أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ياسر اسكيف - درج الليل.. درج النهار - جديد الروائي السوري نبيل سليمان















المزيد.....

درج الليل.. درج النهار - جديد الروائي السوري نبيل سليمان


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 1154 - 2005 / 4 / 1 - 11:26
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


ما من قول مفتعل . أي ما من فكرة استدرجت السرد , أو لهث السرد خلفها . والشعرية السردية لم ينتجها انزياح لغوي فحسب , بل تناغم سردي حقّقه تجاور وتداخل الأصوات كشكل فني قامت عليه الرواية .فالتقطيع الذي قام به الروائي , والذي جاء أقرب ما يكون إلى فن السيناريو , حقّق , بالانتقال الخاطف بين مقطع وآخر , قطعاً للطريق على أي إملال قد يحدثه السرد التقليدي . كما أن الحضور شبه الخفي , إنّما الفعّال والمؤثّر , للراوي , قد وسّع فضاء المشاركة وفسح المجال للشخصيات كي تتبادل معه الأدوار في قيام السرد , الأمر الذي أعطى قيمة إضافية للتشويق عبر المنولوج الذي ارتدى مسوح الحوار ( الرسائل – الحوارات الافتراضية ) .

المجمّع 21 .. صورة وطن :

- أين المخالفة يا فهيم ..

- أن ينصّب الدكتور عيسى علينا ابن أخيه .

- من هذه الناحية لا تشغل بالك . إذا كان في الأمر مخالفة نعدّل القانون كرمى لمن يطالب بسيادة القانون

من برّاكيات التوتياء يبدأ الدكتور عيسى نزهان رحلة الإنشاء , ومعه طاقم ينفّذ مشيئته دون اعتراض , ويحتفل بإنجازاته كأنّما هي إنجازات كل فرد منهم . ربيع , جنان , إياس ....إلخ .
المجمّع حاضر في كلّ لحظة , وغائب على الدوام كفضاء روائي . نادرة هي الأحداث التي يكون المجمّع مسرحاً لها . وطاغية هي الأحداث التي يكون المجمّع سبباً لها . حيث يحضر على الدوام كقدر غيبي يحرّك حياة الأشخاص ويقرّر مصائرهم , كما يحدّد روائياً , وبسببية واضحة , الارتباطات والتداخلات الحدثية . حيث يلاحظ أن جميع اللقاءات , كأحداث مصيرية في حياة شخوص الرواية , يعود سببها إلى الانتماء للمجمّع 21 , تلك اللقاءات التي تقرّرها الصدفة والانقياد السحريان , كما يتراءى للوهلة الأولى . غير أن تلك السحرية سرعان ما تتكشف عن نوع من الإرادة المضمرة التي غيّبتها المواربة السلوكية في ممارسات الأشخاص .
إن أشخاص الرواية جميعاً لا يأتون من منطقة خلفيّة محدّدة وموصوفة , بل تتحدّد تلك الخلفية على ضوء , أو بمشيئة الممارسة الراهنة .
( ربيع لشلاش ) هو الشخصية الوحيدة التي لا يضيء حاضرها ماضيها , والتي تبدو وكأنما نبتت في الحاضر ومنه جاءت , إنها تمثيل للآن المنقطع , أو المؤقت .
هل يقودنا ذلك إلى اعتبار ربيع تجسيداً للقدري الراهن , وبالتالي نستطيع اعتبار هذا مفتاحاً لقبول ميكانيكية الصدفة في قيام العمل الروائي :
- اللقاء بين ربيع وشهلة في المطار
- معرفة ربيع عن طريق الصدفة , وعبر مربّع أسود في الجريدة , بأن حسين نوري قد توفي .
- اللقاء بين ربيع وشهلة مرّة ثانية في الاعتصام .
- اللقاء الثالث بين ربيع وشهلة في الاعتصام أيضاً , بعد أن قطع الأمل برؤيتها .
أم أنّه اللامعقول الذي يستمد منطقيته في الكون جزءاً من لا معقول أعم وأشمل ؟

ولأن الشخصيات في هذه الرواية تتموضع كمرايا لبعضها , وشخصية ربيع هي المحرق في هذا التموضع , فإن في إلقاء الضوء عليها , مروراً على كل الشخصيات , وتعييناً للكثير من الارتباطات الروائية .

شخص مغرم بالعنق , وأول ما يستوقفه في المرأة هو عنقها . قد تكون هذه خصيصة نفسية لا تفسير لها . والكثير من الروايات الرائعة قد تستند في قيامها على مثل هذه الخصيصة . لكننا في حال إخراج هذه الشخصية من المكمن الروائي , أي من منبتها الأدبي , إلى مساحتها الثقافية وبالتالي الاجتماعية , وهذا ما لا يمكننا إلا فعله كقراء , فإنّنا
سنواجه شخصيّة تلتئم على الكثير من التناقضات التي لا يشعر القارىء بأيّة حاجة لتبريرها والبحث عن أسبابها , لأن الرواية قد استطاعت تظهر التعايش والإتسجام بين ( ربيع ), وتناقضاته دون أي خلل في التموضع الروائي , أو العلاقات التي يخلقها هذا التموضع . وصفات ( ربيع ) بما فيها
( ذئبيته ) الواضحة ( التركيز على العنق ) وانتهازيته المفرطة ( في لقائه الغرامي الأول مع جنان لم يحدثها إلا عن المجمّع وعن الدكتور عيسى , ومن ثم طلب منها الزواج ) وخنزيريته الفاقعة ( استحضار الدكتور عيسى وغيره , افتراضياً , إلى سرير الزوجية كي ينجز وصاله مع جنان ) تنسحب على مجمل الكادر التقني والإداري الذي استخدم في بناء , ليس المجمّع 21 فحسب , بل كل المجمعات الشبيهة , التي شكّلت بدورها محرّك الوطن وعناصر بناءه .

