|
الجنس ليس حرام
أحمد عفيفى
الحوار المتمدن-العدد: 4006 - 2013 / 2 / 17 - 12:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الناظر بتمعن وتجرد، لأكثر الأوضاع حميمية بين الرجل والمرأة عند الحب، سوف يكتشف أن الاثنين كانا خلية واحدة في البدء، انفصلا ليلتئما ويكتملا من أجل إعادة إنتاج الحياة، أي أن ذلك الباب السري المقدس للمرأة، لابد يفتحه ذلك المفتاح السري المقدس للرجل، من قبل أن يظهر الله والدين ورجالهم المهووسين بالتحريم والقمع والكبت والتشويه!
والكتب السماوية، أو الكتب التي أبتُلي الإنسان بها على أنها سماوية، تتكلم عن الجنس بجهل مطبق وفج ومباشر، وأقرب للقبح وليس للفهم، وكأن الله يجهل أو لا يفهم طبيعة الجنس، أو كأن من كتب تلك الكتب، يتكلم عن خبراته الشخصية هو فقط، وفهمه الذاتي للجنس، بل وموقفه الشخصنفسي منه، والذي بالضرورة لا يستتبع انطباق ذلك الفهم وتلك الخبرة على جميع البشر كافة!
الجنس عند الله، إشكالية مزمنة، وربما عقدة نفسية متأصلة، وكأنه لما خلق حواء، لاقت هوي في نفسه، ولكنها اختارت آدم بدلاً منه، فكره حواء وكره الجنس، وقرر أن يدون كراهيته تلك في كل كتبه، فاختزل المرأة لمجرد فرج، وجعل المؤمنون به يستحلون ذلك الفرج، دون وازع من شرع أو ضمير أو شرف، وفقط لمجرد أنهم يقاتلون في سبيله، وبما أن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله، كأي زعيم عصابة أو حاكم فاشي، فكان لابد من مقابل مغري وقيم وغريزي، وليس هناك ما هو مغري وقيم وغريزي أكثر من الجنس!
الجنس غريزة إنسانية طبيعية أصيلة، وعلاج فسيوكيميائي، وعملية عقلية حيوية في غاية التعقيد والأصالة والأهمية، وليس مجرد نكاح فرج، كما يصر الله، فأنت لن تحب فرج، ولن تتزوج فرج، أنت ستحب وتشارك وتتعود وتتكامل وتستوعب شريك وإنسان كامل وتام، ولكن الله المبهم الفج المباشر، لا يدرك أياً من تلك المعاني، وليس يشغله سوي المباشرة والقبح، والمرأة عنده سبيّة وأمّة ورُبع، ولا يمكن بحال أن ترقى إلى مستوى الرجل الله الذكوري.
أنت عندما تحب أحد، فأنت يجب أن تراه وتسمعه وتستطيبه وتخاطبه وتئتنس به، أنت عندما تحب أحد فيجب أن توافق عليه ويوافق عليك وترضى به ويرضى بك، أنت عندما تحب أحد فيجب أن يبادلك ذلك الأحد نفس العاطفة، بنفس القدر والكم والكيفية، أنت عندما تحب أحد فيجب أن يأخذ منك بنفس القدر الذي تأخذ منه، أنت عندما تحب أحد فيجب أن تستعمل حواسك الخمسة، وليس فقط مجرد قضيبك أو فرجك، أنت عندما تحب أحد فيجب أن تلامسه وتحتضنه وتحتويه، أنت عندما تحب أحد فيجب أن تتحسسه وتتشممه وتتذوقه، أنت عندما تحب أحد فيجب أن تُقبّل كل أجزاءه الثمينات وغير الثمينات، أنت عندما تحب أحد فيجب أن تقترب برفق من آن لآخر من أذنه، وتخبره بكل حب وشغف الدنيا " أحبك ".
أنت عندما تحب أحد فيجب أن تختلط أنفاسك الحارة بأنفاسه الحارة، وأن يلفح زفيرك صدره، وشهيقك قلبه، وأن تلتقط شفتيك حبات العرق البلورية التي تنسدل من حرارة وصدق وحميمية اللقاء، أنت عندما تحب أحد فيجب أن يطمئن سرك لسره، ويشعر بتلك الإنقباضة الأخاذة الساحرة، حين يحتضن السر السر، أنت عندما تحب أحد فيجب أن تمضغه مضغاً، ولكن برفق وتلذذ، أنت عندما تحب أحد فيجب أن تنظر في عينيه من آن لآخر لتشكره، دون أن تنطق، وأنت صامت، وسوف ينصت هو، ويشكرك هو الآخر، دون أن ينطق، وهو صامت، فرُبَّ صمت أبلغ من كلام.
