|
الاخلاق والاخلاق الدينيه قيود صارمه على عقل الانسان تمنعه من التقدم والتحضر وتأثيرها على المجتمع اخطر من جريمه الاستغلال
سعد كريم مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 3996 - 2013 / 2 / 7 - 00:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاخلاق والاخلاق الدينيه قيود صارمه على عقل الانسان تمنعه من التحضر وتأثيرها على المجتمع اخطر من جريمه الاستغلال
الاخلاق هي قيم واعراف غير مكتوبه فرضها المجتمع على الانسان الذي يعيش بداخله وقد قبلها الانسان طوعيتا واصبحت لديه قيما عليا ومعيارا لتحديد سلوكه سواء كان خطا ام صواب من وجهه نظرهذا المجتمع وعندما نريد ان نبحث في كيفيه تعلم هذا الانسان لهذه الاخلاق واثرها سواء كان سلبا او ايجابا في هذه المجتمعات وماهيه المصادر التي رفدت هذا الانسان بهذه الصفه علينا ان نبحث في موضوعين اساسيين, الاول هو معرفه الهيكل النفسي للانسان او ذاته الانسانيه لان هذا الهيكل يعرفنا على الطريقه التي تجعل اكتساب الانسان لهذه الاخلاق راسخه في قراره نفسه ولايميل لتغيرها الابعد ان يطرأ عليها تاثير خارجي كبير والثاني هو دراسه السيره الذاتيه لوجود الانسان على سطح هذا الكوكب ولكون الانسان مر بسلالتين قبل ان يصل الى مرحله الانسان الحديث الذي ننتسب اليه وهذه السلالتين هما انسان الجاوا وانسان النيانديرتال ولكون سلالات الانسان السابقه لاتفرق كثيرا عن الحيوانات الثديه في سلوكها لذا سوف نبحث السيره الذاتيه للانسان الحديث لانه هو الذي اكتسب صفه الاخلاق
الهيكل النفسي للانسان او الذات الانسانيه كان القدماء يعتقدون ان الانسان له ذاتا واحده وهيه التي يعبر بها عن نفسه لكن علم النفس الحديث اثبت خطا ذلك فكثيرا مانجد الانسان يخاطب نفسه ويتحدث اليها وقد يعاتبها واحيانا يعاقبها وهذا يعني ان النفس البشريه تملك اكثر من ذاتا لكي يتم التخاطب والتوافق فيما بينها وقد جائنا الطبيب والعالم النفسي فرويد من خلال نظريته بان الذات البشريه هيه ليست ذات واحده وانما هيه ثلاثه ذوات كل واحده منها تعبر عن نفسها بسلوك معين وهذه الذوات هيه (1) الذات الحيوانيه (2) الذات البشريه (3) الذات المثاليه 1) الذات الحيوانيه يعتقد فرويد ان الذات الحيوانيه كلها لاشعوريه اي ان الانسان يندفع اليها لاشعوريا ومايدفعه اليها هو دافع اللذه والالم وهذه الذات لاتهتم بقوانين الاخلاق التي يصدرها المجتمع والتي تحدد من خلالها الخطا او الصواب في سلوك الانسان وانما تريد ان تتلذذ من غير قيد اوشرط وهيه تدفع الانسان نحو لذاته في كل حين 2) الذات البشريه ان الذات البشريه هيه شعوريه واعيه لسلوكها لكنها غير مثاليه وهيه تشعر بقيود الاخلاق التي يفرضها المجتمع لذلك هي تحاول مراعتها لكن يغلب عليها النفاق والمراوغه فمثلا هي لاتحب ان تسرق لانها تخشى من العقاب والذي يتبعه الاحتقار الاجتماعي لكنها متى ما وجدت الفرصه المناسبه التي تأمن فيها من العقاب والاحتقار الاجتماعي حتى تندفع وراء الذات الحيوانيه اندفاعا شديدا ولولا الذات المثاليه التي تراقبها باستمرار لصارت هذه الذات مطيه للذات الحيوانيه التي تدفع الى اللذات والالم
