أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى زكريا - الايمان بالقضاء والقدر - تأثيراته المؤذية (2 - 2)















المزيد.....

الايمان بالقضاء والقدر - تأثيراته المؤذية (2 - 2)


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 4008 - 2013 / 2 / 19 - 12:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ماذا يقول الكتاب المقدس عن القضاء والقدر او الجبرية.
الفيضانات , العواصف , الزلازل - غالبا ما تعتبر كوارث كهذه قضاء وقدرا وتنسب الى الله. ولكن لا يشير الكتاب المقدس الى ان الله هو مسبب مثل هذه الحوادث. تأملوا فى مأساة حدثت منذ قرون عديدة فى الشرق الاوسط. يقول الكتاب المقدس ان الناجى الوحيد من هذه الكارثة اخبره قائلا : " نار الله ( تعبير عبرانى غالبا ما يعنى الصاعقة ) سقطت من السماء فـأحرقت الغنم والغلمان واكلتهم . " - ايوب 1 هدد 16.
رغم ان هذا الرجل المذعور ربما ظن ان الله مسؤول عن النار , يظهر الكتاب المقدس ان الله ليس الملوم. اقرأوا ايوب 1 من 7 - 12 انتم بنفسكم, فتجدوا ان الله لم يسبب الصاعقة بل خصمه - الشيطان ابليس. هذا لا يعنى ان كل المصائب تأتى مباشرة من الشيطان. لكن من الواضح انه لا يوجد سبب لنلقى اللوم على الله.
فى الحقيقة , يقع اللوم عموما على الناس عندما لا تجرى الامور كما هو مرجو. فالرسوب فى المدرسة والاخفاق فى العمل او فى العلاقات الاجتماعية مردهما الى قلة الجهد والتدريب الجيد او ربما الى قلة الاعتبار للاخرين. كذلك يمكن للاهمال ان يسبب الامراض , الحوادث , والموت. فمجرد وضع حزام الامان خلال قيادة السيارة يقلل كثيرا احتمال الموت عند وقوع حادث سير. ولو كان القدر الذى لا يتغير يتولى زمام الامور لما كان حزام الامان ليحدث اى فرق. والعناية الطبية المناسبة والنظافة الصحية تخفضان كثيرا عدد الوفيات قبل الاوان. حتى بعض الكوارث المعتبرة " من صنع الله " هى فى الواقع من صنع الانسان - الذى له تاريخ محزن من سوء ادارة الارض.
صحيح ان هنالك العديد من الحوادث المحزنة الغامضة الاسباب. ولكن لاحظوا ما يقوله الكتاب المقدس فى جامعة 9 عدد 11 : " فعدت ورأيت تحت الشمس ان السعى ليس للخفيف ولا الحرب للاقوياء ولا الخبز للحكماء ولا الغنى للفهماء ولا النعمة لذوى المعرفة لأنه الوقت والعرض يلاقيانهم كافة. " ( لاحظوا الوقت والعرض وليس القضاء والقدر ) فلا يوجد سبب للاعتقاد ان الخالق هو وراء الحوادث او ان ضحايا الحوادث يعاقبون بطريقة ما.
كان ليسوع المسيح نفسه رأى مخالف للتفكير الجبرى . فبالاشارة الى مأساة معروفة لدى سامعيه , سأل يسوع : " او اولئك الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج فى سلوام وقتلهم أتظنون ان هؤلاء كانوا مذنبين اكثر من جميع الناس الساكنين فى اورشليم. كلا اقول لكم. " (لوقا 13 عدد 4 , 5) فمن الواضح ان يسوع لم ينسب حدوث الكارثة الى تدخل الله بل الى " الوقت والعرض. " اى الصدفة البحتة.
ولكن ماذا عن الموت والمرض بدون سبب ؟ يعطى الكتاب المقدس هذا الوصف المباشر لحالة الانسان : " فى ادم يموت الجميع. " (كورنثوس الاولى 15 عدد 22) فالموت يصيب الجنس البشرى منذ سار ابونا ادم فى طريق العصيان. وكما حذر الله , ترك ادم لذريته ميراث الموت. وهكذا فان اصل العلل يعود فى النهاية الى سلفنا المشترك ادم. وضعفاتنا الموروثة لها علاقة كبيرة ايضا بخيبات الامل والاخفاقات التى نعانيها فى الحياة.
تأملوا فى مشكلة الفقر. فالايمان بالقدر يشجع الفقراء على الاستسلام لوضعهم الصعب فى الحياة. فهم يؤمنون بأن " هذا هو قدرنا " " لا تبديل لمشيئته " ولكن يظهر الكتاب المقدس ان اللوم يقع على النقص البشرى لا على القدر. فمن جراء الكسل او سوء ادارة الموارد يصبح الكثير فقراء , حاصدين ما زرعوه. وتعيش اليوم فى الفقر ملايين لا لاتحصى ضحايا جشع رجال السلطة. يقول الكتاب المقدس : " يتسلط انسان على انسان لضرر نفسه. " (جامعة 8 عدد 9) ولا يوجد اى دليل لتنسب اسباب كل فقر الى الله او القدر.
