|
لماذا تحميل (الشّيعِسلامَوِيّين) المسؤولية أولا؟
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 22:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لماذا تحميل (الشّيعِسلامَوِيّين) المسؤولية أولا؟ ضياء الشكرجي [email protected] www.nasmaa.org من حق البعض أن يطرح عليّ وعلى من يرى رأيي، لماذا يا ترى الإصرار على تحميل القوى الشيعيلاموية، أي قوى الإسلام السياسي الشيعية، بدرجة أساسية، مسؤولية الطائفية السياسية، وكل إفرازاتها، سياسيا، وأمنيا، واجتماعيا، وثقافيا؟ أو ليس الطائفيون السنة هم الأشد طائفية من الطائفيين السنة والأشد عنفا؟ أوليسوا هم البادئين، والبادئ بالظلم أظلم، أو بتعبير آخر الفعل الظالم أو الفعل الطائفي أسوأ من رد الفعل الظالم أو رد الفعل الطائفي؟ قد تكون هذه التساؤلات والاعتراضات محقة بنسبة ما، ولكنها غير دقيقة، أو ليست محقة على طول الخط. من جهة، صحيح الكل يتحملون مسؤولية الكارثة السياسية، وما يتفرع عنها من كوارث اجتماعية ومعيشية وأمنية، بسبب اعتماد الإسلام السياسي من جهة، واعتماد الطائفية السياسية من جهة أخرى، علاوة على الفساد وانعدام الكفاءة وغياب النزاهة. فالطائفيون السنة - ولا أقول السنة - فعلا يتحملون مسؤولية ذلك، من خلال القتل الطائفي، الذي حصل لسنوات عديدة ضد الشيعة، وبسبب عدم ترحيبهم بسقوط نظام البعث عام 2003، وبسبب تحول بيئتهم إلى حاضنة للإرهاب. وكذلك نراهم ساكتين على التدخلات المسيئة لتركيا والسعودية وقطر، بل وسوريا سابقا، أي قبل اندلاع الأحداث. والطائفيون الشيعة يتحملون مسؤولية ذلك، بسبب اعتمادهم لمشروع سياسي شيعي شيعي شيعي، أكثر من كونه عراقيا وطنيا. ثم منهم من مارس القتل الطائفي المضادّ، وآخرون سكتوا ولم يدينوا هذا القتل الطائفي الشيعي للسنة، ولو بنسبة دون نسبة القتل الطائفي السني للشيعة، وبرّروا سكوتهم عنه، بل منهم من دافع عنه، بقول أن لولا موجة القتل الطائفي الشيعي ضد السنة، لما توقف، أو انحسر بشكل ملحوظ، القتل الطائفي السني ضد الشيعة. علاوة على سكوت الشيعة عن كل الإساءات الإيرانية ضد العراق. وكذلك القوى الكردية تتحمل المسؤولية لمساهمتها في تمكين قوى الإسلام السياسي الشيعية، والمساهمة في تقويتها، بحجة التحالف الاستراتيجي بين الشيعة والكرد، علاوة على أنهم شاركوا الشيعة في سكوتهم عن التدخلات المسيئة للإيرانيين، ناهيك عن الملاحظات على سياسة سلطة الإقليم، التي هي ليست من تعنى به هذه المقالة. مع هذا أقول - دون تبرئة الآخرين - السياسيون الشيعة، وبشكل خاص الشيعِسلامويون منهم، هم الذين يتحملون مسؤولية كل ذلك بنسبة 70%، وتتوزع الـ30% من مسؤوليته بين السياسيين الكرد والسياسيين السنة. ولا نريد أن نستغرق في تحديد النسبة بشكل دقيق، فقد تكون 80% أو قد تكون 60%. السياسيون الشيعة يتحملون في كل الأحوال النسبة الأكبر من مسؤولية كل ذلك، لسببين؛ الأول لأنهم هم من يُمسِكون بالسلطة بدرجة أساسية منذ 2005، أي منذ حكومة الجعفري، ثم حكومة المالكي الأولى، فحكومة المالكي الثانية، ونستجير بالله من الثالثة. والسبب الثاني لأنهم - على الأقل هكذا يدّعون قولا أو بلسان الحال - أنهم يمثلون الأكثرية من الشعب العراقي، أي الأكثرية على الصعيد الدينمذهبي، أي إنهم يمثلون الشيعة. وقولي (يدّعون) لا يشمل كون الشيعة الأكثرية من سكان العراق، بل يتعلق بدعوى تمثيل هؤلاء السياسيين للشيعة. لنساير مبررات أصحاب المشروع الشيعي، ونسلم بصحة ما يقولون. يقولون الطائفية السياسية بدأت سنية، وموقف الشيعة هو موقف