|
الديمقراطيون بين السلطة الشيعية والانتفاضة السنية
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4002 - 2013 / 2 / 13 - 13:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الديمقراطيون بين السلطة الشيعية والانتفاضة السنية ضياء الشكرجي [email protected] www.nasmaa.org مقالة كتبتها بعد تظاهرات الجمعة الماضية 08/02 في المحافظات الغربية. ثم ترددت في نشرها. وهنا لأكن صريحا في الاعتراف بصعوبة تحديد الموقف. هي تظاهرات سنية من جهة ضد السلطة الشيعية. وكوني ألتقي من جهة معها بمقدار كوني معارضا مثلها للسلطة الشيعية، أو الشيعسلاموية، كما أسميها، ولكن من جهة أخرى أفترق عنها، لأن معارضتي تنطلق من ثلاث منطلقات أساسية، إيماني بالديمقراطية، اعتمادي للمواطنة، معارضتي للإسلام السياسي. فافتراقي مع تظاهرات المحافظات (الغربية)، كي لا أقول (السنية)، كونها مع هذا سنية بدرجة أساسية، وأنا رجل لا سني ولا شيعي، بل أؤمن بعراقية المشروع السياسي، وكونها لا تبتعد عن الأسلمة بشعاراتها ورموزها، وأنا رجل علماني أؤمن بضرورة فصل الدين عن السياسة، ثم كونها تلتقي بقدر قل أو كثر بالبعث، وأنا ممن يتمسك بكون عودة البعث يمثل خطا أحمر، لكن لا وفقا لمعايير المالكي في تطبيق (الاجتثاث) أو (المساءلة والعدالة)، بل وفقا لمعايير العدالة والديمقراطية، لكن بدون غض النظر عن أهمية المصالحة الوطنية، مما يضطرنا أن نتسامح قليلا في مثاليتنا الديمقراطية لصالح السلم الأهلي. رغم أني رجحت غض النظر عن نشر هذه المقالة، عدت إليها اليوم الأربعاء 13/02، لأراجعها، وأتممها، ثم رأيت أن أنتظر حتى الجمعة القادمة 15/02، لأختمها على ضوء أحداثها، لكني رجحت نشرها كما هي، وإلى يوم الجمعة يكون لكل حادث حديث. أدناه المقالة كما كتبتها، مع بعض المراجعة والإضافات [بين قوسين مضلعين]، والتي كنت أسميتها «ليست فقاعة يا مالكي»، وقبلها كنت قد اخترت عنوان «الانتفاضة السنية ليست فقاعة يا أبا إسراء». كتبت: هي انتفاضة سنة العراق المليونية [المليونية تعبير مجازي، وهي قابلة لأن تكون مليونية] الآخذة بالاتساع والتصاعد. إذن هي ليست فقاعة يا أبا إسراء المالكي، ولن تنتهي كما انتهت احتجاجات الديمقراطيين في ساحة التحرير يا أبا بلال الأديب. الجمعة التي مضت في 08/02 كانت علامة فارقة في تصاعد الاحتجاجات في المحافظات السنية، أو ذات الأكثرية السنية، وفي أجزاء من العاصمة. كما كانت هناك مؤشرات لبعض التهذيب والتشذيب والتصحيح للتظاهرات الحاشدة. فأعلام صدام ذات النجمات الثلاث كادت تختفي، باستثناء حالات مفردة متناثرة، بعكس الأسابيع التي مضت، حيث كانت الأعلام البعثية هي التي تطبع المشهد العام للتظاهرات. واضح جدا هناك تعليمات مسؤولة [أو ذات غاية ما] معممة، وهناك التزام مسؤول واضح بتلك التعليمات. يراد للتظاهرات أن تزال عنها الصبغة البعثية [وحسنا يفعلون]. وكذلك هناك محاولات لتخفيف الخطاب الطائفي، لتتحول من انتفاضة سنية إلى انتفاضة عراقية على طريق التصحيح والإصلاح. لكنها حتى الآن ما زالت تظاهرات (سنية) بامتياز. فهل سيكون بالإمكان تحويل صبغتها إلى صبغة (عراقية)؟ وهل ستلتحق المحافظات الشيعية بها، كذلك بصبغة (عراقية)، وليست بصبغة (شيعية)؟ هل سيمكن توحيد الشعارات والمطالب، لاسيما بالنسبة للقضايا الخلافية، من حيث المطالبة السنية بإلغاء كل من (4 إرهاب) و(المساءلة العدالة)، والرفض الشيعي لرفعهما، ليكون المطلب شيعيا-سنيا موحدا، أو الأصح عراقيا، بتطبيقهما، [بل الإصرار على تطبيقهما، لكن] تطبيقا عادلا، كما قال زعيم التيار الصدري، دون أن نكون صدريين، أو متناغمين صدريا، أو ممن يضفي القداسة على تصريحات رجال الدين. هذا مع ما يستوجبه القانونان ربما من ثمة تعديل ضروري، يرضي السنة، ويطمئن الشيعة، لكن دون إطلاق يد الإرهاب، وفتح أبواب العودة للبعث، بأي مسمى كان؟ أعود إلى التظاهرات (السنية حتى الآن) بألوفها المؤلفة، وأقول إنها حاولت تهذيب وتنقية نفسها من اللوثة البعثية. وبشكل محدود، تحاول التظاهرات تنقية نفسها من الصبغة الطائفية. لكنها بقيت مصطبغة بصبغة الأسلمة هذه المرة، أو لنقل بالصبغة الدينية، وليس بالضرورة بصبغة الإسلام السياسي، بمعناه الأخص. فرجال الدين هم الذين يقودون، وهم الذين يوجّهون، وهم الذين يخطبون، والعمائم مَعلَمٌ بارز في التظاهرات، وكذلك اعتماد الهتافات الدينية، وإن كانت ربما ربما لم ترقَ إلى مستوى شعارات الإسلام السياسي. ثم من الشعارات المركزية للتظاهرات هو الدفاع عن حقوق السنة، وعن رموز ومقدسات السنة، [ولهم مبرراتهم في ذلك، منحتهم إياها السياسة (الشيعية) المتمذهبة]. والذي أدى إلى أسننة التظاهرات هو ممارسات أشيعة [أو شيعنة] العملية السياسية، وأشيعة الدستور، وأشيعة الجيش من قبل القوى الشيعسلاموية، ولاسيما تيار (المالكي/الدعوة/دولة القانون)، وسياسات التهميش السياشيعي ضد السنة. فهو فعل سياسي شيعي بامتياز للسلطة، جوبِه برد فعل احتجاجي سني بامتياز. [هنا لا بد من القول بأن المتشددين إسلاميا وشيعيا كانت في البداية قوى (المجلس) و(التيار)، فإذا المعادلة تنقلب بقدرة خفية، فتصبح (الدعوة) و(دولة القانون) و(المالكية السياسية) هي الأكثر تشددا، إسلاميا، وشيعيا، ويتحول (المجلس) و(التيار) أقرب إلى الوسطية والاعتدال، وإن كان ليس في العمق، بل في الظاهر فقط، أو لنقل هو اعتدال تكتيكي وليس اعتدالا استراتيجيا، ومع هذا نرحب به، مع بقاء معارضتنا لهما ولبقية المعارضين للمالكي من داخل (التحالف الوطني) كـ(الفضيلة) و(السيستانية)، لأنهم جميعا ينتمون بالنتيجة إلى (الشيعسلاموية السياسية)]. بعد سقوط الديكتاتور في نيسان 2003 يوم كنت ما زلت إسلاميا، نعم إسلاميا-ديمقراطيا، ونظّم لي حزب الدعوة برنامجا في مدينة الثورة، حيث ألقيت معتمرا العمة كلمة في حشد كبير، وبسبب ما كان يسود في أجواء الشيعة من إحساس، بأنهم كانوا مضطهدين طائفيا، ولخشيتي أن يبعث هذا الشعور بنَفَس طائفي مضادّ ضدّ السنة، قلت في كلمتي آنئذ، يجب علينا أن نميّز بين التوقي من الفعل الطائفي، وبين أن يكون رد فعلنا نفسه طائفيا. يومها كنت شيعيا، نعم شيعيا-لاطائفيا، لذا تكلمت بلغة (نحن)، التي تخليت عنها، [ولم تعد تشرفني]، كوني تخليت عن أكون شيعيا أو سنيا. واليوم كعلماني مؤمن بالديمقراطية والمواطنة والدولة المدنية، وبوصفي لست شيعيا ولا سنيا، أقول إن السياسيين الشيعة، أي المنتهجين لما يمكن تسميته بالتشيع السياسي، إن هؤلاء قد مارسوا حقا الاضطهاد والتهميش ضد السنة، كما إننا لا نبرئ السياسيين السنة، أي المنتهجين لما يمكن تسميته بالتسنن السياسي، لاسيما المتطرفين منهم، قد مارسوا الإرهاب والتنسيق مع البعث والقاعدة [وفرق القتل الطائفي]. ولكن من جهة أخرى السنة أنفسهم هم من واجهوا في مناطقهم إرهاب القاعدة، عبر الصحوات. إذا أرادت جماهير المناطق السنية ألا تعيد الخطأ الذي ارتكبه الطائفيون الشيعة، والطائفيون السنة على حد سواء، عليها أن تواصل تنقيتها لاحتجاجاتها، من كل لوثة بعثية، ومن كل لوثة طائفية، ليحولوها