور تهافتها وضحالتها يدافع البعض؟ ثانياً :- نهج جديد للخصخصة انطلاقاً من مفهومها (للخصخصة) لم تجادل سلطة الائتلاف CPA التي اوكلت اليها القرارات الدولية المهمات السياسية والاقتصادية العاجلة في العراق بعد 9/4 بشأن التوجهات الاقتصادية للعراق المقبل ، بل سعت بقوة القرارات والتدابير الى نقل معتقداتها اللبرالية الى حقيقة ملموسة . لقد بدى واضحاً ان الوضع الاقتصادي بحاجة الى اصلاح وتغيير هيكلي عميق، حدثَ بشأن ضرورته اجماع قوى من قبل مختلف القوى السياسية والكيانات الاجتماعية ?? غير ان التباين كان حول آليات التغيير فان كانت CPA حسمت خيارها فان القوى العراقية ظلت تجادل حول افضل الطرائق المفضية الى الاصلاح دون نتائج عرضية كارثية تطيح بما تبقى للعراقيين من اقتصاد وموارد ! وفي خضم النقاش كانت تتسارع الخطى نحو اضفاء اكبر قدر ممكن من الطابع اللبرالي على العمليات الاقتصادية وتكوين قوى الدفع الذاتية [2] الكافية لامتصاص الصدمات مثل : ? تحرير الاسعار والتجارة ? استثمار اجنبي مباشر ? تطوير المبادرة الخاصة وتقليص دور الدولة. ? منهج مالي ونقدي جديد غير ان الدعم الحكومي لسلة غذاء المواطن العراقي ما زال قائماً وان قلصت محتويات السلة تحت ذرائع شتى ، و النوايا تتجه نحو رفعه تماماً تدرجاً او وفقاً لمبدأ(الصدمة) الواحدة!!. وجد المنهج الاقتصادي الجديد مقترباته العملية للشروع بالخصخصة على نطاق واسع بدعوى ان من الصعب جداً في اقتصاد تهيمن عليه المؤسسة الحكومية خلق البيئة الاستثمارية التنافسية، اذ انها تضعف تنافسية Competitiveness المؤسسة الخاصة ومن ثم شل قدرتها على اعادة انتاج اليات الدفع المبكرة للنهوض بالاقتصاد. ولمعالجة الاشكالية هذه دفعت السياسة الاقتصادية الجديدة بقانون الاستثمار الاجنبي رقم 38 لسنة 2003 الذي تكفي قراءة اولية لمواده ان تقدم لنا فكرة اجمالية عن آلية خلق الشروط الموضوعية لمنهجية الطريق نحو الخصخصة الواسعة . لقد قدر لمشاعر عدم الاطمئنان للسياسات الحكومية قبل 9/4 ان تشيع تراجعاً في تكثير النشطاء Participants في الاقتصاد خاصة اولئك الذين يحوزون رؤوس اموال تراكمت عبر الزمن وبامكانهم تنشيط الدورة الاقتصادية ان رفعت القيود والتدابير المثيرة لمخاوفهم. هكذا نجد ان الرأسمالية الوطنية وهي تخشى في الاصل المنافسة المهنية لرأسمال الاجنبي تتردد في حسم توجهاتها عندما يضعها القانون ( 38 ) في كفة واحدة معه ، ونجد تنامياً لمشاعر الاحباط لديها من اية خطوة اصلاحية تنتزع عنها فوائد الدعم الحكومي لمستلزمات الانتاج مثلاً او رفع الحماية Protectionism عن الصناعة الوطنية !! هذه وغيرها تولد قدراًمن عدم الاطمئنان لدى المؤسسة الخاصة لا سيما اذا اقترن ذلك بانتشار الفساد المالي والاداري في اجهزة الدولة التي تتعامل مع المؤسسات الخاصة مباشرة . من هنا تكون تهدئة مخاوف المستثمرين شرطا ضرورياً للبدء بالخصخصة ?? لماذا ؟ لان الخصخصة ليست عملية تحويل لمؤسسة حكومية الى الافراد ، بل وايضاً هذا جانب مهم، هي توسعة لقاعدة تحرك الرأسمال الوطني، وان تحقيق سياسة اقتصادية كلية تؤدي الى الاستقرار المالي والنقدي واستقرار سعر الصرف من الشروط المشجعة تماماً لاقبال اصحاب رأس المال على العمل الاقتصادي وفعلاً تمكنت المؤسستان المالية والنقدية خلال السنتين الماضيتين من انجاح خططهما الموجهة لتحقيق الاستقرار الداخلي والخارجي ( سعر الصرف على وجه التحديد ) وبذلك تمهدت للمؤسسة الخاصة احدى السبل واكثرها نجاعةً لتقبل دور اوسع لها في الحياة الاقتصادية. في مثل هذه البيئات التي، عملت السياسة الاقتصادية خلال الحقبة الماضية على ايجادها، جرى التأسيس لمقدمات الانتقال الى اقتصاد تخضع المؤسسات الحكومية فيه الى ضوابط مالية ونقدية صارمة فيما تنفتح حدود التعاون امام المؤسسة الخاصة الاجنبية والوطنية فيغلق الجدل حول طبيعة التوجهات الاقتصادية المقبلة . ثالثاً :-المعالم الرئيسيةلبرنامج الخصخصة لقد خطر لي اثناء كتابة هذه الدراسة ان ثمة مفارقة فرضها التاريخ وعلينا تقبلها لطمأنة النفس ( على الاقل ) وان حرقت بدلالتها الرمزية منطق التعلق بالثوابت الفكرية التي بدأت تخضع لقدر من التغير تحت تأثير اتساع تدفق تيارات العولمة الاقتصادية ..فالى حد قريب ( وما زلنا )نعتقد ان الاوضاع العراقية تفرض منطقاً عراقياً للتعامل معها، ومن هنا شجعت على الدوام دور المؤسسة الحكومية في اطار سياسة الدفاع عن مصالح الفقراء والمعدمين وذوي الدخل المحدود.. فقياساً على تجارب الخصخصة في دول تتقارب في مستويات تطورها وبعض منها تطرف في تطبيقاتها ( الى حد الابتذال ) لم تزل اوضاعها ما بعد الخصخصة غير مشجعة على الاطلاق ?? ومع انا لسنا في معرض تقويم هذه التجارب الا انا نرغب القول في ان حاجة الاقتصاد العراقي اليوم ومستقبلاً قائمة فعلاً للاصلاح ... على الا يكون الاصلاح بـ ( الخصخصة ) وحدها، فصحيح ان المؤسسة الحكومية غير كفء وان البنى التحتية مخربة ولا تلبي ادنى طموحات عمل المؤسسات الخاصة ، وصحيح ان الحكومة لم تطرح برنامجاً اقتصادياً لتطوير الاقتصاد العراقي نستطيع ان نتلمس منه التوجهات الرئيسية للسياسات الاقتصادية اولاً، وثانياً آليات العلاقة أو مدى الارتباط و الالتزام بـ ( النهج الاقتصادي الجديد ) لسلطة الائتلاف المنصرفة ?? غير ان الاهم من كل هذا وذاك ان مصير العراق ومستقبله الاقتصادي ينبغي الا يعلق على اجراءات المرحلة الانتقالية السياسية والاقتصادية، فلا بد من نهج اقتصادي وطني يؤسس لمرحلة ما بعد الانتقال الى الوضع المؤسسي فمهمة(خصخصة) الاقتصاد العراقي على الوجه الذي ارادته السياسات السابقة وبالحجم الذي سعت اليه يشكل خطراً على الاستقرار الاجتماعي ويهدد بفوضى عارمة لا ندري مدياتها واين ستنتهي !! ?? ومن اجل ألا تكون عملية( الخصخصة) عملية معزولة عن الحاجات العملية للاقتصاد العراقي ومن اجل ان تستوعب نواحي القصور في الاداء الاقتصادي العام للمراحل المنصرمة وان تتوفر الفوائد الحقيقية منها وبافتراض وضوح الفلسفة المستقبلية للمجتمع والدولة.نعتقد ان برنامجاً اقتصادياً يعلن بوضوح طبيعة الاتجاهات المقبلة في الاقتصاد ويقرر حدود حركة ونطاق القطاعين الاقتصاديين العام والخاص لا بد من ان يتضمن القواعد الاتية:- 1- ان يرتبط وجود القطاع او المؤسسة الحكومية بالمصالح العامة للعراقيين وبحاجاتهم الاساسية اذ لا ينتظر على المديين القصير او المتوسط من المؤسسة الخاصة ان تقدم معالجات سريعة وناجحة لاشكالات الوضع المعيشي للسكان تكون بديلاً لما يمكن ان تقدمه المؤسسة الحكومية . 