|
مستقبل الحركات الشبابية في مصر:
محمد تهامي
الحوار المتمدن-العدد: 4006 - 2013 / 2 / 17 - 09:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مستقبل الحركات الشبابية في مصر: بالنسبة للحركات الشبابية الحزبية، فإن الإشكالية التي تواجهها ترتبط بالدور الذي يمكن أن يلعبه هؤلاء الشباب داخل أحزابهـم التقليدية التي ينتمون إليها بعد الثورة، و التي كانت تصنف إما أنها تابعة للنظام، أو غير متحمسة للعمل الشبابي، و بالتالي فإن هؤلاء الشباب يفكرون في البحث عن أطر حزبية أخرى، إما تحمل ذات الاتجاه الأيدلوجي مثل الخروج من الناصري و الانضمام للكرامة، أو الخروج من التجمع و الانضمام للتحالف الاشتراكي، أو الخروج من الوفد و الانضمام للجبهة من أجل استيعاب هؤلاء. و لعل البديل الثاني أمام هؤلاء هو البقاء داخل أحزابهـم بعد توافر مجموعة من الشروط لعل من أهـمها تغير نظرة القيادة التقليدية لهؤلاء و دورهـم، و إمكانية تصعيد بعضهـم في المناصب القيادية بالحزب، و إن كان بعض هذه الأمور قد يستغرق فترة من الوقت لاسيما فيما يتعلق بتغير قناعات قيادات الحزب. أما بالنسبة للقوى غير الحزبية، فإن هناك تحديات مماثلة تواجه هؤلاء الذين إن كانوا قد نجحوا في مرحلة الثورة في إثبات أنهـم يمكن أن يعملوا خارج إطار التنظيمات السياسية، لكن مرحلة ما بعد الثورة تتطلب العودة إلى الأصل من جديد، و هو ضرورة الانضمام لتنظيم سياسي قائم أو جديد، و ربما كان هذا حال الحركات الثورية الشبابية في أوربا عام 1968، حيث كان طبيعيا أن تبدأ هذه الحركات ثورية، ثم تتحول مع الحركات السياسية إلى حركات إصلاحية للعمل على إصلاح النظام السياسي القائم، أو المساهـمة في بناء هذا النظام الجديد كما هو الحال بالنسبة للحالة المصرية الراهنة.[1] يرى بعض المراقبين أن هناك أربعة بدائل أساسية أمام الشباب فيما يتعلق بمشاركتهـم السياسية بعد ثورة 25 يناير 2011، و هذه البدائل[2] هي: أ- العمل من خلال أحزاب جديدة أو قائمة بهدف الوصول إلى السلطة بعد الثورة التي شارك فيها هؤلاء بقوة. ب- العمل كجماعة ضغط جماهيرية لا يشترط أن تعبر عن مصالح فئوية معينة "مصالح الشباب"، و إنما تعبر عن نبض الجماهير بصفة عامة، و يمكن أن تكون في هذه الحالة بمثابة الرقيب على أداء الحكومة في حال عدم استجابتها لاحتياجات المواطنين. ت- القيام بالمهام الإصلاحية من خلال منظمات المجتمع المدني سوى الأحزاب مثل الجمعيات الأهلية بأنشطتها المتنوعة. ث- ترك العمل السياسي بصفة عامة بعد تحقيق الثورة أهدافها، و العودة إلى مرحلة ما قبل الثورة .. و إن كان هذا الاحتمال هو الأقل على اعتبار أن الثورة أكسبت الشباب زخما كبيرا فيما يتعلق باهتماماتهـم السياسية من ناحية، فضلا عن تأثرهـم سلبا أو إيجابا بمخرجات العملية السياسية، و من ثم لا بد أن يشارك هؤلاء في صنع هذه العملية بحيث يكونوا فاعلين و ليس مفعولاً بهـم، و تشير كثير من المؤشرات إلى أن الاتجاه الغالب يذهب نحو البديلين الأول و الثاني، حيث أن هناك رغبةً و إصرارًا كبيريين من الشباب صانع الحراك في تعظيم المشاركة السياسية الشبابية في المستقبل و إصرار على وجود الشباب داخل المشهد السياسي و آليات صنع و اتخاذ القرار بشكل يتناسب مع دورهـم المؤثر في إنهاء حكم النظام السابق، و قد تجلى ذلك في حالة الحراك الحزبي التي شهدتها مصر في أعقاب ثورة 25 يناير[3]، و علينا ملاحظة أن البديل الأول هو الأكثر فائدة و منطقية للحالة المصرية, خاصة أن الشباب ليسوا كتلة واحدة فهم ينتمون إلى أفكار مختلفة. بعد الانتخابات البرلمانية و