|
هل يتمكمن العراق ، ان يتحول الى مشروع حضاري ، لدولة مواطنة ، متى ؟
فرهاد عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 4007 - 2013 / 2 / 18 - 01:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العراق ، منطقة تعتبر منطقة انتقال بين المنطقة الصحراوية الجافة ، والفقيرة بمواردها الزراعية والمائية ، ورطوبة منطقة البحر الابيض المتوسط المتسمة بجبليتها ، لذا كانت منطقة ربط مواصلاتية بين قارات اسيا ، اوربا وافريقيا، ولكونها منطقة خصبة صارت محط جذب بين اقوام الشمال والشمال الشرقي ، ( الكوتيين ، الكاشيين ، الفرس الاخميني والفرس الساساني ) والغرب والغرب الجنوبي (الاكديين ، الاموريين ، الاراميين والعرب). العراق اسم تاريخي استخدم لاول مرة في العهد الكشي بلفظة أريقا ، الا ان اوضح استخدام لمصطلح العراق كان في العهد الساساني ( لمجموعة بشرية سكنت ارض وادي الرافدين ، ساهمت في اغناء الشرق الاوسط بل والعالم بمقومات فكرية ، فلسفية ، ) ومنه كانت الانطلاقة المدنية لتطور السلوك البشري على مر الزمن . كانت هذه المقدمة بتركيز لماضي سحيق ، دون الدخول في تفصيلاتيته والتعلق بماضويته ، كي اتوجه الى المهتمين بحاضره وتماوجه الاقتصادي السياسي ، في قراءة سريعة ، لواقعه الاني ، نحو افاق المستقبل. هذه المقالة المختصرة حوارية بين المهتمين ، لتبيان الاسس التي من الممكن ان يتحول فيه العراق الى مشروع حضاري ، لدولة معاصرة في مفاهيهما الانسانية ، كيف ؟ ومتى ؟ موقع العراق في الصراع العالمي ان تجاذبات الاقتصاديات العالمية بين الكتل الكبيرة ، الولايات المتحدة ، اوربا بالاضافة الى بقايا الشرق الاوربي الذي سيلتحق آجلا ام عاجلا بشقه الغربي )، الصين ، اليابان ، وروسيا ، هي صراعات استحواذ على خزائن الارض ، وتطويعها كل لمصلحة شعوبها بما يعتقد به القائمين على سلطاتها ، بالادوات المتوفرة لديها ، منطقة استحواذ المصالح الامريكية ، مهما حاول المتفلسفين في سدة الحكم في العراق تبرير المع والضد من هذا الالتحاق ، مثلما نعرف جميعا ان دولة قطر هي التي تدفع المال الى حروب الخريف العربي ، هي وبعض دول الخليج تسخر كل الامكانيات متوافقة مع المصالح الغربية لتطويع المنطقة كلها لاراداتها الاخوانية الاسلامية هنا وهناك ، فالعراق في البيع والشراء السياسي الاقتصادي تصب في هذه الخانة ، لذا كانت هذه المقدمة مختصرة ، لاني ابتغي من هذه الحوارية ، التركيز على الداخل العراقي ، ومكوناته ، دون الاشارة الى التاريخية الزمنكانية لهذا العراق ، وهي تجاذبات في التبرير والتفسير والاحقية لكل من يريد بهذه الشأن ، ولا يتسع له متجه المقال هنا . لذلك سيكون منطلقي هنا ، الداخل العراقي وربطه بمتسعه الاقليمي الدولي العالمي ان استطعت لذلك سبيلا . تكوينات العراق الكتابة هنا عن تكوينات العراق ، سيشمل السطح السياسي والبنية الاجتماعية الحالية وتجاذبات الشارع وفق ما اتبينه حاليا ، محاولا ايجاد الارضية الموضوعية ، للطرح بعيدا عن شعارات اقطاب السلطة ا والذين يريدون التمكن منها وهم