3) الذات المثاليه وهي المستودع الذي يتلقى القيم والاعرف التي تشكل اخلاق المجتمع الذي يعيش فيه الانسان ومن هذا المستودع تشكل اخلاق وثقافه الانسان لذلك تقف هذه الذات المثاليه تقف حارسا على حافه اللاشعور كي تمنع الحوافز التي تنكرها اخلاق المجتمع وتسمح للحوافز الاخرى التي يقبلها المجتمع بالمرور لذلك فان هذه الذات تسمى احيانا بالظمير او الوجدان لكن هذه الذات او الضمير ليست بالحارس الصارم وانما هو حارس ضعيف ويمكن اغرائه ويمكن ان يرتشي عندما يشتد عليه ضغط اللاشعور احيانا ويجعله متسامحا الى ابعد الحدود ويحدث هذا بصفه خاصه في المجتمع الذي تكثر فيه المواعظ العاليه جدا وخاصه المواعظ الدينيه لانها تحاول الصعود بالانسان فوق مستوى البشر وتطلب منه ان ينسى ملذاته وآلامه لذلك يقع اللاشعور تحت وطاة كبت شديد فيضغط هو بدوره على الذات المثاليه او الظمير وهنا تظهر لدى الانسان نزعه جديده تسمى بنزعه التبرير وهذه النزعه تسمح للانسان ان يندفع وراء شهواته ثم بعد ذلك يجد له عذرا اوقناعا براقا يغطي به اندفاعه هذا وهذا مانجده كثيرا عند رجال الدين فنجد رجل الدين يندفع وراء شهواته ومن ثم يعود ليؤدي فريظه الصلاه التي فرضها المجتمع عليه لتكون تبريرا لسلوكه الذي ينكره عليه المجتمع
وجود الانسان الحديث وعلاقته بالاخلاق وجد الانسان الحديث على سطح هذا الكوكب منذ مائتي الف سنه كما تقول المصادر كامتداد تطوري للسلالات التي سبقته وقد تميز هذا الانسان عن السلالات السابقه بمرونه جسده الذي مكنه من صنع الادوات وسعه قدراته العقليه والفكريه لكن سوء حظ هذا الانسان انه وجد في العصر الجليدي الاخير المسمى بالبليتوسيني والذي امتد لمليوني سنه مضت وفي ضل هذه الظروف الجويه القاسيه التي جعلت من كوكب الارض كره ثلجيه كبيره لم يكن عند الانسان سواى هدف واحد في هذه المرحله هو التصارع من اجل البقاء مع الظروف الجويه القاسيه لايجاد مكان يئويه من جهه ومن جهه اخرى التصارع مع الحيوانات لصيدها وتامين غذائه منها كونها كانت هيه مصدرغذائه الوحيد كون النباتات لايمكنها لها ان تعيش في تلك الظروف واحيانا يكون غذائه من لحوم ابن جنسه الانسان اذا لم يجد غذائه لذلك وضع الانسان كل قدراته البدنيه والعقليه لصنع الادوات التي تحقق اهدافه التي ذكرنها , هذا الواقع الصعب الذي امتد لما يقارب من مائتي الف سنه والتي عاشها الانسان تحت تاثير العصر الجليدي الذي لم ينتهي الاقبل عشره الاف سنه من الان جعل سلوك وصفات الانسان تقترب كثيرا من سلوك وصفات الحيوان لذلك فلم تكن هناك قيما اخلاقيه توثر على سلوك هذا الانسان وهذا جعل الذوات التي لهذا الانسان كلها حيوانيه وبعد ان بدأت اثار العصر الجليدي تتلاشى في اماكن كثير من العالم وبدأت النباتات تظهر الى الوجود مره اخرى عندها وجد الانسان اماكن جديده توفر