الرئاسية، بدأت الخريطة الحزبية في مصر تتغير و ظهر العديد من الأحزاب تسعى للإندماج، و ظهرت الائتلافات مثل الأمة المصرية بقيادة المرشح السابق عمرو موسي و التيار الشعبي بقيادة المرشح السابق حمدين صباحي و حزب الدستور بقيادة محمد البرادعي, حزب الأمة بقيادة الشيخ حازم أبو إسماعيل، و كلها كيانات تسعى للوجود في الشارع السياسي المصري، و كلها تعتمد على الشباب في عملها. التاريخ يشير إلى وجود عشرات الحركات و القوى السياسية الشبابية ظهرت قبيل ثورة يوليو وساهمت إلى حد كبير في تأهيل المجتمع المصري لقبول فكرة الثورة و التمرد على الأوضاع الظالمة، لكن هذه الحركات سرعان ما اختفت بعد الثورة، حيث كان من أقوى هذه الحركات"مصر الفتاة" التي شكلها السياسي الراحل أحمد حسين، و دخلت مصر الفتاة في معارك مع الملك فاروق دفاعا عن حقوق الفقراء، كما ظهرت أيضا عشرات التنظيمات السرية التي دعت لتطبيق الاشتراكية في مصر، و كانت تسمى التنظيمات الماركسية أو الشيوعية مثل تنظيم "الشرارة" و "إسكرا" و حركة "حدتو" و تنظيم العهد الجديد، و كانت هذه التنظيمات تحارب الإقطاع و تدعو لتوزيع أراضي الإقطاعيين على الفلاحين، و ظهرت أيضا تنظيمات شبابية حملت الفكر اليساري داخل الأحزاب، و كان لها أثرًا كبيرًا في الكشف عن الظلم الاجتماعي من خلال المنشورات و الصحافة السرية، و عندما قامت الثورة و تم إلغاء الأحزاب اختفت هذه التنظيمات، و لكن عناصرها لم يختفوا، حيث حاربت الثورة الشيوعيين وأودعتهم السجون و قضت على أكثر من 50 خلية شيوعية،كما اختفت مصر الفتاة بعد صدور قرار بحل الأحزاب و لم يتبق من حركات هذه المرحلة إلا جماعة "الإخوان المسلمين" و قبيل ثورة يناير ظهرت تنظيمات شبابية تحدت القمع الأمني و تحدت السلطة و قادت طلائع الثورة فظهرت حركة كفاية أولا في 2004، ثم ظهرت حركة 6 أبريل في عام 2008، و بعض الكيانات التي سعت لتكوين أحزاب في إطار تحدى السلطة لكن دون جدوى و بعض التنظيمات الشيوعية السرية مثل الحزب الشيوعي المصري الذي كان يعمل في الخفاء وسط قطاعات العمال، واستطاعت هذه التنظيمات أن تخرج عن الإطار المألوف في تنظيمات المظاهرات الاحتجاجية ضد التوريث و الفساد و سيطرة رأس المال على السلطة و القمع الأمني و في دفع الجماهير للنزول للشارع، وكان دورها واضحا في ثورة 25 يناير، و بعد الثورة بقليل ظهرت على السطح عشرات التنظيمات الثورية من شباب الثورة، و تشير التقديرات إلى نشوء نحو 150 تنظيما ثوريا أبرزهم اتحاد شباب الثورة، وائتلاف شباب الثورة، و تحالف القوى الثورية، و ائتلاف فجر الحرية، و مجلس قيادة الثورة، و حكومة ظل الثورة، و تيار بلا ثوار، و الجبهة الثورية، و تحالف الثورة مستمرة، و ائتلاف ثورة الغضب الثانية، وغيرها من القوى التي أفرزتها ثورة الخامس والعشرين من يناير[4]. إن التطور الطبيعى للحركات السياسية بعد أي ثورة، هو أن تتحول الأحزاب إلى كيانات سياسية منظمة، لكن المشكلة في ثورة يناير أننا لا نعلم من هي القوة الحقيقية التي وقفت وراء الثورة، نحن كنا أمام حالة من الاندفاع الجماهيري، فلما انسحبت الجماهير انشقت الأرض عن عشرات الائتلافات، و كل منها يزعم قيادته للثورة، بينما لا يزال الفاعل الحقيقي مجهولا حتى الآن، و من المؤكد أن الحركات السياسية الشبابية ستنظم صفوفها فيما بعد في إطار فورمة أو عنوان أو لافتة تجمعها. أما عن حركة 6 أبريل، فيتحدث مؤسس الحركة أحمد ماهر عن مستقبلها قائلا: هدفنا الدائم هو تحويل مصر لدولة ديمقراطية حرة متقدمة، و تحقيق أهداف الثورة حرية ديمقراطية عدالة اجتماعية، ثم