خارجها وبدون الانحياز لنفسي وفكري السياسي . وساستثني في طرحي التحدث المطول عن القوى المسلحة العنفية والارهابية ومموليهم الاقليمين ، وكذلك دعاة المقاومة الظاهريين منهم والبواطن ، لانهم حالة عبثية موجودة لا تضيف الى واقع العراق الا عاهات اقتصادية اجتماعية لايصب في مصلحة شعوب العراق ، ليس الان فقط بل وحتى في المستقبلين البعيد والقريب ، لانهم وفق مفهمومي لديدنهم في شقه الاول الحالة السلفية للتخلف الديني الاسلامي ، الذي يعمل من اجل العودة الى الخلافة الاسلامية مستخدمين سلطان الله في الارض ونصوص الكتاب مقدسا لسوط ظهورنا وهي التي استعمرت المنطقة ، خمسة قرون ، لحين تحرر الشعوب من سطوة السلطان العثماني . وكذلك المعتقدين باهليتهم لقيادة المقاومة التاريخية ضد المظلومية السلطوية لاحقاق الدولة الدينية بالمعيار المغاير وبافقه الاخر . اما الشق الاخر منه فهم الذين تمكنوا من السلطة مستنبطين انبعاث التراث الماضوي العربي الاسلامي ، مستحوذين على خيرات العراق مدة مايقارب الخمسة عقود ، نرى نتائجها في ممارساتهم للعمل السياسي في واقع العراق والذي ادى به الى هذه الكوارث الاقتصادية الاجتماعية ،والتي نستطيع ان نقول بانهم كانوا السبب الاساس في قبر المشروع النهضوي الانساني في العراق والمنطقة . لذا لا اريد الاطالة والاسهاب في هذا المنحى. الحقيقة غير المدركة بتصوري والسؤال المطروح هو : هل قاد العراق خلال حقبة الجمهورية وبعدها فكر المدنية المعاصرة لزمنها ؟ ، اي الفكر الذي ترعرع في سلوكيات حاضرة المدينة تاسيسا على التجارة والحرفة والصناعة بما تحملها من بعض السمات الايجابية ، عن حاضرة الريف بتفصيلاتها الاجتماعية والاقتصادية التي تاسست على الاستغلال والاستعباد ؟، لانني انطلق من ان القيادة الدولتية لم ولن ترى في ذاتها ، فكر الادارة المدنية المعاصرة ، لا في سلوك الافراد المتسلطين الذين قد يكون لهم اثر لدرجة الهيمنة على ترجمة الفكر , ولا في منطلقات الفكر نفسه لما فيه من استعلائية وعنصرية وماضوية لم يستجيب لنواحي التقدم السائر في تفرعات الحياة . لذلك اوجزالقول هنا بان كوارث العراق الاقتصادية الاجتماعية الادارية ، هي نتيجة ممارسة بعض عناصر الحواضر الريفية وبسلوكية العقلية الانتقامية للفكر العروبي القومي ، في ذات ممارساتها المتخلفة النابعة من الثار والانتقام الذي تمليه تخلفات الخصامات الريفية بعض الاحيان لعقدة تركيباتها القبلية العشائرية ، كعامل ذاتي في تركيبة الذين تمكنوا من السلطة بعد الزعيم عبد الكريم قاسم اولا. وفي عدم وضوح الرؤية الفكرية للقائمين على السلطة في جانبها الموضوعي ، مما ادى الى تجذر المشكلات وبعمق داخل المجتمع العراق ، حيث يلاحظ هذا في شرخ كبير, يتضح معالمة في سلوك افراد الشارع اليومي الان ، ويتضح اكثر في افراد احاديات هذا التكوين الاجتماعي ثانيا . لذا نستطيع القول بانه في الوقت الذي استطاعت فيه شعوب نفس الحقبة الزمنية من تجاوز ازماتها بالارتقاء الى ما نجدهم عليه في بلدانهم من تطورمدني متراكم بعد حروب وكوارث ، اهلتهم