أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحيم احميداني - سلطة النحن وضياع الذات














المزيد.....

سلطة النحن وضياع الذات


عبد الرحيم احميداني

الحوار المتمدن-العدد: 4009 - 2013 / 2 / 20 - 09:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يؤكد اصحاب علم النفس الانساني الظاهراتي أن الانسان يصنع نفسه بنفسه ويصبح ماهو بفضل إرادته الحرة وقراراته النابعة من ذاته الاصيلة ، إذ لابد للانسان أن يقرر بنفسه ما سيكونه ، فمهمة وجود كل شخص هي له أو ملكه بعيدا عن أي محددات يمكن لها أن ترسم وتشكل شخصيته كما أرادت هي وليس كما أراد هو، ونجد من بين هذه المحددات ( التربية ، المجتمع ، العادات والتقاليد ...)لذا على الفرد لكي يتحصل على شخصيته الأصيلة أن يسعى دائما إلى التفرد والتميز ومن ثمة التخلص من عقلية القطيع التي تحد من إمكانياتنا الفردية الحرة لتجعلنا نعيش في ظل مجتمع نمطي محنط فيه من الاشباه والتقليد ما ليس فيه من الاغيار المتفردين والمبدعين ، لهذا يمكن القول أن النمطية التي يفرضها علينا المجتمع والتربية ... هي عدوالابداع وقد تقتل فينا هذا الجانب في بعض الاحيان ولعل هذا ما دفع أصحاب علم النفس الانساني وقبلهم الوجوديون الى انتقاد هذا النمط الكلي الذي يهدد الخصوصية الفريدة للوجود البشري ، بل ويؤدي الى تدمير الإمكانات الخلاقة الكامنة في دواخلنا مما ينتج عنه معاناة الشخص من غربة بين ذاتية أو (بيذاتية ) ولعل هذا ماعبر عنه عالم النفس ، رولو ماي بقوله " إن الغريب يوجد في ذاتك " كتعبير عما يسمونه بالكائن الإستعراضي التي تصنعه فينا هذه المحددات حيث ننسلخ عن ذواتنا الاصيلة لنعبر عن عما يريده الاخرون فينا ومنا.
فالإنسان لا يصبح ذاته فعلا إلا بالقدر الذي يختار فيه نفسه بحرية وإرادة فاعلة وعندما يتخلص من وصياة الحشد الكلي كما يسميه مارتن هيدجرحتى يتسنا للفرد تحقيق ذاته كاملة غير مشوهة ،إذ نجد أن علماء النفس الانسانيون يكيلون انتقادات لاذعة للتربية التي تصنع فينا الخجل والخوف وتدفن فينا مجموعة من الرواسب المخجلة وتجعلنا نتعاطى معها كطبوهات او محرمات لذلك يقول رولوماي" إن التربية تعمل على تدنيس وتعتيم الفرد "في إشارة للدور المهم والخطير الذي قد تلعبه التربية إما في صنع شخص متحرر وفاعل اجتماعي متميز ومتفرد وإما ان تصنع فينا ذاك الكائن الاستعراضي القابع تحت رحمة سلطة المجتمع والتربية والتقاليد والدين و خاضع كل الخضوع لسلطة الحشد ويعيش وسط قوقعة لاتنكسر بأعتى الهزات النفسية ، إنه كائن مسلوب الارادة ولا هامش له في الاختيار، يعيش وسط غشاوة القطيع فيظل بذلك في غربة دائمة عن ذاته الاصيلة ولعل هذا مادفع بعض الفلاسفة الوجودين الى التركيز على مفهموم "الارادة الفاعلة " كمفهوم مركزي في تحديد ملامح شخصانية الانسان إذ يقول مين ديبران في هذا الصضد " إن الانسان إرادة فاعلة وإرادة الانسان هي القوة المنبثقة عن ذاته وهي التي تصمم وجوده الواقعي "
صحيح أن الفرد يعاني من هذه الغربة الداخلية بينه وبين نفسه جراء خضوعه الى مجموعة من المحددات ، لكن الفلسفة الوجودية ومعها علم النفس الانساني الظاهراتي يرفضان مجموع هذه المحددات في تقديس منهما لحرية الفرد وفي دفاع منهما على إرادته كقوة فاعلة لن تشهد تحققها الاصيل إلا بتميزها وتخلصها من عقلية القطيع ومن عالم الحشد الكلي ، إذ يؤكد الفيلسوف الوجودي الدنماركي أن " الانسان ممكنات يتحقق من خلال الممارسة الحرة للإرادة عندما يتخذ القرار ، فخروج الذات من حالة الإمكان إالى حالة التحقق الفعلي الاصيل ، يعني أن تكشف الذات عن نفسها وذلك برفع قناع التخفي الذي كانت تتسترخلفه " وهنا يساءل كييركيجار " أيمكن أن نعتقد أن هناك أشد من أن تنتهي طبيعتنا إلى التفكك ضمن كثرة متعددة ؟ "
إن الفلسفة الوجودية كفلسفة إنسانية عملت على نحت مجموعة من المفاهيم التي جاءت كخطوة يستعيد معها الانسان احساسه بحرية الاختيار وتقريره لمصيره بنفسه دون تدخل اي سلطة خارجة عن ذاته ، كما جاءت لتؤكد على ضرورة تمتع الفرد بإراته والتي يجب ان تكون إرادة فاعلة تبتعد عن اي شكل من اشكال السلبية الركدة التي قد يسقط فيها الفرد ، فالانسان وجد لا لشئ إلا لكي يكون حرا ، وماهية وجوده تنحصر في حريته وقدرته على الاختيارويؤكد سارتر على هذا بقوله" الإنسان مسؤول عما هو ، والخطوة الاولى للوجودية هي أن ان تضع الانسان أمام كينونته وأن تضع عليه مسؤولية وجوده الكلية ..." و يعتبر أن الحرية هي ذلك الامر العظيم والهائل في الانسان ، فإننا نختار بالقدر الذي نكون فيه أحرارا ونكون أحرارا بالقدر الذي نختار فيه أنفسنا ، بل هناك من الوجودين من يدعون الى التمرد على كل المحددات التي تجعل منا أناسا مسلوبي الارادة ندور في فلك الذوات المغتربة والمستلبة وهنا يوضح ألبير كامي أن " التمرد في الانسان هو رفضه أن يعامل بوصفه شيئا ، فعندما ارفض أن أعامل يوصفي شيئا فإني أأكد ذاتي بصفتي شخصا " لتبقى كل الأعمال التي أقوم بها بوصفتي شخصا هي أعمال نابعة من ذاتيتي الخاصة تترجم الابداع الصادر عن ارادتي الفاعلة التي تخلصت من اوحال الاغتصاب الفكرالذي قد يمارسه المدرس في المدرسة او الأبوين من داخل الاسرة في اطار ما يسمى بالتربية او التقاليد والاعراف من داخل المجتمع لهذا يعتبر غوته أن كل "عمل لا تحتضنه الذات ليس عملا إنسانيا " .
إنطلاقا مما سبق يمكن الخلوص الى فكرة فحواها : أن الفلسفة الوجودية كخلفية فلسفية لعلم النفس الانساني الظاهراتي قد عملا على تقديس حرية الفرد وارادته من خلا التركيزعلى ضرورة تمزيه وتفرده حتى يتحصل على شخصيته الفريدة البعيدة عن النمطية والثائرة في وجه قيمنا البالية .



#عبد_الرحيم_احميداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الرحيم احميداني - سلطة النحن وضياع الذات