|
مسلسل جريمة الختان 107: جمال البنا والختان
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 3988 - 2013 / 1 / 30 - 17:08
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
في هذا اليوم الحزين (وما أكثرها) نقلت لنا الأنباء خبر وفاة جمال البنا، رحمه الله وادخله فسيح جنانه.
لقد كان لي شرف التعرف عليه أولاً من خلال كتاباته، ثم كان لي نصيب تناول وجبة طعام سوية في مطعم جامعة لوزان قبل عدة سنين. وقد دار بيننا الحديث وتشعب إلى أن سألني عن الموضوع الذي اكتب فيه. وكنت حينها اعد لكتابي عن الختان. فذكرته له بتوجس. فسألني: آمل انك تكتب ليس فقط عن ختان الإناث بل أيضا عن ختان الذكور. فأثلج صدري بسؤاله واستفسرت عن موقفه فأجاب بأنه ضد كل من الختانين. فتشجعت وطلبت منه إن كان يرغب في إرسال مقال يشرح فيه موقفه لنشره كملحق في كتابي. وهذا ما فعل. وانا اقدم لكم هذا المقال كما صدر في كتابي (الملحق 23) تحت العنوان التالي:
جمال البنا: وجهة نظر في الختان --------------------- أعتقد أن قضيّة الختان - للرجال والنساء على السواء - قد أخطأت طريقها عندما عولجت من منطلق الدين. وإن هذا كان يمكن لو كنّا يهوداً وفي كتابنا المقدّس نصوص قاطعة عن الختان. ولكنّنا والحمد لله لسنا كذلك. والختان بالنسبة للإسلام لا يعد من مقدّساته أو أساسيّاته في شيء. فليس له علاقة بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر. وليس في القرآن الكريم كلمة واحدة عنه.
صحيح هناك بعض أحاديث ينسبونها إلى الرسول يقول واحد منها أنه «مَكرُمَة للمرأة» ويقول الآخر «لا تُنهِكي». وقضيّة مصداقيّة الحديث لم يسدل ستارها - كما يتصوّرون - بما وضعه المحدّثون من فنون الجرح والتعديل الخ... فضلاً عن أن الفقهاء والمحدّثون أنفسهم يعلمون ويقرّون أن من الأحاديث ما لا يعد تشريعاً. وأنه في هذا القسم يدخل كل ما يتعلّق بالعادات وأن الملزم من الحديث هو ما يصدر عن الرسول تبليغاً عن الله أو تبياناً لبعض ما أجمله القرآن. والختان لا يدخل في هذين. ولعّل ما يُصدِّق ذلك أن الختان لا يمارس في دول إسلاميّة عديدة، بما فيها السعوديّة.
والذي حدث هو أن الكتّاب في مصر، وبعض الدول الأخرى، مدنيين أو فقهاء، تمسّكوا بما وجدوا عليه آباءهم من عادات وتقاليد. لأن التحرّر من هذا أو الآخذ بما يخالفه يتطلّب شجاعة وأصالة فقدناهما منذ أن أعطى المسلمون عقولهم أجازة لمدّة ألف عام بإغلاق باب الإجتهاد - أي إعمال العقل. والأخذ بما كان عليه الآباء والأجداد يحظى بالموافقة ويتّفق مع مبدأ «الجهد الأقل». فهو مريح سلباً وإيجاباً حتّى وإن كانت ضحيّته هي الحقيقة. ومن قَبل قال المتنبي: قد تعيش النفوس في الضيم حتّى لترى الضيم أنها لا تضام
على أننا لو عالجناها من منطلق إسلامي، فإن ما جاء في القرآن «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم» (التين 4:95) يفنّد ما يدّعونه من أن الختان يصحّح نقصاً في طبيعة خلق الإنسان، وهو ما ينافي النص القرآني. لقد أراد الله للرجال والنساء أن يكونوا كما خلقهم - «في أحسن تقويم». فلا مبرّر للإفتيات باجتهادات لا بد أن تكون خاطئة. لأنها أخذت بعداً مظنوناً وأغفلت أبعاداً عديدة محقّقة.
ولعّل هذه النقطة ليست بعيدة عن قضيّة «قداسة الجسد الإنساني» وعدم العبث به بأي حجّة. إن الطبيب الذي يجري جراحة لإنقاذ مريضه من خطر محقّق يستأذن ويأخذ موافقة كتابيّة من المريض قَبل إجراء هذه الجراحة التي تُعمِل المشرط في اللحم الحي وقد تؤدّي إلى إزالة ما. من هذا المنطلق نقول إن ولاية الآباء على الأطفال من أبنائهم والتزامهم الخير لهم من تعليم أو علاج يؤمِّن مستقبلهم عندما يشبّون لا يدخل فيه أبداً هذه العمليّة التي لا تتضمّن إضافة، ولكن بتراً - حتّى لو كان القصد خيراً. لأن تعريض الملايين من الأطفال (في بعض الإحصائيّات 13 مليون طفل و2 مليون طفلة) للموس أمر لا داعي له على الإطلاق. وليس من المبالغة أن تفوق أضراره مزاياه المزعومة لأنه يغلب أن يؤدّى بيد جاهلة وبوسائل بدائيّة ممّا يؤدّي إلى مضاعفات عديدة عضويّة ونفسيّة فضلاً عن مخالفته لمبدأ قداسة الجسد الإنساني وعدم العبث به. ناهيك بتعريض هؤلاء الأبرياء الصغار لتجربة مؤلمة لو كانت لديهم القوّة لرفضوها.
