حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي بين الواقع والتحديات

إكرام التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 4008 - 2013 / 2 / 19 - 16:46
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    

يسهل جداً وضع الإستراتيجيات ، وسن التشريعات والقوانين المتعلقة بحماية الأطفال من مجمل الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال ،وقد نختلف في الإمكانيات وسبل توفير الضمان الكافي لحقوقهم الأساسية والواجب توافرها في المجتمعات كافة ، ولكننا نفتقر لأدوات الرقابة والتقييم ،وقياس مدى فاعلية أدوات الرقابة، وقد يرصد هنا أو هناك غياب تنفيذ بعض العقوبات على من أساء أو انتهك هذه القوانين ، و خاصة إذا ما كان هناك التفاف على القوانين ، أو عدم انصياع للإرادة والقانون الدولي ،ففي دولة فلسطين المحتلة ،حماية الأطفال تبقى مرهونة بقوانين كثيرة ،فالاحتلال من جهة وكونه العائق أمام توفير البيئة الآمنة والطبيعية للأطفال الفلسطينيين ،ومن جهة أخرى القوانين المعمول بها ومدى تناسبها مع الواقع الفلسطيني ،وعليه حاجتنا تقتضي جهود السلطات التشريعية ، والقضائية ، والتنفيذية وإضافة لهم السلطات الرقابية الحقوقية والإعلامية الدولية والمحلية والتي بها جميعاً سوف تتكامل الأدوار جميعاً للأفضل ،ويصبح هناك مشاركة واسعة في المساهمة بحلول ومخرجات وتوصيات لحماية الأطفال من دائرة العنف التي تعترض أطفالنا منها السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، وهنا لا بد لنا بالإشارة بجهود الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال خلال الدورة التدريبية لقرابة "33" مؤسسة حكومية ورسمية وثقافية ووسائل ومراكز إعلامية،وعلى مدار أيام 12-14-2013، تمحورت جلسات التدريب خلالها حول الجوانب القانونية والإنسانية والتربوية والتعليمية والإعلامية وحق الأطفال العمال ، وما مدى فاعلية قانون الطفل الفلسطيني في توفير الحماية للأطفال العمال ،وسبل حمايتهم من الانتهاكات والاستغلال من قبل بعض المشغلين ،وتم بحث الآثار المترتبة على عمل الاطفال على المستوى الجسدي والنفسي والاجتماعي والتعليمي والتربوي للأطفال .
بدأت الدورة بكلمة ترحيبية لمؤسسة إنقاذ الطفل الدولية ، رحب خلالها المدرب رياض عرار بالمشاركين والمشاركات . وأتبعها كلمة الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال تحدث بها رئيس الحركة السيد رفعت قسيس عن أهمية موضوع عمالة الأطفال ،" تشغيل الأطفال " ،ومنوهاً بضرورة تضافر الجهود من أجل حماية الأطفال ،ومتابعاً: بأنها لم تكن قضية محورية في الآونة الأخيرة لانشغالنا بقضايا أخرى ، ولكن هذه القضية مهمة كونها لا تنبع من الطفل نفسه وحبه في الخروج لسوق العمل ، وإنما بسبب ظروف اجتماعيه وقهرية ،ومضيفاً نحن أقل من الكثير من الدول التي تعاني من هذه الظاهرة ،فنحن لا يوجد لدينا " أولاد شوارع " ولكن يأتي تسرب الأطفال من المدارس بسبب ظروف طارئة ، ولا نستطيع نكران ظاهرة العمالة وعليه نحن بحاجة للقضاء على هذه الظاهرة وتوفير الحماية للأطفال يجب أن تكون من الأولويات .
وتم استعراض البرنامج التدريبي من قبل المدرب السيد رياض عرار والأساليب التدريبية ، وأشرف على محاور التدريب والنقاش بين المجموعات.
