أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي آل شفاف - -المعاصرة- حقيقة واقعية وضرورة عقلية














المزيد.....

-المعاصرة- حقيقة واقعية وضرورة عقلية


علي آل شفاف

الحوار المتمدن-العدد: 1154 - 2005 / 4 / 1 - 10:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما يرى المولود النور لأول مرة في حياته, ينفجر باكيا لصدمته من واقع جديد, صرفه عن تفرده, وتوحد جميع مدركاته الحسية والعقلية بالانشغال به ـ ذاته. إذ ليس من ذات أخرى تنازع هذا التفرد.
وما إن يخرج هذا الوليد, وهو على الفطرة السليمة, كالصفحة البيضاء. يبدأ قلم الواقع الموضوعي بتسطير أحرفه في فكره وبنيته النفسية, ومن ثم السلوكية والأخلاقية. إذا ما تجاهلنا تأثير العامل الوراثي في هذه المرحلة.
إن الواقع الموضوعي المُشَكّل لفكر الفرد وبنيته النفسية, يتغير مع الزمن. وهذا التغير ناشئ من تراكم الخبرة, الناتجة عن توالي الأحداث المارة بالفرد أو المجتمع. لذلك ترى الفرد في كل عصر, يختلف في نمط حياته وسلوكياته, عمن قبله وعمن بعده, اختلافا بقدر الهامش المتوفر للإختلاف. أي في غير الثوابت التي بها يكون الإنسان إنسانا, أو حتى في غير الثوابت العقلية المشتركة عبر العصور.

لذلك فالفرد الذي يعيش عصره بفكر وعقلية سابقة لعصره, يُعَد متجاوزا لآثار التراكم الطبيعي لخبرات الفترة الفاصلة بين الماضي والواقع المعاش. مما يعني تجاوزا لأثر تكويني مر بالكون بصورة عامة, وبالمجتمع الإنساني بصورة خاصة. نتيجته أن يعيش الفرد فاقدا لعوامل تكوينية أو تركيبية في بنيته الفكرية والنفسية كفرد في مجتمع, أو كعنصر في كون وصل إلى مرحلة نمو معينة. هي مرحلة النمو الخاصة بذلك العصر ـ تحديدا.

وهنا يكمن تفسير الأثر السلبي للمحافظة, والجمود على قوالب صيغت في فترات سابقة. وهنا أيضا نستطيع أن نزعم بأن "المعاصرة" هي ضرورة تكوينية وبنيوية علاوة على كونها ضرورة فكرية واجتماعية.

وهكذا فالإنسان الذي لا يعيش عصره, بتراكماته الفكرية والاجتماعية عبر التاريخ, يخالف حتمية تأريخية ـ منطقية غير جبرية ـ في التطور والنمو الناشئ من تراكم الخبرة.

لا أريد أن أدخل ـ هنا ـ في خضم جدلية (إثنينية) "المحافظة" (الجمود), و "الحداثة". لكني ألمحت إلماحة إلى حتمية "المعاصرة", والتي تختلف عن "الحداثة" و "التجديد". لأن الأخيرين قد يمثلان انقطاعا في السلسلة الزمنية لتراكم الأحداث والخبرات. لذا تجد أن من يتبناهما يستخدم معهما مصطلحا (تكميليا), من قبيل "استلهام التراث". بينما "المعاصرة" تحتوي على الجمع الحتمي لخبرات الماضي, التي تنتج لنا ـ جدليا ـ مواصفات الحاضر.

لقد بدأتُ بهذه المقدمة, كمدخل لمناقشة الجمود والتحجر ,أمام لغة الضرورة ـ المنطقية الغير جبرية, التي تحتم الإنصياع العقلي لها. والتي بها يصبح الإنسان ابن عصره,وفرد من أفراد جيله ومجتمعه. ولا يكون فردا من (جيل سابق, يعيش في عصر لاحق).

وهذه ـ في الحقيقة ـ إحدى مشاكل المجتمعات المتخلفة, والجامدة, والمتحجرة؛ والمتقولبة في قوالب الأزمان الماضية؛والتي تعيش بقوالبها هذه عصرها الحاضر. مما أعدمها القدرة على المواكبة, والمجاراة للمجتمعات الأخرى,التي (تعصرنت) بدرجة ما.وأهلها ـ وبتفوق وجدارة!! إلى ما دون الدرجة الأولى في سلم الرقي والحضارة, في عصرنا الحاضر.

إن ما أدعو إليه هو "العصرنة" التي تمثل حبلا ممدودا, من أول يوم وجد فيه الإنسان على الأرض, حتى العصر الحاضر. وليست "الحداثة" التي تعني ـ إلى حد ما ـ الإنقطاع عن الماضي وتجاهل الخبرات المتراكمة, وهذا هو مكمن النقد الموجه لـ "الحداثة" من قبل "المحافظين" ـ ليس بالمعنى العرفي ـ أو دعاة استحضار التراث والماضي أو الرجعيين . . . الخ.



إن لدينا الكثير الكثير من مصاديق الجمود والتقولب, والتقوقع على ثقافات أنتجت لتناسب عصرها ـ ربما, أو وليدة عصرها, لكنها بقيت تُسَيِّر الكثير منا ومن أجيال سبقتنا ثقافيا واجتماعيا وسياسيا. لا لشئ, إلا للخمول والتقاعس واللامبالاة؛ وتقديس الماضي وأشخاصه, من دون تدقيق؛ أو تمحيص, وربما عدم الثقة بالنفس في إنتاج مماثل لما أنتج سابقا, من قبل مثقفي جيلنا والأجيال السابقة, التي أتت بعد الجيل المنتج ثقافيا.

وحتى يحين وقت ذكر ومناقشة هذه المصاديق, نبقى في طور المفاهيم. حيث أرى أن من الضرورة ـ العقلية المنطقية ـ أن نعيد دراسة واقعنا الثقافي والإجتماعي والفكري عموما, على أساس حتمية العصرنة. التي تعني: (المحصول) الفكري الحالي الناتج من تراكم الفكر الإنساني منذ نشأة الإنسان الأول, حتى يومنا هذا. وهو مفهوم حركي (ديناميكي) فعال ومنتج ومتواصل, يجعل الإنسان "ابن عصره".

ويختلف هذا الفهم "للعصرنة" عن الفهم الغربي لها, والذي قد يمكن تشبيهه بـ "الجزر الثقافية". حيث ينتقل الفرد في كل عصر إلى جزيرة جديدة خاصة بذلك العصر. وهذا فهم يجعل الإنسان وليد عصره فقط, وليس وليد الإنسانية, وحاصل إنتاجها الفكري والإجتماعي.

سأحاول في مقالات أخرى تناول بعض مصاديق الجمود لدينا, وفهمي لأسبابها وكيفية معالجتها.



#علي_آل_شفاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصور, التقصير, المؤامرة . . أيها يفسر منهج حكومتنا؟
- دراسات مرتجلة (2) المؤامرة بين النظرية والواقع
- الشعور بالذات . . أثر إجتماعي وتأثر


المزيد.....




- مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا ...
- 100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
- رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح ...
- مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في ...
- -حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي ...
- -أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور ...
- رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر ...
- CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع ...
- -الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب ...
- الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي آل شفاف - -المعاصرة- حقيقة واقعية وضرورة عقلية