أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مروان ياسين الدليمي - الاسلام السياسي والسلطة















المزيد.....

الاسلام السياسي والسلطة


مروان ياسين الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 3993 - 2013 / 2 / 4 - 11:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وانت تتأمل صورة المجتمعات العربية بعد سقوط عدد من رموز أنظمتها السياسية خلال العامين الاخيرين (2011 و2012)تجدها في مجمل تفاصيلها تبعث على القلق والتشاؤم بقدر ماتبعث على التفاؤل ،خاصة بعد أن صعدت على مسرح الاحداث قوى دينية سلفية باتت تمسك السلطة على أنقاض سلطة كانت تحمل صبغة علمانية بشكل أو بآخر .
مالذي جعل المجتمع يدفع بهذه القوى الى واجهة المشهد السياسي بعد أن كانت الى حدما غير معنية بعملية التغيير الثوري للانظمة انطلاقا من ثوابت عقائدية تؤمن بها إيمانا ً راسخا ً تمنعها من الخروج على الحاكم، بأعتباره ولي أمر المسلمين وهذا يستوجب الالتزام بالحكمة والموعظة الحسنة في مخاطبتة عند إرتكابه معصية تجعله يخرج عن جادة الحق والصواب؟ فالحاكم في إطارهذا المنهج ماهو إلا ّ ظل الله على الارض. وتجربة الاخوان المسلمين في مصر خير دليل على ذلك، فهم حتى يوم 25 كانون الثاني /يناير عام 2011 كانوا يرفضون الخروج مع المتظاهرين احتجاجا على النظام القائم بل أصدروا بياناتَ رفض ٍ واضحة تشجب وتدين هذا التحرك، لكنهم بعد أن تيقنوا من سقوط النظام ،خرجوا إلى الشوارع وانظمّوا الى الجموع المتظاهرة .
هل يعد هذا التحرك جزءاً من ستراتيجية انتهازية يتم اللجوء إليها تجنبا ً لأي احتكاك واصطدام بالنظام القائم ؟ ولكي تتلافى بناء على ذلك عمليات الملاحقة التي قد تتعرض لها ؟ أم أن خروجها جاء نتيجة إدراكها بأنْ : تعمل وبسرعة لأجل أنْ تسحب البساط من تحت اقدام القوى الجديدة التي تغلب عليها الافكار العلمانية وإنْ كانت معظمها ليست بتيارات مُلحِدة ٍ،بنفس الوقت خطابها لايحمل هويّة دينية ؟ يبدو أن كلا الاحتمالين وارد ٌ في ماشهدناه من وقائع واحداث .
التحول نحو أسلمَة المشهد السياسي يطرح تساؤلات هامة تنبع من خطورة مايفرضه هذا المتغير خاصة وأن جُل احزاب وحركات الاسلام السياسي تحمل منهجا ً يغلب عليه صفة التشدد،وهذا يعني أنَّ : قضية الحرية الفردية باتت في خطر،ودخلت في مرحلة الصراع لأثبات وجودها وشرعيتهاأمام ماتطرحه القوى الدينية من حزمة أفكار ٍكلها ترفض وبشكل قاطع ومطلق قضية الحرية .
مجريات الاحداث في المنطقة العربية تشير إلى أننا سنشهد يوما بعد آخر معارك سياسية ساخنة يغلب عليها التشنج والصراخ والتخوين والتكفير مابين الاحزاب الدينية وبقية قوى المجتمع المدني من أحزاب وجمعيات ومنظمات، وبلا شك سيفتقد هذا الصراع ــ وتحديدا من جانب القوى الدينيةــ الى ابسط القواعد ألا وهي :أحترام الرأي الأخرباعتباره السبيل الوحيد للوصول الى خارطة تفاهمات مشتركة لحل الخلافات والازمات التي تواجه المجتمع،وهذه إشكالية طالما لدى القوى الاسلاموية قناعة جوهرية ثابتة لايمكن أن تتزحزح من أنَّ :النص الديني مُقدَّس ،وهوالمرجعية الوحيدة في التعامل مع الواقع ،ومن خلاله تتم الاجابة على كل الأسئلة التي يطرحها هذا الواقع مهما تقادم الزمن وجرى ماجرى من متغيرات.