إلى انتفاضة تصحيحية عراقية، وإذا أرادت جماهير المناطق الشيعية ألا تحمل وزر أخطاء وخطايا السلطة الشيعسلاموية، عليها هي الأخرى أن تتضامن مع تلك الانتفاضة العراقية التصحيحية، حتى يأتي يوم لا نلمس أن هناك سنة هنا، وشيعة هناك، بل إن هناك عراقيين في كل العراق. [وتأكيدي على أن تكون الانتفاضة تصحيحية أو إصلاحية، يعني أننا يجب أن نكون ضد إسقاط العملية السياسية، بل من دعاة تصحيحها، لكن تصحيحا جذريا، وذلك ليس باستبدال السلطة الشيعية بسلطة سنية، بل باستبدال الطائفية السياسية، أي التشيع السياسي الحاكم، والتسنن السياسي المعارض، بنهج ديمقراطي مؤمن بالمواطنة يحكم ديمقراطية ووطنيا، ونهج ديمقراطي مؤمن بالمواطنة يعارض ديمقراطيا ووطنيا]. وإلا فنحن الديمقراطيين العلمانيين، الذين لا شغل لنا بالتشيع والتسنن السياسيين، سنبقى في خضم هذا العراك الشيعي-السني غرباء. فهذا هو واقعنا الشيعي السني. زيارات مليونية شيعية، وقوافل (مشاية) مليونية شيعية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى نشهد اليوم ومنذ أسابيع تظاهرات سنية مليونية، أو قابلة لأن تَتَمَليَن. بينما احتجاجات التيار الديمقراطي المدني اللاطائفي واللامسيِّس للدين، فتبدأ بآلاف، ثم تنحسر إلى مئات، فعشرات، فتتوقف. هذا هو واقعنا المحزن. بهذا نبقى نحن كعراقيين، كمدنيين، كديمقراطيين، كلاطائفيين، كلامتأسلمين سياسيين، نبقى غرباء في أوطاننا، ويبقى العراك البارز شيعيا-سنيا، وأحيانا عربيا-كرديا. لكننا رغم غربتنا في أوطاننا، مؤمنون إيمانا راسخا بأن المستقبل لنا، لما نحمله من فكر إنساني عقلاني حداثوي، فحتمية التاريخ لا تخطئ، وقوانينها لا تستثني شعبا من الشعوب. المستقبل لنا، حتى لو لم نكن نحن الذين سنقطف ثمار حراكنا، وثمار نضالنا من أجل ذلك المستقبل، بل ستقطفه أجيال قادمة بكل تأكيد، إلا إذا نجح هذا الحراك في نزع الصبغة الطائفية كليا، فتخلى السنة عن سنيتهم سياسيا ووطنيا، وتخلى الشيعة عن شيعيتهم سياسيا ووطنيا. عندها سنطوي مسافات الزمن، ونوفر على شعبنا المزيد من المعاناة، ونعجّل من تصحيح مسار العملية الديمقراطية، لتنحى منحى عراقيا ديمقراطيا مدنيا. 09/02/2013 – 13/02/2013
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجرد سؤال .. ماذا لو قيل: «الإسلام هو المشكلة»؟
-
تصويت البرلمان ضد التجديد للمالكي
-
أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا
-
«كفى يا أبا إسراء ...» مقالة لي تاريخها 06/10/2010
-
مع المعلقين بشأن خيار الانتخابات المبكرة
-
بيد المالكي وحده مفتاح فكّ استعصاء الأزمة
-
يحق لنا ولا يحق لنا أن نحتفل بالسنة الجديدة
-
المشهد السياسي: قراءة للواقع واستشراف للمستقبل
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 3/3
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 2/3
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 1/3
-
المالكي والبرزاني إلى أين في غياب الطالباني؟
-
التقية والنفاق والباطنية على الصعيدين الديني والسياسي
-
رؤية في إعادة صياغة العلاقة بين الإقليم والدولة الاتحادية
-
نقاش في المفاهيم مع الكاتب محمد ضياء العقابي
-
مع هاشم مطر في نقده للمشروع الديمقراطي
-
الإسلام والديمقراطية
-
فوز مرسي محاولة لقراءة متجردة
-
لا أقول: «ديكتاتور» لكنه يتكلم كما الديكتاتور
-
بين تحريم التصويت للعلمانيين وحفلة القتل الشرعي للطفولة
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|