الى قيادة الحركة الاقتصادية السياسية في العالم ، نجد في ذات الوقت عودة مجتماعاتنا الى تراكم سلبي في كياناتها فكريا ، يدخل في صلب تفاصيل حياتها اليومية ويلاحظ جليا في ممارسات الافراد والمؤسسات والاحزاب في هذا البلد الذي يعتبر مهد اولى المدنيات التاريخية ، لا ينفع معها نواحنا في ثنانيا التاريخ المغبر ، وفي ثنايا الكتب التراثية والفلسفية ، وهي التي لم يستطع الدارسين لها الى تقويمها نهجا وممارسة في يوميات هذه المجتمعات وبقت شعارات لمستفيدين يستخدمونها كما يستخدم العطار لعلاجاته الشعبية لامراض سرطانية بقوة وسحر الارادة المقدسة ، وكما يمارس المشايخ طقوسهم لاخراج الشيطان والجن من المرضى النفسيين وذلك بممارسة الاضطهاد الانساني بحقهم ، لانهم يرون في سلوك الانسان الجن السئ او الشيطان المنبوذ بمواصفاتهم اولا . وانهيار اقتصاديات هذه الدول وتردي احوالها الاقتصادية ، ونهب مبرمج لخيراتها وكنوزها ان كانت بجعلها سوقا استهلاكية لبضائعها ، او جعلها تابعة في السياسية والمال والاقتصاد ، الا من شعارات براقة وطلاء ملون زينت واجهات دول تحولت بفعل الممارسة الى دكتاتوريات ، طاردتها القوى التي اكتشفت بعد خمسة عقود من حكومات وطنية تحررية تقدمية ، بان بشر هذه البلدان تتعرض الى القمع المبرمج ، لتنهض مدافعة عنها وتبقي قبليات منظمة بواجهة كانتونات تابعة لها ، تمارس الدونية بحق افراد مجتمعاتها ثانيا . الدولة والعشيرة لم يكن القوم ، القبيلة ، العشيرة ، كهلامية متمكنة من حاضر المدينة بهذا الشكل قبل قيادة الزعيم الفذ عبد الكريم قاسم ، لكنه وضع بنيتها الاساسية دون قصد في هجرة الريف ودون قراءة لمستقبل القوم المحيط به ، حين ارسى دعائم لتجمعات سكنية للفقراء المعدمين القادمين من الريف الي المدينة ، رغم ان حقبة سلطاته كانت نصرة لهؤلاء المعدمين في اريافهم واتاحته الامكانيات لاستثمار جهودهم في الارض ، لكن اجهاض المشروع اياه ، قضى على حلم الحواضر الريفية لتطوير الزراعة باستثمار الارض والماء والمكننة ، فضاعت بذلك الفرصة التاريخية لبناء العراق زراعيا لما تملكته الطبيعة في العراق من ماء وشمس وارض وطاقة بشرية ، والتي ادت اليه فيما بعد الى زحف جماعي من احاديات المجتمع الريفي الى المدينة والتي ارتضت العيش في ظلاميات المناطق الشعبية ظروفا وفكرا للاغلبية الساحقة . واصبحت هي بذاتها مشروع استثمار لمروجي الافات الفكرية والممارسات الطقسوية الغيبية التي وجدت فيهم ارضا خصبة نتيجة الظروف الاقتصادية التي كانوا يعيشونها ، فتحولت الارض الى مناطق شاسعة غير مستثمرة بتخطيط ممنهج لمستقبل العراق زراعة ، وهدر لكل مواردالعراق المائية والحرارية والبشرية طاقة ، سيطرة الجهل وتعشعش الفكر المتخلف في البنية الاجتماعية التي توارثها الافراد من بواطن احادياتهم التي كانت تقودها رموز الحقبة السرية في النضال ممارسة ، والتي لم تستطع نماذجها المثقفة الراقية الى تجاوز ازماتها البنيوية ثقافة ، حيث مهدت بالنتيجة لبروز الرموز البعيدة عن المقومات المدنية فكرا وثقافة وممارسة