|
مبادئنا
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 19:58
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
هذا العنوان أثاره أحد الأصدقاء في معرض كلامه عن الفلسفة الليبرالية وعن الفكر الليبرالي ، وقد دفعني ذلك للحديث عنه من واقع القيم المعرفية والتاريخية ، ولأن الحديث كذلك فيه يرتبط بواقع الناس مايهمهم ومايطمحوا ومايريدون ، كان لابد لنا من القول : إن مبادئ - العدل والحرية والسلام - هي مبادئ إنسانية في النشأة والتكوين ، أي إنها من بُناة عقل الإنسان حين جعله الله إنسانا - أو صيره كذلك ، كما إن هذه المبادئ هي قواعد التكوين للفكر الليبرالي وللعقيدة الليبرالية التي قامت وتأسست على ضوئها ، ولسنا هنا بصدد الوصف التاريخي لزمن النشأة والتكوين هذا ، لكننا سنتحدث عن التلازم القيمي والحضوري بينهما ، في الواقع كمناهج في التطبيق وكنظرية في الإستقلال العقلي أو كعنوان لحياة البشر منذ بدء الخليقة ، والمبادئ في أساسها ترتبط بحاجة الإنسان كما ترتبط بمصيره في قضايا الحياة وقضايا التشريع والأحكام .
وهذه المبادئ هي التي نادت بالتسامح وأمنت بالتعددية وتبنت قضايا الإنسان البسيط المحروم ، أعني إنها تحركت من الواقع ومايتطلبه من غير تنظير لذلك نفت سلطة و دور الإيديوجيا في تحديد هوية ومصير الإنسان إلا ّ بحدود الواقع ، ورفضت التسليم بالقضاء والقدر محررةً دور الإنسان ليكون صانعاً ومالكاً لحياته ولمستقبله ، وهذه المبادئ هي نفسها التي حرضته على التمرد على الظلم والإستبداد ودعته ليخرج من هيمنة الطبقية والطائفية وحررته من سلطة الجماعة و ظل السلطان ، وهي التي بدورها نزعت منه الشعور بالمهانة تظامناً مع الجماعة ، أي نفي الإحساس بالكبت تحت ظل مشاعر وشعور الكل ، وهذه الجرأة هي تعريف للشخصية التي اكدتها السماء بقولها - كل أمرء بماكسب رهين - ، أي طرد الوهم العرفي القائل : - حشر مع الجماعة عيد - ، في نفي للمسؤولية الشخصية والتحجج بالمسؤولية الجماعية ، وذلك الشعور وذلك العجز هو إحساس نعرفه ونتعرف عليه من خلال الحركة ومن خلال الواقع ، كما إنه يؤدي جدلاً لتحجيم قوة المبادئ وشرعيتها وحصرها في حدود معينة ضيقة ، طبعاً هذا لايعني عندنا رفض مفهوم سلطة الجماعة بالمطلق بل يعني ذلك جعل تلك السلطة منبثقة من إختيار ورضى وتوافق الجميع وليس من خلال الإنابة أو الإفتراض . إن مبادئنا هي كالهواء الذي نتنفسه والذي نشمه والذي نعيش به ، وهذه المقاربة المعرفية قامت على أساس إن غياب هذه المبادئ سيمنع الحياة من إكمال دورتها ونموها وتطورها ، وهي نفسها التي حفزت الشعوب وأثارة فيهم الهمة والشجاعة على المطالبة بحقوقهم في الحياة والعيش الكريم ، لأنها عامل ذاتي دافع وجاذب لصيرورة الوعي والإرادة بإعتبارهما أدوات العقل في التنبيه والإشارة والرأي ، ومن هنا يكون المعنى الدلالي الذي تبناه - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - لهذه المبادئ هو المعنى المنسجم مع اللفظ والدلالة سواء أخذناهما على إنفراد أو أخذناهما كمجموعة كاملة فهي عنده تعني منظومة القيم الملازمة للحياة وللوجود ، وهذا التحديد للمعنى واقعي ودال على معناه وهو لم يحتج به الليبرالي الديمقراطي لكي يوهم الناس في لغة الغائب وضميره ، بل تحدث عنه في صيغة الحاضر والموجود وحاجته ، وهو تعميم وإطلاق معرفي وكلي وليس تحديد بمعنى الحصر أو التخصيص لا في الدلالة الواحدة ولا في الإعتبار . والليبرالي الديمقراطي يؤمن بمفهوم التطور التاريخي والتطور المعرفي