محمد محمد - ألمانيا
الحوار المتمدن-العدد: 3998 - 2013 / 2 / 9 - 17:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وأخيرا ثبت عجز ENKS وتعززت مقدرة وتضحية PYD!
كنت قد نشرت سابقا وقبل اندلاع الثورة السورية الجارية مقالا لي تحت عنوان/ غالبا ما كان الكورد ولازالوا يكافحون بضراوة مسلحة في الظروف الصعبة أكثر منه في الظروف المهيئة/. وقد عبرت حينذاك عن تقييمي للعديد من مراحل كفاح الكورد التحرري وبودي هنا التذكير ولو بشكل مختصر وتقريبي بمدى وبكيفية تعامل الكورد مع ظروف متنوعة بالإضافة الى تقييم طبيعة ذلك الكفاح لدى الكورد الغربيين منذ اندلاع تلك الثورة أيضا, وذلك من خلال القيام بمراجعة تاريخية مختصرة كالتالي:
فكما هو معلوم للكثير من المراقبين والمهتمين مدى أهمية الظروف الموءاتية ايجابا ومدى تأثير الظروف الغير مواءتية سلبا لعمل ولطبيعة نضال حركات التحرر القومي للشعوب المضطهدة والمهددة وطبعا من بينها الشعب الكوردي. وفي هذا الصدد يمكن بحث وتناول ذلك على الأقل منذ أواسط والربع الأخير للقرن التاسع عشر عندما بدأ الكورد بقيادة البدرخانيين ثم بقيادة سيد عبيدالله نهري في تلك المراحل الصعبة موضوعيا (دون التننسيق والتواصل مع قوى دولية معينة صاحبة مصلحة في ذلك) وذاتيا (دون توفر تجمع تنظيمي سياسي نخبوي واسع وشامل على مستوى كوردستان عامة) داخل مناطق كوردستانية محدودة بالكفاح المسلح التحرري ومع التقدير الكبير لإرادتهم وشجاعتهم العظيمتين رغم تلك الظروف الظلماتية والنكسات والفظائئع التي حلت بهم من جراء ذلك, فهم لم يتمكنوا من انتزاع حقوق قومية مشروعة مهمة تذكر, وشبيها بهذه حدث أيضا (ولو بشكل أفضل قليلا) بالنسبة الى النضال المسلح التحرري للإنتفاضات والثورات الكوردستانية المسلحة الأخرى عقب ابرام معاهدة لوزان ۱۹۲۳ المشؤومة وحتى سنة ۱۹۹۰(... ثورة بقيادة سمكو الشكاكي, ثورة بقيادة شيخ سعيد, ثورة آرارات, ثورة بقيادة سيد رضا, ثورة برزان الأولى, ثورة أيلول, ثورة ما بعد نكسة ۱۹٧٥, الحركة المسلحة التحررية بقيادة پ.ك.ك منذ ۱۹۸٤ ). هكذا بينما لم يبادر النخب ووجهاء الكورد بالعمل كتنظيم سياسي عريض على الإستفادة والتكيف مع مرحلة الحرب العالمية الأولى الموءاتية وحتى قبل معاهدة لوزان المذكورة سواء كان ذلك بضرورة القيام بالتعاون مع الحلفاء من جهة وانشاء قوات كوردية مسلحة آنذاك من جهة ثانية; هذا ما عدا قيام الكورد الشرقيين بقيادة الشهيد الكبير قاضي محمد فقط بالإستفادة من التدخل السوفييتي في إيران اثناء الحرب العالمية الثانية وذلك بالتعاون مع سؤوليه الأمنيين والسياسيين وبناء قوات كوردية مسلحة وإعلان جمهورية مهاباد للحكم الذاتي الكوردية خلال تلك المرحلة المهيئة, فضلا عن تفاهم وتعاون الكورد الجنوبيين منذ ۱۹۹۱ نسبيا مع بعض القوى الغربية بعد هجرتهم المليونية الشهيرة سابقا وتعزيز قواتهم المسلحة ومن ثم التمتع بنوع من الحكم الذاتي في ظل حماية ودعم غربيين حتى تحرير العراق سنة ۲۰۰۳ على الأيادي الناصعة لهذا الغرب, ولكن ما أعيد إفساد تلك الفرصة السانحة ثانية هو كان عودة الإقتتال الكارثي الداخلي بين PDK و YNK و آحيانا بين PDK و PKK لسنوات عدة وكذلك كان استمرار تعامل واستقواء بعض من