أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مريم نجمه - من صفحات الطفولة















المزيد.....

من صفحات الطفولة


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 01:19
المحور: سيرة ذاتية
    


صفحات من الطفولة ..
في أحد غرف بيتنا الذي مازل حتى اليوم قائماً وسط البلدة , المُطّل على ( الرُواق ) الشرفة الجنوبية التي تسبح الشمس في نوافذها , كنت أنام أنا ووالدتي وأخي في السرير الحديدي الأبيض لم يكن غيره في الغرفة ( فاليوك ) ملاّن بالفُرش إذا أتانا الضيف .
كنا صغاراً .. ووالدي كان يسافر في عمله فترات طويلة خارج البيت ,, وخارج سوريا على خط سوريا- فلسطين سائقاً لشاحنة نقل الخضراوات - ورغم أنني الطفلة الصغيرة الوحيدة لوالدتي أصبحت أنا الكبيرة في عائلتي من حيث النوم في حضن الوالدة , أو العمل والمسؤوليات في مرحلة الطفولة المتأخرة فيما بعد . فكنت لا أستطيع النوم بقرب أمي بل أخي الكبير ( شحاذة ) يأخذ هذا الدور لأنه كبير الأطفال والمدلل , وليضع يديه وأنامله في صدرها بدلاً عني , وليبقى هو المسيطر على الموقف , ويصادر موقعي التقليدي للولد الأصغر والإعتداء على حقي الأولي في الحضن –
هذا الدلال الزائد المفرط جعل أخي أنانياً واتكالياً بعض الشئ لكنه محباً وحنوناً .
إني ألاحظ هذه الناحية في كثير من العائلات بأنانية الولد الكبير أو كبير العائلة وفرض كثير من اّرائه على الأسرة حتى لو كانت خطأ – نتيجة مؤثرات تربوية ونفسية ومعاملة فوقية ذكورية غير مدروسة من قبل الأهل – طبعاً هناك أسباباً عدة لهذا السلوك والتصرّف الأناني يحتاج إلى تحليل ودراسة تربوية بخصوص ذلك الدلال والسيطرة وفرض الإرادة على الجميع بتنفيذ جميع طلباته الصغيرة والكبيرة - حيث حملت والدتي بأخي بعد مضي 5 سنوات من زواجها المبكّر وعمرها 14 عاماً - هكذا كانت الأعراف والعادات قديماً في الريف والقرى السورية ومازالت بشكل أقل ..!
هذا ما علمته فيما بعد حينما كبرتُ ,, المهم في الأمر أنني كنت لا أغضب ولا أنفعل من ذلك التصرف الأخوي الطفولي , ولا أقابله بالرفض أو البكاء , بل كنت أبتعد بهدوء وصمت وأكتفي بإبعاد يد أخي عن والدتي و أكتفي بنصيبي وحصتي من حب وحنان وعطف ورعاية أمي لي وقربها منا نحن الإثنين معاً , كنت أمد يدي فوق يد أخي بشتى الطرق لكي ألمس وجهها وصدرها أو ثوبها ويدها لكي تباركنا , ولكي نشعر و يشعرالطفل بالأمان والدفء والمحبة لينام مسروراً اّمنا هادئاً راضياً ...
من هنا أعترف وأسجل بعض هذه الملاحظات عن طفولتي , حيث أنني لم أكن أعرف معنى الكره والأنانية والعدوانية , أو البغض لتصرف أخي الكبير أو أخي الأصغر فيما بعد أو أمي أو أحد فراد العائلة , بل كنت في منتهى الحب والتسامح والرضى , مُحبة هادئة مكتفية بحصتي من الرعاية والحنان وبما حولي من وجوه وسلوك وعطاء ومحبة وأجواء تعاطف .

******
ما هذا السر الذي يسكن في الطفولة ؟
فعندما نعيش الطفولة لا نعي معنى الحياة ! فنكبر ونكبر , وننضج ,
فيعود ليسكن وعينا وتفكيرنا كله في بساتينها وأسيجتها وزواياها ,
إنه فرح الطفولة ..!
....
القيم والتقاليد والروابط العائلية الضرورية للحياة الإجتماعية , هي تربية موروثة ذكية وحضارية في اّن , ودون عُقد أو عصبية أو تأفف وحقد , بل يتشرّبها الطفل بكل محبة وحنان واحترام وتضحية .

....
الماضي قصير , والحاضر هنا , أما المستقبل فطويل وبعيد -
الماضي له ملامح ووجوه وأحداث نستحضرها في كل لحظة , متى شئنا , أم لم نشئ , فهو متكوّن فينا , وهو جُزء من حاضرنا ,
والحاضر هنا الاّن نعيشه لحظة بلحظة وساعة بساعة .. فرحا وألماً , ونساهم في تشكيله ورسمه مهما كانت مساهمة فردية أم جماعية مادية أم معنوية ..
أما المستقبل , فهو غداً , زمن قادم ممتدّ , نفكر به ونتخيله ونخطط له بسرية تامة في صندوق العقل الأنا وهو جزء من حاضرنا ..!
***