هذا التطور شمل إيضاً نفس مبادئ - العدل والحرية والسلام - أعني تطور في معرفتها وفي حجمها وفي سعتها مرتبط ذلك بتطور الأداة المعرفية والعقل الإنساني ، ولذلك جعل الليبرالي الديمقراطي قضية التطور نصب عينه كمحفز له وهو يجري عملية التغيير والإصلاح الإجتماعي والديني ، الإصلاح الذي بدوره يسر للمريدين التفاعل مع حركة الحياة من دون قلق أو خوف ، والإصلاح أساسه العقل كذلك التطور أساسه العقل المتحرر من التابو و من المقدس ، العقل المؤمن بالعلم والمنطق والعمل ، ومن هذا العقل نشأت قضية التحليل وتفكيك النصوص التاريخية والدينية وجرى بحث معمق في معرفة لغتها وخطابها والبحث عن الحقيقة فيها وفي ظل المتشابه الذي يكثر فيها ، أنبثق من هذا العقل الدعوة إلى تشكيل العقد الإجتماعي الخالي من سلطتي الدين والسياسة . الليبرالية الديمقراطية إذن جعلت من هذه المبادئ الحق الطبيعي الذي لا يمكن التفريط به و لا يجب سلبه بأي حال ، كما و لايمكن إختزاله في شأن معين من شؤون الحياة ، تلك المبادئ في الليبرالية الديمقراطية هي الصفة الطبيعية الملازمة للإنسان والتي تزول بزواله ويزول هو كذلك بزوالها - هي إذن حاجة و ضرورة تنعدم الحياة بدونها - ، وهي التي تحدد للإنسان طريق الحياة وخارطة الطريق في السياسة والإقتصاد وفي الثقافة ، ولهذا كانت الليبرالية الديمقراطية ولازالت من أشد المعارضين لجعل المبادئ تلك تتحرك وفق شعارات ورغبات الحاكم كما هو سائد في بلادنا العربية ، داعيةً إلى جعل الإختيار والإنتخاب الشعبي والمشاركة العامة هي سمة الحياة في كل شؤونها ، رافضة في الوقت نفسه إيقونات الكهنة وحكايا العصمة وعدالة المستبد ، إن نظام الحياة فيها يقوم على منع إحتكار الدولة للعمل في السياسي والإقتصادي والثقافي والإعلامي ، ومنع التدليس في نظام السوق وفي البيع والشراء إلاّ على أساس التوازن ورفع الحيف وجعل ذلك لمصلحة الكافة .
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف ننقذ الوطن ؟
-
الإصلاح الديني ... لماذا وكيف ؟
-
فوضى التظاهرات
-
رأينا في الأزمة الجديدة
-
مصلحة العراق فوق الجميع
-
حوار في قضية الحسين
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة التحديات
-
الليبرالية الديمقراطية ... مشروع الحضارة
-
لماذا نؤوسس لليبرالية الديمقراطية ؟
-
نمو التيار الليبرالي الديمقراطي في المنطقة العربية
-
معركة بناء الدولة في العراق
-
الليبرالية العربية
-
بيان إستنكار
-
فلسفة الخلاف
-
الحرب القذرة
-
الحوار هو الحل
-
إنتاج عقد إجتماعي جديد
-
الليبرالية الديمقراطية حركة فكرية شاملة
-
الليبرالية الديمقراطية هي أساس الفضيلة
-
الدكتور أحمد الكبيسي والعقلانية الدينية
المزيد.....
-
سوريا.. فيديو حراسة موكب أمير قطر بدمشق ولقطة مع أحمد الشرع
...
-
-سيفعلان ذلك-.. تصريح جديد لترامب عن مصر والأردن وخطة استقبا
...
-
الحوثيون على قائمة الإرهاب: ماذا يعني ذلك لليمن؟
-
بعد الدمار.. نازحون فلسطينيون يعودون إلى شمال غزة وينصبون خ
...
-
تحذير لمكاتب الكونغرس الأمريكي بعدم استخدام تطبيق -ديب سيك-
...
-
اليونان.. قرار بإزالة طوابق فندقية مخالفة قرب معبد الأكروبول
...
-
الصليب الأحمر يدعو إلى عمليات نقل -آمنة وكريمة- للرهائن
-
قنبلة نووية في متناول اليد!
-
السعودية.. فيديو يشعل تفاعلا لشخص وما فعله بمكان عام والأمن
...
-
-بلومبيرغ-: شركات العملات المشفرة تبرعت بملايين الدولارات لح
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|