2- ان يتضمن البرنامج تقييماً نهائياً للمؤسسات والشركات الحكومية وتعيين من يعلن للخصصة من بينها وفقاً لنظام تصنيف خاص بها على ان يتم ذلك بشفافية ووضوح تامين وبأسباب وجيهة تستوجب تصفية او نقل ملكيتها من الحكومة الى الافراد . 3- ان يحدد البرنامج مستويات العمل في ((الخصخصة)) ونعني بها ان يتم التأكيد على ما يأتي :- أ-اهداف الخصخصة ،وان يتم التشديد في هذا المجال على الكفاءة، وتوفير فرص العمل، والوفر المالي و تخفيف الاعباء الحكومية ....الخ ب-اساليب ((الخصخصة)) وهي عديدة ولكن نجد في الجمع بين اسلوبي انهاء الملكية، وتحرير النشاط الاقتصادي ورفع القيود ، اسلوباً مناسباً للوضع العراقي،ويمكن طبقاً للوزن النسبي للمؤسسة او الشركة الحكومية المراد خصخصتها اووفقاً لاهميتها النسبية في مجال انتاج وتداول السلع ان يتم اختيار الاسلوب المناسب فليس من الوارد في هذا المجال التوقف عند اسلوب معين باستثناء البيع لاشخاص محدودين سلفاً ( الخصخصة العامة ) او اسلوب الاهداء كما كان يجري قبل 9/4 . ح-ان يقرر البرنامج خطوات عملية لـ(الخصخصة ) على ان تشمل [3] :- 1- تصنيف المؤسسات الحكومية بحسب الاداء الاقتصادي والمالي الى ممتازة ومتوسطة وضعيفة ويتم خصخصة المؤسسة التي يتراوح اداءها ما بين المستويين الثاني والثالث . 2- اعادة هيكلة الشركات والمؤسسات المزمع خصخصتها وتشمل : اصلاح البيئة التشريعية، اختيار الادارة المناسبة ، هيكلة مالية معالجة العمالة الفائضة . ... 3- التقييم المالي للمؤسسة في ضوء قرارات السوق . 4- نقل الملكية عبر اسلوب او اكثر من اساليب النقل ومن ضمنها العطاءات والمزايدات والمنح والبيع . 5- ان يتدارك برنامج ((الخصخصة)) عدم التعرض لسياسات الاستثمار الاجنبي التي يوفرها قانون (38) لسنة 2003 بإباحته الاستثمار اينما كان، فثمة ملكيات واموال لا يجوز الاقتراب منها لاي استثمار كان اجنبياً او عراقياً او عربياً . 6- النص الواضح على آلية ادارة برامج (الخصخصة) ووضع خطة مدروسة ومسبقة وعدم تركها للقرارات السياسية الظرفية ، وبيان طريقة استخدام الاموال المتحصلة عن عمليات الخصخصة وحجمها . 7- ان الاوضاع الحالية تقضي بأن تكون ((الخصخصة)) عملية متدرجة وتسير وفقاً للحاجات الفعلية للاقتصاد وتجنب مخاطر الانجرار وراء دعوات تسريع خطى ((خصخصة)) المؤسسات الحكومية نظراً لما يشكله ذلك من مخاطر على الاوضاع الاجتماعية والسياسية، وبالمستوى الذي لايترك فرصة للمؤسستين المالية والاستثمارية الدولية لمعارضة مثل هذا التوجهات، فيحذّر من التسريع في (خصخصة) كل المشروعات الحكومية العراقية . 8- يستدعي الوضع القائم في الاقتصاد العراقي ان تتجه عملية( الخصخصة) الى المساهمة الفاعلة في معالجة ازمة المتعطلين عن العمل خاصة وان العراق يرزح تحت عبء تعطل نسبة كبيرة من قواه العاملة حسب العديد من التقديرات ، وتجنب تدفق المزيد من الافراد الى سوق المتعطلين ( البطالة ) وما يعنيه ذلك من خطر اجتماعي حقيقي على مستقبل البلاد، ويتطلب ذلك تضمين البرنامج بنوداً واحكاماً واضحة وملزمة للقطاع الخاص بوضع برامج تشغيل للقوى العاملة ومستويات الاجور المدفوعة بحدودها الدنيا والعليا . 