وأنا مؤمن كل الإيمان أن من حق الرجال والنساء أن يعيشوا كما خلقهم الله وأن الله تعالى جعل كل الأعضاء «في أحسن تقويم»، بما في ذلك أعضاء الجهاز التناسلي للرجل والمرأة، وأنه أراد لهما أن يستمتعا باللقاء الجنسي الإنساني وأن هذه المتعة - وما يصحبها من حب - هي ما تميّز الأداء الجنسي الإنساني عن الأداء الجنسي بين الحيوانات الذي يعتمد على الغريزة وحدها، وأن هذه المتعة هي من حق المرأة خالصة لها أكثر من الرجل لأنها هي التي تتحمّل آثارها في المستقبل.
فإذا أضفنا إلى هذا الآثار السيّئة - أو قل المروعة - التي تترتّب على أداء عمليّة الختان بصورة بدائيّة، والصدمة التي تصاب بها الطفلة بوجه خاص. لأن الجهاز التناسلي للأنثى ينفذ في الداخل على عكس الجهاز التناسلي للرجل. ولهذا يتطلّب ختان الفتاة معاناة مؤلمة وخبرة دقيقة قلّما تتوفّر فيمن يمارسوه. ويغلب أن يترتّب عليه حرمانها من الإرتواء العاطفي. لأن الختان يهبط بدرجة الإستثارة لدى المرأة - بينما يزيدها لدى الرجل ممّا يوجد إختلالاً في اللقاء الجنسي بين الرجل والمرأة يحول دون أدائه بتوافق وانسجام. وينشأ عن هذا الخلل آثار بعيدة المدى على نفسيّة المرأة ومشاعرها وسلوكها وقد يثير فيها الشقاء والتعاسة والغضب والحرمان.
نقول إذا أضفنا هذا العامل فلا يخالجنا شك في أن الختان، وبوجه خاص للمرأة، جناية على قداسة جسد الأنثى ومصادرة لسلامة نفسيتها.
ولو أردنا أن نتوسّع لعدنا بالختان كظاهرة إجتماعيّة إلى أصوله الفرعونيّة التي ربّما تحدَّرت إلى اليهود آونة والعرب آونة أخرى وأن هذا إتّفق مع النزعة الرجوليّة أو الذكوريّة التي يتلاقى فيها حرص الرجل على إمتلاك المرأة لتكون أم أولاده بنزعة الشرف المزعومة دون أيّة علاقة بالإسلام. ولتحدّثنا عن آثاره المدمّرة وكيف أنه قد يؤدّي إلى عكس ما أريد منه حتّى يحقّق للمرأة حقّها الطبيعي في الإشباع والإرتواء العاطفي، وحتّى تتحرّر من آثار صدمة العمليّة الوحشيّة. ولكنّنا نؤثر أن نعرض «رأس الموضوع» ونعزف عن إيراد التفاصيل حتّى لو كانت برهنة. لأنها قد تميّع أو توهن الحقيقة الكلّية التي يبرزها رأس الموضوع، وهي أن ختان الأنثى ليس له علاقة بأصول الإسلام وأنه أثر من آثار القرون الأولى ومظهر من مظاهر أنانيّة الرجال الذين تملّكوا المجتمع ووضعوا له عاداته وتقاليده. باختصار إن ختان الأنثى جناية يجب إيقافها.
صدر كتابي عن الختان بالعربية ورقيا ------------------------ ويمكن طلبه من موقع امازون مع مقدمة نوال السعداوي وملاحق في 765 صفحة: http://www.amazon.com/Male-female-circumcision-Arabic-Christians/dp/1481128736/ref=sr_1_3?ie=UTF8&qid=1354323767&sr=8-3&keywords=aldeeb+circumcision حملوا كتابي الذي يبين أن القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول: http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعلان قريبا عن دين جديد وكتاب مقدس جديد
-
صلى الله على سامي وسلم
-
الثورة الحقيقية تكمن في نسف قدسية القرآن
-
مسلسل جريمة الختان 106: تجارة الغلفة
-
مسلسل جريمة الختان 105: تجارة الآلات الطبّية والختان
-
مسلسل جريمة الختان 104: ربح للأطبّاء والخاتنين وغيرهم
-
غربلة الكتب المقدسة أو رفع القداسة عنها
-
مسلسل جريمة الختان 103: الجذور الاقتصادية للختان
-
مسلسل جريمة الختان 102: الختان بين المحبّة والساديّة
-
الإسلام المخمج والإسلام السليم
-
القرآن تأليف حاخام مسطول
-
مسلسل جريمة الختان 101: من سيطرة القبيلة إلى سيطرة الأطبّاء
...
-
مسلسل جريمة الختان 100: ختان الإناث وسيطرة النساء على بعضهن
-
مسلسل جريمة الختان 99: ختان الإناث تعبير عن سلطة الذكور
-
سوف نبقى في مجتمع خرفان
-
الجمال من عوامل التقدم والتقبل
-
لماذا تتدخل يا سامي في التصويت على الدستور المصري؟
-
ارفضوا الدستور المصري ولكن صوتوا بلا
-
دستور مصري همجي
-
موش مشكلة إخوان مشكلة تعليم ديني
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|