بعد ذلك تأتي فكرة تحويل الحركة إلى جماعة ضغط، و جماعة الضغط السياسي هو شيء وسط بين الجمعيات الأهلية و الأحزاب، و لها أهداف و تقوم بالضغط على الأحزاب أو البرلمان أو رئيس الجمهورية؛ من أجل تحقيقها، و لكنها ليست أهدافا شخصية و لكن أهدافا وطنية، و دورنا كحركة سوف يستمر في أن نراقب ما يحدث من تحول ديمقراطي و مراقبة الوضع بشكل عام، و عندما نشعر بتغيير حقيقي يحدث في مصر فمن الممكن أن نفكر في إنشاء أحزاب، و المنافسة على السلطة وكراسي البرلمان، و لكن عندما نشعر بأن هناك عقليات جديدة و نظاما جديدا سوف نفكر في هذا العمل السياسي التقليدي. أكثر من 10 آلاف شاب في 190 ائتلافا.. هذا ما يتضمنه اتحاد الثورة المصرية.. و يقول محمد علام- رئيس الاتحاد-: الحركات الشبابية التي لم تستطع أن تبني لنفسها أرضية خلال الفترة الماضية اعتمدت فقط على الميديا و الشو الإعلامي لن تستطيع أن تستمر، أما عن الحركات الحقيقية والتي كان لها انتشارًا في الشارع، فسوف يكون لها تواجدًا بعد ذلك، و في اتحاد الثورة المصرية تم بناؤه بشكل قوي، لدينا مشروعنا الذي سنسعى لتحقيقه بعد تسليم السلطة، و لن يعتمد عملنا على العمل السياسي فقط لأن الثورة لم تقم من أجل السياسة، و لكننا سنتحول إلى جمعية تنمية مجتمع مدني، وحصلنا على رخصة جريدة و أنشأنا موقعا إلكترونيا، و لدينا حاليا رؤية واضحة و منهج و لائحة للمرحلة القادمة، و سيكون هناك جزء خاص بالتدريب في التنمية البشرية، بجانب التوعية السياسية التي سنقوم بها من أجل إعداد قادة سياسيين، و لدينا مشروع تعليمي و بعض المشروعات الاقتصادية، وحتى الرياضة لدينا رؤية لها، أما عن التمويل في كل ذلك فقد كنا نعتمد من قبل على اشتراكات الأعضاء، ولكننا بإنشاء الجمعية سوف نتلقى تبرعات، بجانب أن المشروعات الاقتصادية و الجريدة و الموقع سيكون لهم عائدًا نستطيع من خلاله مواصلة مشوارنا، و عقب تسليم السلطة سيكون لنا تواجدًا قويًّا في الشارع من خلال كل ذلك. أما اتحاد شباب الثورة و الذي حاول أن ينافس في انتخابات مجلس الشعب الماضية و مستقبله في المرحلة القادمة.. و رغم التدافع الشديد من شباب الثورة و حركاتها للانضمام إلى أو تأسيس أحزاب إلا أن هناك تصور آخر تطرحه بعض القوى السياسية (حركة 6 أبريل تحديدا) و هو تصور يقوم على بقائها كحركة ضغط غير حزبية على غرار تنظيمات أخرى موجودة في عدة دول خارج مصر. و يوصف مسئولي الحركة هذا الوضع بأن "تصبح منظمة شباب 6 أبريل كيانًا شاملاً يساهـم في الرقابة على عملية التحول الديمقراطي و يقوم بتقويم للحكومات و السلطات و القوانين و أداء الأجهزة المختلفة بالدولة، و يساهـم في صناعة مناخ سياسي سليم عن طريق مساندة الإجراءات التي تصب في تشكيل نظام سياسي سليم و حكم رشيد، و كذلك مقاومة أي إجراءات تضر بالمنظومة الديمقراطية والحياة السياسية السليمة في مصر و تقف في طريق التقدم الحضاري"[5].
[1]ولاء جاد الكريم ,الحراك السياسي للشباب المصري حالة واقعية و رؤية استشراقية ,مركز دراسات المجتمع المدني , 22/12/2011 [2]ولاء جاد الكريم ,المرجع السابق [3]يسري العزباوي ، مستقبل الأحزاب السياسية الجديدة بعد ثورة يناير ، ملف الأهرام الإستراتيجى الأهرام الرقمي عدد 1 أغسطس 2011 [4]بعد اختفاء إٍسكرا وحدتو . ما هو مصير كفاية و6 أبريل؟!,بوابة الشباب الأهرام,20أغسطس 2012 [5]بعد اختفاء إٍسكرا وحدتو . ما هو مصير كفاية و6 أبريل؟!,بوابة الشباب الأهرام,20اغسطس 2012
محمد تهامي باحث علوم سياسية
#محمد_تهامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|