أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - هل هناك عرب في سورية؟














المزيد.....

هل هناك عرب في سورية؟


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3997 - 2013 / 2 / 8 - 18:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


في نيسان من العام الماضي، رفعت بلدة "كفرنبل المحتلة" في شمال سورية لافتة تقول: "أنا درزي وعلوي سني وكردي سمعولي (اسماعيلي) ومسيحي يهودي وآشوري... أنا الثائر السوري وأفخر". اللافتة واحدة من كثيرات تقول ما يقارب هذا الكلام، رُفعت في مواقع متعددة من البلد خلال نحو عامين من الثورة السورية. وبمجموعها تعكس انشغال بال سوريين كثيرين بانقساماتهم الدينية والمذهبية والإثنية الموروثة، وإعلان عزمهم على تجاوزها.
في اليوم نفسه، 13/4/2012، رفعت لافتة في الزبداني غرب دمشق تذكُر السوري بوصفه مسلما أو مسيحيا أو كرديا أو علويا أو سنيا أو درزيا أو اسماعيليا. ويُظهِر رسمٌ من "كفرنبل المحررة" في 23/11/2012 أربعة أشخاص بالأخضر، وعلى صدورهم الصليب والهلال، وسيف ذو الفقار الذي يفترض أن يرمز للعلويين، والشمس التي يفترض أن ترمز للكرد.
هناك غائب كبير عن اللافتتين والرسم هو... العرب. هناك مسيحيون، وهناك دروز وعلويون وسنيون واسماعيليون، وهناك كرد وآشوريون. لكن لا يبدو أن هناك عرب في سورية.
ينبغي لهذا أن يكون مدهشا في "قلب العروبة النابض"، البلد الذي اخترع العروبة السياسية وكان واحدا من مهود إحياء اللغة والثقافة العربية؛ البلد الذي دان الحكم فيه لعقيدة العروبة المطلقة طوال نصف القرن المنقضي، والحزب الذي يحملها: حزب البعث العربي الاشتراكي.
لكن لعله هذا السبب بالذات لم يكد يبق عرب وعروبة في سورية. طوال عقود استخدمت العروبة لطمس التنوع الاجتماعي الثقافي السوري، ولتقنيع الضمير الطائفي الآثم للنظام، وكذلك كأداة لسياسته الخارجية ودوره الإقليمي. وعموما اقترنت بالاستتباع الداخلي والخارجي، استتباع منظمات ونخب وأشخاص. التابعون وطنيون، وغير التابعين خونة.
ومن وراء سيادة العروبة المطلقة لا يبدو أن العرب العيانيين انتفعوا بشيء، أو حازوا السيادة على أنفسهم وتحكموا بشروط حياتهم، ولا أنهم صاروا أكثر توحدا وتفاهما. العكس هو الصحيح في الواقع. فقد كانت العروبة المطلقة أداة تفريق للسوريين في الداخل، ليس بين عرب وغير عرب (غير العرب نحو 15%)، وهذا محقق، ولكن بين العرب أنفسهم، لكونها إيديولوجية رقابة وتضييق، مبنية على ندرة السلوك والموقف الصحيح، بحيث لا يكون المرء عربيا حقا إلا بخضوعه لجملة اشتراطات سياسية ضيقة، مؤداها هو الولاء للنظام وحزبه. لكن إذا كان الولاء هو المطلوب فلن تكون العروبة غير أداة بين أدوات أخرى لضمانه.
الطائفية أداة مضمونة أكثر. لا يجري التخلي عن الأداة العربية، لا تزال تنفع في الإطار الإقليمي. .
وما يبدو أنه في سبيله إلى الحصول في سورية سبق أن حصل في العراق. كان العراق عربيا بمعنى ماهوي مطلق، وليس بمعنى اجتماعي وتاريخي نسبي، وأسس هذا النمط من العروبة المنكرة للتغير والفروق لحكم طغيان دموي، فلم يبق منها شيء حين سقط. في العراق اليوم شيعة وسنة ومسيحيون وكرد، وليس فيه عرب. ويرمز اجتثاث حزب البعث في العراق لهذه العملية التي اختلط فيها رفض الطغيان البعثي مع معاداة العرب والرابطة العربية من قبل فاعلين متنوعين: الأميركيون، نخب كردية وشيعية، إيران.