له الامان من الظروف الطبيعيه القاسيه وكذلك توفر له الامن الغذائي لذلك خرج من اوكاره الى هذه الامكان وتجمع في مجموعات تسمى نمط الكلان وكان كل كلان يظم اعدادا تتراوح بين 25 الى50 فرد وبدأ يترك لغه الاشاره ويتعلم اللغه الرمزيه وقد وجد التملق يكسب الرضا لذلك بدأ يتملق لقوى الطبيعه لاعتقاده بانها هيه المسئوله عن وجوده لذلك اوجد بين هذه الكلان معابد بدائيه ليمارس فيها طقوس التملق لهذه القوى , من هذه الثقافه الاجتماعيه و الدينيه الجديده التي تعلمها الانسان اوجد اللبنه الاولى للقيم الاخلاقيه والتي من خلالها تنازل الانسان عن بعض لذاته وحاجاته الاساسيه الراسخه في ذاته الحيوانيه لصالح الجماعه كي تبنى هذه المجتمعات الانسانيه الجديده لذلك كان الهدف الاول من الاخلاق هو توجيه سلوك الانسان باتجاه التعايش السلمي مع ابناء جنسه وخلال الخمسه الاف سنه اللاحقه تطورت المجتمعات من نمط الكلان الى الانظمه القبليه ومن ثم الى نظام الدوله اوالامبراطوريه والتي جائت بقوانين مكتوبه لتنظم العلاقه بين افراد المجتمع هذا من جانب ومن جانب اخر بدأ الانسان يتعلم بعض العلوم المعرفيه ونتيجه هذه المعرفه العلميه ظهرت الى الوجود الفلسفات القديمه التي طرحت فكره الروح والجسد واعتبرت ان الروح جائت من السماء وسوف تعود اليها بعد الموت وتحيا هناك حياتا ابديه وقد اعبروا المعيار للانتقال الى هذه الحياة الابديه هو الخير الذي يتم الوصول اليه من خلال سلوك الانسان الذي يتوافق مع القيم الاخلاقيه وقد وضعوا الكثير من هذه القيم الاخلاقيه وقد اطلقوا عليها اسم ( الاخلاق الكونيه) واعتبروا هدف هذه الاخلاق هو التعايش السلمي بين الناس حسب مفهومهم ومعنى ذلك ان التعايش السلمي بين الناس بهذه الاخلاق هو الذي يوصل الى الحياه الابديه وقد تطفل بعض رجال الدين الذين اسموا انفسهم بالانبياء على هذه الافكار الفلسفيه واقتبسوا منها فكرها عن الحياه الابديه و القيم الاخلاقيه ووظفوها مع قيمهم وعاداتهم وجائوا بالقصه المعروفه لادم والتفاحه والجنه والنار كثواب وعقاب لمن يويد او يعارض فكرهم الديني هذا وكي تخضع الناس لافكارهم هذه ادعوا بان الاله والذي اسموه الله هو الذي وضع هذه القيم والافكار وارسلها للناس عن طريقهم لكي يلتزموا بها وان من يلتزم بها يكافئ بالجنه بعد الموت ومن لايلتزم بها يعاقب بالنار , من هذا الواقع ظهرت القيم الاخلاقيه وترسخت في الذات المثاليه لكل انسان على انها اخلاق كونيه مرسله من الاله وعلى الانسان تنفيذها دون اي مناقشه لان مناقشاتها هي اسائه الى الاله لذلك اصبحت هذه القيم الاخلاقيه هي المثل العليا للانسان وكان نتيجه ذلك ظهور الموسسات الدينيه التي استحوذت على كل تفاصيل مفردات الحياه للانسان وانتهت الى تأ سيس الدول الدينيه التي جعلت الانسان عبدا لها بملئ ارادته لانها استطاعت ان تحشوا ذاته المثاليه بقيمها الاخلاقيه وغلفتها باطار ديني سميك لاتنفذا اليه اي ثقافه اوحضاره لذلك ضل هذا الانسان يراوح في مكانه