|
البصرة وضراط القاضي !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1153 - 2005 / 3 / 31 - 10:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أنشدت امرأة كانت تقف الى جوار ركن من اركان البيت الحرام في مكة المكرمة ، وببداهة مفرطة ، وهي تشاهد حشدا من الناس يحمل بعضهم نعش كبير قضاة المسلمين هناك بعد موته ، فقالت : أرّق عيني ضراط القاضي = = = = = ذاك المقيم ليس هذا الماضي يبدو أن المرأة المسلمة هذه كانت مسهدة الاجفان ، أخذ الارهاب الديني النوم من أعينها ، ولهذا ما كانت فرحة بموت قاض كان عنوانا للارق والسهاد ، ما دام أنه قد خلف بعده قاضيا آخر مثله لا يخاف في ظلم النساء لومة لائم ! فقالت بيتها ذاك احتجاجا على ذاك الظلم، فهي واحدة من أولئك النساء ، وتعلم مثلما يعلمن أن أحكامه بحقهن لا تعدو أن تكون غير ضراط يخرج من الأدبار ، وليس من القبال ، وذلك في وقت عمّ الجهل فيه ، وصار صاحب العمة لا يقوى على أن يتكلم جملة عربية واحدة ، صحيحة التركيب ، سليمة الإعراب ، مثلما لا يقوى على كتابتها كتابة مشافاة ، معافاة ، ودونكم بيانات هؤلاء فاقرؤوها ! يقول أحد كبار قضاة المسلمين ، وهو الرحالة ابن بطوطة الذي تزوج في جزر المالديف أربعا من النساء كان يضاجعهن جميعا في اليوم الواحد ، مثلما يروي هو ذلك مفتخرا ، مع أنه كانت لديه قبلهن ستون امراة يباشرهن وفق قاعدة : وما ملكت أيمانكم ، بعد أن كان قد تزوج ، أول ما تزوج ، امرأة من أهل طرابلس الغرب ، طلقها ، وهو يواصل رحلته شرقا ، في مدينة مصراته التي لا تبعد سوى مئتي كيلومتر عن طرابلس المذكورة التي تزوجها فيها ، يقول : دخلت البصرة ، وقصدت مسجد أمير المؤمنين ، علي رضي الله عنه لأداء صلاة الجمعة فيه ، فلما قام الخطيب الى الخطبة وسردها لحن فيها لحنا كثيرا ، وجليا ، فعجبت من أمره ، وذكرت ذلك للقاضي حجة الدين ، فقال لي: إن هذا البلد لم يبقَ به من يعرف شيئا من علم النحو ! وهذه عبرة لمن تفكر فيها ، سبحان مغير الأشياء ، ومقلب الأمور ، فهذه هي البصرة التي الى أهلها انتهت رئاسة النحو ، وفيها أصله وفرعه ، ومن أهلها أمامه الذي لا ينكر سبقه 0 ويمضي ابن بطوطة فيقول : لجامع الامام علي سبع صوامع ، احداهن تتحرك بذكر الامام علي ، وجدت مقبض خشب مسمر فيها ، فجعل الرجل الذي معي يده في ذلك المقبض ، وقال : بحق رأس أمير المؤمنين علي رضي الله عنه تحركي ، وهز المقبض بيده فتحركت الصومعة، فجعلت أنا ، والكلام هنا لابن بطوطة ، يدي في المقبض ، وقلت لها : وانا اقول بحق رأس أبي بكر خليفة رسول الله (ص) تحركي ، وهززت المقبض فتحركت الصومعة ، فتعجبوا من ذلك ! حديث ابن بطوطة هذا وقع في البصرة ، وفي زمن انحطاط الدولة الاسلامية، حيث ساد الجهل وكثرت الخرافات ، وتفاقم ظهور الفرق الدينية ، تلك الفرق التي أغرقت البصرة بالتخلف ، مثلما اغرقتها الحركات الدينية المتخلفة ، القادمة اليوم اليها من بطون زمن سحيق رمته البصرة عن أكتافها منذ سنوات خلت ، كيف لا وهي المدينة التي ولدت فيها للبشرية كل البشرية موازين العروض ، مثلما ولد فيها أول معجم في الكون هو قاموس العين ، وكلا الاثرين كانا من ابداع ابنها الخالد ، الخليل بن أحمد الفراهيدي ، القادمة أسرته من حضرموت اليمن زمن فتواحات الشرق 0 ويكفي البصرة فخرا ، عدا كل ما أسداه أبناؤها للبشر من معارف جمة ، تلك الحركة التي اعتمدت العقل ، والتي نهض بها معتزلتها في القرن الثاني الهجري ، حيث وضعوا بها الأساس المتين لنهوض الدولة الاسلامية زمن الخليفة المأمون الذي فتح عقله بفضلهم على ثقافات الامم الأخرى ، فقام بتأسيس دار الحكمة التي عن طريقها ترجمت كتب الحضارة اليونانية في شتى المعارف والعلوم ، هذا في الوقت الذي كان فيه صوت المؤذن يرتفع بجوامعها ، مثلما كان يرتفع صوت الشعراء والمغنين واصحاب اللهو والمجون ، ولم يهاجمهم رجال دين متخلفون مثلما هاجم رجال دين هذا الزمن طلبة وطالبات خرجوا وخرجن في سفرة مدرسية ، وفي تقليد عرفته كل الجامعات في العراق ، وقبل أن ينزل البصرة وأهلها في ايامنا هذه رجال