ولقد تضمنت محاور الدورة التدريبية على عدة تساؤلات منها :-
من هم العمال الأطفال ؟
وكيف نبرهن ان العمل الذي يقوم به الطفل استغلالي ؟
وما هي أسوء أشكال عمل الأطفال ؟
ولماذا يفضل أصحاب العمل عمل الأطفال؟
ولماذا يعمل الاطفال؟
وتم التطرق إلى الآثار المترتبة على عمل الاطفال على المستوى الجسدي والنفسي والاجتماعي والتعليمي ،ومجموعة العوامل التي تدفع الاطفال الى العمل منها :-
عوامل سياسية : حيث تمت الاشارة الى الارتباط بين السياسي والاقتصادي ،والترويج لعمل الأطفال في داخل الخط الأخضر ، وحصار المدن والجدار العازل ،والاعتقالات لأرباب الأسر، واستشهاد البعض ،وهدم المنازل وتشريد السكان ، وعمل الاسرائيليين على ترويج المخدرات والمنتجات الإسرائيلية ،وعدم القدرة على سن تشريعات وقوانين وطنية تحارب تشغيل الاطفال.
العوامل التعليمية : صعوبة مناهج الدراسة وسلوك وأساليب بعض المدرسين ،احتياجات التعليم،تعزيز الأهل للتسرب من المدارس والالتحاق بسوق العمل.
العوامل القانونية : يوجد قانون يمنع تشغيل الاطفال لكنه غير مطبق ولا يوجد رقابه ولا يوجد ادانه لمن يدفعون بأطفالهم الى سوق العمل .
العوامل الاجتماعية:الطفل يصبح محرجا مع نظرائه الاطفال ،سهولة حصول الطفل على العمل ،اجبار الطفل على العمل ،عدم مراقبة الأهل لأطفالهم ، تغاضي المجتمع عن تنامي ظاهرة تشغيل الاطفال .
العوامل الاسرية : التفكك الاسري ،المرض المزمن ،الوضع المعيشي للأسرة ،الكبت الاسري والانطواء ،التفاوت في الاهتمامات والكماليات من أسرة لأخرى .
وعن مكانة الأطفال العمال في القانون الدولي : استعرضت المحامية سوسن صلاحات القانون الدولي والفلسطيني ، حول مكانة تشغيل الأطفال ، وتطرقت إلى العمل المقبول ،والعمل الاستغلالي ،وفق منهج حقوق الطفل ، وتم التطرق الى الحالات الدراسية ،وعبر استخدام اسلوب عمل المجموعات بحيث تم عرض ونقاش معيقات حماية الاطفال العمال ، وكيف نحمي الاطفال العمال ، ومعيقات حماية الأطفال ، وما هو المطلوب لدعم حملة حماية الاطفال من الاستغلال الاقتصادي ؟
ومن خلال مشاركات مجموعات المتدربين تم استنتاج المعيقات التالية :_
اولا : معيقات ثقافية وتتمثل في :
العادات والتقاليد الحامية لعمل الاطفال وعدم انتشار ثقافة التبليغ .
التركيبة الثقافية الاجتماعية البيئية للأسرة .
صعوبة الفصل احيانا بين العمل المفيد والضار فيما يتعلق بعمل الطفل داخل الأسرة .
ثانياً : معيقات قانونية ، وتشريعية ،وسياسية :_
عدم تفعيل التشريعات القانونية .
ضعف في ملائمة السياسات والاستراتيجيات الخاصة بالأطراف المعنية .
الاستثناءات القانونية للعاملين في مشاريع الأسرة او تحت مسؤولية احد الأقارب من الدرجة الأولى .
نقص الكادر في المؤسسات والوزارات الحكومية الذي يعمل على انفاذ التشريعات .
عدم تخصيص ميزانيات كافية من قبل الحكومة للجهات التي تعمل على انفاذ الخطط لمكافحة الظاهرة .
