أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - صورتي2















المزيد.....

صورتي2


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4007 - 2013 / 2 / 18 - 16:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أحيانا تكون الصورة أبلغ من كل الكلام.

وأحيانا تكون الصورة معبرة عن ذاتها بدون أي جملة.

وأحيانا تكون الصورة غامضة وبحاجة إلى من يعبر عنها.

وأحيانا نحتاج من بعض الناس لكي يلتقطوا لنا صورا جميلة نبدو فيها متفائلين ومبسوطين ونحن مثلُ ونضحك على أنفسنا.

ولا أحد يريد أن يلتقط لنفسه صورة حقيقية تعبر عما في داخله.

أنا وحدي اخترت أن ألتقط الصورة الحقيقية لمنظري دون أي مساعدة من أي أحد,صورتي الجميلة وأنا في البيت أبحث عن مكانٍ هادئ..تخيلوا رجلا يبحث في بيته عن مكانٍ هادئ وحين لا يجده يشعر بروحه وكأنها تريد أن تخرج منه,فإن لم يجد الإنسان في بيته مكانا هادئا أين من الممكن له أن يجد هذا المكان!!يا لنا من تعساء.

وأنا بمنظري وبهيئتي تتحدث عني الصورة دون أن أقول كلمة واحدة وأحيانا أصمتُ كثيرا ولا أكلم أحدا حين تكون الصورة أبلغ من كل الكلام,ولكن المصيبة الكبرى حين لا تجد أحدا يفهم على ألوان وجهك التي تتبدل والمصيبة أيضا حين لا تجد من يفهم على كلامك أو على إشارات يدك أو على تلميحات وجهك حين تغزوه الألوان الحمراء والصفراء والسوداء,وأخيرا تبقى الصورة في الذاكرة محفوظة ولا يمكن أن تُمحى ولا يمكن أن تنسى,وأقسم مليون مرة بأن الأسى لا يُنتسى(يُنسى).

الآن صورتي حين تحملني الرياح.
والقصص الطويلة تجعلني أشعر بالملل.

أركض هنا وهناك..أحاول التقاط بعض الصور من أجل ذكرى رجلٍ أكلَ الدهرُ عليه وشرب,وفي النهاية كل الصور التي ألتقطها أشعرُ بأنها أهم بكثير من كل الكلام,وأحيانا تراودني أفكار غريبة عني لا تمت لي بصلة رغم أنها هي الحقيقة التي يجهلها الناس...آهٍ لو أجد حولي إنسانا واحدا يفهمني دون أن أتكلم معه كلمة واحدة...آه لو أجد إنسانا واحدا يفهم على لغتي من خلال صورتي الحقيقية...آهٍ لو أجد حضن امرأة واحدة صادقة في مشاعرها تجاهي..آه لو أن الناس نفسهم هم الناس.

ثم بعد أن ألتقط لنفسي صورة دونما مساعدة من أحد أتوسد وسادتين وأحيانا ثلاث أوسده.. وأغطي كل جسمي بغطائين وأغوص في نومٍ عميق وحين أصحو أشعر بالملل لأن كل شيء ما زال على ما هو منذ أن غرقتُ في بحر النوم.

أصحو على أنغام صاخبة وأنام على أنغام صاخبة وكل شيءٍ من حولي صاخبٌ جدا وفي الخارج أصوات الأطفال المزعجة والتي لا تطاق نهائيا ورغم ذلك أصبحتْ جزء من حياتي لا أستطيع النوم إلا حين تبدأ بالقرقعة.

والرؤى في المنام أحيانا أكون فيها مبالغا جدا فليس من المعقول أن أكون أثناء النوم نفس الشخص الذي يفيقُ من النوم.

رحلة العذاب تبدأ في ساعات المساء الأولى,والليل مدلهمٌ جدا وكل شيء من حولي يبقى على وضعه الطبيعي,الناس لا يتغيرون والجيران لا يتغيرون والمباني ثابتة لا تتغير ولا أحد يتغير إلا أنا في كل يوم أتطور مرةً أو مرتين, فأحيانا أبدو كئيبا وأحيانا أبدو سعيدا وأحيانا أشعر بأنني سأموت من شدة الفرح وأحيانا أشعر بأنني إذا نمت لن أصحو مطلقا.

أتكسر مثل لوحٍ مصنوعٍ من الزجاج وأنا (أتمدد) على فراشي وأصوات العظم والطقطقة أسمعها بقوة كبيرة وأحيانا يكون صوت عظامي مثل أصوات البالونات وهي تتفرقع حين أنفض يدي اليمنى ويدي اليسرى ليسمع كل من في الدار أصوات عظامي وهي تتفرقع وفي الحقيقة يكون ضغط الدم هو السبب في رغبتي بطقطقة عظامي,وأحيانا في نومي أشعر بأن هنالك وحشا يطقطق عظامي بفكيه وبأن أفعى كبيرة(عاصرة) مثل(الأنكودى) تلتف على جسدي وتطقطقٌ لي عظامي,ثم أصحو وأنا أشعر بالرهبة وبالخوف من المجهول.

