|
الثورة السورية تكشف حقيقة أوباما
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4007 - 2013 / 2 / 18 - 00:49
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
الثورة السورية تكشف حقيقة أوباما ************************ كل يوم تكشف لنا الثورة السورية المجيدة حقيقة أخرى عن فلسفة عصرنا هذا ، وأهم ما قد يستشفه المتابع من تعثر الحل في سوريا الرمز ، هو هذا الخواء الأخلاقي الذي أسسته الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها آخر امبراطوريات التاريخ الانساني بالمفهوم التقليدي لمبراطوريات التي تتحمل عبء قيادة العالم في زمن ما ، وفي حقبة تاريخية ما من حقب الصيرورة الانسانية . فهي الدولة العظمى الوحيدة التي لم تتأسس على بعد فلسفي وفكري ذي صبغة انسانية . واعتمدت في قيادتها على السلاح والمال دون غيرها من البنيات التي اعتمدتها مثلا الحضارة اليونانية والاسلامية والأوربية . وقد تجلت هذه الحقائق بكل صدق في تطورات الثورة السورية ، فلا أحد يعترض أن الادارة الأمريكية في بعدها الناتئ الجلي -الرئيس الأمريكي - هي التي عرقلت تسليح المعارضة الثورية بأسلحة نوعية ، ومعلوم أن البنتاغون بقيادة الجنرال ديمسي ، ووزارة الخارجية بقيادة هيلاري ، والاستخبارات بقيادة بانيتا ،كانوا من المتحمسين لتزويد الثوار بما يكفي من العدة والعتاد ،وما يستلزم ذلك من اللوجيست والاستراتيجيات ، لكن البيت الأبيض ، ممثلا في أوباما كقيادة ناتئة ، عارضت هذا التوجه ، ضدا على رغبة وارادة حلفائها من الغربيين ، وخاصة انجلترا وفرنسا . لكن السؤال العميق هو هل فعلا يملك الرئيس الأمريكي صلاحية اتخاذ مثل هذا القرار بحجة التفرغ الى المشاكل الداخلية واعادة تاهيل الاقتصاد الأمريكي ، والتخفيف من الآثار الكارثية لمغامرة سلفه الأرعن والغبي بوش ؟ هذا ما لا يصدقه الا غبي ومتخاذل . فالقرار الأمريكي قرار خلفي ، بمعنى ان من يتخذ القرار النهائي في القضايا الكبرى في الولايات المتحدة ، ليس هو الرئيس ، وان كان الدستور يبرزه كمسؤول أول عن جميع القرارات الكبرى في هذا البلد . وعودة الى الأرشيف تجلي لنا حقائق صادمة ، فأحد رؤساء الاستخبارات الأمريكية أظنه ألان ويلش كان يبتز رؤساءه بكشف أسرارهم ، الى درجة أن بعض القراءات تدعي أنه كان يدير البيت الأبيض من مكتبه الاستخباري . وهناك فيديو منتشر لأحد المسؤولين الأمركيين يفضح كيف تهيمن وتصنع اسرائيل سياسة الولايات المتحدة الأمركية من تل أبيب . وهنا تعود بنا الذاكرة الى تصريح قديم لأحد المسؤولين في وزارة الخارجية الأمركية ، وبالضبط في سنة 1958 . وكلما حاول رئيس أمركي أن يعتدل في موقفه اتجاه القضية الفلسطينية ،تم توريطه في قضايا فساد اخلاقي كما حدث مع بيل كلينتون ، بل ان رئيسا أمريكيا تم اغتياله لأنه فضح نواياهم وتغلغلهم في جميع دواليب الحياة ا لأمريكية انه مثال بسيط لافتقاد الرئيس الأمريكي لسلطة القرار حين يتعلق الأمر بالقضايا الكبرى ، وبالقضايا المصيرية حسب ايديولوجية فرسان المعبد الجدد -الماسونية -. وهو أيضا كوة صغيرة يمكن اعتمادها للنظر في موضوع كبير كموضوع الثورة السورية ، ومجمل العوائق التي تحول دون انتصارها . وبالانتقال الى الكوات