ولايستطيع ان يتقدم باي خطوه حضاريه الى الامام وزادت على ذلك بانها دفعت هذا الانسان الى مطاحن الحروب الدينيه كي تحقق رغباتها الحيوانيه في السيطره على الاخرين باسم العقائد الدينيه وخسرت البشريه مئات الملائين من الناس بسبب هذه الحروب ولم ينتهي الامر عند ذلك بل ان هذا الخطر في الركود والانغلاق في ذات الانسان المثاليه وصل الى مجتمعاتنا الحاضره وان المجتمعات والدول التي استطاعت ان تتخلص من هذه التركه الثقيله من الاخلاق بعد ان اوجدت قوانين وضعيه متطوره لتنظيم العلاقه بين افراد مواطنيها وكذلك ايجاد ثقافه جديده للاخلاق مضونها ان يكون الانسان حرا وفي نفس الوقت عليه ان يحترم حريه الاخرين ولايتجاوز عليها لذلك فان هذه القوانين الوضعيه الجديده والثقافه الجديده للاخلاق ترسخت في الذات المثاليه لهذه المجتمعات واصبحت هيه قيمهم العليا لذلك اصبح الانسان في هذه المجتمعات حرا وليس عبدا وعليه فان هذه المجتمعات انطلقت في مشروعها الحضاري الى مديات بعيده اما المجتمعات والدوله التي ضلت متمسكه بهذه الاخلاق الدينيه ومنها مجتمعات دولنا العربيه نجدها ضلت راكده في مكانها ودفنت رأسها تحت تراب عقائدها الدينيه والطائفيه كي لاتواجه التحضر والتقدم العلمي الذي وصل اليه الانسان في تلك المجتمعات المتحضره وقد شاهدنا ذلك واضحا في مايسمى بثورات الربيع العربي عندما سقطت الدوله المدنيه في هذه المجتمعات وسقطت معها ورقه التوت التي كانت تستر تخلف هذه المجتمعات حيث وجدنا عقولا لاناس كأنهم خرجوا من الكهوف لتوهم والاسوء من ذلك انهم يريدون ان يجروا مجتمعاتهم الى تلك الكهوف التي خرجوا منها وكانهم لايعلمون شيئا عن الحضاره التي وصل اليها الانسان
#سعد_كريم_مهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل هناك حياه ابديه كما يدعي الانبياء ومن اين جائوا بهذه الفك
...
-
من حرض واشترك في قتل الخليفه عثمان ابن عفان هل هو علي ابن اب
...
-
اذا كان هناك خالق فما هو هدفه من خلق الانسان
-
ولدت الطائفتين السنيه والشيعيه من الصراع على تركه النبي محمد
...
-
كيف تمكنت الدوله الاسلاميه بعد وفاه النبي محمد من غزوا واحتل
...
-
من كان وراء نجاح دعوى النبي محمد ولمذا فشلت دعوى الاحناف الا
...
-
عامه اخوان المسلمين لايعرفوا اهداف قادتهم
-
الغباء موهبه ياريس مرسي دميه الاخوان
-
واجهه مصريه/ مشهد من مليونيه الثلاثاء القادم
-
مصر تسترد ثوب عرسها
-
شعب مصر يستعيد ثورته من غباء الاخوان المسلمين
-
شعب مصر يستعيد ثوته من غباء الاخوان المسلمين
-
مقارنه بين الروح الوطنيه التي تدفع لبناء الوطن وبين العقيده
...
-
كيفه قتلت عقيده الامامه الفكر الثقافي للمواطن العراقي في جنو
...
-
زمنا لااعرفه
-
جعبه ارثي
-
الدين فلسفه الانسان البسيط محدود المعرفه
-
دوله العراق الديمقراطي الجديده بلا ذاكره
-
بغداد
-
القدسيه والخرافه في فكر الدين الاسلامي للطائفتين السنيه والش
...
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|