والتأثير الذى تتركه الجبرية فى المؤمنين هو حجة مقنعة اخرى ضد الايمان بالقدر. قال يسوع : " هكا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة. وأما الشجرة الرديئة فتصنع اثمارا ردية. " (متى 7 عدد 17) فلنتأمل فى ثمرة من " اثمار " الجبرية - طريقة تأثيرها فى شعور الناس بالمسؤولية.
ان الشعور السليم بالمسؤولية الشخصية مهم. فهو احد الامور التى تدفع الوالدين الى اعالة عائلاتهم , العمال الى القيام بأعمالهم بضمير حى , والصناعيين الى تزويد منتجات ذات نوعية جيدة. ولكن يمكن للايمان بالقدر ان يفقد هذا الشعور. تخيلوا مثلا رجل لديه سيارة فيها خلل فى الية التحكم. فاذا كان لديه شعور مرهف بالمسؤولية , فسيصلحها خوفا على على حياته وحياة الركاب معه. ولكن المؤمن بالقدر قد يتجاهل الخطر , مفكرا انه لن يحصل اى عطل الا بارادة الله. او بعبارة اخرى " ياعم سيبها على الله ".
نعم , يمكن للايمان بالقدر ان يعزز بسهولة اللامبالاة , الكسل , عدم اعتراف المرء بأنه مسؤول عن اعماله , وصفات سلبية اخرى عديدة.
والوجه الاخطر ايضا للايمان بالقدر هو ان يحد شعورنا بالمسؤولية , او الالتزام , تجاه الله. يحث المرنم الملهم كل الجنس البشرى : " ذوقوا وانظروا ما اطيب الرب. " (مزمزر 34 عدد 8) وقد وضع الله مطالب معينة للذين يريدون ان يتمتعوا بصلاحه.
احد هذه المطالب هو التوبة. وتشمل هذه الاعتراف بأخطائنا والقيام بالتغييرات اللازمة. فكبشر ناقصين نقترف اخطاء كثيرة يلزم ان نتوب عنها. ولكن اذا شعر المرء انه ضحية عاجزة امام القدر , يكون من الصعب عليه ان يشعر بالحاجة الى التوبة او الى تحمل مسؤولية اخطائه.
قال المرنم الملهم عن الله : " لطفك الحبى افضل من الحياة. " (مزمور 63 عدد 3) ولكن الايمان بالقضاء والقدر اقنع الملايين بأن الله مسبب تعاستعهم. وهذا طبعا ما جعل كثيرين يضمرون له العداوة , مغلقين باب العلاقة الحميمة بالخالق. فكيف يمكنكم ان تحبوا الشخص الذى تعتبرونه سبب كل مشاكلكم ومصائبكم ؟ لذا فان الجبرية تشكل عائقا بين الله والانسان.
عليكم ان نعرفوا ان الله لا يخطط لكل جزء من تفاصيل حياتنا , وفيما تنمون فى المعرفة الدقيقة للكتاب المقدس , ستدركون ان حياتكم ومستقبلكم لا يعتمد على القدر المقرر مسبقا الذى لا يمكنكم التحكم فيه. وتنطبق جيدا كلمات موسى للاسرائليين القدماء : " قد جعلت قدامك الحياة والموت. البركة واللعنة. فاختر الحياة لكى تحيا انت ونسلك. اذ تحب الرب الهك وتسمع لصوته وتلتصق به. " (تثنية 30 عدد 19 , 20) نعم , يمكنكم تقرير مستقبلكم , فهو ليس فى يدى القضاء والقدر.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتحكم القدر فى حياتكم ؟ (1 - 2)
- اولئك المدعوون - الهة
- من يقف وراء كل الشرور ؟ (2 -2)
- الشيطان خرافة ام واقع مشؤوم ؟ (1 - 2)
- بهلوان الصخور
- هل الدين وراء مشاكل البشر (2 - 2)
- هل للدين - تأثير بناء ام هدام ؟ (1 - 2)
- من هو الاله الحق الوحيد ؟ (2 - 2)
- من هو يسوع المسيح ؟ (1 - 2)
- عجز الانسان عن الثبات وحده
- زيارة لأرض الموعد (2 - 2)
- زيارة لأرض الموعد (1 - 2)
- معارف واضاءات
- قيمة - الاناء الاضعف
- العهد القديم - كتب لارشادنا (2 -2)
- ما قيمة - العهد القديم - ؟ (1 - 2)
- حرقة فى القلب لا تنطفئ
- لم يحسن بنا تجنب التطرف ؟
- هل الله سر ؟
- أعجوبة بيضة النعام


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجدى زكريا - الايمان بالقضاء والقدر - تأثيراته المؤذية (2 - 2)