الأخرى كي تتسع الرؤية ، سنجدنا أمام اشكالات حقيقية وخطيرة تقف دون حسم الموقف في سوريا ، وهوما يؤشر على المدى الطويل الذي قد تنهجه الثورة السورية لتحقيق أهدافها . وهنا نلاحظ كيف يتوازى الدور الروسي مع الدور الأمريكي ويتقاطعان في ديمومة الأزمة السورية ، وتحويلها الى فوضى عبر استخدام الأدوات العربية ذات الثروات الهائلة ، وتحريف دور تركيا من بلد داعم لقيم الديمقراطية الى بلد يغض الطرف عن تدفق الارهابيين والظلاميين الذين يتقاسمون هم أيضا نفس الرؤية التدميرية تجاه الحضارة الاسلامية العربية التي نهضت عليها فلسفة فرسان المعبد... والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، لماذا كان حماس الولايات المتحدة الامريكية أكثر وهجا في سقوط حليفها الكبير حسني مبارك ، في حين نلاحظ عدم الاهتمام بسقوط بشار ،ان لم نقل الاهتمام ببقائه ،وهو العدو المفترض حسب الظاهر من السياسة الامريكية والغربية عموما ؟ ومن اولويات العلاقات السياسية الدولية أن تهتم الدول بالعدو قبل الصديق ؟ فالقضية قضية مصالح كبرى وأهداف بعيدة ، وليس قضية علاقات عابرة . لا يتعلق المر اذن بدعم الديمقراطية ومحاربة الفاشية والديكتاتورية ، لازمة الخطابات الرسمية للبيت البيض ، بقدر ما يتعلق بمدى ملاءمة الاستراتيجيات الحقيقية والعميقة لدول الامبريالية العالمية ، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية . لماذا نستنجد بالولايات المنتحدة الأمريكية ، والجواب لأنها الدولة التي اشتغلت ولا تزال على خطط التدخل المنظم واسقاط الحكومات والأنظمة ، بكل الوسائل بما في ذلك تدمير جزء منها لتحقيق أهداف ضخمة ، كما حدث في تفجيرات 9--11- 200-11 . ومع انتقال بوادر الربيع العربي الى سوريا ، ونظرا لمحورية سوريا وموقعها الجيوستراتيجي ، وعلاقتها الغامضة بدول الجوار وبالكيان الصهيوني ، فقد تم اعتماد استراتيجية اغراق البلد في فوضى معقدة ، وتحريف الثورة عن اهدافها النبيلة في تأسيس ديمقراطية شعبية ونظام منفتح ، قد يعيد النظر في مجموعة من القضايا وعلى رأسها استرجاع الجولان ، الذي لم يطالب به نظام البعث ولو مرة واحدة . بينما نجد تنظيما صغيرا كحزب الله يسترجع جزءا هاما من الأرض المغتصبة . فالقضية بهذا الشكل لا تتعلق باليوطوبيات وبالشعارات مهما بدت عفيفة وانسانية ونبيلة ، بقدر ما يتعلق بأهداف ومصالح وعلاقات تحفظ للأطراف المنتفعة بنفعيتها ردحا من الزمن . وان على حساب شعب وحضارة وتاريخ ورمز .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استراتيجية البلد العشوائي
-
أمطار الجحيم -23- رواية
-
كان الشعر ولا يزال...
-
منتعلا أملي أمشي
-
الرويبضة...وضرورة الحسم
-
الاغتيال السياسي والرهان الخاسر
-
أمطار الجحيم -22- رواية
-
الغيب ليس من شأننا -قصة قصيرة -
-
المواطنة بالوصاية
-
أمطار الجحيم -21- رواية
-
موت حزب الاتحاد الاشتراكي
-
وصايا للغراب
-
نضج الثورة المصرية
-
أمطار الجحيم -20- رواية
-
أمة جاوزت مدة حمل حلمها
-
الفساد حالة طارئة
-
ارحلوا عنا فقد تعبنا من مهازلكم
-
أمطار الجحيم -19- رواية
-
انتقام اليوطوبيا
-
التفاحة لم ترث خطيئتها
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|