مسؤولي هذه الأحزاب بأجهزة السلطات المحتلة لكوردستان بما فيها حتى سلطة صدام المقبورة ثم تفشي الفساد والنهب والتسلط العائلي القبلي وذلك خلال مرحلة تلك الحماية الذهبية. فإن بعض قادة PDK و YNK وخلال ثورثي أيلول وبعد نكسة ۱۹٧٥ وحتى ۱۹۹۰ وفي تلك الظروف الصعبة كانوا يدعون الى الكفاح التحرري المسلح الصعب ويمارسونه داخل بعض المناطق الضيقة الجبلية النائية وغالبا بالإعتماد على معونات محدودة ومشروطة قاسية من تلك السلطات المحتلة لكوردستان نفسها وكيف كانت تنسج وتحيك تلك السلطات فيما بينها من ألعاب ومؤامرات سهلة لدفع وشن حملات عسكرية وحشية رهيبة على الكورد المدنيين ومناطقهم الآمنة وما كان ينجم عن ذلك فعلا ارتكابات الابادة والتشريد للكورد الجنوبيين والتدمير لمناطقهم واحداث تغيير ديموغرافي هناك من ناحية، وكذلك لاحداث اقتتال داخلي كارثي حتى بين هؤلاء البيشمركة الأبطال التابعين لقيادات PDK و YNK من ناحية أخرى وحتى دون انتزاع حقوق كوردية مهمة تذكر, علما أنه وفي هذا الاطار وللحاجة الملحة يمكن أحيانا لحركة تحرر قومي أو وطني في دولة ما بناء علاقات سياسية ولوجستية محدودة وقتية مع سلطات دول (ولو انها دكتاتورية ) مجاورة متناقضة مع السلطة المعادية المعنية في تلك الدولة، ولكن دون الاعتماد الكثير والأعمى على تلك السلطات وبحيث تكون هي على الأقل غير غاصبة أو محتلة لأجزاء من أراضي أخرى لشعب تلك الحركة، كما تقوم به مثلا حركة بوليساريو مع الجزائر الغير محتلة لأي جزء من أراضي صحراء الغربية أوكما يقوم به بعض الفصائل الفلسطينية مع سلطات عربية شمولية قبلية فاسدة معينة ولكنها الغير محتلة لأقسام من فلسطين! هكذا الى أن، ولله الحمد، انتهت الحرب الباردة السوداء السابقة في بداية التسعينيات، حتى بدأ بعض دول الغرب بعد تحرير الكويت وفي أعقاب تلك الهجرة المليونية للكورد الجنوبيين سنة ١٩٩١ بحماية بعض المناطق الكوردستانية الجنوبية وحتى تحرير العراق سنة ٢٠٠٣، وذلك رغم ذلك الإقتتال الأخوي بين قوات PDK و YNK، ورغم استمرار استقواء بعض متنفذي هذه القوى بالسلطات الغاصبة المجاورة, فلم يتخلى الغرب عن تلك الحماية وذلك في اطار تعزيز وتوسيع مصالحه واستراتيجيته الجديدة في المنطقة، بل كان هذا الغرب يضغط بقوة على أولئك المتنفذين لانهاء ذلك الاقتتال الداخلي ووقف الاستقواء بتلك السلطات المعادية. هنا فلولا تلك الاستراتيجية الغربية الجديدة والحماية المتواصلة لتلك المناطق الكوردية الجنوبية وممارسة الضغوط الكبيرة على أولئك المتنفذين المتقاتلين الخاضعين لتلك السلطات، لكانت تلك الأفعال والسياسات الخاطئة الفاحشة لهم سوف تسبب ابادة وتشريد وتدمير البقية الباقية من الكورد الجنوبيين ومناطقهم الآمنة الجميلة. هنا وبينما وبعد تحرير العراق سنة ۲۰۰۳ من السلطة البعثية الوحشية السابقة وحل جيشها وقواتها الأمنية عن بكرة أبيها، يكاد لأول مرة منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى تأتي هكذا فرصة مناسبة أخرى للشعب الكوردستاني الجنوبي، وما احدث ذلك من الفرح والبهجة والآمال التحررية المتعززة لدى الشعب الكوردستاني حتى في الأجزاء الأربعة المحتلة ببدء امكانية السير نحو الهدف الآسمى وهو التدرج في البناء التحرري