دفاعي، فالفعل سني، ورد الفعل شيعي. يقولون إن الدولة الحديثة منذ تأسيسها همّشت الشيعة. ويقولون صحيح إن صدام اضطهد كل الشعب العراقي، لكن اضطهاده للشيعة كان متميزا، وقد اضطهدهم طائفيا، ومن منطلق طائفي، كونهم شيعة. ولنسايرهم في تسجيل ملاحظة على المحافظات التي سماها صدام بالمحافظات البيضاء، التي لم تشارك في انتفاضة آذار 1991، وأنها كانت محافظات السنة العرب. ولنسايرهم في حقيقة أن الموالين لصدام في الوسط السني كانوا من حيث النسبة، هم الأكثر من الموالين له في الوسط الشيعي. بل حتى لو افترضنا أن أكثر السنة أو كثيرا منهم صداميون. مع سقوط صدام، يفترض أننا طوينا الماضي، وفتحنا صفحة جديدة في افتتاح سجل المستقبل. يفترض أن عهود الديكتاتورية ولّت بلا رجعة. أسأل: يا شيعة - وأعني السياسيين الشيعسلامويين وسائر معتمدي المشروع السياسي الشيعي -، أما كان الأجدر أن تحملوا مشروعا وطنيا عراقيا ديمقراطيا، بدل تأكيد الصبغة الشيعية؟ والله قلتها لكم عندما كنت واحدا منكم - وكم أخجل من تاريخي هذا -، قلت كأكثرية لا تحتاجون إلى مشروع شيعي، من أجل ضمان عدم العودة إلى اضطهاد أو تهميش الشيعة مجددا، من أي طرف يفكر بتلك العودة. لماذا أصررتم على المشروع الشيعي؟ لماذا أعطيتم لمرجعيتكم الدينية منزلة ما فوق الدستور، وما تقترب من منزلة الله؟ لماذا حولتم الدوائر الحكومية ومجلس النواب إلى حسينيات؟ لماذا غلفتم حتى الكنائس بالشعارات الحسينية؟ لماذا أتيتم بسطلات الصبغ الشيعي، لتصبغوا دستور العراق بالصبغة الشيعية؟ لماذا أقحمتم مراجعكم (العظام)، وعتباتكم (المقدسة)، وشعائركم (الحسينية) في الدستور؟ لماذا اجتثثم البعثيين السنة، وقرّبتم البعثيين الشيعة، أو بعض البعثيين السنة الذين اشتريتم ولاءهم؟ لماذا أوحيتم للسنة بما معناه، كان الدور لكم لثمانين عاما، ومن الآن فالدور لنا نحن الشيعة؟ لماذا فسرتم الديمقراطية أنها تعني حكم الأكثرية، ثم استبدلتم الأكثرية (السياسية) بالأكثرية (المكونية)، حتى يكون معنى الديمقراطية = حكم الشيعة؟ لماذا بنيتم الجيش العراقي الجديد بناءً شيعيا بدرجة أساسية؟ لماذا فضحتم قتلة السنة، وتسترتم على قتلة الشيعة؟ لماذا فضحتم سُرّاق السنة وتسترتم على سُرّاق الشيعة؟ لماذا أبقيتم أحزابكم أحزابا شيعية مغلقة للشيعة؟ لماذا جعلتم قوائمكم وائتلافاتكم الانتخابية، ومن ثم كتلكم البرلمانية، شيعة محضة؟ لا تقولوا لدينا سنة، فالديكور السني لا يغير من الهوية الشيعية الطاغية؟ لأذهب معكم مرة ثانية مسايرا لمبرراتكم، في كون أكثر السنة كانوا ضد العملية السياسية، وأكثرهم كانوا غير فرحين بسقوط صدام، وأكثرهم لا يروق لهم أن يكون الشيعة لاعبين أساسيين في الحكم وإدارة الدولة. ولكن ألا يمكن أن نعتبر مواقف الكثير منهم هذه من موقع الخوف من التهميش، لكون الديمقراطية ستفرض الأكثرية الشيعية لاعبا أساسيا في العراق، ولكونهم قد وضعوا موضع شبهة الولاء للنظام الديكتاتوري البعثي الصدامي المقبور؟ ألا تعتقدون إن في السنة عقلاء؟ ألا تعتقدون أن في السنة مناوئين لصدام؟ ألا تعتقدون أن في السنة ماقتين للطائفية؟ ألا تعتقدون أن في السنة علمانيين، لا شغل لهم من الناحية السياسية، بالدين والمذهب؟ أما كان بالإمكان كسب عقلاء ووطنني ولاطائفيي السنة، وسحب البساط من تحت أقدام الصداميين والبعثيين والتكفيريين والطائفيين؟ لو كنتم قد فضحتم وعاقبتم قتلة وسراق الشيعة، قبل أن تتعرضوا لشخصية سنية، أما كان هذا سيزيل شبهة وجود خلفية طائفية وراء إجراءاتكم، يا (مالكي)، يا (دعوة)، يا (دولة قانون) يا (مجلس)، يا (تيار)، يا (فضيلة)، يا (إصلاح)، يا (سيستانيين)؟ لماذا تسكتون عن تدخلات وإساءات إيران؟ لماذا كانت مواقفكم من الانتفاضات العربية متسمة بالازدواجية؟ لماذا ولماذا وألف لماذا ولماذا يا شيعسلامويين؟ هذه اللماذات وأكثر منها توجه أيضا للسنة، وتوجه للكرد. لكن كما قلت أنتم الكتلة الأكبر، أنما ممثلوا الاكثرية، أنتم من تمسكون بالسلطة. لكن لو كنتم أنتم قد انصلحتم واستقمتم وتحليتم بالوطنية والعدالة والتسامح والديمقراطية والعقلانية، لرأيتم كل عقلاء السنة معكم ضد طائفيي السنة، وكل عقلاء الكرد ضد عنصريي الكرد، وكل ديمقراطيي ووطنيي السنة والكرد والشيعة وغيرهم معكم. أنتم بأخطائكم، بل بخطاياكم، ضيعتم الفرصة التاريخية على العراق. واستعادة الفرصة ستحتاج إلى جهد مضن، ومعاناة، وأجيال، وأجيال، وعقود، وعقود، كان كل ذلك قد وفّرناه على شعبنا. أنتم تتحملون المسؤولية بالدرجة الأساسية. وأنتم من سيوقفكم التاريخ يحاسبكم. نعم عندها تكونون في قبوركم، وقد قضيتم قبل ذلك وطرا من العراق وثرواته، ومن سلطتكم وامتيازاتها. أأقول ستقفون بين يدي الله ليحاسبكم فيما فرطتم واعتديتم وظلمتم وسرقتم؟ أصبحت أشكّ أنكم تؤمنون بيوم الحساب وتخافون الله. وإلا لتصرفتم على ضوء هذا الإيمان. حتى لو كان 70% من السنة طائفيين، حاشا لهم، اكسبوا الـ30%، واسحبوا البساط من تحت أقدام الـ70%. ثم لو كانت أحزابكم قائمة على أساس المواطنة، وليس على أساس طائفي، لما احتجت أن أخاطبكم بضمير الـ(أنتم) الطائفية، أي أنتم (الشيعة)، بل لكانت هناك (أنتم) سياسية، إلى جانبها (هم) سياسية أخرى، و(نحن) سياسية ثالثة، ورابعة، وكل من هذه الـ(نحن) والـ(أنتم) والـ(هم) السياسية، فيها الشيعي، والسني، وعموم المسلم، والمسيحي، والصابئي، والإيزيدي، والبهائي، واليهودي، والإلهي اللاديني، والملحد، واللاأدري، والمسلم اللامذهبي، المسلم اليقيني والمسلم الظني، الملتزم دينيا، واللاملتزم، فيها العربي، والكردي، والتركماني، والآشوري، لأن كل هذه التوصيفات - خاصة الدينية - كانت ستبقى شأنا شخصيا، فينتمي من يريد الانتماء، ويؤيد من يؤيد، ويعارض من يعارض، على أساس الفكر السياسي، والبرنامج السياسي، المعتمدَين من كل حزب وتيار سياسي. 15/02/2013
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطيون بين السلطة الشيعية والانتفاضة السنية
-
مجرد سؤال .. ماذا لو قيل: «الإسلام هو المشكلة»؟
-
تصويت البرلمان ضد التجديد للمالكي
-
أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا
-
«كفى يا أبا إسراء ...» مقالة لي تاريخها 06/10/2010
-
مع المعلقين بشأن خيار الانتخابات المبكرة
-
بيد المالكي وحده مفتاح فكّ استعصاء الأزمة
-
يحق لنا ولا يحق لنا أن نحتفل بالسنة الجديدة
-
المشهد السياسي: قراءة للواقع واستشراف للمستقبل
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 3/3
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 2/3
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 1/3
-
المالكي والبرزاني إلى أين في غياب الطالباني؟
-
التقية والنفاق والباطنية على الصعيدين الديني والسياسي
-
رؤية في إعادة صياغة العلاقة بين الإقليم والدولة الاتحادية
-
نقاش في المفاهيم مع الكاتب محمد ضياء العقابي
-
مع هاشم مطر في نقده للمشروع الديمقراطي
-
الإسلام والديمقراطية
-
فوز مرسي محاولة لقراءة متجردة
-
لا أقول: «ديكتاتور» لكنه يتكلم كما الديكتاتور
المزيد.....
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|