|
ضَرْبَة ذهبت بما بقي من أوهام!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3991 - 2013 / 2 / 2 - 22:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جواد البشيتي سلاح الجو الإسرائيلي "ضَرَب"؛ لكن، "أين ضرَب؟"؛ و"ماذا ضَرَب؟"؛ و"كيف ضَرَب؟"؛ فهذه أسئلة لم تَلْقَ بَعْد من الإجابات الواضحة الجليَّة ما يسمح بالتوقُّف عن طرحها وإثارتها؛ وإنَّ كل ما نَعْلمه الآن، أو حتى الآن، هو "متى ضَرَب"؛ وهذا لا يفي بالغرض، الذي هو أنْ نُعيِّن، على وجه الدِّقة، "ماذا حَدَث"، وأنْ نجيب من ثمَّ عن سؤالين، هما: "لماذا حَدَث هذا الأمر (ولماذا حَدَث على هذا النحو؟)؟"، و"ما هي العواقب والتَّبعات المحتملة؟". هل كان "المضروب" قافلة تَنْقُل سلاحاً (صواريخ مضادة للطائرات، وصواريخ بعيدة المدى) إلى "حزب الله" اللبناني؟ وهل كان هذا السلاح لـ "حزب الله" وقد خزَّنه، من قبل، في الأراضي السورية، فقرَّر، الآن، نقله إلى الأراضي اللبنانية، خشية استيلاء الثوَّار السوريين عليه؟ وهل ضُرِبَت هذه القافلة في داخل الأراضي السورية، أم في داخل الأراضي اللبنانية (أم في نقطة حدودية)؟ وهل يمكن أنْ يكون هذا المضروب، في القافلة، مواد (أو أسلحة) كيميائية (وبيولوجية) قرَّر بشار الأسد نقلها إلى "حزب الله"؟ وهل كان "المضروب" موقعاً سورياً (مركز بحوث عسكري) أم كان الاثنين معاً (القافلة ومركز البحوث العسكري)؟ لبنان اعترف ونفى؛ اعترف بتحليق أربع طائرات إسرائيلية فوق أراضيه؛ لكنَّه نفى أنْ يكون "المضروب" في أراضيه؛ فهل يمكنه ألاَّ ينفي لو كان "المضروب" في أراضيه؟ إنَّ من الصعوبة بمكان، على ما أحسب، ألاَّ ينفي؛ لأنَّ اعترافه هو في الوقت نفسه اعتراف بوجود "حزب الله" على هيئة دولة في داخل دولة؛ ولأنَّ هذا الاعتراف يُرتِّب على "حزب الله" مسؤولية "الرَّد"؛ وهذا ما لا يرده الحزب الآن (على وجه الخصوص) ولأسباب عدَّة وجيهة. إنَّني أعتقد، لا بل إنَّني متأكِّد، أنَّ الأراضي اللبنانية لم تكن مسرحاً للضربة الجوية الإسرائيلية؛ فمسرحها إنَّما كان "الأراضي السورية"، حيث ضُرِبَت منشأة عسكرية سورية إستراتيجية قرب دمشق، و"نقطة حدودية"، حيث ضُرِبَت، في الوقت نفسه، "القافلة"؛ فـ "المضروب" إنَّما كان "المنشأة" و"القافلة" معاً، وفي الوقت نفسه؛ لكنَّ "ماهية" هذه "المنشأة" ما زالت مجهولة؛ وإنِّي لأتوقَّع أنْ تكون على صلةٍ ما بالأسلحة الكيميائية والبيولوجية؛ وإنِّي لأعتقد أنَّ قُرْب سقوطها في أيدي الثوَّار هو ما حَمَل إسرائيل على ضربها. "حزب الله" لم يُعلِّق على هذا الأمر إلاَّ بما يفيد أنَّ الحادث هو اعتداء على سورية فحسب، وأنَّه يتضامَن معها، ويقف إلى جانبها. "الضربة" وَضَعَت إيران في موقف حرج؛ فطهران أعلنت عشية "الضربة" أنَّ كل اعتداء (عسكري) على سورية هو اعتداء عليها؛ فها هي إسرائيل تعتدي (عسكرياً) على إيران، بهذا المعنى؟! ووَضَعَت روسيا، أيضاً، في موقف حرج؛ فموسكو طالما حذَّرت من مغبة ضَرْب سورية، عسكرياً، من الخارج، ومن مغبة الاستذراع بتسرُّب الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لضربها؛ وكيف لروسيا أنْ تَزْعُم أنَّها "لا تعرف (ماذا حدث، وكيف حدث)" وهي التي كان أسطولها البحري يُجْري "أضخم مناوراته منذ انهيار الاتحاد السوفياتي" قبالة الشواطئ السورية؛ ولقد كان رئيس الأركان الروسي يُشْرِف مباشَرَةً على هذه المناورات؟! إذا كانت صادقة في زعمها هذا فإنَّها لا تستحق أنْ يكون لها وجود عسكري دائم في ميناء طرطوس (وفي البحر المتوسط على وجه العموم). أمَّا بشار الأسد، ولجهة موقفه مِمَّا حَدَث، فهو المُسْتَغْلَق على كلِّ فَهْم؛ فهو، هذه المرَّة، أقرَّ واعتَرَف بعد صمت قصير. لقد خَرَج عن صمته سريعاً، هذه المرَّة، معترفاً بهجوم جوي إسرائيلي على "مركز بحوث (إستراتيجي)" يقع على مقربة من دمشق؛ لكنَّه لم يُشِرْ إلى "القافلة". بشار الذي أقرَّ واعترف سريعاً هذه المرَّة إنَّما هو بشار الذي استطاع، من قبل، إسقاط طائرة حربية تركية "انتهكت حرمة المجال الجوي السوري"، على ما زَعَم؛ وهو الذي كانت طائراته الحربية تملأ سماء سورية (وتلقي براميل الموت على السوريين) بالتزامُن مع انتهاك سلاح الجو الإسرائيلي حرمة المجال الجوي السوري، وقصفه ذلك "المركز"؛ وهو الذي يبدي من التشبُّث والاستمساك بـ "السيادة السورية" ما حمله على رفض "كل انتهاك للمجال الإعلامي السوري"، ولو أتى من وسائل إعلام عربية. لقد أقرَّ واعتَرَف؛ لكن بما يقيم الدليل العملي على أنَّه "مقاوِم"، بمعنى أنَّه يُقاوِم كل من يسعى إلى "توريطه" في مقاومة حقيقية للعدو الإسرائيلي، ولو اعتدى على سورية نفسها. حتى تلك التجارة التي قد تنجيه من عذاب أليم نبذها بشار؛ فلو ردَّ لإسرائيل الصاع صاعين؛ لو ضربها بنزر من الصواريخ التي يضرب به المدن والأحياء السورية، لغَفَر له ضحاياه من أبناء شعبه بعضاً من ذنوبه، وما أكثرها؛ لكنَّه، وعلى جاري عادته، لبس لبوس "الحكمة" و"التعقُّل" في مواجهة إسرائيل؛ فخير تَأَسُّدٍ، لجهة عواقبه، هو التأسُّد على أبناء شعبه العُزَّل. لو ردَّ لَنَعِم بتأخير سقوطه (الحتمي) بعض الوقت؛ فهو ساقِطٌ إنْ لم يَرُد، وساقِطٌ إنْ ردَّ؛ لكنَّ تجروءه على الأخذ بالخيار الثاني (الرَّد) يؤخِّر، أو قد يؤخِّر، سقوطه بعض الوقت؛ وربَّما يَغْفِر له بعضاً من ذنوبه يوم الحساب الأرضي الآتي لا ريب فيه. بشار يَمُجُّ سمعه هذه "النصيحة"، التي يعتدها "خبيثة"؛ فهو يستطيع أنْ يضرب إسرائيل بالصواريخ، مثلاً؛ لكنه يخشى أنْ يأتي الرَّد العسكري الإسرائيلي الانتقامي بما ينال كثيراً من قوَّة ما بقي لديه من جيش، وبما يمكِّن الثوَّار، من ثمَّ، من أنْ يحسموا المعركة لمصلحتهم سريعاً. لكنَّني لا أعتقد بما يعتقده بشار؛ فإسرائيل لن تضربه بما يعود عليها بالضرر؛ وهذا الضرر هو إضعاف قبضة بشار على ترسانته من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ومن سائر أنواع الأسلحة الإستراتيجية. إنَّ سلاح الجو الإسرائيلي لم يَضْرِب بشار؛ فهو بضربه تلك "المنشأة (الإستراتيجية)" إنَّما وجَّه "ضربة وقائية"، وقى فيها إسرائيل من "شَرِّ" وقوع