ذلك لأن النص ليس زمنيا ً،فهو قبل وبعد وفوق الزمن ، لذلك هو لم يأتي إستجابة وإجابة لحالة معينة بذاتها بقدر ماهو شمولي بجوهره ويتعالى عمّا هو آني وزمني .
من هنا، لاجدوى ولامعنى في قبول أيّة طروحات أخرى تأتي من خارج هذا النص وسيصبح الحوارعقيما ً قبل بدءه طالما أن أحد الطرفين المتحاورين لايؤمن أصلا من حيث المبدأ بفكرة السؤال والبحث عن أجوبة جديدة .
إذن : الاحتقان سيبقى قائما بين الطرفين ،بل سيزداد شدّة وخطورة بينهما وسيدفع بالتالي الى ظهور عوامل أخرى جديدة يغلبُ عليها عامل العنف والعنف المضاد.
ضمن هذه الاشكالية المعقَّدة التي تطرحها البنية الثقافية للمجتمعات العربية المسلمة يصبح عقل الفرد مُعطلا ، كذلك مدركاته مغيّبة وغائبة عن تسجيل الملاحظات التي يكون الشَّك مبعثها منذ بداية وعيه بذاته وبالحياة طالما هو يولد في بيئة كهذه تؤمن إيمانا جازما ًبأن خطابهاالفكري مُكتمِلٌّ ، وبناءً على ذلك يرفض رفضا قاطعاً أي جهد يشمُّ فيه رائحة بحث واستكشاف في ثوابته وملفوظاته، وستلحق بها بالتالي صفة التحريم ،لأن الأجاباتَ والأسئلة َحاضرةٌ وشاخصة ٌوقائمة ٌفي نص أزلي لايقبل الجَدل والنقاش ،خاصة بعد أن كان قد أكتمل التفسير والتأويل على يد مجموعة محدودة من الأئمة المَراجِع في الفترة المحصورة مابين نهاية القرن الاول والقرن الثالث الهجري،لم يتجاوزعددهم أصابع اليد،وكانت خاصية جهودهم تكمن في أنهم : لم يسعوا في تفسيراتهم للأتيان بأي شيء جديد يخرج ويتقاطع مع النص .
من هنا لم يعد من الجائز أمام الفرد المسلم ــ من بعد أولئك المراجع ــ أن يعيد النظر أويتأمل مابين يديه من تفسيرات للنص الديني حتى لو كانت قد جاءته قبل مئات السنين على يد أشخاص عاشوا في ظروف وازمنة أخرى غير التي يعيشها هو ومجتمعه .
هذا الوضع أوجد قطيعة وافتراقا بيّنَا ً مابين الواقع بكل متغيراته وبين تلك التفسيرات والتأويلات البشرية التي أكتسبت صفة القداسة هي الاخرى بمرورالزمن لدى عموم طبقات وفئات المجتمع العربي المسلم وفي المقدمة منها الحركات والتيارات الاسلاموية.
القطيعة هذه باتت تفرض حضوراً ثقيلا على المجتمعات العربية المسلمة التي تعيش على الكرة الارضية وليس في كوكب آخر، وهي بذلك جزء من المجتمع البشري، ولاتعيش بمعزل عنه،ولن تستطيع أن تكون بمنأى عنه حتى لو أرادت هي ذلك .
إن رياح التغيير المتبادلة مابين المجتمعات البشرية قائمة منذ أن وجدت رغم ماتفرضه عليها الانظمة السياسية من عزل ٍوابعادٍ بقصد إحكام السيطرة،ولاشك في أنَّ عوامل التأثيرالمتبادل بين الشعوب باتت الان أكثرعمقاً واتساعاً مما كانت عليه قبل مطلع تسعينيات القرن الماضي بعد أن بدأ البث الفضائي انطلاقته ومن ثم الشبكة العنكبوتيةعلى سطح المشهد الكوني وماتبع ذلك من ثورة هائلة في وسائل الاتصال وتبادل المعلومات والخبرات بين عموم المجتمعات البشرية .
