أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -عَبُّود- يَصْنَع التاريخ!














المزيد.....

-عَبُّود- يَصْنَع التاريخ!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4003 - 2013 / 2 / 14 - 10:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


جواد البشيتي
"عَبُّود"؛ ومَنْ مِنَّا (في الأردن) يَجْهَل هذا الاسم، أو صفة صاحبه؛ فهو "الفلكي"، الأشهر من نارٍ على عَلَم؛ لكنَّه "فلكي" بمعنى آخر، لا يمتُّ بصلةٍ إلى "الكوزمولوجيا"؛ إنَّه يقرأ، كل يوم، للناس "أبراجهم"، فيَقَع كلامه (الفلكي) على أسماع أُناسٍ (ملايين الناس) تشبه كثيراً ما يرغب فيه، أو يرغب عنه؛ وإنِّي لأعتبره "المُسْتَبِد الأعظم" بعقول وإرادات وتصرُّفات ملايين الناس؛ لكنَّ "استبداده" مِنْ جِنْسٍ آخر، لا يشبه أبداً استبداد بشار أو زين العابدين أو معمَّر أو مبارك أو صالح..؛ لأنَّه لا يُكْرِههم إكراهاً على سماعه، وتصديق "أقواله"، التي ليست من عنده، على ما يَزْعُم، فهو مُمْسِكٌ بهم من دواخلهم، لا يَدْعوهم إلى أنْ يُؤْمِنوا بغير ما هُمْ مُؤْمِنون به منذ آلاف السنين.
و"عَبُّود"، عندي، ليس "الشَّخْص نفسه"، وإنَّما "الرَّمْز" فيه؛ فهو إنَّما يَرْمز إلى فئة كبيرة من المشتغلين بهذا الذي يُسمُّونه "عِلْماً"؛ فما أكثر ما يُنْسَب إلى العِلْم عندنا نحن أهل الشَّرق وهو ليس من العِلْم في شيء.
أمَّا ما حَمَلَني على الكِتابة في هذا الأمر ("عَبُّود ــ الرَّمْز") فهو، على ما أرى، من الأهمية (العلمية) بمكان؛ فإنَّ "عَبُّود"، وعلى ما اكتَشَفْتُ، بعد تأمُّلٍ وتفكير، يساهم مساهمة كبيرة (وإنْ كانت خفية، غير مُدْرَكَة) في "صناعة التاريخ"؛ نَعَم، في "صناعة التاريخ"؛ فلا تَعْجَبوا!
صباح كل يوم، يَسْمَع السَّامعون ما يَتْلوه "عَبُّود" عليهم؛ فهو يقول لـ "زَيْد"، الذي يَميل إلى الامتثال لقوله، "انْتَبِه؛ فيومكَ هذا لن يكون جيِّداً؛ واسْعَ في اجتناب أي نزاعٍ مع رئيسكَ في العمل"؛ ويقول لـ "عمرو"، الذي لا يختلف في طبيعته السيكولوجية عن "زيد"، "أَقْدِمْ، ولا تتردَّد؛ فيومكَ هذا جيِّد، قُمْ بما كنتَ تَعْتَزِم القيام به".
إنَّ "عَبُّود"، وبما أُوتي من "عِلْمٍ" بتأثير الكواكب والأجرام السماوية في الإنسان، بحسب تاريخ ميلاده، له سلطان عظيم على سلوك الناس؛ فهو، وعملاً بسلطة "افْعَلْ ــ لا تَفْعَل"، يمكن أنْ يُسَيِّر كثيراً من الناس، نافِثاً في روع كلِّ "مُسْتَمِع ــ مُصَدِّق" فكرة "التوافُق في سلوكه وتصرُّفه وقراره (اليومي) مع ما أخبره به عَبُّود"؛ فلا يَفْعَل ما كان عازِماً على فعله، ويَفْعَل ما كان عازِماً على عَدَم فعله؛ لكن، أين هي "صناعة التاريخ" في كلِّ هذا الذي قًلْنا؟
إنَّ "التاريخ" يُصْنَع من طريق "التَّفاعُل (العفوي، التلقائي، الموضوعي) بين أفعال (والفعل يتضمَّن في معناه "عَدَم الفعل" أيضاً) الناس جميعاً، في مكان ما، وفي زمان ما؛ وإنَّ "نُتاج" هذا التَّفاعُل (والذي هو، على وجه العموم، شيء لم أرغب فيه، لا أنا، ولا أنت، ولا هو) هو "الحدث (أو الحادث) التاريخي"؛ وهذا "الحدث" يشبه "المُركَّب الكيميائي" لجهة صلته بعناصره ومكوِّناته.
افْتَرِضْ أنَّ "المستمعين الأردنيين جميعاً" امْتَثَلوا لِمَا حضَّهم "عَبُّود" على فعله، أو على عدم فعله؛ فإنَّ "التَّفاعُل (العفوي، التلقائي، الموضوعي) لأفعالهم جميعاً" سيأتي، حتماً، بشيءٍ لم يَكُن كامناً في رغبة، وإرادة، وتَوَقُّع، كلَّ مُشْتَرِك في هذه "اللعبة"، "لعبة صُنْع التاريخ".
"عَبُّود"، في مساهمته الجليلة في "صُنْع التاريخ"، أعادني إلى ماركس، الذي انشغل ذهنه كثيراً بإجابة سؤال "كيف يُصْنَع التاريخ؟".
لقد فهم ماركس "التاريخ" على أنه شيء يُصْنَع صُنْعا، ويُخْلَق خَلْقْا؛ ولكن ليس من "العدم (التاريخي)"؛ فالبشر هم الذين يصنعون "تاريخهم"؛ وبـ "أيديهم" يصنعونه. أجل بـ "أيديهم"؛ لكن ليس على (أو حسب) هواهم.
