|
العقلانية في الفقه
أحمد القبانجي
الحوار المتمدن-العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 - 00:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تحرير: آريين آمد
سيتمكن القارئ في نهاية هذه المحاضرة من التعرف على المواد التالية: 1. مقدمة في منهج الاجتهاد في الفقه. 2. العقلانية في المعاملات والسياسات. 3. أنواع الفتوى، وتشمل: أ. الفتاوى المقبولة عقلا. ب. الفتاوى المضادة للعقل. ج. الفتاوى الخارجة عن دائرة العقل. 4. شروط العقلانية الدينية. 5. مباني الاجتهاد الدينية. 6. مباني الاجتهاد المتحرك. 7. فقه المقاصد. 8. التناقض الداخلي في الفتاوى. 9. بشرية الفتاوى الفقهية. المحاضرة إن غاية هذه المحاضرة معرفة وفحص العقلانية في الفقه من خلال الإجابة على السؤال التالي (هل توجد عقلانية في الفقه أم لا؟). وقبل الإجابة لابد من التذكير بوجود عقلانيات عديدة تشمل مختلف الاختصاصات وجوانب الحياة، إلا إن العقلانية في الفقه لها خصوصيتها كونها ليست عقلانية علمية، ولا تقوم على المنهج المنطقي، فالفقه يستند إلى العقلانية العرفية، أو سيرة العقلاء، وهذه تختلف عن العقلانية العلمية أو الفلسفية، فسيرة العقلاء تعني ان العقل لا يحكم ولكن العقلاء يحكمون. ووفقا لهذه القاعدة فعلى الجاهل إن يعود إلى العالم ليعرف الصحيح من الخطأ، والذي يعني ضمنا إبقاء الجاهل في دائرة الجهل. يشمل الفقه ثلاثة أركان رئيسية (العبادات، السياسات، المعاملات)، وموضوعنا لهذا اليوم لا يشمل العبادات، التي سنخصص لها محاضرة أخرى، وستقتصر مناقشتنا للعقلانية في المعاملات التي نعني بها كافة التعاملات التجارية مثل البيع والشراء والمضاربات والخ... والسياسات التي نعني بها شؤون الحكم، القصاص، الديات، ... والخ. سبق وقلنا في مناسبات أخرى إن عقلانية الإسلام في بداية الدعوة الإسلامية كانت متوافقة مع زمانها وإنها كانت من العوامل الأساسية التي ساهمت في نشر الإسلام، وذكرنا بان الإسلام كان أكثر عقلانية من اليهودية والمسيحية، وان عقلانية اليهودية أو المسيحية ايضا كانت متوافقة مع ازمانها. إذن أحكام الإسلام وتعاليمه كانت عقلانية ومتوافقة مع صدر الإسلام، لكن بفعل التطور حصلت فاصلة أو قطيعة في بعض الموارد، وأصبحت موضع نقد المثقفين، هذا النقد لا يشمل جميع الأحكام لان من الحقائق التي نؤمن بها (إن القران كله من أول إلى آخر لا يأتيه الباطل من بين يديه)... في زمانه، والآن لا يمكن الالتزام بأنه صحيح كله إلا من خلال التأويل، فالأحكام الإسلامية كانت كلها صحيحة ومتناسبة مع عصره مثل أحكام الرق أو المرأة أو الديات او الخراج و .... الخ. وضروري جدا ان نذكر بان الفقه هو استنباط الأحكام أو الاجتهاد من قبل علماء المسلمين، وانا بعكس معظم علماء الدين اشعر بضرورة اطلاع جميع المثقفين على كيفية الاستنباط على الأقل من جانب المعرفة وزيادة الاطلاع، واقصد معرفة ما هو الاجتهاد؟؟ وما هي منابع ومصادر التشريع؟؟ . فهكذا معلومات ضرورية للمثقف سواء كان دينيا او لا دينيا. عمليا يعتمد استنباط الاحكام على منابع معينة تسمى منابع الفقه، وتعتمد آليات خاصة تسمى آليات استخراج الفتوى. أما المنابع فتشمل حسب المذهب الشيعي (القران، السنة، والعقل، والإجماع) أما لدى أهل السنة فتشمل (القرآن، السنة، القياس، الإجماع، المصالح المرسلة، الاستحسان، سد الذرائع). إذن الأصل هو القرآن والسنة، أما الآليات فيمكن تقديرها من خلال استعراض حالات المكلف، فيتكون لدينا انواع من الحكم، اما الحكم من خلال القطع، او الحكم بالظن، او الحكم بالشك. فاذا جاء الحكم الشرعي من باب القطع فان القطع حجة بذاته، أما إذا جاء الحكم في باب الظن، فالظن ليس بحجة، والقرآن ينهي عن الظن. الفقهاء يؤصلون عدم حجية الظن ، باستثناء حالة تسمى عندنا "الظن المعتبر"، فحكم الصلاة حكم قطعي، أما الأحكام الجزئية فاغلبها ظنية، لذلك العلماء قالوا بالاستثناء ويسمونه الظن المعتبر مثلا الشهرة يتولد الظن أو حجية الخبر الواحد والخبر الواحد ثقة لكنه يجلب الظن، لكن أكثر الإخبار الواردة في الإسلام مصدره يعتمد الخبر الواحد. من الظن المعتبر مثلا حجية الظواهر وكما تعرفون فان القران له ظاهر وباطن واغلبه ظاهر، وهذا الظاهر حجة لكنه يجلب الظن ولا يجلب اليقين، وأنت حينما تقرأ القران يحصل لديك ظن لكنه ظن معتبر وهو حجة وتسمى حجية الظواهر. إذن يكون لدينا حجية الخبر الواحد والظن المعتبر. كذلك الحال مع الشك فهناك حلول شرعية للتعامل مع الشك وتشمل: استصحاب، براءة، احتياط، تخيير، والقاعدة الغالبة هي أصالة البراءة. والعمل بالاحتياط. المباني الأساسية في الفقه. من المهم فحص المباني الأساسية في الفقه لتقدير مدى عقلانيتها ومدى ملائمتها في كيفية استنباط الأحكام، وهذا يدفعني بدءا لمناقشة بعض الجوانب ذات العلاقة واجدها ضرورية لجميع المثقفين، قلنا إن الشريعة الإسلامية كانت أفضل الموجود في عصره فقد كانت أفضل من شريعة الرومان والفرس وذلك لسببين: 1. إنها كانت شريعة إلهية أخرجت الناس من تسلط الفرد والاستبداد، فقد كانت سلطات الحاكم مطلقة لا يحدها شيء، فكسرى كان مطلق الصلاحية وهو الذي يقرر القوانين ولا يعترض على أفعاله احد، فالحاكم كان هو العدل ومصدر العدالة. كذلك الروم كانوا يرتكبون فجائع كبيرة، وكانت تبدو طبيعية طبقا لقوانين ذلك العصر، لكن الشريعة الإسلامية جاءت بأحكام أخرى مخالفة لما كانت سائدة وجاءت بأحكام جديدة لتقدير العدالة حيث إنها دعت إلى المساواة بين الحاكم واليهودي ولنا القصة المعروفة التي حصلت للإمام علي وخلافه مع يهودي بخصوص درعه الذي وجده عند اليهودي ولدى مطالبته بالدرع ادعى اليهودي بان الدرع خاصته، حتى انتهوا الى القاضي، وجاء الحكم لصالح اليهودي. 2. معرفة الناس بحكم الشريعة وقناعتهم بوجوب أن يكون العدل أساس جميع الأحكام، فهذا الإعرابي يقول بصوت عالي لرسول الله (اعدل يامحمد)، لأنه كان يعرف ما العدل ويطالب رسول الله بالعدالة، فتلك كانت من النتائج المباشرة لشريعة الله التي كانت تقول بالعدالة. لكن المشكلة في الفقه حصلت نتيجة لتقادم الزمان حيث تطور الوجدان البشري وتطور العقل البشري لكن الفقهاء بقوا على نفس الأحكام. فإذا قلنا بان الواقع متحرك فهذا يستوجب أن يكون الإسلام أيضا متحرك ولا ينبغي الإبقاء على الأحكام بشكل جامد. هنا لابد لنا ان نمييز قبل الخوض في بيان أهم المباني الفكرية للفقه، التمييز بين نوعين من المباني المباني الموضوعية. المباني المتعارفة . هناك أصول ومباني متعارفة وأصول موضوعة، أما المباني المتعارفة أو العرفية فهي أصول متعارفة، والتي تتفق معها جميع العلوم ويؤمن بها جميع العقلاء مثل الكل اكبر من الجزء، أو 1+1=2 ، أو استحالة اجتماع الضدين، أو كروية الأرض، فجميع العلوم يجب أن لا تتناقض مع الأصول المتعارفة، ولكن هناك أصول خاصة بكل علم مثل الفيزياء، الكيمياء، الرياضيات، الفقه، وحتى الفنون، فمثلا للمسرح أصول خاصة يجب أن يعلمها جميع الفنانين، كذلك في النحو فالمبتدأ مرفوع والخبر مرفوع، وهذه تسمى الأصول الموضوعية. لذلك العقلانية في الفقه تستوجب عدم تعارض الحكم الشرعي مع كلا القسمين أعلاه (المتعارفة والموضوعية) مما يعني إن الحكم الشرعي يجب أن لا يتعارض مع بديهيات العقل والعلم وان لا يتعارض مع الأصول الموضوعة للفقه، وان أي حكم شرعي يجب أن ينسجم مع سائر الأصول الموضوعة، ويعني كذلك عدم تعارض الحكم الشرعي مع أي آية قرآنية أو رواية صحيحة. أهم مباني الفقه التقليدي/ الأصول الموضوعية: 1. مقتضى الخاتمية أو (أبدية الشريعة)، والتي تقول إن شريعة محمد خالدة فحلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة. 2. شمولية الشريعة. بمعنى الأحكام الشريعة تشمل كافة مناحي الحياة، مثل شعار (الإسلام هو الحل) أو الإسلام (دين ودولة). 3. الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد، والله غني عن العباد، والأحكام تأتي دائما لصالح الناس، وهي ليست اعتباطية، فتحريم الخمر جاء لان فيها مفسدة، والصلاة فيها منافع متعددة للإنسان. 4. إن العقل البشري عاجز عن إدراك الأحكام، لذلك يجب ان يحدد الشرع ذلك، وحسب القاعدة التي ترى إن الأحكام والتكاليف هي ألطاف إلهية في الأحكام العقلية، يعني لطف الهي يدعم الحكم العقلي، فالعقل مثلا يدرك مفسدة الخمر لكن الشرع يدعمه. 5. في حالات التعارض بين العقل والشرع تكون الأولية للشرع على العقل، وأفضل مثال على ذلك الوهابية فهم من اشد المذاهب التي ترجح الشريعة على العقل، ولابن تيمية كتاب (درع العقل بالنقل) يتوسع في بيان ذلك، وجميع السلفيين نصيين والإمام ابن حنبل معروف عنه إيمانه بالروايات ونهيه عن استخدام العقل. الاجتهاد المتحرك في مقابل الاجتهاد التقليدي. نحن نطرح اجتهاد جديد ونسميه الاجتهاد المتحرك، وقبلا كان بعض العلماء يطرحون هذا المعنى وكانوا يقصدون به "فقه المقاصد"، من خلال التركيز على معرفة الغرض من المقصود، فمثلا إذا صادفك شخص بيديه فانوس وطلب منك قداحة وأنت لا تحمل في جيبك سوى شخاطة، فليس من المعقول بأنك لم تفهم القصد من طلب القداحة... لتجيب بأنك لا تملك قداحة وتنصرف لان الشخاطة بالتأكيد ستحقق الغاية والمقصود الخاص بالطلب وهو إشعال الفانوس من قبل السائل. لهذا دعونا نتامل حكم (دية العاقلة) التي تنجم نتيجة للقتل الخطأ فيتم جمع مبلغ الدية من أقرباء القاتل، نحن نرى انتفاء الحاجة بدية العاقلة بسبب عمل شركات التامين التي تتولى الفصل في هذه الحالات وتتكفل بدفع المبالغ اللازمة . ونرى بان الإنسان في العصر الحديث ابتكر العديد من الآليات الجديدة التي تنظم الحياة مثل البنوك، الانتخابات، الديمقراطية، لكننا نرى إنكار الكثيرون لأهمية هذه المبتكرات ويصرون على الإبقاء على ممارسات كانت فاعلة قبل 1400 سنة. ففي السعودية مثلا يحرمون عمل شركات التامين، ويعتبرونها نوع من الربا أو القمار، كذلك البورصة فهي محرمة في السعودية إلا أنها عقلانية تتوائم مع هذا العصر، البنوك متوافقة مع عقلانية هذا الزمان وتستوجب أن تكون الأحكام متوافقة ايضا مع هذا العصر، وفي ظل شركات التامين لا يبقى داعي للاستمرار بالعمل بدية العاقلة. أهم الانتقادات للمباني الفقهية والآليات المتبعة في الاجتهاد. 1. المنابع المعتمدة في الفقه (القران، السنة، العقل، والإجماع)... لو أخذنا القران مثلا يلاحظ بان الأحكام الواردة في القران قليلة وتشمل 7 ـ 8 أحكام في القضاء وحوالي 10 ـ 15 حكما في الأحوال الشخصية أما بقية الأحكام فتختص بالعبادات التي هي خارج مناقشة هذه المحاضرة. حاليا نواجه ملايين الأحكام في السياسة وفي القضاء وفي الأمور المالية، ففي مجال الأموال فقط ظهرت لدينا أنواع عديدة من الأوراق المالية (عملة نقدية، شيكات، سفاتج، تحويلات مصرفية.... الخ) في حين كان التعامل يجري في السابق بالذهب والفضة. 2. الأحكام في القران أكثرها مأخوذة من عرف ذلك الزمان، مثل (الظهار) أو الأشهر الحرم، التي هي موجودة فقط عند العرب في الجزيرة العربية، وهي أربعة أشهر من السنة، تحرم فيها القتال، اليوم جميع الأشهر حرام فيها القتال ، لكن لضرورات معينة أوجبت فرض أشهر الحرم وتم فرض عقوبات إضافية لمن يرتكب خلالها القتل، مثل مضاعفة الدية، المشكلة هذه الأحكام ما تزال تدرس في الفقه تحت باب المسلمات!!!!!! كذلك أحكام الرق، فلم يعد العمل بها مقبولا في العصر الحالي، لكننا نتسائل هل يجوز تعميم مثل هذه الأحكام والإصرار على تطبيقها في الوقت الحالي؟؟؟؟ نحن نعتقد بان السعي للإبقاء على تلك الأحكام نابع من عدم فهمنا للمقاصد، فالله يؤيد الصلح خلال الأشهر الحرم، فهذا ليس حكم مطلق، كذلك الرضاعة وحكم الرضاعة، التي سببت وتسبب آلاف المشاكل، فحكم الرضاعة كانت معقولة في العصر الجاهلي لان العشائر كانت تبغي تقليل النهب من خلال القول بالنسب بالرضاعة، التي كانت وسيلة لتقارب العشائر، أما اليوم فيجب إعادة التفكير بهذا الحكم وأنا أطالب بإلغائه. 3. ما يتعلق بالسنة ، الإمام أبو حنيفة يقول بصحة سبعة عشر حديثا فقط، البخاري جمع حوالي 700000 سبعمائة ألف حديث عن النبي، وبعد التدقيق استقر على 7000 سبة آلاف حديث فقط!!!!!! وربما هذه السبعة آلاف تضم أحاديث غير موثوقة ايضا. هناك مشكلة أخرى في هذا المجال فرجال الدين يقولون ما آتاكم به رسول الله فخذوه وما نهاكم عنه فاتركوه، ويبدو بان رجال الدين لا يميزون بين محمد النبي، ومحمد الحاكم، أو الزوج، وأكثر الفقهاء لا يميزون بين أحكام النبي بوصفه نبيا أو بوصفه حاكما، فالنبي كان يشاور أصحابه في الكثير من أمور الحكم أو أمور القتال وكان يستمع لهم، اما حكم قتل بني قريظة فهو حكم حكومي وجاء بوصف النبي حاكما وهو لذلك قتل الأسرى، والطبري يذكر بأن النبي أمر بتعذيب الأسرى وكلف عمار بن ياسر للقيام بذلك!!!!!!!! كما إن النبي حكم وأعطى أوامر بتنفيذ الاغتيالات!!!!!!! وكان يقوم بتلك الأعمال بوصفه حاكما وليس نبيا، وكانت تلك الأفعال في ذلك الزمان طبيعيا ومنسجما مع ثقافة ذلك العصر وعقلانية ذلك الزمان، فهو قتل الأسرى وكسب زوجاتهم جواري!!!!!! لذلك يصبح التمييز بين الأحكام في هذه الحالة أمرا واجبا. كما يلاحظ بان الفقهاء يميزون فقط بين الروايات (الإسرائيليات والإسلاميات) ويقولون بان الإسرائيليات دست من قبل اليهود الذين اسلموا، أما أنا فأقول ليست الإسرائيليات فقط دست، بل الجاهليات أيضا والشعوبيات. فأحكام الظهار والرضاعة والرق كلها تصنف ضمن الجاهليات، أما الشعوبيات فدخلت إلى الإسلام نتيجة للفتوحات واختلاط المسلمين بغيرهم من الشعوب، فمثلا الخراج (الضريبة على الأرض) فرضت عندما تم فتح ارض العراق والشام، ووجد المسلمون أنها ارض واسعة فقام عمر وجمع الصحابة وخرجوا برأي يمنع توزيع هذه الأراضي وابتكروا الخراج لفائدة الأجيال القادمة ، وهذه تم اقتباسها من قانون الروم. لذلك على الفقهاء أن يميزوا بن الإسرائيليات والشعوبيات والجاهلية، ففي عالم اليوم الكثير من الأحكام لا تقبل القسمة بين الحلال والحرام، فمثلا قوانين المرور تفرض على المخالف دفع مبالغ مالية معينة كغرامة عند ارتكاب مخالفة مرورية، هذه العقوبة لا تعني أن الفعل حرام شرعا، فالله لا يسأل عن هذه الأفعال. لدينا اذن مشكلة الجمود على الأحكام دون الالتفات إلى التغيرات الكبيرة التي حصلت في واقع الحياة، فلو جاء النبي اليوم وعاش معنا في هذا العصر فهو قطعا لا يقوم بتلك الأعمال التي قام بها في عصره لأنه لو ارتكب تلك الأفعال لأصبح يشبه بن لادن !!!!!! الروم والفرس قبلوا بالإسلام بسبب إن عقلانية الإسلام كان أكثر من عقلانية الفرس والروم. ولا ينبغي للفقه الا ان يكون عقلانيا ليحظى بالقبول والموافقة. باب الاجتهاد. لدينا في باب الاجتهاد ثلاث حالات : 1. اليقين. 2. الظن. 3. الشك. عند العلماء كل يقين حجة، فمثلا القطع حجة، ويجب ملاحظة بأن القطع يوفر هامش خطورة كبير، لأنه سيوفر فرصة للإرهاب، فمثلا قطع الإرهابيين بأن الشيعة كفرة، هذا سيسهل على الإرهابي قتلهم بدم بارد. السؤال لماذا نعطي مشروعية للقطع؟؟؟ لماذا يعطي رجال الدين مشروعية للقطع؟؟؟ حيث إن معظم علماء الدين ومن ضمنهم السيد الشهيد الصدر الأول يقولون بان (القطع حجة بذاته)، والقطع أنواع (قطع منطقي) و(قطع نفسي) والقطع النفسي يحصل لأسباب عديدة منها أسباب تربوية أو اجتماعية أو ثقافية أو حتى بسبب إيحاءات معينة مما يجعل اغلب أنواع القطع النفسي عبارة عن أوهام!!!!!!، لذلك نحن نقول ليس كل قطع حجة، فالقطع يمكن أن يكون حجة عرفية أو نفسية والحل ليس بإعطاء القاطع المشروعية بل تخويفه وإخباره، أنت لديك قطع بالمئات ويمكن نصفها أو ثلاثة أرباعها قطع وهمي وعليك اليقين من القطع، وهذا يمكن من خلال إعطاء القاطع قطع آخر أقوى من ذلك، فانا مثلا لي أخ اصغر مني في العمر لكنه إسلامي أصولي، ولديه قطع باني واجب القتل لكنه يتأسف على عدم قدرته بتنفيذ ذلك بسبب قطع آخر لديه أقوى من القطع الأول وهو الخوف من القانون والنتائج التي ستترتب عن قتله لي!!!!!!. كذلك لدينا الخطر المترتب من اعتبار قطع القاضي حجة، (علما بان قطع القاضي ليس صحيحا دائما)، شرعا يحق للقاضي أن يخالف الشهود ويعمل بقطعه، لكن في الغرب هناك هيئة محلفين يعملون مع القاضي بمعنى لا يوجد في الغرب قطع القاضي حجة وهذه الحالة أوفر للعدالة حتما. القضاء الإسلامي يهدر دم كل شخص يسمع عنه قيامه بسب الأئمة ويستوجب قتله، لذلك يجوز لأي شخص أن يقتل أي إنسان بمجرد ادعائه بانه سب الإمام، فقط عليه إحضار شاهدين فقط، لذلك نحن نرى ضرورة أن يتم مراجعة الكثير من الأحكام لأنها لم تعد عقلانية، مثل حكم قتل المرتد، أو حكم منكر الضرورة ، الذي يشمل: منكر الحج، أو منكر الخمس أو الزكاة... الخ، الذي يجب قتله في الحال بدون استتابة. كما يلاحظ بان الإفتاء العقابي او الردعي في الشريعة يرطز على فصل المرأة عن زوجها بدون طلاق، في جميع حالات منكر الضرورة، هذا ما جعل الناس يخافون من فتاوى رجال الدين مثل فتوى السيد حسن الاصفاني الذي قال بتحريم الزوجة على كل مشارك بالانتخابات!!!!!!!. ولدي قصة حزينة في هذا المجال اخبرني بها احد المقربين من الشهيد الصدر الأول، حيث راجعته امرأة تستفسر منه عن الحكم الشرعي بخصوص زوجها الذي ينكر الخمس، ورغم كل عظمة الصدر واخلاصه ومواقفه الرائعة، وأنا من الذين يقدسون الصدر الاول والثاني، لكني ارى ان أفكارهم قديمة ، وماضوية، ولهذا فقد حكم الصدر الاول للمراة ( انتي منذ الآن تعتبرين بائنة من زوجك، ولا يجوز لك معاشرته)، هذا الحكم الشرعي دمر عائلة كاملة بسبب فتوى ظنية والآلاف من العوائل تدمرت بمثل هكذا فتاوى مخالفة للعقل. في كتاب اقتصادنا للسيد الشهيد الصدر الأول هناك عشر صفحات في باب الأراضي والمعادن وتسمى (موارد قبل الإنتاج)، وفيه أهم مورد يناقش موضوع الأراضي، حيث يقسم الأراضي أراضي العراق، إيران، الشام، شمال إفريقيا ويسميها الأراضي المفتوحة عنونة وتخضع للحكم الشرعي بانها اراضي، لا تملك، ولا تورث، ولا يصح للحاكم أن يملكها، يعني كل أراضينا باطل، بمعنى بيوتكم باطلة وعليكم إعادتها إلى الدولة، كما يجب علينا أن ندفع الجزية للحاكم، فهل يعقل مثل هذا الحكم من رجل يريد إقامة اقتصاد إسلامي أفضل من الاقتصاد الاشتراكي؟؟؟؟؟؟!!!!!!! هذا الحكم يعود لعمر خلال فترة حكمه.... فهل يعقل أن نبقى على حكم عمر بن الخطاب في عصر الخداثة؟؟؟؟!!!!!!!.... كم كنا معجبين بهذا الكتاب (اقتصادنا)!!!!!. الاجتهاد المتحرك. وفيه نقترح المباني التالية: 1. أن ينظر الفقه إلى الواقع ..... والموافقة بين النص والواقع. 2. إن الأحكام الشرعية يجب أن تتلائم مع الأحكام التكوينية، مثلا، الإنسان لديه رغبات ونوازع وميول، لذلك يجب على الأحكام التشريعية أن تقوي أبعاد الإنسان، فلا يجوز لحكم شرعي أن يحرم الجنس مثل المسيحية أو البوذية أو بعض الفرق الهندية، ولابن رشد مقولة عظيمة في هذا المجال حيث يقول (من المحال على الله أن يعطينا عقلا ويأتي بتشريع يخالف العقل). مثلا عند الإنسان غريزة الطرب والموسيقى والفن، ولا ينبغي للتشريع أن يتقاطع مع هذه الغرائز ويحرم الموسيقى، يمكن للتشريع أن يحرم بعض أنواع الاختلاط التي تقود إلى بعض المفاسد، لكن ما الضرر من سماع أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ ؟؟؟؟ في قاموس العرفاء يتحول الاستماع إلى الموسيقى أو الأغاني واجب للوصول إلى مرحلة عالية من التكامل، فالموسيقى ترطب الروح، في حين تولد المشاكل المادية الجفاف في النفوس. 3. الأولوية للعقل على النقل، فالتشريع يجب أن يقوي العقل لا أن ينهي عن العقل، ففي المباني القديمة كانت الأولوية للنقل على العقل، ولدينا رواية عن الإمام الصادق تقول "إن دين الله لا يعرف بالعقل"، أما نحن فنقول بأولوية العقل لأننا نرى بان العقلانية أساس في كل دين. 4. فقه المقاصد، فنحن نبحث دائما لمعرفة مقاصد الله بشكل ديناميكي. 5. فصل الاسرائيليات والجاهليات والشعوبيات والعرفيات والسياسات (احكام النبي في السياسة) عن الشرع، وسبق بينا تفاصيل كثيرة حول ذلك في متن المحاضرة. الفتوى والعقل تتخذ العلاقة بين الفتوى والعقل احد الحالات التالية: 1. أحكام توافق العقل مثل حرمة السرقة أو حرمة الخيانة أو حرمة القتل ... الخ 2. أحكام خارجة عن العقل وتشمل كافة القضايا التعبدية مثل الصلاة والصوم ... الخ 3. الفتاوى التي تتعارض مع العقل والتي تحصل بسبب تقديم النقل على العقل... لذلك نحن نقول الدليل الأول هو العقل ثم القران ثم السنة وهكذا... الاسئلة والاجوبة فتح السيد القبانجي باب الاسئلة لجمهور الحاضرين حيث كان السؤال الاول السؤال/ لماذا نلاحظ غياب الاخلاق في الفقه؟؟؟ الجواب/ نحن نعتقد بأن الاخلاق الفطرية هي الاصل، في حين يعتقد اصحاب الفقه التقليدي بان الاحكام الالهية مطلقة وهي من الله، اما القوانين الوضعية فهي بشرية ومعرضة للاهواء والشهوات، وطبيعي جدا ان العوام يريدون كلام الله، لذلك دائما الفقهاء يحاولون خلق معارضة بين العلم والله، والحقيقة ان الفقه كلها بشرية وتعتمد على ذهن الفقيه، لان الفقه استنباط من القران والسنة، الآن وبعد 1400 سنة ياتي فقيه ويقول انا استنبط الحكم من القران والسنة مما يجعل احتمالية وجود الخطأ في استنباطه امرا محتملا وجائزا، والمفارقة التي نراها ان القوانين الغربية الهية اما قوانيننا فهي بشرية!!!!! وتفسير ذلك ان القانون اذا اعتمد على اهواء الحاكم فقد ينتج عنه اخطاء، اما قوانين الغرب فهي مبنية على الفطرة، فلكل انسان حقوق فطرية مثل حق الحياة ، والحرية، والكرامة، وحرية التعبير ...الخ والقوانين الغربية مبنية على هذه الحقوق، بمعنى القوانين الغربية تتبع الحقوق الفطرية التي اوجدها الله في الانسان، لذلك فان الحقوق المنبثقة عن ذلك تعتبر الهية، اما احكام الفقهاء فهي تستند الى القران، والقران كلام الله اما الاستنباط فيخضع للعقل البشري وبالتالي تصبح قوانيننا بشرية وان استندت بالاساس الى القرآن. لان احكام الفقهاء تتبع عقولهم وانفسهم الماظوية، لذلك يفترض ان نبتكر قوانين تستند على الفطرة والوجدان. السؤال/ اعتمدت العقل اساس، نحن نعرف ان المعتزلة كانوا يقولون "اعتمد العقل حتى وان خالف النص"، فهل نحن معتزلة؟؟؟؟ الجواب/ نحن المعتزلة الجدد. السؤال/ هل نستطيع ان نعتمد على العقل؟؟؟؟ الجواب/ الماضويون يثيرون هذه المشكلة ويقولون دائما بان العقل ناقص، نحن لا نتحدث عن العقل النظري بل العقل الوجداني وهو معصوم ولكافة الناس، جميع العقول الوجدانية تشترك في قضايا، ولذلك نلاحظ بان جميع الناس يقولون السرقة حرام، حتى السارق يعرف ذلك، كذلك قاتل البريء يشعر بقبح فعلته، لذلك حتى الارهابي حين يقتل الابرياء يمني نفسه بارسالهم الى الجنة!!!!!! القران يقول "الانسان على نفسه بصيرة ولو القى مصيره"، الوجدان هو صوت الله في الانسان. والله هو الذي خلق هذه الروح الالهية، "ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها"، فقلب الانسان هو ملهمه، ونحن نقول بعصمة هذا العقل الوجداني وهو صاحب الحقوق الفطرية، وهو الاصل او القاعدة التحتانية للقوانين ويجب الاستناد اليها في التشريع. السؤال/ ما اراه انا عقليا قد يراها غيري ليس عقليا، أو وجدانيا، سؤالي يتعلق بتفسير النص، فهل ان جميع التفسيرات ظرفية؟؟؟ الجواب/ النص يمكن ان يكون ظرفي أو تاريخي، فبعض النصوص مطلقة وشاملة وكلية وبعض النصوص متغيرة، التغير في المصاديق والثبات في الكليات، مثلا العدل حسن من آدم الى يوم القيامة، اما مصاديقه فتختلف، فقد كانت تعتمد الشورى اما اليوم فلدينا الديمقراطية، كذلك حقوق المراة كانت نصف حقوق الرجل اما اليوم فلدينا المساواة، اذن العدالة تختلف ونسبية مصداقا، فالعفة جميلة وحلوة وحسنة للمرأة والرجل لكن مصاديقها تتغير، ففي مجتمعات معينة يمكن اعتبار شعر المراة اذا ظهر للعيان مساس بالعفة، كذلك الاخلاق بعضها مطلقة وبعضها نسبية، القران يقول (كونوا قوامين بالقسط) هذا حكم ثابت او مطلق او (ان الله يأمر بالعدل) فهو نص ثابت ايضا، لكن (وجوب الهجرة) حكم مؤقت أو ظرفي، كما نلاحظ بان احكام معينة انتهت ولم يعد احد يعمل بها مثل الرق، الا اننا لم نسمع تحريما للرق من اي فقيه، ربما لان هناك من ينتظر ظهور الامام ليحتل الغرب فتسنح فرصة للمسلمين لسبي النساء الاوروبيات!!!! السؤال / نتمنى على السيد القبانجي ان يتوسع ولو قليلا ليشرح لنا (الرجال قوامون على النساء)؟؟؟ الجواب/ انا اقول ان هذ النص صحيح 100% لان المراة كانت سعيدة بحقوقها التي منحها لها الاسلام، اما الاعتراضات فقد بدات منذ حوالي مائة عام، نحن الان نعيش في عالم الحداثة، وكلكم تعلمون ان الحداثة قلبت الموازين، كانت المراة فرحانة بحقوقها لان القتل كان نصيب الرجال فقط اما النساء فقد كان مصيرهن السبي او الانتقال من رجل الى رجل آخر. الرجل كان يضحي بنفسه من اجل المراة، لم تكن هناك حكومة لتنظم حياة الناس، لكن اليوم وفي ظل حكومات تتمتع بسلطات كبيرة فقد الرجل مكانته، وتحول من ولي الى شريك في الحياة الزوجية، الرجل فقد الرئاسة على العائلة، والحياة اصبحت تخضع للموافقة والتوافق بين الشريكين. والسلام عليكم
#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محاضرة العقلانية في عصر الحداثة
-
محاضرة العقلانية في الاخلاق
-
محاضرة اعرف نفسك
-
نقد الحر العاملي ومصنفاته
-
محاضرة كيف نعرف الدين الحق؟
-
محاضرة المنهج الهيرمنيوطيقي للمثقفين
-
محاضرة العقلانية في الشعائر والطقوس
-
القراءة المنسية ... مراجعة لنظرية «العلماء الأبرار» القراءة
...
-
نقد أحاديث تفسير القرآن
-
نقد الشيخ الصدوق وكتبه
-
نقد العلامة المحدث محمد باقر المجلسي
-
الشيخ الكليني وكتابه الكافي
-
القرن التاسع عشر وإستقلال علم النفس ... المدرسة التجريبية
-
الديمقراطية والمعنوية
-
قراءة في البلورالية الدينية او الصراطات المستقيمة
-
الايمان, السياسة, الحكومة
-
العلم الالهي وحرية الانسان
-
تحقيق في اخر اللحظات التي عاشها المسيح
-
في نقد برهان النظم
-
التقليد والتحقيق في سلوك طلاب الجامعة - د. عبد الكريم سروش
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|