التيارات الدينية السلفية أدركت خطورة مايحصل من تطورات سريعة جدا في عالم الاتصالات والمعلوماتية بعد أن أصبحت تفاصيلها وآلياتها حاضرة في مجتمعاتها،فكان عليها أن تفعل شيئا ما من أجل درء هذا الخطرالذي بات يهدد وجودها وفاعليتها في الحياة مع يقينها الثابت بأن ماتؤمن به كمعرفة لايمكن أن يبقى حاضراً ومؤثراً إلاّ إذا أمسكت بيدها عصا السلطة، فلاسيادة َولاحضورَ ولاهيمنة َلهذه المعرفة إلاّ إذا أمتلكت السلطة.
هذا الاستنتاج توصَلتْ اليه من خلال فهمها لصفحات بعيدة من التاريخ العربي الاسلامي، فلقد سادت افكارالمعتزلة عندما تولى المأمون السلطة ثم سادت أفكار أبن حنبل أيام المتوكل وهكذا كانت السلطة هي التي تحدد تفرض نمط ومحتوى الافكار والعقائد في عقول الناس.
من خلال هذه الرؤية يمكننا التوصل الى فهم مايجري من سعي حثيث ومحموم من قبل القوى الاسلامية في المنطقة العربية للوصول الى كرسي السلطة،من غيرأن نستبعد العوامل الدولية التي تأخذ هي الاخرى أهميتها إذا مانظرنا إلى مايجري تحت الطاولة من تحركات واتفاقات سرية تعقد مابينها وبين القوى الغربية الكبرى وفي مقدمتها أميركا ،القصد منها : ضمان استمرار المصالح الاقتصادية الغربية في المنطقة العربية مقابل التغاضي عن صعود الاسلام السياسي الى سدة الحكم وعدم الاصطدام به .
إذن نحن الان أمام واقع جديد باتت فيه قوى الاسلام السياسي لاعباً أساسيا ًفي معادلة الصراع العلني على السلطة بعد أن غادرت نهائيا ًالمخابىء والجحورالتي كانت تختبىء فيها لعقود طويلة منذ تأسيها في الربع الاول من القرن العشرين ،هذا المتغير بكل مايحمله من خطورة على الامن الاجتماعي والسياسي، يستدعي العمل حثيثا ً من قبل التنظيمات والقوى المدنية التي تكرس في برامجها تقديس حرية الفرد والمجتمع أنْ : تعمل بكل الطرق السلمية لمواجهة مَدَّ الاسلام السياسي المتشدد منه خاصةً، لوضع حدٍ لطموحاته التي كشف عنها صراحة وعلانية في إقامة نظام سياسي إسلامي مستنسَخ ٍمن الماضي البعيد يُحاكي نظام الخلافة الاسلامية الراشدية التي جاءت بعد وفاة النبي محمد(ص).
إن الاصرار على قيام مثل هذا النظام يعني القفزعاليا وبعيداً عن الواقع بكل مشكلاته وأزماته المعقَّدة والتي تبدأ بحريّة الفرد وتنتهي بحريّة المجتمع مارة ًبمناهج التربية والتعليم والثقافة والفنون والسكن والصحة والزواج والطلاق وحقوق المرأة وووووو الخ .. ونموذج الحكم هذا لايستطيع أن يحتوي هذه القضايا ويضع الحلول المناسبة لها .



#مروان_ياسين_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى المالكي في عزلته .. هل ستعتذر ؟
- لن أقاتل ، في حربكم هذه . .
- خطوط حمر في اليوم العاشر


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مروان ياسين الدليمي - الاسلام السياسي والسلطة