سلوكا ، فانتعشت معها الطقوس والممارسات ذوالمنحى السلبي دينا. كانت تلك الحقبة ثمرة اولى لرجالات اتسموا بصفات قاطعي الطريق والبداوة الفكرية وممارسات الاجرام الاحترافي في صنعته العقدوية النفسية ، الا وهي رجالات وعصابات الثامن من شباط والتي حاولت ان تتصدر الفكر القومي العربي في مواجهة ما ادعتها بالشعوبية ، وفي الواقع دشنت اولى علامات محاولة اجهاض المشروع النهضوي المتمدن في العراق وخلقت ارضية لبروز حروب كارثية في المنطقة برمتها . وضياع للكثير من ثروات الارض العائدة للاجيال القادمة . بينما كانت الحقبة الزمنية نفسها حقبة تطور لشعوب استطاعت الاستثمار في اقتصاديات ، اجتماعيات وفكر افرادها ، وهي تلكم الدول التي تجاوزت كوارث الحرب العالمية الثانية ، ففي الوقت الذي استطاع فيه الفكر القومي عالميا في بناء دول راقية المعالم في مجالات الحياة المختلفة في بلدانها، جاء الفكر القومي العربي في بلدنا العراق باولى الكوارث والتي نلمس نتائجها في عراق اليوم لحين عام السقوط المريع لرموز الدولة الفاشية القومية في العراق فكرا ودولة تمهيدا لمستنقع نجد انفسنا فيه الان . بينما اتضحت عفونة فكرها القبلي السلفي الغيبي في مايسمى بثورات الربيع العربي والتي نالت من حكوماتها الوطنية التحررية المستقلة في حقبة الخمسينات ، والدكتاتورية القمعية بعد ما يقارب الاكثر من خمسة عقود ، فبان خريف الشعوب في ربيع السلطنات . فهل كانت صناعة بامتياز ؟!، نظرية المؤامرة ، ام هي نتائج التطاحنات القبلية التي لم ولن تسلم منها المنطقة بسهولة ، بقيادة امرائها وملوكها القبليين تحت ستار الوازع الديني وبتكلفة من الله لولي الامر ، من خادم الحرمين الى خادم المشروع الاسرائيلي ولي الله في دولة قطر وبمباركة اخوانية من لدن المرسي ورفقة النهضة التونسية الى النصرة في سوريا ، وشعارات الله اكبر في ليبيا ، والتي تقابلها ولاية الفقية ومرشد الامة الروحي في ايران . وهنا علينا ان نتوقف قليلا لنسال انفسنا هلا اسلامهم هذا يمثل الحل لمشاكل المنطقة ؟ ام انه اضافة اخرى وتسهيل امر للقادم لنهب كنوز الارض ، تحت يافطة الله اكبر والعزة للعرب المسلمين وتقاتهم الاعاجم في نصرة الدين في كل مكان ؟! لذا السؤال هنا في العراق هل كانت الازمة في بنية المجتمع ام في فكره ام في ماسمي بطلائعه ؟ . اي هل العشائرية القبلية متأصلة في بنية المجتمع العراقي ، ولم يستطع تجاوزها ، ام كانت الدولة مستثمرة فيها ، لدرجة تمكنت هي من قيادة الدولة واحتوائها ؟. الدولة ، العشيرة ، الدين يتضح لمن يتابع المسيرة السياسية والحراك الاجتماعي في العراق بان القومويون واحلامهم العروبية ورموزهم قد باؤا بفشل بناء الدولة المعاصرة ، (وكي لانستثني احدا نتمنى ان لايحذو حذوهم الكرد في العراق ، بفارق ضئيل لبعض التفاصيل الصغيرة في البنية المجتمعية ، وتركيبة الاحزاب القبلية ومجموعات المصالح المنتفعة ذاتيا ) ، وذلك من الوهلة الاولى لسطوة الظلامية البعثية في عام 1963 ولحين قياداتهم الحالية المحتفلة بذكرى ما سمي بعروس الثورات ، بل