لم تكن إهتماماتي منذ الصغر كبقية الفتيات ,,
في اللباس , والثياب والذهب والتجميل والإكسيسوارات والتفاصيل الأخرى والإعتناء بالمظاهر الخارجية , مع عدم الإهمال بالنظافة والأناقة والجديد مع حب البساطة والتواضع . لم يكن التفكير والإهتمام بها هو الهدف الرئيسي بالنسبة لي .. بل كانت لدي أهدافاً نبيلة وكبيرة أصبو إليها في داخلي أحياناً معلنة , وأحيانا مخبّأة لا يباح بها فتظهر في السلوك مباشرة أم غير مباشرة ..
فما تشتريه لي والدتي , وما تخيط لي من أثواب عند خالتي ( هيلانة ) الخياطة الماهرة في القرية كنت أتباهى وأقنع به , وفي كثير من الأحيان كنت أرفض عرضها لشراء الألبسة الجديدة , كم كانت تلح علي وتغضب مني أحياناً لعدم مرافقتها وتلبية طلبها !؟ كثيراً ما حاورتني كي أقبل عرضها المغري , تحاول أن تقنعني بشتى الطرق والمقدمات بأن أذهب معها أو تصحبني إلى السوق – في صيدنايا , أوفي دمشق فيما بعد - لشراء بعض القطع الذهبية كالحلق أو الإسوارة , أو فستان , أو ثوب ما , أو كنزة صوفية وغير ذلك ,,, , وكان طبعاً الجواب بالرفض دائما من قبلي ,,, ما العمل!؟ فقد كنت عنيدة منذ طفولتي حتى في اختيار الثوبلا يتم إلا حسب قناعتي وبإرادتي -
هكذا كان تفكيرنا في طفولتنا وشبابنا في مجتمع الإنتاج الوطني والأمن الغذائي , والقيم والمفاهيم الأرقى لقيمة الإنسان ..التي لاتقارن مع حياة الناس والفتيات اليوم في مجتمعات الإستهلاك والصرعات والتقليد الأعمى !

ما زلت أتذكر حينما مرّ أحد الباعة المتجولين في القرية يحمل معه المطرّزات والشراشف الجميلة الغريبة عن تراث بلدتنا من الأشغال اليدوية أو الصناعية على ( الماكينة ) أي صنع معامل , لا أدري حينها هل هي من صنع مدينة حلب أم دمشق , أم بلاد الصين !؟
قالت لي أمي رحمها الله : سأشتري ( لجهازك ) زوجين من ( اللحاشات والشراشف ) , فرفضت رفضاً قاطعا وباستهجان ماذا ! ؟ فهذا الموضوع غير وارد في تفكيري أبداً وخاصة بدأت عروض الخطوبة تتوالى –
رفضتها لسببين : لأنها تقليد وعادة قديمة عند الأمهات ( التخطيط لزواج البنات, والأشغال اليدوية القديمة ) فهي مرفوضة عندي فأنا الجيل الجديد يجب أن ابتكر , أنا من يقرر !!
كنت أعتبر كل شي قديم مرفوض عندي
فالشباب ثورة وتمرّد وتجديد
.... عندما كبرت وأصبحت أُمّاً , ونضجت ووعيت قيمة الأشياء الفنية وحاجات البيت الضرورية في بداية تأسيس العائلة , حقيقة قدّرت قول والدتي ,, وقد أصبحت مع زيادة الوعي أنبش التراث وجمال التراث الشعبي وأحافظ عليه وأتباهى به .. مع إضافة إبتكاراتنا وشغلنا وإنتاجنا العصري طبعاً الذي سيصبح هو تراثاً في المستقبل البعيد ...
إنها أفكار وصور ومواقف التمرّد والرفض صفة الشباب وبراعم الأفكار الجديدة تراودنا بين الحين والاّخر عندما نحن لحضن الأمومة رغم شيخوختنا لنسبح في الماضي الجميل .. إنها الذكريات الأليمة والجميلة باّن ,, نتعلم منها ونعلّم ..!
مريم نجمه – هولندا - أوكتوبر



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعرة الرائدة بلقيس حسن .. وأعاصير الحب ! قراءة في كتابها ...
- صفحات من ملعب الزهر -
- كلنا سوريين - من اليوميات - 35
- من اليوميات - كاريكاتور أخضر! - 34
- من كل حديقة زهرة . منوّعات - 38
- الكرة الكرة , العالم أصبح كرة !
- الصراع الدولي على منطقة البحر الأحمر - 5
- تعالوا نزرع الطريق .. من اليوميات - رقم 33
- مهنتي المقدسة - 2
- صفحات من ثقافتي
- الأعياد على الأبواب - من اليوميات - 32
- متغيرات .. العيون اللاقطة ؟
- محطات استراحة .. من اليوميات ؟
- عيد منبر الحوار المتمدن 11
- دمشق تحت الراجمات .. سوريا في المخيمات ؟ من اليوميات - 31
- من يوميات الثورة : سوريا ليست للبيع . فلسطين لنا .. والجولان ...
- سريانيات - درس سرياني - 6
- وجهة نظر ؟
- من صفحات الطفولة .. زيزفون وخبز وعسل ..
- ماذا قدمت الثورات العربية ؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مريم نجمه - من صفحات الطفولة