9- ولما كانت عملية(( الخصخصة ))عملية متعددة الاطراف حكومية فمن الواجب بمكان ان ينص البرنامج على خطة محكمة لاعداد اسواق عمل بديلة واعادة تأهيل القوة العاملة وهنا يمكن الافادة من فرص العمل التي تتيحها الزراعة في العراق اذا ما روعيت معايير الزراعة الناجحة لانتشالها من الركود الحالي ووضعت لها سياسات اصلاح وتوسع تكفل تحويلها الى قطاع رائد في مجال خلق فرص العمل والتوطن الدائم . 10- تضمين البرنامج ( للخصخصة ) احكاماً خاصة عن كيفية تعويض ضعف مستويات الدخل في العراق من خلال سياسة تمويل ائتماني ومصرفي يستجيب لاقتصاد السوق والمنافسة ويهيئ قدرات مالية للمؤسسات الخاصة تجابه به الاوضاع الصعبة التي قد تنشأ عن سياسات واحداث عرضية ،وبذلك تتوفر الطمأنة اللازمة للمؤسسة الخاصة . في الصفحات السابقة لا ندعي القدرة على اقتراح برنامج متكامل للعمل الوطني في مجال(( الخصخصة)) انما هو مساهمة في النقاش الدائر بين الباحثين والمعنيين بشؤون الوضع الاقتصادي العراقي وبين السياسيين ايضاً وعلى قاعدة الرأي والرأي الاخر تتوضح ابعاد المسألة موضوعة النقاش والجدل وتتوضح المعالجات بشكل سليم كل حسب القصد المراد، فان فهمت ((الخصخصة)) على انها خطوة موجهة ضد مصالح العامة، فانا لسنا بصدد درء هذه التهمة عنها بل توكيد حقيقة انها اصبحت ضرورة في ظل غياب مفاصل حكومية ومؤسسات رسمية تستطيع تعويض نواقص آليات عمل قوانين السوق، فلا بأس وهذه الحال ان ندخل من باب(( الخصخصة)) لتجديد قوة الاقتصاد وخلق فرصاً متواصلة لعافيته . الهوامش 1- صلاح التكمجي - الاقتصاد العراقي بين الواقع والطموح ،الحوار المتمدن-العدد 127 في 20/10/2003 2- ينظر دراستنا - الاقتصاد العراقي .. ما بعد المحنة ثمة امل .. مجلة القادسية للعلوم الادارية والاقتصادية - المجلد 6 العدد 1 لسنة 2004 3- مصطفى محمد العبد الله - التصحيحات الهيكلية والتحول الى اقتصاد السوق في البلدان العربية - الجزائر - 2002 ص5 .
* الخصخصة :بمعنى تحويل الملكية الحكومية الى القطاع الخاص
#عبد_الكريم_كامل_أبو_هات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توجيه الانفاق الحكومي في اطار برنامج الاصلاح الاقتصادي
-
العراق والنظام التجاري المتعدد الأطراف
-
ظاهرة افساد الاقتصادي
-
خفض الديون العراقية .. ماذا يعني للمستقبل ؟
-
العرب… والليبرالية الجديدة
-
التغيرات الاقتصادية و الثقافة
-
الاقتصاد العراقي … ما بعد المحنة … ثمة آمل
المزيد.....
-
الدولار بأعلى مستوى في 13 شهرا وبيتكوين تقترب من 100 ألف دول
...
-
مرسيدس تعتزم خفض التكاليف واحتجاجات في مقر فولكس فاغن
-
-غولدمان ساكس- يتوقع ارتفاع أسعار النفط إلى 80 دولاراً
-
أكبر متجر إلكتروني روسي يطرح قميصا بصورة بوتين وخلفه صاروخ -
...
-
كم حصتك من -أموال العالم مجتمعة- لو وزعت على سكان الأرض بالت
...
-
إيران تتقدم بطلب للانضمام إلى بنك مجموعة -بريكس-
-
خبراء يحذرون من تأثر إمدادات الغاز من روسيا إلى أوروبا بسبب
...
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا ضخما
-
أوغندا تضع حجر الأساس لمشروع سكة حديد تصل كينيا
-
سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|