أنت عندما تحب احد على كتاب الله وسنه نبيه، فأنت على موعد مع نكاح الفتيات الصغيرات، وأنت على موعد مع النكاح متعدد الزوجات، وأنت على موعد أن تأتي نساءك العشرة أو العشرين بغسل واحد، وأنت على موعد أن تأتيهن وهن حائضات، رغم أنك أملكهم لأربك، وأنت على موعد أن تشتهي أي امرأة جميلة، وتتزوجها رغماً عنها، وتجعل مهرها عتقها، ولم يكن من حقك بالأصل أن تستعبدها.
أنت لن تجد في كتاب الله وسنة نبيه، كلمة حب واحدة، بل ستجد كأي كتاب جنسي رخيص، كلمات أيضا رخيصة، من نوع نكاح وفرج واستحللن وسبايا، ومص اللسان والتقبيل وأنت صائم، وإلقاء جحيم أحمق على فروجهن وهن حائضات حتى تأتيهن كأي دابة والسلام، أنت لن تجد في كتاب الله ولا سنه نبيه، كلمة " أحبك يا عائشة " " أعشقك يا حفصة " " أطمئن إليك يا أم سلمه "، ولكن قطعا يمكنك إيجاد فروج ومص وشذوذ وإرب كما تشاء.
أنت عندما تحب أحدهم بطريقة طبيعية إنسانية، بعيدة كل البعد عن الله ورسوله، فستجد رضاءه من رضاءك، ستجد نعمة النظر إلى وجهه ليس كمثلها نعمة، نعمة أن يضحك ويتبسم ويطمئن إليك وإلى وجودك وإلى جوارك، أنت عندما تحب أحد، وليس مثني وثلاث وثلاثين، فستضمن له رضاء واكتفاء واستقرار، ستضمن له وجه نضر وعينين براقتين وشفاه ندية ووجنات وردية، وسلاما نفسي وصحة جسدية.
أنت عندما تحب أحد، فلن يزعجك ويطاردك غول الجنس الديني، وشبح الله الرابض معك في الغرفة، والمطلع على أدق تفاصيل خصوصياتك، والوضع الرسولي الممل الوحيد الذي يجب أن تتخذه، والشطر المزعج من الآيات المكدسة التي يجب عليك أن تحفظها وتتلوها، والشيطان المتربص بك حتى يقذف في ذريتك، وكل ذلك الرعب المحبط المحيط الذي لا وجود ولا حقيقة ولا أهمية له، والذي يفسد عليك ليلتك وحياتك، ويجعلك ومن تحب مجرد ماكينة لتفريخ الذرية.
أنت عندما تُلقي بالله ورسوله من نافذة عقلك وروحك، بل من نافذة غرفتك، فأنت تعطي الفرصة لنفسك ومن تحب، أن تستمتعا باللمسة الأولى والضمة الأولى والشهقة الأولى، دون ذلك الله المزعج المطلع على ظهرك العاري وجسد حبيبك المتجرد، وضرورة إطفاء النور، وتغطية جسديكما بالكامل، وكأنكما ترتكبان إثما أو جريرة، وينتظركما بالخارج من سيرجم سيرجم لا محالة.
أنت عندما تقدس الجنس وتحترمه وتحبه، سيقدسك الجنس ويحترمك ويحبك، سيطمئن إليك وتطمئن إليه، سيجعلك تُطيل وتتفنن وتتمادي، سيرقى من أجل إسعادك، سيصمت من أجل مزيدا من اللذة والنشوي، فهي حق لك، لا ذنب أو وزر أو خطيئة عليك، سيترك ذلك السحر الطبيعي يتسلل إلي كل خلجة من خلجاتك، سيجعل انتفاضاتك تزيد وتدوم، سيجعلك وشريك في حالات من الصفاء والامتنان والسلام والنشوى، سيمتن لارتوائك ورضاك، سيجازيك بمزيد من الالتئام والسلام والتفاهم والتكامل، سيشفي عللك النفسية والجسدية، ويصلح ما أفسده الله والدين والدهر.
الجنس ليس حرام، الجنس أصل الحياة، وسر الوجود والموجودات، ولذة اللذات، والاستمتاع به عن حب، هو أقدس الرغبات والغايات.
المقال مُهدى إلى زوجتي Calboozy Ahmad Afifi
#أحمد_عفيفى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سمّن كلبك يأكلك
-
لو كان الرَبُّ رجلاً لقتلته
-
بطُل السحر يوم حنين
-
نكسة الحُديبية
-
حقيقة الخُدعة
-
كتاب الفوضى السماوي
-
الرب كافر
-
الله و الحب
-
أحسن تقويم
-
شرّ الله
-
اللوح البلورى
-
متلازمة الدين والسلطة
-
أم الملحدين
-
ماهية الدين
-
أسباب النزول
-
التجليات لابن عفيفي
-
غير الموجود
-
العدل الإلهى
-
هكذا تكلم عفيفي
-
أسئلة بريئة
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|