الدولة الصفوية القادمين إليها من قم الايرانية 0 في البصرة كان التهجد يجتمع والغناء ، وقول الشعر بتجويد القرآن ، ففي بيت واحد من بيوتاتها اجتمع النقيضان في فيض من التسامح الرحب ، فحين كان عبد الصمد بن المعذل يلهو ويقصف في الطابق الأرضي من دارهم ، كان أخو أحمد بن المعذل يناديه من طابقها الثاني بآية قرأنية تقول : أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض ! فيرد عليه عبد الصمد من طابقها الأول ، وهو مترع باللهو والمجون ، بآية قرآنية ، هازئا منه ، تقول : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ! وقد جاء في أخبارهما أن احمد بن المعذل الناسك قبل هدايا واموال سلطان زمانه الجائر بعد ان عاد من زيارة له في سر من رأى ، وقد توافد جل أهل البصرة للترحاب به بعد عودته ، وغاب عن هذا الحشد أخوه ، عبد الصمد بن المعذل الشاعر الماجن ، وحين سأله أحدهم عن غياب أبي القاسم ، وهذه كنية عبد الصمد ، قال لهم لقد وصلتني هديته في هذه الليلة ، ثم رفع ثنى وسادته ، مخرجا لهم رقعة كان عبد الصمد قد كتب له الابيات التالية عليها : وغاب وخصيتاه ككرتين وآبَ وخصيتاه كنصف دبهْ ولما أتته دريهمات من السلطان باع بهن ربهْ وكان يذمهم في كل يوم يشي بالجهل والهذيان خطبهْ كسبتَ أبا الفضول لنا معابا وعارا قد شُملتَ به وسُبه فإذا كان ابن البصرة ، عبد الصمد بن المعذل ، لم يسكت وقتها على فعلة أخيه في قبوله هدية سلطان جائر ، كان أخوه نفسه كثير ما يذمه في خطبه التي تسبق الصلاة في جوامع البصرة ، فكيف يراد اليوم لطلاب جامعة البصرة أن يسكتوا عن حيف وظلم أنزله بهم نفر من مدعي دين الصفوفيين الجدد الذين عرفتهم البصرة في ازمانها الغابرة ، والذين يطرزون كلامهم وخطبهم بالجهل والهذيان ، مثلما كان يفعل أحمد بن المعذل قبل ألوف من السنين ، هؤلاء الجهلة الذين نزعوا أخلاق العرب قبل اخلاق المسلمين عنهم ، وقاموا بضرب النساء في مكان عام ، ذلك الضرب الذي يتنافى مع خلق العشائر العراقية في جنوب العراق الذي تربينا نحن في احضانه ، والذي يحرم ضرب امرأة في شارع ، أو مكان عام ، فمن أين جاء الشيخ أسعد البصري بهذه البدعة ؟ ومن أية عشيرة هو ؟ فإذا كان من عشائر الجنوب ، فما عليه الا أن يذهب الى عشيرته، ويتعلم على أيدي أبنائها حسن التصرف مع النساء ، وصواب معاملة الآخرين ، أما إذا كان من اتباع نظام صنع من نساء شعبه المظلومات مليون عاهرة فلا عتب عليه ، وإن الدين الاسلامي الحنيف بعد ذلك بريء منه براءة الذئب من دم يوسف ، وعليه وعلى محافظ البصرة أن لا يغترا بالمركز الوظيفي الذي أصعدهم اليه التومان الايراني ، وجهل الناس فيهم ، وفي نواياهم ، وعليهما أن لا ينسيان أنهما يحكمان البصرة تحت حراب الامريكان والانجليزي ، وبهذا فقد أخزهاهم الله بخزي مبين سيسجله عنهما التاريخ ما ظل نفس لانسان يصعد في هذا الكون ، وليعلما أن الشعب العراق الذي خبر الظلم وعرفه سيتجاوز ظلمهم الجديد هذا حتما ، وما شرارة جامعة البصرة الا خيط ومض يبشر بفجر جديد ، قادم ، سيزيح عن وجه البصرة دكنة ظلام المخابرات الايرانية ، والمتخلفين من أتباع الصفوية الجديدة !
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
-
الى وزير خارجية العراق ونوابه !
-
الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
-
قراءة أخرى في نتائج الانتخابات العراقية !
-
التوافقية !
-
المقهى والجدل *
-
جون نيغروبونتي ملك العراق الجديد !
-
ظرف الشعراء ( 34 ) : بكر بن النطاح
-
الجلبي يفتي بحمل السلاح !
-
أوربا وقميص عثمان !
-
الما يحب العراق ما عنده غيرة !
-
من أسقط صداما ؟
-
ما كان أهل جنوب العراق سذجا يوما !
-
نيران الفتنة قادمة من أيران ! سهر العامري
-
الجلبي دولة مرشدها آية الله الخامنئي !
-
الانتخابات خيط من فجر الديمقراطية في العراق !
-
ما بين الجبهة الوطنية وائتلاف المرجعية !
-
ظرف الشعراء ( 31 ) : عُلية بنت المهدي
-
نظرية المال عند صدام !
-
الحاكم والناس والدين في العراق !
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|