والاستثمار بنفس الاتجاه رغم تعدد الانشطارات عبر العقود الماضية ، ورغم الانهيارات الفكرية النفسية ، والهزائم المتتالية لمقومات وجودها ، وهدر الطاقات البشرية والموارد المخزونة في عائديتها لاجيال المجتمعات القادمة . نحن نجد ان حقبه الاخوين عارف كانت علامات امتداد لبعض المدنية في السلطة حاضرة في شخص بعض القيادات لحواضر الريف في المدينة وعزلة الحاضرة المدينية بحجم ضيق في السلطة لحين الانقلاب البعثي واستلام السلطة مرة اخرى ، والتمهيد لليد الخفية في استنزاف ثروات الارض ، اذا ان النتائج السياسية المروعة هي من لدن البنى الفكرية لطلائع الشعوب ، والتي يتضح لنا جليا بانها المطية الاصل لمشروع تحطيم البنى التحتية لمجتمعاتنا ودويلاتنا في المنطقة . اذ تمت تصفية العناصر المتمدنة والكفوءة في الدولة ، لدرجة انصاعت فيها كوادر وكفاءات داخل الفكر القومي في العراق الى سطوة خمسة من ضباط الصف الملتحقين بحلقة الرئيس السابق والمنحدر اصلا من طبيعة البداوة المنتقمة لذاتها من ذاتها ، لتكون مقدرات شعب العراق بكل امكانياته وكفاءاته تحت سطوة الحكم الذي مثله رمز الرئيس السابق ومن حوله ، رغم توفر الامكانيات الاقتصادية والمالية الهائلة اضافة الى الموارد البشرية ، ورغم دعم الدول المتمدنة لهيكلية هذه الدولة التي لا نستطيع ان ننكر تراكم خبرة الادارة المكتسبة في شخص الرئيس السابق وحاشية الكفاءات المستقطبة الى حواش السلطة في الظاهر والمنقادة لضباط صف لايمتلكون خبرة ادارية متمكنة من قيادة كفاءات العراق بعرفهم العشائري القبلي ، اذ اصبحت الدولة مفصلا في العشيرة ، وتابعة لها . فهل كانت العلة في الانقياد الاعمى لكفاءات العراق لضباط صف اميين ، فكرا وممارسة ؟!، ام هي احترافية القتل لدى هذه المجموعات؟! ، ام هي بداوة وتخلف الفكر الذي كان ومازال ينبع من ماضوية الانتقام والثار والاستعلاء على شعوب العالم ، ان كانت متمثلة في حاضر دينها او اواصرها الاجتماعية و في تربتها الانسانية الجافة في الصحارى القاحلة ؟! ام هي هذه العوامل مجتمعة ؟!. لذلك كان واضحا جبروت الدولة القومية بالامكانيات الهائلة والدعم الخارجي في هيكليتها ، بقيادة فكر العشيرة في باطنها ، في المقابل كان الشارع يموج بالفكر الديني المتجذر اصلا في حواضر الريف وقبائلها وعشائرها ، وزحف هذه العقدة الاضطهادية على الشارع ، بالذات في المناطق الشعبية الممتدة على مساحات واسعة في العراق نتيجة سطوة المتملكين للسلطة واستحواذههم على كل شئ وحرمان الاغلبية الساحقة من خيرات العراق. فكانت النتيجة جموع تعاني من عوز وفاقة متوجهة في سرها لبارئها ممتثلة لتعليمات القائمين على الوساطة بينه وبين الشارع من امراء السلف الصالح وولاة الفقه ، وانحسار في مدنية الفكر وممارساته وعقليته ، حتى طغىت اشكال وعناصر التخلف الفكري الاجتماعي كل الواجهات الاعلامية وكل المنابر الكتابية ، بينما زحف في الباطن على منابر الجوامع والمساجد لدرجة صارت عناصر الفرد المجتمعية تحاول حماية نفسها من سطوة الدولة بعدم ممارستها للضد السياسي ، والتبعية للحزبية العائلوية العشيرية القبلية في الظاهر ، وتحمي نفسها بوحش كاسر من قسوة وحش ناهش . وبالتالي صار الرمز الديني رمزا للحيلة والتحايل على النص الديني ، والعسكرة المجتمعية رمز الجبروت والطغيان والانتقام ، بينما تمثلت الخبرة الاجتماعية في احياء القبلية العشيرية ورموز الواحديات المجتمعية ، فكان حلفا مقدسا بين اركان ثلاثة ، باطنا وظاهرا ، فتمكن ضياع الاخلاقية الاجتماعية من قواعد وبنية المجتمع ، وتحول بذلك الى كوارث وعاهات اجتماعية ، بينما تمكن عهر الفكر السياسي الى تدمير امكانيات وموار الدولة ، بالاضافة الى ما لعبه الحصار الاقتصادي المبارك من لدن الاكثرية السياسية القابعة على دسة السطلة ، من دور في اعاقة مناحي التطور الاقتصادي المالي ، فساهم بشكل جلي في تخلف مجتمعنا ، اقتصادا ، اجتماعا ، سلو كا ، لدرجة اصبح الجهل سيد الموقف انذاك وقيادته الان ، وككل كل الطفيليات صرنا مجتمعا بلا انناج بل نعتاش جميعا على باطن الارض ، ناهبين خيرات الاجيال القادمة الذين سنتركهم لزمن اقسى اجتماعيا واوحش استغلالا . حالية الدولة ، احزابها ، عشيرتها دينها وديدنها يعرف الكثيرون بان رئيس عراق ما قبل السقوط ، بدأ نشاطه السياسي عنيفا وهو الناشئ في رحم القبلية الريفية ، ثم ممارسا لطقوس سرية المؤامرات قبل السلطة ، ليتملك سرها حزبيا ، اقليميا ، دوليا ، حيث بدأها من سطوته على المكاتب الفلاحية العمالية في عصابة حزبه ، وتمكنه فيما بعد بنسبة دخله في النفط لغرض تطوير كوادره من قاع المجتمع ، فكرا وتمكنا للثار والانتقام ، والتي تربت في تلك المكاتب على يده حزبيا ومن ثم ليدفعها الى الاكاديميات في الشرطة والعسكر ، ومن ثم بمساندة ارقى التقنيات والخبرات العالمية المستفيدة من الخزائن العراقية ، وامتداد هذه الكوادر المتصفة بصفات مربيها وبامتداد افقي على مساحة العراق الواسعة في كل مدارات اجهزتها الامنية العسكرية المخابراتية ، لدرجة صار فيها نائب الرئيس أنذاك صدام حسين ، القائد الفعلي لهيكلية الدولة في الباطن من خلال امتداد الكوادر في مفاصل الدولة ، وهي التي اتصفت ، بقبليتها ارثا وانتماءا ، وبقسوتها انتقاما وعنفا ، سلوكا وممارسة ، وبتخلفها الاحادي الجانب فكرا وعقيدة ، وبالتالي تم صناعة مجموعة كبيرة من القتلة تحت يافطة الحزب الواحد العقيدة الواحدة ، وهي فكروفلسفة وارث القومية الاستعلائية الفاشية الماضوية الى ارث رسالة الامة العربية الاسلامية . وبالتالي ولسيطرة الحنديرية الحزبية الاحادية الجانب ، انتشرت التربية الاستعلائية الفاشية الماضوية في الاطر التعليمية ، لدرجة صارت منهج وفكر وفلسفة دولة ، تتوق لان تصبح عظمى بماضوية الامة ، على حساب ضياع خيرات الارض العراقية ، وافقار مجتمعه ليصبح فيما بعد خامة من الجهل الفكري الفلسفي ، تعتاش في مستنقعه الغيبوية الطقسوية وتحالف القوة والتخلف والغيب ، وسلوكيات اجرامية بعيدة عن دعاة المدرسة الدينية السمحة بشقيه الخلافي الممتد من اول الارتداد بعد رسولها ولحال يومنا . لذا ان ظروف منشأ الفكر السياسي وفلسفته