أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسر المندلاوي - ساسة من غير سياسة ...2















المزيد.....

ساسة من غير سياسة ...2


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 - 18:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


2- الحكم الصدامي
وفق النسق السوري بالكيفية التي بيناها في أولا، سارت الأمور في العراق بعد إنقلاب 17 تموز 1968 مع الفارق في التفاصيل ذات العلاقة بالخصوصية الإجتماعية من جهة الوزن النوعي والعددي للمكونات المجتمعية وعلاقتها بالدولة العراقية، ولاسيما المؤسسة العسكرية التي كانت في مفاصلها الرئيسية تخضع لسيطرة ضباط تتماثل إنتماءاتهم المذهبية والجهوية مع إنتماءات قادة الإنقلاب أو مع النواة الفاعلة فيه على الأقل. فالإنقلابيون والمنقلبون سنة عرب وغالبيتهم من الرمادي وتكريت، وبالتالي فإن رحلة الألف (ذراع) نحو إحتكار السلطة صدّاميّا إبتدأت بخطوة إنتقال مركز القرار، مناطقيا وليس طائفيا، من الرمادي إلى تكريت في مرحلتين: الأولى في 17 تموز 1968 عندما تمت الإطاحة بطريقة إنقلابية بعبد الرحمن عارف، والثانية في 30 تموز 1968 عندما تمت الإطاحة بطريقة عصبوية بكل من عبد الرزاق النايف وإبراهيم عبد الرحمن الداوود. وهذا يعني إن الرحلة الميمونة نحو ديكتاتورية صدام في العراق إبتدأت بالخطوة المماثلة للخطوة التي إنتهى بها حافظ الأسد في سوريا من رحلته (الميمونة هي الأخرى) نحو الديكتاتورية الأسدية، وأعني خطوة إنتقال مركز القرار مناطقيا وليس طائفيا من جبلة إلى قرداحة ليستقر في نهاية المطاف في العائلة والعشيرة.
إن التقالب في تراتبية الخطوات إستبطنت تناغما فريدا بين التجربتين في الوسائل نحو تحقيق الهدف، فبينما كانت اللجنة العسكرية في البعث السوري هي الوسيلة التكتلية للسيطرة على الحزب والسلطة والدولة، قابلها في البعث العراقي جهاز حنين العصبوي الذي تشكل بإيعاز من عفلق-البكر وبإشراف مباشر من صدام حسين عام 1964 بإعتباره جهازا يختص بأمن الحزب ما لبث أن تحول إلى جهاز لمصادرة الحزب والسلطة والدولة بعد إنقلاب 17 تموز. وهنا كما هناك ترادف مع تصفية وإستبعاد غير البعثيين من مواقع السلطة والقرار في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، حملة تبعيث أفقية تشترط عبور العتبة الحزبية، وأخرى عمودية تشترط عبور العتبة العائلية أو القبلية. وما أن تم إنجاز أهداف الحملتين حتى بدأت مرحلة أخرى قوامها تدجين الجيش عن طريق الحزب وتدجين الحزب عن طريق جهاز حنين والأجهزة الأمنية والأستخباراتية التي ورثت هذا الجهاز السيء الصيت. وفي هذه المرحلة تحديدا تمت عملية إزاحة لأهم عقبتين من أمام ماكنة الإستحواذ العائلي والقبلي، وذلك بإقصاء حردان التكريتي في 1970، وصالح مهدي عماش في أيلول 1971. وبإقالة هذا الأخير إبتدأت مرحلة (التشطيبات) النهائية في بنيان ديكتاتورية صدام وذلك بمعالجة (الفقاعات) المتبقية، إبتداءً من عبد الكريم الشيخلي، مرورا بالتصفيات التي أعقبت محاولة ناظم كزار الإنقلابية في تموز 1973 وإنتهاءً بمجزرة قاعة الخلد في تموز عام 1979، التي كانت بمثابة الإعلان الرسمي لإستواء صدام حسين على عرش الديكتاتورية المطلقة. ويمكننا القول بأن هذه المرحلة تميزت عن سابقتيها بأنها شهدت تنوعا في الإنتماءات الطائفية للمستهدفين، في دلالة واضحة على التمركز النهائي للسلطة في شخص الديكتاتور وعائلته وأبناء عشيرته من جهة أولى، وتحول نمط العلاقة داخل الحزب إلى علاقة التابع بالمتبوع من جهة ثانية.
إن الإستنتاجات التي يمكن إستخلاصها من القراءة الأولية لتتابع الأحداث وفق الصيغة التي ذكرناها، تشي بأن صدام حسين في المرحلة الأولى والثانية من رحلته نحو الواحدية أغفل الجزئية الطائفية بالإرادة والإضطرار معا. فالإغفال بالإرادة مرجعه لعاملين:
1- ينحدر صدام حسين من مدينة تكريت في محافظة صلاح الدين. أي من منطقة التخوم الإثنية وفق تعبير الإجتماعيين، فهو بهذا المعنى أكثر عنصرية وأقل طائفية، وذلك على خلاف الأخوين عارف اللذان ينحدران من الرمادي في الأنبار. أي من منطقة التخوم الطائفية، فهما بهذا المعنى أكثر طائفية وأقل عنصرية.