القومي الكياني والاقتصادي والتكنيكي والعمل بمبدأ العدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية في المؤسسات الادارية الحكومية المتنوعة من جهة، وكذلك لتحقيق ذلك كان العديد من النخب والمنظمات والقوى الشعبية الكوردستانية ترى وتؤمن بأنه لا بد من التنسيق والتعاون اللوجستيين الجديين مع القوات المحررة الغريبة ومع المؤسسات الأمريكية والغربية في ملاحقة ومقاتلة المجموعات الصدامية والارهابية بغية ايجاد الاستقرار في العراق المحرر وكذلك العمل سويا وفق الامكانيات المتاحة في مواجهة خطط ومشاريع السلطات الغاصبة والمجاورة المعرقلة للاستراتيجية الغربية الجديدة في العراق والمنطقة من جهة ثانية. غير أن ما حدث بعد ذلك التحرير والآمال، هو وللأسف الشديد, أن أولئك المتنفذين لم يسخروا ولم يتمكنوا حتى من تأمين التعاون اللوجستي المطلوب لتلك القوات المحررة الغريبة داخل العراق بغية ملاحقة المجموعات الصدامية والارهابية التي ارتكبت وأحدثت خسائر وصعوبات هائلة لتلك القوات، مما أدى ذلك لاحقا ولتخفيف ذلك العبء الى أن تتقرب الحلفاء (خصوصا أمريكا ) بشكل أكثر نحو القوى المعادية لحقوق الكورد، الى درجة بحيث لم يتم مثلا حتى دعم اعادة ضم المناطق الكوردستانية الاستراتيجية المنضوية في المادة ١٤٠، وهذا ما أهملته خطة بيكر-هملتون الشهيرة نصيا بوضوح; وكذلك أصبحت السلطات الغاصبة الايرانية والتورانية التركية تهاجم وتتوغل بريا وجويا شبه يومي داخل حرمة أجزاء من أقليم كوردستان العراق، كما كانت ترتكبها قبل تحرير العراق، بل ويزعم أولئك المتنفذون بأن تلك المناطق المستهدفة هي غير مأهولة من الكورد, وكذلك حتى أن السلطة المركزية العراقية أصبحت ترفض بشكل واضح مسألة اعادة انضمام تلك المناطق المستقطعة الى الأقليم الكوردستاني الجنوبي بل وتواصل دفع قواتها العسكرية الى داخل تلك المناطق الى أن أصبحت هي تتحكم حاليا بشكل شبه تام حتى طول الحدود المصطنعة بين كوردستان الجنوبية والغربية وذلك باستثناء بضع كيلومترات ضيقة وصعبة ومعقدة العبور على نهر دجلة الحاد.
وبصدد طبيعة النضال القومي التحرري للشعب الكوردي الغربي وفق المراحل الصعبة السابقة وعلى أساس أن الوضع الجغرافي الشبه السهلي التام لأقليم كوردستان الغربي بطبيعته أيضا يمكن القبول بأنه كان عدم تبني واتباع الإسلوب المسلح خلال النضال القومي التحرري صائبا, أي كان هناك إسلوب النضال السياسي الإحتجاج السلمي مفضلا, وهذا ما أدى على الأقل الى تجنب الوقوع في التعامل والإعتماد على تلك السلطات المحتلة لكوردستان وبالتالي تجنب الإقتتال الأخوي والإبادة والتدمير والتشريد الكبير في تلك المراحل السوداوية الظلماتية, وذلك رغم الأخطاء والتقصيرات الأخرى والتفتت المتواصل للحركة القومية التحررية الكوردية هناك والتي لم تتمكن لتلك الأسباب حتى الآن من انتزاع حقوق قومية مهمة تذكر. غير أنه وباندلاع ثورة الشعوب السورية منذ ما يقرب من ۲۳ شهرا قد توفرت فرصة موءاتية جدا تكاد هي الأولى منذ ذهبية مرحلة الحرب العالمية الأولى والتي تفرض وتستوجب على النخب والساسة واالفعاليات الكوردية الغربية بأن تبادر إلى تبني وممارسة أساليب النضال القومي التحرري السياسي الاحتجاجي والمسلح معا.
