أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - الراديكالية والرؤية المأزومة في العراق – 2-4















المزيد.....

الراديكالية والرؤية المأزومة في العراق – 2-4


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1154 - 2005 / 4 / 1 - 12:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يبرهن تاريخ الراديكالية في العراق على انها بلا تاريخ فعلي بمقاييس الدولة الحديثة والفكر النظري العلمي. وذلك لان حياة الراديكالية وعلمها وعملها وحياتها ونشاطها ما هو الا الإفراغ الدائم للحياة والعلم والعمل والنشاط من كل عناصر الوعي الذاتي. بمعنى انها التمثيل الدائم لإفراغ تجارب الأجيال الدائم من تراكم وعيها الذاتي. وبالتالي فإن استمرارها ونشاطها وفاعليتها في الحياة السياسة هو مؤشر على بقاء المجتمع في مرحلة ما قبل الدولة الشرعية والنظام المدني والديمقراطي. وهي حالة ميزت وما تزال تميز العراق في ظرفه الراهن. فقد كانت الراديكالية السياسية بمختلف أطيافها وما تزال تشكل التيار الساري في تاريخ العراق المعاصر، والعنصر المكون لأغلب الرؤى السياسية "اليسارية" و"اليمينية"، "الدينية" و"الدنيوية" (العلمانية).
فمن الناحية التاريخية والنظرية كانت الراديكالية وما تزال جزءا من العملية الطبيعية لتطور الدولة والمجتمع والثقافة. وإذا كان لهذا الأسلوب ما يبرره في المسار العام للتطور التاريخي العالمي وخصوصية تمظهره في مختلف الدول والأمم والثقافات، فإن ذلك لا يعني ضرورة الراديكالية بحد ذاتها. فمن الناحية الواقعية لا يمكن للدولة والحضارة والحركات الفكرية والسياسية الكبرى أن تظهر دون أن تتعايش معها مختلف أصناف الراديكالية. من هنا كان الإبداع الراديكالي يصب عموما في اتجاه تحسين وترسيخ وتوسيع المدى الثقافي للتقاليد العقلانية الكبرى ونماذج الاعتدال فيها. وذلك لان هذه الراديكاليات كانت تلعب في الأغلب دور المستفز الدائم والعقل النقاد والنزوع الشكاك تجاه ما هو موجود من قيم ومفاهيم وما يجري من أحداث. الا أن هذا الدور "الإيجابي" والطبيعي للراديكالية مرتبط بسيادة المرجعيات العقلانية الكبرى التي تبدعها الثقافة.
أما في العراق، فإنها تحولت بسبب غياب تاريخ الدولة وتقاليدها السياسية لقرون عديدة إلى قوة مخربة فقط.
ولعل أهم نماذجها الحالية العنيفة هي الحركات الراديكالية الإسلامية المتطرفة (الأصولية). إذ لم تكن هذه الحركات سوى الاستظهار المقلوب لزمن الراديكالية الفارغ في العراق كما جسدتها التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية. فقد استطاعت إفراغ التاريخ العراقي من كل مكونات وعيه الذاتي من خلال تهشيم المشاريع الواقعية لبناء الدولة والمجتمع المدني والثقافة العقلانية. وأدت في النهاية إلى إنتاج "بديلها" في الراديكالية الإسلامية. إذ تكشف التجارب التاريخية للعراق عن حقيقة تقول، بأنه كلما كانت الراديكالية المتسلطة همجية كلما أصبحت الراديكالية المناوئة لها اشد همجية منها.
وهي الحالة التي يقف العراق أمامها الآن. وهي حالة "طبيعية" لا يمكن توقع صيغة أخرى لها في ظروفه الحالية. بل يمكن القول، بأنها ظاهرة سوف تستفحل تدريجيا إلى أن تبلغ ذروة انحطاطها بعد خروجها العارم من سجن التوتاليتارية البعثية "العلمانية" والدكتاتورية الصدامية الطائفية. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار أن العراق في ظرفه الحالي هو بلد الحثالات الاجتماعية، فيمكننا توقع اثر ذلك في نفسية وذهنية لراديكالية الممكنة فيه. فالخراب الذي حدث وطبيعة ومستوى التهميش والهامشية هو نتاج لقهر مركب وشامل وبنيوي. مما سيفرض بدوره على الراديكاليات الممكنة نمطا من التفكير الأيديولوجي والنفسية الاجتماعية هي خليطا من أيديولوجية الحثالات الاجتماعية والرثة السياسية. الا أن مفارقة هذه الظاهرة المدمرة تقوم أيضا في أن استفحال الراديكالية المعاصرة في العراق سوف ينفي بصورة سريعة زمن الدكتاتورية والتوتاليتارية، ومن ثم الراديكالية الهمجية نفسها. وذلك لأنها تعمل بوعي وبدون وعي على استعادة تقاليد العنف الذي تدعي مواجهته والقضاء عليه.
وهي حالة سوف تضع هذه الراديكاليات الفاعلة والممكنة ضد المسار العام لمشروع بناء الدولة الشرعية والمجتمع المدني والثقافة العقلانية. وذلك لان الراديكالية المعاصرة في العراق، وبالأخص في نماذجها الدينية الشيعية منها والسنية لا تعمل في الواقع الا على استعادة العنف المنظم للسلطة بطريقة "اجتماعية". بمعنى محاولتها توسيع مدى العنف من خلال إشراك الفئات الاجتماعية المهمشة. وهي عملية متناقضة سوف تسرع من اغترابها الشامل عن المجتمع نفسه. وذلك لأنها لا تمتلك إمكانية التأثير المادي والمعنوي الذي تمتلكه الراديكالية المتسلطة.