2- كان حزب البعث العراقي، بما فيه جهاز حنين، الأداة التي إرتضاها صدام حسين مطية لنزعته في التفرد والسيادة. ومعلوم إن هذا الحزب نبت في العراق على يد أوائل البعثيين من الطائفة الشيعية من أمثال سعدون حمادي(كربلاء) وفؤاد الركابي(الناصرية). ومعلوم أيضا إن البعثيين الشيعة لعبوا أدوارا قيادية مهمة في تأريخ هذا الحزب في العراق، ولاسيما في الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تعاقب كل من فؤاد الركابي وعلي صالح السعدي(بغداد) وحازم جواد(الناصرية) على قيادة البعث العراقي. ومعلوم، للمرة الثالثة، إن العديد من عناصر جهاز حنين كانوا من البعثيين الشيعة لعل أبرزهم ناظم كزار(العمارة) يد صدام العليا في الجهاز. ومن الطبيعي والحالة هذه، أن يلجأ صدام حسين إلى الإستخدام الوظيفي لكل هذه المعطيات في صراع الإستحواذ على السلطة مع القيادات العسكرية السنية بالكيفية التي بيناها سابقا.
أما الإغفال بالإضطرار فمرجعه كان إحتكار القيادات العسكرية السنية للمراتب العليا في الجيش العراقي منذ قيام الدولة العراقية الحديثة، الأمر الذى قاد، بالتبعية، إلى أن تكون القيادات العسكرية لإنقلاب 17 تموز 1968 من السنَة، وتحديدا من الرمادي وتكريت. ولما كان صراع صدام حسين(السني أيضا) من أجل الهيمنة على الحزب والسلطة والدولة، يتركز على تجريد المناوئين من مصادر القوة، خاصة العسكرية منها، فلم يك من بد سوى المواجهة على أسس مناطقية وعشائرية و/أو قبلية لإستحالة خوض صراع سني-سني على أسس طائفية. فالإضطرار هنا، بمعنى إستحالة الإمكان ليس إلا.
بعد الإطاحة بمراكز القوة العسكرية في المرحلتين الأولى والثانية، أمن صدام حسين شر الإنقلابات العسكرية المهددة لمشروع الهيمنة العائلية والقبلية، وفي القلب منه مشروع هيمنته الشخصية على السلطة والقرار، فإلتفت إلى ما تبقى من مصادر النفوذ والخطر في القوى الأمنية والحزبية، وهنا واجه ولأول مرة خليط الإنتماءات الطائفية للمناوئين المحتملين، فهم من الشيعة والسنَة على السواء، وهنا أيضا ما كان بالإمكان قط، إستخدام البعد الطائفي لغلبة العنصر الشيعي، عدديا على الأقل، في الأجهزة الأمنية والحزبية، وللأسباب التي ذكرناها سابقا. فكان أن إهتدى إلى عضد القوة العائلية والقبلية بقوة من البعثيين من مختلف الطوائف، لا ولاء لهم سوى شخص صدام حسين الذي (لا يخطأ وإن أخطأ فإن خطأه صح) حسب تعبير عزت الدوري. وكان له ما أراد يوم تمكن من تنصيب نفسه على عرش الديكتاتورية المطلقة بعد مجزرة قاعة الخلد مزهوا بما أنجزه وسط إحتفاء العبيد من السنة والشيعة بسيدهم الجديد، ولكن إلى أمد غير بعيد.

يتبع



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساسة من غير سياسة
- السياسة الإيرانية، السيف والعمامة والثروة
- السياسة الإيرانية، ثنائية السيف والعقيدة
- السياسة الإيرانية، ثنائية الحاضر والماضي
- كركوك ومهنة إستدراج المخاوف
- العقدة الذكورية في نص مرح البقاعي
- الرّمز والتّرْميز في الإنتخابات المحلية
- الله وأمريكا وأحزاب العراق
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(6)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(5)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(4)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(3)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(2)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية... (1)
- أزمة المأزوم في ما ليس له لزوم
- العراق وأزمة الهويات المستحدثة
- الأزمة العراقية والخيارات الصعبة
- سوق الزبون
- الديموقراطية و الإشكال القومي و الأقلياتي في العراق
- الوطنية العراقية .. العقل والعاطفة


المزيد.....




- ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا ...
- السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا ...
- -صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ ...
- بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا ...
- مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع ...
- إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا ...
- مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا ...
- من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
- غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ ...
- طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسر المندلاوي - ساسة من غير سياسة ...2