هذه "المنشأة" في قبضة الثوَّار؛ ولقد كانت قاب قوسين أو أدنى من سقوطها في أيديهم؛ فَلِمَ لا نَفْتَرِض أنَّ عجز بشار عن الاحتفاظ بسيطرته على هذه "المشأة" هو الذي جعله موافِقاً، ولو ضِمْناً، على تدمير سلاح الجو الإسرائيلي لها؟! وأحسب أنَّ امتناع بشار عن "الرَّد" يَصْلُح دليلاً قوياً على أنَّ هذه الضربة الجوية الإسرائيلية كانت مدار تفاهم، ولو ضمني، بين إسرائيل وبشار. لن يَرُدَّ؛ ولو رَدَّ؛ لا بل لو حرَّر بيت المقدس، فلن يُغْفَر له ذنبه الكبير، أيْ قتله 60 ألفاً من أبناء شعبه، وتحويله 700 ألف آخرين إلى لاجئين في خارج وطنهم؛ إنَّه أسد جريح؛ لكنَّ خطره العظيم لن يكون على إسرائيل، وإنَّما على شعبه ودولته ووطنه. مُبرَّرٌ لإسرائيل أنْ تعتدي، وتَضْرِب في عُمْق الأراضي السورية؛ لأنَّ وقوع بعض أسلحة بشار الإستراتيجية في أيدي قوى معادية لها، أو يمكن أنْ تكون معادية لها، يُلْحِق، أو قد يُلْحِق، أذى بأمن شعبها؛ أمَّا كل تلك المجازر التي تُرْتَكَب في حق الشعب السوري فلا تكفي مبرِّراً لتدخُّل المجتمع الدولي لوقفها!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خط أحمر ثانٍ!
-
الانتخابات الأردنية.. ثُلْثا مَنْ يحقُّ لهم الاقتراع -قاطعوا
...
-
-ثُقْب أسود- في قَلْب مجرَّتنا.. من أين جاء؟!
-
رواتب أردنية للوقاية من -التَّسَوُّل-!
-
عندما تنادي موسكو بحلٍّ -يقرِّره الشعب السوري-!
-
نِصْف الطعام في العالَم -تأكله- صناديق القمامة!
-
صورتنا في -مرآة الزعتري-!
-
بشَّار الثالث!
-
حتى لا يعيث التعصُّب الطائفي فساداً في الربيع العراقي!
-
تباشير فَجْرٍ عراقيٍّ جديد!
-
نتنياهو إذْ جاء متأبِّطاً -الكونفدرالية-!
-
إذا ما زار نتنياهو الأردن..!
-
سيكولوجيا انتخابية أردنية!
-
هل نسي الأسد أنَّ فَتْح دمشق بدأ بمعركة اليرموك؟!
-
فكرة -نهاية العالَم- ما بين -الخرافة- و-العِلْم-!
-
ما معنى -دين الدولة هو الإسلام-؟!
-
في ديباجة مسودة الدستور المصري
-
الشرع إذْ شَرَّع طريقاً إلى -الإنقاذ-!
-
المادة الغائبة عن الدساتير العربية!
-
-صندوق الاقتراع- يُشدِّد الحاجة لدينا إلى مارتن لوثر إسلامي!
المزيد.....
-
العثور على مركبة تحمل بقايا بشرية في بحيرة قد يحل لغز قضية ب
...
-
وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يدخل حيّز التنفيذ وعشرات
...
-
احتفال غريب.. عيد الشكر في شيكاغو.. حديقة حيوانات تحيي الذكر
...
-
طهران تعلن موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنا
...
-
الجيش اللبناني يدعو المواطنين للتريّث في العودة إلى الجنوب
-
بندقية جديدة للقوات الروسية الخاصة (فيديو)
-
Neuralink المملوكة لماسك تبدأ تجربة جديدة لجهاز دماغي لمرضى
...
-
بيان وزير الدفاع الأمريكي حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ول
...
-
إسرائيل.. إعادة افتتاح مدارس في الجليل الأعلى حتى جنوب صفد
-
روسيا.. نجاح اختبار منظومة للحماية من ضربات الطائرات المسيرة
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|