ومن خلال مراقبة ومتابعة وضع هذه الثورة الشعبية السورية وما نجمت منها أعدادا هائلة من الضحايا والتشريد والتدمير ولا زال الحبل بقوة على الجرار والمؤدي ربما الى المجهول الكارثي بالشعوب والطوائف السورية, يتبين مدى الحاجة الملحة الى أن يتمكن نخب وسياسي تلك الشعوب بشكل عام وللشعب الكوردي بشكل خاص, من تأمين الحد الأدنى من الحماية لها حاليا وكذلك بعد السقوط المحتمل للنظام البعثي الدكتاتوري الشوفيني والفوضى الممكن الذي قد سينجم عن ذلك. لكن في هذا السياق يمكن القول بأن تشكيل الجيش السوري الحر والعديد من المجموعات المسلحة الإسلاموية السنية الأخرى قد يوفر نوعا من تلك الحماية للسوريين السنة; وكذلك فإن الميليشيات العلوية وأجهزة وفرق جيش النظام وبترسانته المسلحة الهائلة هي تقوم طبعا بحماية ذلك النظام والسوريين العلويين معا حاليا وحتى بعد سقوطه الممكن أيضا, بينما يلاحظ بأن أطراف المجلس الوطني الكوردي الغربي (ENKS) لم تتمكن حتى الآن من تشكيل أية مجموعة بيشمركة كوردية داخل مناطق أقليم كوردستان الغربي, بينما هناك في المقابل ومنذ أكثر من سنة تم تشكيل قوات حماية الشعب من قبل منظومة PYD ومؤسساتها الكوردية الغربية وتمارس المراقبة في العديد من المناطق الكوردية من ناحية وتكافح وتصد وفق امكانياتها المتاحة هجمات بعض المجموعات الإسلاموية والعربوية الإرهابية المدعومة من السلطات التركية التورانية الشوفينية ومن بعض سلطات الخليج الشمولية القبلية النفطية, كما هو الحال منذ أشهر في منطقة سرى كانيه ( المعربة : رأس العين).
لذلك إزاء هذا وذاك, فمن الضرورة القصوى التركيز حاليا على الوضع الكوردي الغربي في ظل هذه الفرصة الذهبية والحالة الثورية والمأساوية بنفس الوقت الجارية في سوريا ولأجل تأمين الحماية اللازمة للشعب الكوردي الغربي وأقليمه التاريخي حاضرا ومستقبلا والذي لايزال رغم ظروف الأضطهاد والتهجير القسري وخطط التعريب العنصرية لعقود عديدة يشكل كأغلبية ساحقة فيه ولضرورة التمسك بثوابت حقوقه المشروعة المتمثلة بحق تقرير مصيره وبناء وادارة أقليمه الفدرالي أو الكونفدرالي لاحقا, أن تتمكن أيضا مجموعات وأطراف المجلس الوطني الكوردي الغربي وغيره على غرار الفصيل الكوردي العريض الآخر PYD وكذلك حتى إسوة بالحركات السنية والعلوية, من تشكيل فرق الميليشيا والبيشمركة الكوردية المطلوبة لتعزز ولتضيف الى مثيلتها PYD وبالتالي لتكون كافية لتأمين تلك الحماية والحقوق المشروعة وذلك قبل فوات هذه الفرصة النادرة مرة أخرى; هذا إذا أدركنا بأن من يسخر ويضحي في هذا الظرف الموءاتي سيجد الدعم الشعبي المتنوع من جانب وطرق الحصول على التدرب والتسليح من جانب ثاني, وكذلك إذا علمنا بأن العديد من تلك الآطراف والفصائل تخوض النضال السياسي منذ حوالي نصف قرن; فيفترض بها وفي مرحلة مهيئة كهذه أن تتناسب معها وتتمكن من تشكيل قوة كوردية عسكرية لاذمة لتأدية متطلباتها.
محمد محمد - ألمانيا
[email protected]
#محمد_محمد_-_ألمانيا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