احزابا وافرادا هي تلكم الظروف التي عانى فيها الانسان الفرد ، اغترابا سلبيا ، انسانيا ، ليتحول غالبيته الى دكتاتور ، عنيف ، قاسي ، جلاد ، جاهل ، مضطهد (بكسر الهاء)، ممارس لسطوة حزبية ازاء القواعد ، مفكرا مبدعا في ظاهره ، مناضلا ، مقاوما سياسيا ، اعلاميا ، متفردا في تصوراته ، وقياديا في حزبه لمجموعات امبراطوريته الحزبية ، امبراطورا في مملكة الحزب الفارغ فكرا وفلسفة ، وهي ظاهر الذات المغتربة في عفونة واقع متفسخ طائع تابع حفاظ على المصلحة الذاتية . مقموعا في واقعه ازاء دكتاتورية القائد الاسطورة ، انتهازيا محافظا على مصلحته في التسلسل الحزبي ، متامرا ، فظا ، قاسيا في سلوكه ، مضطهدا لذاته في الخفاء ، في ازدواجية جدلية بين سلوك الضحية والجلاد ، فارغا في كتاباته ، فاسدا في سلوكه لكنه تابعا لقائده ، ولا يتجرأ النقد او اتخاذ موقف مغاير للامبراطور القائد. نلاحظ ان احزاب الواجهة في واقع عراقنا ، الا ما ندر منها ، هي احزاب تتحالف في باطنها وهيكليتها ، مجاميع العشيرة من القوة والممارسة ، بفكر العقدة الضحية ، برؤيا تنظرية ما ضوية ، وتبعية نفس انتهازي لمصلحة الفرد والجماعة الحزبية بمباركة الغيب المقدس . فصارت فر صة الفراع السلطوي لسقوط الدولة شكلا والعشيرة مضمونا ، وبمباركة السيد الامريكي وحلفائه مستغلا ، خبرة عسكرية ، احتلالا ، وتحررا ، لتحطيم بقايا الدولة ، وبناء اجهزة عسكرية ( الفرقة القذرة وغيرها ) ، واجهزة مخابراتية امنية ( الشركات الامنية ) ، وبناء امبراطورية للنهب والسلب (شركات استثمار ، وشركات وهمية ) من خلال وفرة استخراج النفط ، وبواجهات واهمة لعمل ديمقراطي في الظاهر الاعلامي والسياسي . الا انها مازالت متصفة بصفات التخندق ، وبعقلية التامر على بعضها ، وبعقدة الاضطهادية المتحولة الى السلطة الدكتاتورية الجلاد ، وبنهب مبرمج موزع بشكل مدروس بين الفرد القائد الحزبي السياسي والمسؤول الموظف ، وبين الحزب ، ومن خلاله رموز العشيرة الموجودة على واجهة الحزب ، لان الاحاديات العشيرية المتمكنة من مفاصل الحزب ، هي التي دفعت برموزها الى الواجهة ، بحيث اصبحت القيادة الحزبية ، انعكاسا لحقيقية في بطانة الحزب المتكتل عشائريا بعد نزوح الفكر , الفلسفة عنها ، كارث واقعي مكتسب من الفترة النضالية المنصرمة ، في فراغ الدستورية الحزبية بوضع الانظمة الداخلية على الرف ، وتحول الاحزاب الى ظاهرات صوتية دستورية فكرية ، ومصالح مجموعات عشيرية باطنا ، في فراغ للفكر السياسي ادارة ، والاخلاق الاجتماعية تخندقا ، في محاولات مستميتة للاستحواذ على السلطة والمال العام ، باعتبارها فترة ، لايسودها قانون ومنطق ، بل هي فترة غياب المنطق لبناء دولة ،. لذلك تم بناء هيكلية بنفس عقلية الحزب الواحد القائد ، وبنفس اسلو ب التمكن من افراد القاع لبناء تسلسل درجات وظيفية تابعة ، متمكنة نتيجة الترقيات الوظيفية لمفاصل البناء الهرمي لدولة فاشية احادية المنهج والمذهب في الباطن ، وديمقراطية صوتية (اعلاميا – سياسيا) في الظاهر ،اي استخدام هذا الفراغ الدستوري