|
إيران والإخوان المسلمين
رياض حسن محرم
الحوار المتمدن-العدد: 3989 - 2013 / 1 / 31 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم أن إيران هى الدولة الوحيدة فى العالم التى ينص دستورها على أن النظام السياسى للدولة هو المذهب الشيعى على الفقه الجعفرى وذلك بعد إنتصار الثورة وإقامة أول جمهورية إسلامية فى 1979 وتصريحات القيادات الدينية الإيرانية رغبتهم فى تصدير الثورة لباقى الدول الإسلامية وهكذا فإن الطوائف الشيعية فى بلدان عديدة تثير ضجة عالية و تتوالى هبّاتها ضد الأنظمة فى معظم دول الخليج ولبنان وسوريا وغيرها، وربما جاء النص فى الدستور المصرى تفصيلا ليس على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع فقط ولكن على المذاهب الأربعة ومرجعية أهل السنة والجماعة لتصبح مصر هى طرف القطب الثانى فى العالم الإسلامى الذى ينص دستوره على مرجعية سنية تمييزا عن النوع الأول من الحكم الشيعى الجعفرى، وهكذا نعود بالتاريخ الى بدايات الاسلام الأولى والصراع بين السنة والشيعة. لقد حافظت أيران على نقائها العرقى ولغتها الفارسية بالرغم من قربها من عاصمة الخلافة "بغداد" ودورهم المتعاظم فى صراعات دولة الخلافة ولا ينكرأحدا دور "أبو مسلم الخرسانى" كقائد عسكرى داهية فى الإطاحة بالدولة الأموية لصالح شيعته من بنو العباس، ولم يتلون لسانها بالحرف العربى وحافظت على عاداتها وتقاليدها وأعيادها واحتفلاتها الخاصة كعيد النيروز ويوم عاشوراء، وعلى عقيدة الإمام الغائب والإمامة المعصومة وظلت تتباهى بعرش الطاووس وحكم الشاهنشاه والدولة الصفوية. لقد ظل الشيعة فى ايران لقرون طويلة بدون صلاة الجماعة أو صلاة الجمعة لغيبة الإمام ( المهدى المنتظر) فى غياهب الجب وانتظارا لعودته حتى جاء آية الله روح الله الموسوى الإمام "الخومينى" قدّس الله سره ليعيد إحياء سنة قديمة لدى الشيعة لم يكن لها السيادة يوما فى عقيدتهم وهى موضوعة "ولاية الفقيه، التى أعاد إستخراجها وإزالة الصدأ عنها وتأصيلها فقهيا ليحكم إيران بموجبها بعد إنتصار الثورة الأيرانية ويؤسس للجمهورية الإسلامية فى إيران، لقد وضع الخومينى فى سنوات نفيه فى النجف كتاب "ولاية الفقيه" ليصبح مانيفستوا الثورة شبيها بكتاب "كفاحى" لهتلر أو البيان الشيوعى وأداة للحكم فى سنوات الغيبة الكبرى للإمام المعصوم، وبعد الإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوى حاول الخومينى التقريب بين المذاهب الشيعية والسنية وخطب ود حكومات الجوار لتسهيل تصدير الثورة الإسلامية الى تلك البلدان دون الإصطدام بالحكام، ولكن سياسة الود هذه سرعان ما تلاشت بعد أن شن صدام حسين الحرب على النظام الجديد فى ايران بايعاز وتحريض من دول عربية وغربية وجدت الفرصة مناسبة للقضاء على الثورة فى مهدها، عندها وفى مقابل هوجة تأييد صدام كحامى للمذهب السنى والبوابة الشرقية فى مواجهة الهجمة الشيعية القادمة من ايران الصفوية حدث تعديل فى خطاب الخومينى وتعالت النبرة الحادة فى مواجهة القومية العربية والمذهب السنى عموما. على أن العلاقة بين ايران الشيعية وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر تسبق حرب الخليج الاولى بزمن طويل، فمنذ نشأة الجماعة على يد الإمام حسن البنا ترسخت علاقات ممتدة مع شيعة ايران، فقد ساهم البنا بفعالية فى نشأة لجان التقريب بين الشيعة والسنة، وقد تمت دعوة "مجتبى مير لوحى" المعروف باسم "نواب صفوى" مؤسس حركة "فدائيان إسلام" و"جمعية أنصار الإسلام" لزيارة مصر بدعوة من سيد قطب عام 1954 وعقد عدد من الإجتماعات مع قادة الإخوان وحمله طلاب الإخوان على الأعناق فى جامعة القاهرة ليلقى خطبة نارية فى طلابها، ونذكر هنا أيضا قيام المرشد الأعلى "على خامنئى" بترجمة كتب سيد قطب واعتمادها كمصدر رئيسى فى تثقيف الحرس الثورى الايرانى وبالأخص أعضاء الباسيج "قوات التعبئة الشعبية شبه العسكرية" التى تقوم بحماية الثورة الاسلامية وتأديب المعارضة. السؤال هو لماذا مصر بالذات؟ ولماذا الإخوان المسلمين؟ لأنهم يعلمون جيدا أن مصر هى قلب الأمة العربية وأن المصريين على هوى أهل البيت والحاضنة الحنون لأوليائهم ففيها قبور وأضرحة الحسين بن على والسيدة فاطمة أخته والسيدة سكينة ابنته والعديد من أهل البيت، ولم ينقطع تاريخ مصر مع الدولة الفاطمية العبيدية الشيعية التى حكمت القاهرة لحوالى قرنين من الزمان وصبغت الاعياد والمواسم بصبغتها الاجتماعية مثل كعك عيد الفطر وعيدية الأطفال والإحتفال برأس السنة الهجرية والمولد النبوى ويوم عاشوراء وموالد الحسين والسيدة زينب وأول رجب وفوانيس رمضان والإحتفال بعيد الغطاس وسبوع المولود ووفاء النيل وغيرها من المواسم والأعياد، أما لماذا الإخوان المسلمين فلأنهم جسدا كبيرا مطواعا اصلاحيا يتمدد فى أرجاء مصر والذى يتبنى المذهب السنى فى عدم معاضة الحاكم أو ولى الأمر "إذا زادك السلطان إكراما فزده إعظاما وإذا جعلك عبدا فاجعله ربا"، ويلجؤون دائما لتقليد القادة الخانعين من أمثال الشيخ "رشيد رضا" ويرفضون التمثل بقادة ثوريين كالسيد "جمال الدين الأفغانى" أو تنويريين كالشيخ "محمد عبده"، ويحملون تاريخا فى التقارب مع شيعة ايران خاصة بعد أن إقترنت شقيقة الملك المحبوب لهم فاروق والأمير الشاب محمد رضا بهلوى واحتضان السادات للشاه فى أخريات أيامه، وقد سارع وفد من الاخوان بتنسيق مع أمانة التنظيم الدولى للجماعة وبترتيب من "كمال خرازى" الجاسوس الايرانى لتهنئة الخومينى بنجاح الثورة الاسلامية عام 1979، وتكرر نفس المشهد للأسف بعد إنتصار ثورة 25 يناير حين أسرع وفد من قيادات الإخوان واستدرجوا معهم بعض القيادات الوطنية كالسيدة "شاهندة مقلد" لزيارة ايران ولقاء قادتها بدعوة منهم ومن المفارقة ان يرفض الوفد صعود الطائرة فى مطار القاهرة حتى يتم الإفراج عن ديبلوماسى ايرانى اتهم بالتجسس..وكان لهم ما ارادوا. ولكن الحدث الأبرز فى هذه الأيام هو ما أشيع عن لقاء بين "عصام الحداد" مسئول ملف الخارجية فى هيئة الرئاسة وآخرين فى مكتب الإرشاد مع "قاسمى سليمانى" رئيس جهاز المخابرات الإيرانية والذى يشرف على العمل العسكرى الخارجى ( حزب الله وحماس ...) مما يؤكد رغبة الإخوان فى استحداث جهاز أمن مواز لأجهزة الأمن الحكومية ويعمل فى مواجهة المعارضة ليس على الطريقة القديمة (التنظيم الخاص) وذلك لإتساع جبهة المقاومة ضد الجماعة فى الشارع والمواجهة القادمة لا ينفع معها مجرد عمليات إغتيال للقادة فلم يعد الزمن مناسبا لنفس الأساليب القديمة، والإستفادة من التجربة الايرانية بعد الثورة الإسلامية فى إنشاء ونشاط الحرس الثورى "الباسدران" وجناحه الداخلى "الباسيج" الذى ورث جهاز "السافاك" فى عهد الشاه. مقال للكاتب بجريدة "الإنتصار" لسان حال الحزب الشيوعى المصرى
#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يهود مصر .. عود على بدء (2)
-
يهود مصر ..عود على بدء
-
سؤال الوقت... كيف؟
-
تحية فخر واعزاز الى أحفاد -محمد نور الدين-
-
الإخوان المسلمون ..محنة رابعة أم جرس النهاية
-
البلتاجى ...تلك الشخصية الغامضة.. طبيب أم جنرال
-
ما أشبه الليلة بالبارحة.. بين مارس 54 ونوفمبر 2012 وتبادل ال
...
-
الإعلان الدستورى الجديد شرعنة لدولة فاشية
-
ساعة ونصف من المتعة والنكد
-
من التاريخ الأسود للإخوان ...إن لله جنودا من حلاوة
-
الصراع مع إسرائيل..والثورات العربية
-
وحدة فصائل اليسار... وحتى لا تفلت اللحظة
-
انتخابات المجلس الوطنى الليبى، أول إنتصار كبير للتيار المدنى
-
عملية رفح... محاولة لتفكيك الحدث
-
عملية سوزانا..فصل فى الصراع العربى الإسرائيلى
-
القاعدة فى سينا..هل هى ظاهرة طارئه؟
-
حديث عن البهائية والدستور
-
أمريكا والإخوان... زواج متعة أم زواج مصلحة
-
الدولة الدينية..محاولة ضبط المفاهيم
-
الإنحراف اليسارى..ونهاية حزب 1924 الشيوعى
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|