سد زيزون – قصّة موت معلن .


ليس من المصادفة أن يتزامن انهيار سد ( زيزون ) مع انهيار وتداعي الدكتور عيسى نزهان , وهنا ينتصر السرد للتلميح والمواربة كي يدوّن تصريحه الجارح دافعاً بالرواية إلى الإيغال في التحريض استيلاد الأسئلة واستحضار فترة تاريخية محدّدة كموضوع للمساءلة دون اقتراب من التاريخ .
الكل يعرف أن السدّ يعاني من مشكلة ستودي به إلى الانهيار , غير أنّ أحداً لا يجرؤ على تأكيد ذلك أو نفيه , وما من أحد مستعد ٍ للإقرار بأن هناك مشكلة خطيرة , لأنه بإقراره هذا يؤكد أنّ هنالك سبباً وبالتالي مسبّب .
قد يكون سبب الانهيار قصور في الدراسة أو سوء في التنفيذ , وهذا أمر قد يحدث في أي مكان في العالم . أما أن يعرف الجميع بأن عنق ( سنتياغو نصّار ) قيد الدّق دون أن يخبره أحد , مع أن أيّاً من العارفين لم يكن متواطئاً مع القتلة , فهذا ما تتركنا الرواية أسرى التفكير به في المساحة الما وراء أدبية .

زيزون آخر , والحبل على الجرّار

إذا كان سد زيزون قد انهار فعلاً وجرفت مياهه مساحات واسعة من الأراضي والمزروعات والمواشي , فإن سدوداً أخرى على وشك الانهيار . وحينها سينداح الدم لا الماء .
سدود من الوهم وإدارة الأزمات , شكّلتها الأيديولوجيا وصانها النفع المتبادل . وهنا لا تكمن العلّة في انزلاق التربة بل في مبدأ الواحدية , بديلاً عن التعددية , بالمعاني التي تحتملها الواحدية جميعاً , والذي يصرّ منتجوه على أنّه الضماد الأكثر نجاعة للجرح الوطني .وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذه الرواية قد كتبت خلال عامي 2003 – 2004 كما يثبت المؤلّف فيصبح من السهل علينا أن نتفهم الأهمية التي تتمتع بها ( ونسه ) فيما يخصّ ما تقدم , وبما لها من خصوصية في دعم البناء الروائي .
والذي يمكن قوله فيما يتعلق بهذه الشخصية هو أنّها الوحيدة التي تأخذ بالرواية إلى مساحات الخصوصية ومجاهل الهوية . ( لم ينجح الأمر فيما يخص إياس وبقي موضوع الهوية ملتبساً ) . هذا الأخذ الذي طال حتى السرد , وبالتالي فنيّة العمل الروائي ككل .
فالتدفق الحر الذي تتعرف ( ونسه ) من خلاله , وتنمو كشخصيّة لم نعتد عليها في النتاج الروائي السوري , إن لم يكن العربي , يقنعنا بحقيقيتها , ويأخذنا إلى ضرورة وصحيّة التعدد في إطار الوحدة , والاختلاف في إطار التجانس .
إن (ونسة ) تؤكد , كشخصيّة روائية , أنها المختلف والمتميز , ولكن العادي والطبيعي في اختلافه . وهي في عرضها لذاتها تدفعنا إلى التوقف طويلاً عند الرفض الممارس ضد اختلافها , حتى من قبل مماثلين لها في الاختلاف .

نهاية , لا بدّ من الإشارة إلى المتعة الفنيّة المتأتية عن التشظي السردي الذي حقّق توازناً مهمّاً بين آليات المؤلف في إنتاج روايته وآليات الشخصيات الروائية في إنتاج سردها . ولا بد من القول أيضاً بأن ( درج الليل .. درج النهار ) نجحت تماماً في الخلاص من كونها رواية أفكار , كما عوّدتنا روايات ( نبيل سليمان ) وانضمت إلى ذلك النسق من الروايات التي تحرّض في كل صفحة على إنتاج الأفكار .



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لتعزيزثقافة الخطأ
- أجدني هكذا
- الذات العارية كوردة / نحن لا نتبادل الكلام - جديد الشاعر حسي ...
- الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال 5 – الحداثة من جديد
- الحداثة المعطوبة - إعدة إنتاج المثال
- مظلّة وإناء وحظيرة - بعض من أزمة الطرح الديموقراطي
- عناصر الفائدة المركّبة
- الحداثة المعطوبة - إعادة إنتاج المثال
- الحداثة المعطوبة ( إعادة إنتاج المثال )
- الحداثة المعطوبة ) إعادة إنتاج المثال)
- أطفال يلعبون ومقاطع أخرى
- حرّ يمضي الى القفص
- بيان التجمّع الليبرالي السوري - مدخل للحوار
- رماد ضاحك وغيور
- هل من معيار
- الشعر والمتلقي- ملامح أزمة نوعية جديدة -
- التعين الوظيفي وأنوثة الطاعة
- يد مليئة بالسياط
- ديوان الشعر العربي الجديد - سورية | من الإيجاز الياباني الى ...
- نسق من الجنود الصينيين


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - ياسر اسكيف - درج الليل.. درج النهار - جديد الروائي السوري نبيل سليمان