مؤسساتا ، والتخبط في الواقع سياسيا ، والتمكن من الوقت وبناء السلطة بمقاس باغيها . فهل تخبطنا في عراق الواقع السياسي هو بنيوي في منشأه العشيرة ، التخلف والجهل اجتماعيا ، الجدلية المتلازمة ضحية متسمة بصفات جلادها سلوكا ، مستفيدا يبتغي الاستحواذ على السلطة (طائفيا ، قوميا ) ؟! ام صناعة بامتياز المقتدر المستغل (بكسر الهاء) عالميا ، من خلال صراع دول اقليمية بعناصرها الدولتية الفاشية ، بمصالح عليا قومية المنشأ ، وامتدادات لها في الجهل السياسي لواقع العراق بانحسار الوطن الملتقى ، المبتغى ، المنتهى، وبالتالي تحول بعض هذه الاحزاب الى مجسات سياسية بافتعال الصراع الماضوي الديني لما بعد الرسول في الواجهة ، متجسدة في شعاراتية مستغلة في واقع جهلنا لقيادة جموع الى حتفها في الباطن ، ومدافعة عن المقدس المفتعل في الظاهر . اذن هل نستخلص من هذا الطرح السريع لواقع عراق جمهوري ديمقراطي تعددي مر ، بان قدر العراق والعراقيين ، بايد خفية منذ ما بعد العهد الجمهوري الاول ، بتزاوج عناصر ( القومية ، العشيرة ، الغيب المذهبي في الدين ، وافراد الاغتراب السلبي ) ، رتب عقد نكاحها متعة ومسيارا ، في عقدتها الدونية المقتدر الاعظم ، عارف العقد وحلالها ، مستغلا ، ناهبا ، لنصبح جموع من الفقراء مغيبين ، مشتريات بطاقة صوتية مستهلكة في صناديق الواجهة الديمقراطية المصنوعة بامتياز . هل العلة في صناعة الديمقراطية ، ام في افرادها ، احزابها ، منشاها ؟! وهل هي ظاهرة في واجهة احداث المنطقة لم تكتمل عناصر بنائها بعد ، ام هي جهل الممارسة في دهليز الواقع المؤسساتي الممذهب بعناية في عراق اللادولة ؟! واخيرا هل يمكن للعراق ان يتجاوز ازمته !، ليتحول الى مشروع حضاري ، لما فيه من عناصر ارض ، مياه ، طاقة وموارد ، ام سيكون امتدادا لمفاصل الماضي ، في غيبة صغرى ، تفضي الى الغيبة الكبرى ، بانتظار لعنة السماء أو عدالته ، ونحن نجتر احلامنا المجتزأة جيلا بعد جيل ، وكنوز الارض تذهب لمن له خبرة في ادارتها واستغلالها؟! لمصالحها الاستراتيجية العليا.
فرهاد فيلي
#فرهاد_عزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة الطائفية المسيسة والدروع البشرية
-
الفيليون قضية دولة العراق بعد قرارالمحكمة
-
الفيليون ليسوا ملفا على الرف
-
الدولة والدين
-
اسئلة بين سطور الخبر
-
العائدون لكن دون اشلاء
-
تفعيل عمل الجالية العراقية المشترك في الدنمارك مهمةاحزاب ام
...
-
اربعينية فنان الشعب الكردي الراحل محمد جه زا
-
مجلس جالية مهمشة الحضور الا من كلمات المناسبات
-
حلم جالية عراقية في الدنمارك لم تتجسد على ارض الواقع
-
قداس في الكنيسة تابينا لارواح شهداء كنيسة سيدة النجاة
-
أنا مع الله لكن اي اله ؟
-
الجالية العراقية في الدنمارك ومجلسها
-
رسالة من عاشقة
-
بيان هام
-
حول مؤتمر الاتحاد الوطني الكردستاني
-
شر البلية مايضحك
-
دعو البشر ليوم يكون فيه الله خير محاسب .. يامن تتحدثون عن ال
...
-
المقدس بممارسة روحية مع الله لا غير
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|