|
القرآن وألف ليلة وليلة
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 3999 - 2013 / 2 / 10 - 17:18
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
انقسمت تونس وانقسمت مصر وسوف تنقسم كل الدول العربية والإسلامية حول ما إذا كان يجب تطبيق الشريعة الإسلامية أم لا.
فالإخوان المسلمون ومن يدور في فلكهم مثل السلفيين والجهاديين وحزب العدالة والتنمية وحزب النهضة وغيرهم يعتبرون أن الحاكمية لله وأن شرع الله هو الاساس الذي يجب أن تدار به البلاد وأنه يحق قتل معارضيهم، فمن يخالف تطبيق شرع الله مرتد، والمرتد يقتل. وقد بدأت فعلاً التصفيات الجسدية مع مقتل شكري بلعيد في تونس. فنزل اتباعه ومؤيدوه بأعداد ضخمة لتشييع جثمانه وللاحتجاج على مقتله. ولكن اتباع النهضة اعتبروا ذلك تحدياً لهم فنزلوا بدورهم في الشوارع ليساندوا ما يسموه الشرعية والشريعة. وتوعد بعضهم بنبش قبر القتيل والتمثيل بجثته. ونشير في هذا السياق إلى أن الحكومة المصرية رفعت الحراسة عن ضريح جمال عبد الناصر مما يمثل دعوة صريحة للإسلاميين حتى يقوموا بنبش قبره والتمثيل بجثته (استمع لهذه المقابلة مع ابن جمال عبد الناصر http://www.youtube.com/watch?v=vr3_wmPvhfc). والمستقبل القريب يؤذِّن بجنازات أخرى تتبعها مظاهرات من الطرفين.
وفي محاولاتهم لإقناع الشعب بأن مطلبهم على حق، وقتلهم لمعارضيهم على حق، وتكميم الأفواه على حق، وقتل المرتدين والكفرة على حق، وهدم الاهرمات وأبو الهول على حق، وتدفيع غير المسلمين الجزية على حق، وهدم وحرق كنائسهم على حق، وقطع يد السارق ورجم الزاني على حق، يقوم الإخوان ومن يدور في فلكهم بحشد آيات قرآنية وأحاديث نبوية كما تحشد الجيوش طائراتها ومدرعاتها وجنودها. فهم يستشهدون بما يقول الله وما يقول رسوله. ومن هو أفضل شاهد على صدق ما يقولون من كلام الله وقول رسوله؟ وهم يعرفون أن الشعب يتأثر بمثل هذه الأقوال بعد قرون من الشحن وغسل الدماغ والتكرار من الروضة الى الجامعة، ومن الجوامع الى وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية.
وبما أن معارضي الإخوان المسلمين وغيرهم يعرفون أن وسيلة الدفاع الوحيدة التي قد يفهمها الشعب هو اللجوء الى آيات قرآنية وأحاديث نبوية تنقد ما يقول الإخوان، فيردُّون على آيات القرآن بآيات قرآنية أخرى، ويردُّون على الأحاديث النبوية بأحاديث نبوية أخرى. فيتصدى لهم الإخوان باتهامهم بعدم فهم النصوص القرآنية والآيات النبوية. فيختلط الحابل بالنابل ويقع الناس في حيرة من أمرهم. وأبلغ تعبير عن هذه الحيرة ما صرحت به سيدة بسيطة أمام تصرفات الإخوان ومتاجرتهم بالدين: "لو كان دا الدين الإسلامي أنا خارجة منه" (انظر http://www.youtube.com/watch?v=8N3Jv_myGbs). وهناك كلمة شهيرة للإمام علي: "لا تحاججوهم في القرآن فتقولون ويقولون فالقرآن حمال اوجه". وهذا الكلام ينطبق أيضا على الحديث النبوي. وكلنا نعرف رفض القرآنيين الاحتكام للحديث النبوي لاعتبارات شتة، حتى أن احدهم، وهو رشاد خليفة، اعتر الحديث من عمل الشيطان، فصدرت فتوى بردته وتم قتله عام 1990. ومهما تجادل مستعملاً الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لصالحك تجد من ينكر عليك ذلك ويرد عليك الصاع صاعين وتكفر ويستباح دمك جهارا.
وحقيقة الأمر، لجوء الإخوان ومعارضيهم للقرآن والحديث مبني على مقدمات مغلوطة لا يمكنهم الاعتراف بغلطها، وإلا لتم قتلهم شر قتلة. فهم يعتبرون القرآن كلام الله، ومحمد رسول الله. ولذلك تتسم آيات القرآن وأحاديث محمد بالقدسية. وهم ينسون أو يتناسون أن الديانات عامة والكتب المقدسة (المكدسة) هي منتوج بشري بحت لا دخل لله به لا من بعيد ولا من قريب، ونسبة ما جاء في الكتب المقدسة لا يشرف الله، لا بل يدنسه ويجلب عليه العار. ولو كنت الله، لنزلت من السماء لأعلن للبشرية جمعاء بأني استقيل من منصبي حتى لا يتم توسيخ اسمي بتلك السخافات التي تنسب اليه. وبخصوص الأنبياء، فهم بشر مثلي مثلك يبحثون عن الشهرة والسيطرة أو مهووسون يتبعهم أصحاب العقول الصغيرة والرؤوس الفارغة الذين لا يمكنهم الاعتماد على ذاتهم ويحتاجون إلى من يقودهم كما يقود الحمارُ قافلة الجمال.
