|
اعدام أبو العلاء المعري اعدام لإنسانيتنا
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4001 - 2013 / 2 / 12 - 14:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من منا كعرب لم يقرأ لأبو العلاء المعري الذي ولد في معرة النعمان عام 973 وتوفى فيها عام 1057؟ فهو أحد أكبر رموز الفكر العربي والإنساني. ومن المؤكد بأن التيار الليبرالي العربي مدين لفكره النير. ولكن يا للأسف معرفتنا لفكر أبو العلاء المعري سطحية بسبب تصديه للمعتقدات الدينية ورجال الدين دون تفريق بين يهودي ومسيحي ومسلم. فهو إنسان قبل كل شيء، وفوق الطائفية المقيتة. فهو القائل
يرْتجي الناسُ أن يقومَ إمامٌ ناطقٌ، في الكتيبةِ الخرْساءِ كَذَبَ الظنُّ، لا إمامَ سوى العقل، مشيراً في صبْحه والمساءِ فإذا ما أطعْتَهُ جلَب الرحمةَ عند المسير والإرساءِ إنما هذه المذاهِبُ أسباب لجذبِ الدنيا إلى الرّؤساءِ
هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ويهود حارت والمجوس مضلله اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا دين وآخر دين لا عقل له
فلا تحسب مقال الرسل حقا ولكن قول زور سطروه فكان الناس في عيش رغيد فجاءوا بالمحال فكدروه
إن الشرائع ألقت بيننا إحنا وأورثتنا أفانين العداوات وهل أبيح نساء الروم عن عرض للعرب إلا بأحكام النبوات
وقد شمل هذا المفكر العظيم برعايته الحيوان، فهو يرفض أكل اللحم وحتى أكل البيض والعسل. وفي ذلك قال أبياته الشهيرة فلا تأكُلْن ما أخرجَ الماء، ظالماً، ولا تبغِ قوتاً من غريض الذّبائحِ وأبيَضَ أُمّاتٍ، أرادتْ صريحَه لأطفالها، دون الغواني الصّرائح ولا تفجَعَنّ الطّيرَ، وهيَ غوافلٌ، بما وضعتْ، فالظّلمُ شرُّ القبائح ودعْ ضرَبَ النّحل، الذي بكَرت له، كواسِبَ منْ أزهارِ نبتٍ فوائح فما أحرزَته كي يكونَ لغيرِها، ولا جمَعَتْهُ للنّدى والمنائح
ومن يهمه الأمر يمكنه تحميل كتاب طه حسين: تجديد ذكرى أبي العلاء http://al-mostafa.info/data/arabic/depot3/gap.php?file=i001310.pdf
ويا حبذا لو أن الباحثين العرب في الدول العربية جمعوا كل ما يدرس عنه في المدارس العربية لنرى كيف يتم التعامل مع فكره. فنحن على يقين بأنه لو تم تكريس 10% من الوقت الذي نقضيه في تعليم القرآن وكتب الحديث لتعليم فكر أبو العلاء المعري، لما كنا قد وصلنا الى الحضيض الذي نحن فيه مع الحركات الإسلامية المناهضة للعقل والتي تعيث في الأرض فسادا.
اكتب هذا المقال القصير عن أبو العلاء المعري بعد اطلاعي على خبر يندى له الجبين. فقد قامت عناصر مسلحة تابعة لما يسمى الجيش السوري الحر (يا لها من سخرية!) بتحطيم تمثاله بمدينة حلب لأسباب متضاربة من بينها اعتباره من أجداد الرئيس السوري بشار الأسد، ولأنه ملحد يهاجم الدين، ولأنه ممنوع في الشريعة إقامة تماثيل. وهذا يذكرنا بما تم في أفغانستان عندما قام الطالبان، بمساعدة الإخوان المسلمين المصريين هناك، بتدمير تماثيل بوذا الضخمة. وتجدر الإشارة إلى أن القرضاوي، أكبر منظريهم، يطالب بهدم التماثيل في كتابه الحلال والحرام (أنظر هذا المقال http://blog.sami-aldeeb.com/?p=17323 ) وهو الذي يستشهد به السلفيون في مصر لهدم الأهرامات وأبو الهول (انظر هذا الشريط http://blog.sami-aldeeb.com/?p=28305). وقد رأينا ذلك في تمبكتو، في مالي، حيث قام الإسلاميون بهدم الآثار والتعدي على التراث. وهذا التعدي على التراث الثقافي يعتبر في نظر القانون الداخلي والدولي جريمة نكراء. ولكن الأخطر من كل ذلك أن الدول العربية والإسلامية والمنظمات الثقافية فيها سكتت عن هذه الجرائم، لا بل ما زالت تساند تلك الحركات الظلامية.