كل شيء بالنسبة لي عاديا وكل شيء بالنسبة لي لن يتكرر أبدا ما عدى الروتين القاتل الذي يسيطر على حياة الناس. فهذا يجلس أمام باب الدار منذ ربع قرنٍ على الأقل,وتلك المرأة تجمع كِسر الخبز اليابس منذ أكثر من ربع قرن وذلك يجلس خلف الطاولة في دكانه منذ ربع قرن,وأنا وحدي من يتشتت ذهنه وهو يلتقط تلك الصور للناس, والحب في حارتنا شيء عفا عنه الزمن منذ أمد بعيد والحرية في النهاية نالت العفو الحكومي ومنعتها من التداول بإسم الوطن..والجريمة الكبرى أننا جميعا شركاء في جريمة منظمة لقتل الإنسان وتهميشه وتحويله إلى مجرد مشاهد روتينية عادية جدا وأحيانا أقل من عادية.

رائحة سيارة نقل النفايات كل يوم تطلُ علينا منذ الثامنة مساء بتوقيت عمان, والباعة المتجولون يملئون المكان وأنا وحدي أصبح رأسي ثقيلا من تلك المشاهد ومن تلك الروائح والعطر الذي أبحثُ عنه لم أعد أجد له أي رائحة, مغامرات عنيفة وقصص حب قديمة تجعلني أأكل أصابع يدي ندما وحزنا.

كل شيءٍ محكوم عليه بالموت حتى شهادات الخبرة..والتزوير يستعمله الناس بشكل علني وصارت الحشيشة تباع كما يُباع الأسبرين أو الريفانين, كلمات في داخلي أود أن أقولها ولكنني أخجل منها,وأخجل من اسمي وعنواني ومحل إقامتي...يدي لم تعد قوية وأعصابي لم أعد أسيطر عليها كما كنت في الماضي,الآن أنا رجلٌ ضعيف جدا وهدفا لكل المخربين والقنبلة انفجرت في قلبي فأصبحتُ منذ اليوم أفتش عن أشلائي وعن أجزائي الضائعة هنا وهناك,ولم يعد الصبر مفتاحا للفرج بل لمزيدٍ من الأحزان والآلام والوقت يمر بسرعة والناس هي الناس ومنذ ربع قرنٍ لم يتغير أي شيء.

تاهت الأفكارُ مني...وضاعت الكلمات..وتبدلت الحروف...ولم أعد قادرا على القراءة ورغم أنني أتطور بسرعة في كل يوم إلا أنني أشعر بأن الناس يسمون تطوري بأنه لا يحمل أي مبدأ, رغم كل ذلك ورغم كل الصعاب أنا أبحث عن الحقيقة الضائعة الحقيقة التي ما زالت غامضة, فقبل أن آتي إلى هذا المكان لا أعرف أين كنت..آهٍ ليتني أحمل الإجابة على هذا السؤال وليتني أكتشف سر الموت والحياة وليتني قادرٌ على حبس دموعي حين تغمرني الذكريات العارية والصور القديمة والمدهشة,وخصوصا تلك الصور التي كنت مخدوعا فيها فخلف ابتسامة تلك المرأة غدر وخيانة بأرخص الأثمان.

امرأة عربية تقف في سقف حلقي...وطفل شريد يحبو حول جثة أمه الشهيدة التي ماتت بدون أي ذنب..ومنظر الأطفال اليتامى يذكرونني يوم شعرتُ بأنني يتيمٌ وما زلتُ يتيما.

أعصابي لا تحتملُ كل هذا الحزن وكل تلك المآسي ووجهي أصبح ملطخا باللون الأحمر من كثرة خجلي ومن شدة أرقي وما زلت على الطريق أحتسي بسيبجارتي وحين أصل إلى البيت أتمدد على فرشتي لأنام نوما صاخبا ولأصحو على أصوات صاخبة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاري
- أنا إنسان فاشل
- إبرة مخدر
- هذه هي حياتنا
- هل تريد أن تحكم مصر؟
- أنا مثل إسرائيل
- اللعب مع الكلمة
- جهاد في عالم الضياع
- اليوم الذي كنت خائفا منه
- الكل مشهور
- ألم الحرمان
- الأصدقاء المزيفون
- رحلة العذاب
- الإنسان مخلوقٌ فوضوي
- مساعدة الفقراء تؤجل الثورة
- كيف يختار الله الرسل والحكام وكبار رجال الأعمال
- العبور من ديانة إلى ديانةٍ أخرى
- سنه حلوه يا ثقافه
- الخلوة أحيانا ضرورية
- الدين بين فشل المنطق ونجاح الإغراء


المزيد.....




- سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص ...
- السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
- النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا ...
- لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت ...
- فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
- -حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م ...
- -الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في ...
- -حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد ...
- اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا ...
- روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - صورتي2