ومن هنا تأتي ضرورة رفع القدسية عن الكتب المكدسة (المقدسة) والأنبياء، ومن ضمنهم القرآن ومحمد، لسبب منطقي بسيط، وهو ان تلك الكتب هي كتب مثل غيرها فيها الغث والسمين، والأنبياء هم بشر مثلي مثلك عرضة للخطأ والصواب. فعلينا أن نعتبر تلك الكتب مثل كتاب ألف ليلة وليلة، والأنبياء مثل علي بابا والأربعين حرامي. فاذا رفعنا القدسية عن تلك الكتب وعن الأنبياء أقفلنا الباب أمام تجار الدين الذين يبحثون عن شرعية لهم من خلال تلك الكتب وأولئك الأنبياء. فهل رأيت واحداً يقول: نطبق ألف ليلة وليلة ونتبع على بابا والأربعين حرامي؟ طبعا لا. بينما تجار الدين يقولوا: نتبع القرآن ومحمد لأن الناس يقدسوهما فيقعوا في فح تجار الدين. هذا هو السبيل الوحيد لكي نجنب بلادنا ويلات الحروب الأهلية على أساس الدين، ومنع رجال الدين قليلي الدين من الإتجار بالدين.
وعلينا جميعا أن نعي أن الديانات والكتب المكدسة (المقدسة) مثل عربات القطار ... كلها من صنع البشر. وإذا عتقت وخربت علينا استبدالها بعربات جديدة حتى نتجنب حوادث الطرق وموت الركاب كما يحدث مرارا في مصر. ولا يمكن ان نستمر في الترقيع إلى ما لا نهاية. فما افسده الدهر لا يصلحه العطارون.
ولا يكفي هنا ان تضع معارضيك في السجن أو تحشد الشوارع ضدهم. بل يجب ان تعد جيلاً جديداً وفكراً دينياً جديداً مبني على العقل وليس على الخرافات الدينية التي يمكن ان تستعمل لصالحك وضدك في نفس الوقت. ومن هنا واجب الصراحة حتى وإن صدمت الأكثرية التي تم تغييب عقولها عبر القرون. ومن هنا ضرورة تغيير المناهج التعليمية الدينية والإعلام بالكامل لننتهي مرة وإلى الأبد من خرافة كتاب منزل ونبي معصوم.
ولا بد هنا من التذكير بتصريح شهير لموشي ديان وزير الحرب الإسرائيلي فترة حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: "إذا استطعنا إسقاط عسكر عبد الناصر وتصعيد الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر، فسنتنسم رائحة الموت والدماء في كل بقعة من اراض مصر. فلتكن تلك هي غايتنا وحربنا بمساعدة أصدقائنا الأمريكان" (جريدة تشرين اللبنانية سنة 1968). من أجل تدمير امة لا حاجة إلى قنبلة ذرية، يكفي أن تضعوا في الحكم الإخوان المسلمين ومن هم على شاكلتهم تجار الدين.
-------------------------------------- صدر كتابي عن الختان بالعربية ورقيا مع مقدمة نوال السعداوي وملاحق في 765 صفحة يمكن طلبه من موقع امازون http://www.amazon.com/Male-female-circumcision-Arabic-Christians/dp/1481128736/ref=sr_1_3?ie=UTF8&qid=1354323767&sr=8-3&keywords=aldeeb+circumcision ويمكن تحميله مجانا من موقعي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic وحملوا كتابي الذي يبين أن القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتب مكدسة وانبياء مشعوذون
-
دين جديد وكتاب مقدس جديد : عرض للنقاش
-
هل حد الردة من الإسلام؟
-
مسلسل جريمة الختان 107: جمال البنا والختان
-
الإعلان قريبا عن دين جديد وكتاب مقدس جديد
-
صلى الله على سامي وسلم
-
الثورة الحقيقية تكمن في نسف قدسية القرآن
-
مسلسل جريمة الختان 106: تجارة الغلفة
-
مسلسل جريمة الختان 105: تجارة الآلات الطبّية والختان
-
مسلسل جريمة الختان 104: ربح للأطبّاء والخاتنين وغيرهم
-
غربلة الكتب المقدسة أو رفع القداسة عنها
-
مسلسل جريمة الختان 103: الجذور الاقتصادية للختان
-
مسلسل جريمة الختان 102: الختان بين المحبّة والساديّة
-
الإسلام المخمج والإسلام السليم
-
القرآن تأليف حاخام مسطول
-
مسلسل جريمة الختان 101: من سيطرة القبيلة إلى سيطرة الأطبّاء
...
-
مسلسل جريمة الختان 100: ختان الإناث وسيطرة النساء على بعضهن
-
مسلسل جريمة الختان 99: ختان الإناث تعبير عن سلطة الذكور
-
سوف نبقى في مجتمع خرفان
-
الجمال من عوامل التقدم والتقبل
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|