"التاريخ"، بحسب وجهة نظر ماركس، يُصْنَع صُنْعاً، وهو شيء "قيْد الصنع"، وليس بالشيء "المصنوع من قبل"، بقوى غريبة عن البشر، وعن مسرح التاريخ، وكأنْ لا خيار لدى البشر إلاَّ أن يعملوا، ويفعلوا، ويتفاعلوا، بما يؤدي إلى الحادثة التاريخية، المقرَّرة من قبل، ومنذ الأزل، ومن خارجهم، وجوداً وإرادةً ووعياً.
حتى "إرادتهم الحرة" لا يمكن فهمها وتفسيرها إلاَّ على أنَّها، على ما قال نيتشه، جزء من "نظام قدري" لا مهرب لهم منه، فالإنسان "يختار"؛ ولكن بما يقيم الدليل على أن هذا الذي وقع عليه "اختياره" هو نفسه "المقرَّر له" من قبل.
في قوله "إن البشر يصنعون بأيديهم تاريخهم؛ ولكن ليس على هواهم.."، تخطى ماركس التناقض الزائف والمصطنع بين "الموضوع" و"الذات" في "صناعة التاريخ"، فالبشر لا يصنعون تاريخهم في (ضمن) ظروف يختارونها بأنفسهم. لقد نُقِلَت إليهم مباشرة من الماضي؛ فأدمغة الأحياء (من البشر) محاصَرة دائما بـ "تركة الأموات (الأجيال الغابرة)".
البشر ينشغلون دائما بـ "تغيير" أنفسهم، والأشياء من حولهم؛ ومن هذا "الانشغال" للأفراد والجماعات تبدأ "صناعة التاريخ".
و"كيمياء التاريخ" هي ما يفسر ظاهرة أن صُنْع التاريخ يتمخض، كثيراً، أو على وجه العموم، عن "نتائج" لم يرغب فيها "الصناَّع"، من أفراد وجماعات، ولم تكن على هيئة "أهداف" في خططهم ومساعيهم. وطالما رأينا تلك "النتائج"، أو بعضها، في تضادٍ مع ما رغب فيه البشر، في أثناء "تغييرهم" لأنفسهم، وللأشياء من حولهم؛ ولكن، مهما كانت "النتائج"، ومهما كانت درجة توافقها أو تعارضها مع ما توقعه البشر، وأرادوه، ورغبوا فيه، وسعوا إليه، فإنها لا يمكن أن تكون غير "الضرورة"؛ فصُنْع التاريخ لن يأتي أبداً بنتائج لا يسمح بظهورها الواقع الاجتماعي والتاريخي (الموضوعي) للبشر المتوفِّرين على صنعه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما معنى هذا الذي اتَّفَقوا عليه في القاهرة؟!
- معاذ الخطيب مَدْعُوٌّ للتوضيح!
- مِن -انتحار بوعزيزي- إلى -نَحْرِ بلعيد-!
- خَيْرٌ لكم أنْ تُنْتِجوا فيلم -هيكل سليمان الضائع-!
- ضَرْبَة ذهبت بما بقي من أوهام!
- خط أحمر ثانٍ!
- الانتخابات الأردنية.. ثُلْثا مَنْ يحقُّ لهم الاقتراع -قاطعوا ...
- -ثُقْب أسود- في قَلْب مجرَّتنا.. من أين جاء؟!
- رواتب أردنية للوقاية من -التَّسَوُّل-!
- عندما تنادي موسكو بحلٍّ -يقرِّره الشعب السوري-!
- نِصْف الطعام في العالَم -تأكله- صناديق القمامة!
- صورتنا في -مرآة الزعتري-!
- بشَّار الثالث!
- حتى لا يعيث التعصُّب الطائفي فساداً في الربيع العراقي!
- تباشير فَجْرٍ عراقيٍّ جديد!
- نتنياهو إذْ جاء متأبِّطاً -الكونفدرالية-!
- إذا ما زار نتنياهو الأردن..!
- سيكولوجيا انتخابية أردنية!
- هل نسي الأسد أنَّ فَتْح دمشق بدأ بمعركة اليرموك؟!
- فكرة -نهاية العالَم- ما بين -الخرافة- و-العِلْم-!


المزيد.....




- -لجنة التحقيق الإسرائيلية الخاصة بهجمات 7 أكتوبر: -الحكومة ف ...
- ما جحم الخسائر في لبنان وإسرائيل منذ بداية الحرب؟
- جامعة مصرية تعلق بعد التداول الواسع لفيديو أستاذ يجبر طالباً ...
- لبنان.. القوات الإسرائيلية تطلق النار بعد ساعات من بدء الهدن ...
- غرف متفحمة وقصف متتال.. طبيب يوثق غارات إسرائيلية مستمرة على ...
- لجنة التحقيق الروسية تؤكد مقتل مدنيين في كورسك بصواريخ -أتاك ...
- رئيس إدارة تايوان يشكو لمسؤول أمريكي -التهديد الصيني المستم ...
- افتتاح مترو سالونيك الجديد في اليونان بعد 20 عاماً من البناء ...
- اليوم الـ418 للحرب الإسرائيلية على غزة: وقف إطلاق نار في لبن ...
- أبرز ردود الفعل على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -عَبُّود- يَصْنَع التاريخ!