وبطبيعة الحال، سوف يرى المتأسلمون في هذا المقال نوع من الدفاع عن نظام الأسد وقد يتهموني بأن اهتمامي بتمثال أبو العلاء المعري أكبر من اهتمامي بآلاف القتلى والجرحى الذين خلفهم القتال الدائر في سوريا. وحقيقة الأمر أن هدم التراث الثقافي والتعدي على مفكر مثل أبو العلاء المعري هو جزء من هدم لسوريا وشعبها حتى يسيطر عليها الظلاميون الذين لا يهمهم لا عدد القتلى ولا حجم الدمار الذي يصيب سوريا. فكل همهم هو التمكن من سوريا لجعلها وكر من أوكار الظلام وعصابات الإرهاب كما فعلوا في أفغانستان والعراق وكما أرادوا أن يفعلوا في الجزائر وما يريدون أن يفعلوا في تونس ومصر. وحسب مرشد الإخوان المسلمين: "طز في مصر وأبو مصر والي في مصر" (أنظر http://www.youtube.com/watch?v=KRYwV_JKmPw ).
سالت احدى صديقاتي السوريات حول موقفها مما يجري في سوريا. فأجابت: "أنا ضد نظام الأسد ولكن لا أقبل بنظام الإخوان المسلمين، فمطلبي هو دولة مدنية". فأجبتها بأن مطلبها مثل من يريد الشمس في وسط الليل. فما يجري في سوريا ليس ضد الأسد، بل لأجل سيطرة الإخوان على سوريا. وهذا جلي في موقف الإخوان المصريين المؤيد لدعاة الظلام في سوريا، وجلي في دعم التيار الوهابي الخليجي لهم الذين يصرفون الملايين لتسليحهم وإرسال المقاتلين هناك، وفي نفس الوقت يتاجرون بالفتيات السوريات في أسواق الدعارة. وهناك من أفتى داعيا الفتيات السوريات لكي تمارس الجنس مع دعاة الظلام حتى يشجعوهم في جرائمهم.
ومن المؤكد أن وصول الإخوان إلى سدة الحكم في سوريا لن يبقي من سوريا حجرا على حجر محولين سوريا إلى أوكار مجرمين يعيثون في البلد الفساد. ولن تسلم الدول المجاورة من هذا الإجرام الممنهج. فالطاعون الإسلامي لا يعرف الحدود ولا يحترم ذمة ولا إنسانية.
فما الحل؟ أدعو جميع أخوتي السوريين نبذ العنف بجميع صوره، والجلوس الى مائدة الحوار، وترحيل كل المجرمين الذين جاؤوا من خارج سوريا، ومقاضاة الدول التي ساندتهم للتعويض عما أصاب سوريا من قتل ودمار. لا مكان لحكم الإخوان المسلمين ومن يدور في فلكهم لا في سوريا ولا في غيرها من الدول. فهم دعاة جريمة ودمار وظلام. يجب ان يقوم الحكم على اساس المواطنة وليس على اساس الدين أو الطائفة. وهذا يعني تغيير كل النظم التعليمية الدينية التي فرخت لنا هذا الطاعون. علينا أن نلقن أطفالنا وشبابنا ما دعا له أبو العلاء المعري من انسانية ونبذ للطائفية، بدل من غسل دماغهم بالتعاليم الدينية الإسلامية الغبية.
-------------------------------------- صدر كتابي عن الختان بالعربية ورقيا مع مقدمة نوال السعداوي وملاحق في 765 صفحة يمكن طلبه من موقع امازون http://www.amazon.com/Male-female-circumcision-Arabic-Christians/dp/1481128736/ref=sr_1_3?ie=UTF8&qid=1354323767&sr=8-3&keywords=aldeeb+circumcision ويمكن تحميله مجانا من موقعي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic وحملوا كتابي الذي يبين أن القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القرآن وألف ليلة وليلة
-
كتب مكدسة وانبياء مشعوذون
-
دين جديد وكتاب مقدس جديد : عرض للنقاش
-
هل حد الردة من الإسلام؟
-
مسلسل جريمة الختان 107: جمال البنا والختان
-
الإعلان قريبا عن دين جديد وكتاب مقدس جديد
-
صلى الله على سامي وسلم
-
الثورة الحقيقية تكمن في نسف قدسية القرآن
-
مسلسل جريمة الختان 106: تجارة الغلفة
-
مسلسل جريمة الختان 105: تجارة الآلات الطبّية والختان
-
مسلسل جريمة الختان 104: ربح للأطبّاء والخاتنين وغيرهم
-
غربلة الكتب المقدسة أو رفع القداسة عنها
-
مسلسل جريمة الختان 103: الجذور الاقتصادية للختان
-
مسلسل جريمة الختان 102: الختان بين المحبّة والساديّة
-
الإسلام المخمج والإسلام السليم
-
القرآن تأليف حاخام مسطول
-
مسلسل جريمة الختان 101: من سيطرة القبيلة إلى سيطرة الأطبّاء
...
-
مسلسل جريمة الختان 100: ختان الإناث وسيطرة النساء على بعضهن
-
مسلسل جريمة الختان 99: ختان الإناث تعبير عن سلطة الذكور
-
سوف نبقى في مجتمع خرفان
المزيد.....
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|