العلاقة بين العروبة المطلقة وبين نزع العروبة مؤكدة في الحالين. لم يقع ما يشبه ذلك في بلدان أخرى مثل مصر وتونس واليمن لأن العروبة هناك لم تتحول إلى إيديولوجية سياسية مشرعة للطغيان. لكن حصل ما يقارب ذلك بقدر ما في مصر في سنوات حكم السادات ردا على العروبة الناصرية، وقد كانت أقل إطلاقا وأكثر براغماتية.
الوطنية السورية ذاتها ستكون أفقر بتدهور العروبة وصعود الروابط الدينية والمذهبية محلها. لا أحد يكسب في سورية من اختفاء مستوى جامع لأكثرية السوريين، الرابطة العربية، لا يلغي مستويات هويتهم الأخرى، الدينية والمذهبية، ويجمعهم بغيرهم في العالم العربي. سورية محتاجة إلى تصور "دستوري" للعروبة يقوم بهاتين الوظيفتين.
قد نلاحظ في لافتة كفرنبل المحتلة أنه ليس هناك مسلمون أيضا. هناك دروز وعلويون وسنيون و"سمعوليون". هذا مرتبط بصعود الوعي الذاتي الطائفي داخل ما يفترض أنه الطيف الإسلامي من جهة، وبالمطابقة الشائعة بين المسلمين والسنيين في سورية من جهة أخرى. وهي مطابقة يبدو أن الإسلاميين يرتاحون لها لما تدره عليهم من شرعية خاصة غير منازَعة. يسهل لهم الأمر ميل نخب من الأقليات إلى توكيد الهوية الطائفية في مواجهة ما يفترض أنها الأكثرية السنية، وكذلك الدعوة "العلمانية" الموجهة حصرا ضد الإسلام السني، على ما هو معلوم للجميع في سورية.
لكن إذا زالت العروبة كأحد مستويات الهوية الوطنية في سورية بفعل العروبة المطلقة البعثية، فهل يزول المستوى الإسلامي أيضا لمصلحة المستويات الطائفية؟ هذا مرجح حدا إن كتب للإسلامية المطلقة الخاصة بالإسلاميين أن تكون صاحبة الكلمة العليا في سورية ما بعد البعثية وما بعد الأسدية. سنحصل حينها على بعثية جديدة بلا بعثيين.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحطيم متعدد الأشكال للمجتمع السوري
- اقتراح معاذ الخطيب: خطأ إجرائي وصح سياسي!
- ما هي مشكلتنا مع -جبهة النصرة-؟
- المرحلة الأخطر في الثورة السورية
- الأسد أو لا أحد/ الأسد أو نحرق البلد: نظام العدمية السياسية
- المراقب المثالي والصراع السوري
- المنسى السوري... المنساة السورية
- في شأن -جبهة النصرة- والسياسة الملائمة حيالها
- ليس لدى -السيد الرئيس- من يشاركه!
- قبول -الحل الإبراهيمي-، وليس رفضه، هو ما يؤدي إلى -الصوملة-؟
- الثورة، الإسلام، وامتلاك السياسة: في نقد -التيار المدني- وال ...
- تحولات صورة الأميركيين أثناء الثورة السورية
- خوارج الثورة السورية و-خوارجها-
- ثلاث قوى منظمة و...ثورة
- تكوين سورية وتاريخها و...الثورة
- الثورة السورية ووضع الثورة المطلقة
- حوار متجدد في شأن الثورة السورية
- الثورة والإسلاميين بين سورية ومصر
- ليس في التاريخ ثورات -ع الكاتالوغ-
- هل نستطيع تصور النظام السياسي السوري بعد الثورة؟


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - هل هناك عرب في سورية؟