إن تعمق وتوسع وترسخ الإدراك الضروري لقيم الاعتدال والعقلانية هو الاتجاه الواقعي والفعلي المضاد لمضمون الراديكالية نفسها التي تجعل من قطع العلاقة بالتاريخ والتقاليد عقيدة مقدسة. بينما يفترض المقدس هوية الثبات. وهو "فرض" تمارسه الراديكالية بحمية بالغة عبر مطابقته مع التجريب الخشن المبني على احتقار الشكوك والاعتراض. كما أنها تطابق بين فكرة الثابت المقدس مع يقينها الخاص عن أن الفعل التجريبي هو الوحيد المطلق.
وهو تناقض يعبر في الواقع عن طبيعة الراديكالية نفسها التي لا تتقن غير فصل الكلمات عن العبارة والمضمون عن المعنى والواقع عن الحقيقة والماضي عن الحاضر والتاريخ عن الزمن والمستقبل عن أفعالها! وهو الأمر الذي يأزم على الدوام رؤيتها للواقع والمستقبل. مما يؤدي بها بالضرورة إلى تدمير تجارب الماضي وخزين الذاكرة التاريخية ومرتكزات التقاليد الكبرى والقيم والمؤسسات. بمعنى انها لا تعمل في الواقع الا على كسر ونثر حلقات السلسلة الفعلية للذاكرة التاريخية. مع ما يترتب على ذلك من تخريب التجارب الخاصة للأمم وتسخيف فكرة القانون والنظام. حينذاك تصبح أفعالها مجرد سلسلة في امتهان فكرة الحق والحقوق والشرعية، مع ما يترتب على ذلك من تحطيم لفكرة الدولة والقانون والأخلاق والمجتمع المدني. أما الحصيلة النهاية لذلك فتقوم في تحول الراديكالية إلى قوة مدمرة لا تنتج في نهاية المطاف غير الخراب والتوغل الدائم فيه. مع ما يترتب على ذلك من رؤية مأزومة تجاه كل شئ ومطلب! أما المخرج الوحيد لها هنا فهو ممارسة العنف بمختلف أشكاله "الشرعية" وغير الشرعية. وهي ممارسة معبرة عن تنامي نفسية وذهنية العنف نفسها. بمعنى عن أزمتها المتزايدة.
وهي ظاهرة تشير أولا وقبل كل شئ إلى ضعف فكرة المجتمع المدني والدولة الشرعية. وفيها ينعكس أيضا انعدام وعي الذات التاريخي في ميادين الثقافة السياسية والاجتماعية والحقوقية. أما النتيجة المترتبة على ذلك فهي خراب المجتمع والفضيلة. وهي نتيجة كشف عنها تاريخ العراق الحديث وما يواجهه الآن من مشاكل بنيوية مستعصية وهائلة تشمل كل مكونات وجوده. وهو الأمر الذي يجعل من مواجهة الراديكالية بمختلف أصنافها وأشكالها وألوانها ومستوياتها أمرا ضروريا بالنسبة لمشاريع البدائل العقلانية. وهي مهمة ممكنة التنفيذ من خلال إرساء أسس الرؤية العقلانية وفلسفة الاعتدال. فهو الأسلوب الوحيد لتذليل الأزمة الشاملة في العراق ونموذجها الخاص في الرؤية الراديكالية. وهو تذليل يستحيل دون بناء مقدماتها المادية في إعادة توحيد المجتمع تراثه على أسس الشرعية والديمقراطية الاجتماعية والعدالة.فهي مقومات الرؤية العقلانية وفكرة الحقوق والدولة الاجتماعية. وفيها فقط يمكن بناء سد مأرب جديد في وجه التيار الكاسح للراديكالية. بمعنى وضع أسس الرؤية العقلانية ضد تيار الخراب النابع من واقع العراق وزمنه الحديث!



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرؤية السياسية - لا الرؤية الحزبية
- الراديكالية العراقية - الطريق المسدود 1-4
- المرجعيات الثقافية لفكرة الإصلاح في العراق
- الصحافة العربية المرئية والمسموعة وظاهرة الصحّاف والتصحيف
- المغزى التاريخي للانتخابات العراقية الاخيرة
- الصورة والمعنى في الصراع العربي – اليهودي
- اليهودية – الصهيونية في روسيا
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق – ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق – ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق - ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق - ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق- ا ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق-ال ...
- التيار الإسلامي ومهمة تأسيس البدائل العقلانية في العراق
- الحلقة الثانية-البروتوكولات الصهيونية-الماسونية اليهودية الص ...
- الحلقة الاولى - البروتوكولات الصهيونية - تقاليد قواعد العمل ...
- الفساد والإرهاب توأم الخراب في العراق المعاصر
- (4) الهوية العراقية وآفاق البديل الديمقراطي
- الهوية العراقية وآفاق البديل الديمقراطي 3
- 2.الهوية العراقية وآفاق البديل الديمقراطي


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - الراديكالية والرؤية المأزومة في العراق – 2-4