ثالثاً : معيقات تعليمية وأسرية :_
صعوبات تعليمية تتعلق بالمنهاج الدراسي الذي يدفع بعض الاطفال الى التسرب من المدرسة .
اغفال الانشطة اللامنهجية " الإبداعية "وعدم الاهتمام بها بل تحويلها احيانا الى أنشطة اكاديمية .
مناخ المدرسة العام المعيق والذي يتعلق بارتفاع عدد الطلاب داخل الصف الدراسي وأساليب التدريس التقليدية التلقينية وبنية المدرسة الغير مجهزة بشكل جيد .
عوامل نفسية وذاتية تتعلق بالطالب نفسه.
عدم تطبيق التعليم الالزامي في المدارس .
الظروف الاقتصادية الصعبة للأسرة الفلسطينية التي بغالبها أسرة ممتدة.
عدم اهلية احد الوالدين او كلاهما لرعاية الاطفال (أهلية تعليمية او ثقافية ، اجتماعية وأحيانا نفسية ) .
رابعاً : معيقات اعلامية :_
العامل الاعلامي الاحصائي حيث لا يوجد اهتمام اعلامي بعمل الاطفال " التخصص" .
عدم توفر بيانات ومعلومات احصائية كافية
عدم أهلية بعض الاعلاميين في التعامل مع موضوع عمل الاطفال
صعوبة توافر شهود عيان.
ثقافة مجتمعية تتجنب التبليغ والتعامل الاعلامي مع الموضوع.
عدم وضوح الاحصاءات في الاحصاء المركزي .
عدم وجود جرأة اعلامية لتناول القضية .
مشكلة الاعلام الموسمي ذو طابع ردات الفعل .
عدم وجود صحافة اطفال .
وفيما يتعلق بأخلاقيات مهنة الاعلاميين ، تم التركيز على عدد من الاخلاقيات أهمها : -
مصالح الطفل الفضلى في المقدمة دوما .
الاعلان العالمي لحقوق الانسان وقانون الطفل الفلسطيني وقانون العمل مرجعيات أساسية .
احترام كرامة الطفل في جميع الظروف وإيلاء اهتمام خاص بحق الطفل في الخصوصية الشخصية والسرِّية.
الاستماع إلى آراء الطفل والأخذ بها وضرورة إشراكه في اتخاذ القرارات التي تمسه وتوفر الحماية له.
حماية المصالح الفضلى للطفل وإعطاؤها الأولوية.
استشارة الطفل والمسئولين عن رعايته وأفضلهم قدرة على تقييم أوضاعه شرط أن يتمتعوا بالأهلية بالنسبة لما يترتب على الطفل عن أي عمل اعلامي من تبعات.
حق الطفل في أن لا يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني له في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أم مراسلاته ، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته .
وللمساهمة الفاعلة فيما يتعلق بسبل حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي والواقع الذي نعيشه ، والتحديات التي تعترض جهود ومبادرات العديد من المؤسسات والأفراد ، بادر المتدربين والمتدربات في توصيات ومخرجات نهاية الدورة التدريبية ،وتم الاتفاق على خطة عمل للخروج بمساهمات تتعلق في حملة حماية الاطفال العمال من الاستغلال الاقتصادي،و على مدار الشهور المقبلة لعام 2013 ، وبمساهمات وتوصيات لتنفيذها عبر جهات الاختصاص والعلاقة وضمن الإمكانيات والقوانين التي تسمح بها مؤسساتهم التي مثلوها في هذه الدورة ، ومن هنا لا ننتهي بل نشير جهودنا حثيثة حيث تبدأ بداية لحقوق كثيرة مغيبة عن واقعنا الفلسطيني ولكافة شرائح المجتمع ، ولكننا نجد أطفال اليوم شباب الغد والمستقبل ،هم الأكثر حاجة للحماية فدعونا نستثمر كافة الإمكانيات ما أمكن من أجل طفولة آمنة لأطفال فلسطين.

#إكرام_التميمي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات