أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المرحلة الأخطر في الثورة السورية















المزيد.....

المرحلة الأخطر في الثورة السورية


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3985 - 2013 / 1 / 27 - 20:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تلامحت قبل نهاية العام 2012 مجموعة علائم تسوغ الكلام على مرحلة جديدة، قد تكون الأخطر، في مسار الثورة السورية.
أول هذه العلائم ضرب من المراوحة في المكان على صعيد المواجهة المسلحة التي تتصدر أنشطة الثورة منذ منتصف الصيف الماضي. عدا السيطرة على مطار تفتناز في العاشر من الشهر الجاري، لم يتحقق للمقاومة المسلحة تقدم مهم، بل إن هناك شكوى متواترة من نقص الذخيرة في أوساط المقاتلين، والنظام هو من يتخذ وضعا هجوميا في مناطق من دمشق الكبرى (الغوطة الغربية: داريا والمعضمية)، وحمص.
ثاني العلائم تصاعد دور مجموعات إسلامية سلفية في المقاومة المسلحة، تعرض قدرا أكبر من الانضباط والكفاءة القتالية، لكن لها أهداف مغايرة عما يفترض أنها التطلعات المؤسسة للثورة. وهي إن كانت لا تمارس انتهاكات بحق الممتلكات في المناطق التي تنشط فيها، فإن لها نسق انتهاكاتها المغاير: محاولة فرض نمطها الاعتقادي والاجتماعي على السكان. الأشهر بين هذه المجموعات هي "جبهة النصرة لأهل الشام". والصفة الطائفية المبدئية للمجموعة السلفية تُغرِّب جميع غير السنيين، ويُغرّب نهجها الإكراهي أكثرية السنين أيضا.
العلامة الثالثة انتشار سلوكيات ومظاهر "فلتة الحكم"، أي غياب أي سلطة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، من سلب ونهب، وتوسل السلاح في تصفية حسابات شخصية أو عشائرية قديمة. هذا منتشر في مناطق الجزيرة السورية خاصة، لكنه غير مقصور عليها، وليس بعيدا عنه اعتداء مسلحين محسوبين على الجيش الحر على بلدة رأس العين ذات الغالبية الكردية، حيث تتداخل مظاهر الفلتان مع توتر عربي كردي عمره عقود في محافظة الحسكة. يسهل الأمر امّحاء الحدود بين مجموعات المقاومة المسلحة وبين مجموعات زعران أو "مشلحين"، علما أن الفلتان وامّحاء الحدود هذا هو مصدر القوة الأساسي لجبهة النصرة وأشباهها.
في المقام الرابع يبدو أن محصلة تأثير القوى الدولية الفاعلة، المنتظمة في تجمع "أصدقاء الشعب السوري"، تتوافق بدورها مع المراوحة في المكان عبر الامتناع عن دعم المقاومة المسلحة بما يمكنها من كسب المعركة، مع كونها غير قادرة على التأثير على النظام بوسائل أخرى. النظام ارتد في المرحلة السابقة (ابتدأت في منتصف صيف العام الماضي) إلى نواته الصلبة في الداخل (المركب السياسي الأمني أو "الدولة الباطنة")، وإلى تحالفه الإقليمي الصلب (إيران وحزب الله)، ولم يعد قابلا للتأثر بالمستوى الحالي للرفض الدولي لسلوكه.
وخامسا، استمرار ضعف الدور القيادي للمعارضة المنظمة. "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" لا يبدو قادرا أو حائزا على المقدرات التي تمكنه من التأثير على سير الأمور في الداخل. وهو واقع بين ضغوط متعددة الاتجاهات من الداخل وضغوط الخارج التي يبدو أنها متعددة الاتجاهات أيضا. ويشكو الائتلاف من نقص الموارد على مستوى الإغاثة، وعلى مستوى الدعم العسكري، فضلا عن مشكلات ضعف تماسكه الذاتي أيضا. لن يسمع منه أحد إن كان غير قادر على أن يحل مشكلة لأحد أو يقدم لأحد شيئا.
ويمكن أن نضيف التفاقم المتسارع للملف الإنساني للحرب الأسدية، مع تجاوز عدد اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة 600 ألف، ومليونين ونصف على الأقل من النازحين الداخليين.
تسجل هذه المرحلة الجديدة اختلافا مهما عن أية مراحل سابقة عرضت في مسار الثورة السورية المتموج خلال نحو عامين. في المراحل السابقة كانت الثورة صراعا سورية بين قطبين، يواجه النظامَ فيها طيفٌ ضعيف التجانس، لكن توحده قضية عامة، التخلص من النظام؛ اليوم انكمش النظام إلى نواته الصلبة وتوسع أكثر في حربه الإجرامية، بينما يعرض الطيف الثائر تشتتا كبيرا، وتشكل بعض المجموعات المحسوبة عليه عبئا يثقل كاهلها، سواء لتشددها الديني، أو بالعكس لانحلالها وانفلاتها من أية ضوابط. وفي الوقت نفسه يتقدم مستوى تدويل الصراع السوري، مع تعذر حسمه داخليا، وهذا رغم إحجام "أصدقاء الشعب السوري" عن دعم الثائرين السوريين، ومع سخاء وقوة قلب أصدقاء النظام السوري في دعمه.
ويبدو أن النظام أول المستفيدين من سير الأمور في هذه المرحلة الجديدة. كان خطاب بشار الأسد في دار الأوبرا في السادس من الشهر الجاري مؤشرا على ذلك. النظام الذي تصرف حيال البلد كما لا تتصرف قوة احتلال أجنبي، والمتيقن أكثر من أي وقت سبق بحصانته من العقاب رغم تفننه في الإجرام، لماذا لا يمعن في التفنن؟ يناسبه كثيرا أيضا أن تنتشر ظاهرة جبهة النصرة، لأن ذلك يفيد في تغريب قطاعات أوسع من السوريين عن الثورة، ويُسهّل له بيع سردية الحرب ضد الإرهاب إلى قوى غربية راغبة في الشراء. ويسعده بالقدر نفسه وأكثر أن تشيع مظاهر "فلتة الحكم" في المناطق الخارجة عن نفوذه، لأن الثائرين هم من سيلامون على ذلك، ولأنه يضفي الشرعية على مبدأ أساسي في فلسفة الاستبداد: إن الناس وحوش وأشرار ولا ذمام لهم.
يناسب السير الحالي جبهة النصرة ذاتها. فمثل شبيهاتها تكون في أحسن حال كلما كانت الأوضاع العامة أسوأ، ومن شأن إمعان النظام في توحشه، وتعثر أية قوى وطنية معتدلة، على ما هو حاصل اليوم، أن يضفي عليها قدرا أكبر من الصدقية.
ولا تبدو متعجلة لطي صفحة هذه المرحلة أية قوى غربية تقارب الشأن السوري من مدخل مواجهة الإرهاب (لن تدعم المعارضة) أو حماية الأقليات (تتخوف من الحاضنة السنية للثورة) أو "أمن" إسرائيل (النظام أفضل البدائل، وإلا فالفلتان)، أو هي تلحق الصراع السوري بإيقاعات المنازعة مع إيران وملفها النووي. آخر همها هو حرية السوريين وحياتهم.
المتضرر الأكبر من الأفق الجديد هو ملايين السوريين من الذين تأذوا مباشرة ويتطلعون إلى العودة إلى مواطنهم وترميم حياتهم، وكذلك ملايين من المتطلعين إلى أوضاع سياسية جديدة. وهو كذلك أية قوى سياسية منظمة بقدر ما تحاول التأثير على سير الأوضاع السوري في اتجاهات أكثر تحررا وعدالة.
في المحصلة، على أعتاب عامين من تفجرها، تبدو الثورة السورية في وضع هو الأشد حراجة: فوق 100 من السوريين يقتلون كل يوم، والنظام آمن جدا في إجرامه، وأكثر من حماه واحدة رأينا ورأى العالم، والقريب والبعيد شهود!



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسد أو لا أحد/ الأسد أو نحرق البلد: نظام العدمية السياسية
- المراقب المثالي والصراع السوري
- المنسى السوري... المنساة السورية
- في شأن -جبهة النصرة- والسياسة الملائمة حيالها
- ليس لدى -السيد الرئيس- من يشاركه!
- قبول -الحل الإبراهيمي-، وليس رفضه، هو ما يؤدي إلى -الصوملة-؟
- الثورة، الإسلام، وامتلاك السياسة: في نقد -التيار المدني- وال ...
- تحولات صورة الأميركيين أثناء الثورة السورية
- خوارج الثورة السورية و-خوارجها-
- ثلاث قوى منظمة و...ثورة
- تكوين سورية وتاريخها و...الثورة
- الثورة السورية ووضع الثورة المطلقة
- حوار متجدد في شأن الثورة السورية
- الثورة والإسلاميين بين سورية ومصر
- ليس في التاريخ ثورات -ع الكاتالوغ-
- هل نستطيع تصور النظام السياسي السوري بعد الثورة؟
- ثورة سورية أم ثورة إسلامية في سورية؟
- معضلة العلاقة بين العلمانيين والإسلاميين السوريين
- ياسين الحاج صالح - كاتب سوري - في حوار مفتوح مع القارئات وال ...
- بعد تفخيخ دمشق... تفجيرها!


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - المرحلة الأخطر في الثورة السورية