أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الحمّار - الإعلام المحلي يقود تونس إلى الكارثة














المزيد.....

الإعلام المحلي يقود تونس إلى الكارثة


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 3985 - 2013 / 1 / 27 - 12:21
المحور: الصحافة والاعلام
    


إنّ الجرائد التونسية، ورقية كانت أم الكترونية، عدا قلة قليلة ستتعرف عن نفسها من خلال هذا العرض، ومعها جل الإذاعات والقنوات التلفزية، لا علاقة لها بالمشكلات الحقيقية للشعب لا من بعيد ولا من بعيد. وتبرز هذه الإعاقة من خلال فشلها الذريع في اختيار المادة التي تعرض المشكلة على أنها مشكلة والحل على أنه حل. فهي تبدو واثقة كل الوثوق من نفسها بخصوص اختياراتها ضمن ما يسمى بـ"الخط التحريري".

إنّ الذي يحدد المشكلات ويحدد الحلول إن وجدت ويحث على التفكير في إيجاد الحلول إن لم توجد هو المثقف والمربي والكاتب أي الممارس لمهنة تخول له أن يرصد الأفكار والسلوكيات وأن يضيء الطريق نحو رؤية أفضل للمسائل والقضايا ونحو السبل المؤدية إلى الحلول. و من واجب الجريدة و الإذاعة و التلفزة أولا أن تفتش عمن يثق بهم الناس في مجال اختصاصهم كراصدين للحاجيات الحقيقية للشعب، ثم أن ينقلوا نقلا وفيا ومسترسلا لما يعرضه هؤلاء من تشخيص للأدواء ومن أدوية لها.

في هذا الصدد نلاحظ آسفين أنّ العديد من الجرائد انحرفت عن مسارٍ انفتاحي دشنَته إبان سقوط الحكم النوفمبري وذلك بأن ابتعدت شيئا فشيئا عن سبيل البحث عن مصادر الاستقصاء السوسيولوجي والنفسي والتربوي والفلسفي قبل أن تنصب نفسها من جديد أجهزة للرصد وللتفكير وللتشخيص وللمعالجة. بينما الإعلام الذي يحترم نفسه ويحترمه الناس هو الإعلام الذي يستقصي الخبر لا السلوك، والذي يحلل الحدث لا المشكلة التي ينطوي عليها الحدث، والذي يدل الناس على منابع الفكر والمقترحات لا على أفكار صاحب أو مدير الجريدة أو الإذاعة أو القناة التلفزية.

لقد كتبنا وما زلنا نكتب، بكثير من الأمل، عن أزمة التعليم في تونس قبل أشهر من اندلاع غضب القاعدة الأستاذية وإقرارها بشرعية إضراباتها هذه السنة، وحررنا صفحات من التحذيرات ومن المقترحات في الشأن التربوي المتأزم. ولولا المواقع الاجتماعية والجرائد الالكترونية العربية، وقلة قليلة مشكورة من الجرائد المحلية، التي أبت إلا أن تنفتح على ما نعرضه على القراء، لخِلنا أننا نعيش في تونس افتراضية ذات مشكلات افتراضية ولا حاجة لها إلا لحلول افتراضية. وها هي نتائج التقاعس الإعلامي واضحة للعيان: جمهور من المستمعين والمشاهدين والقراء يعتقد أنّ الأستاذ عالة على المجتمع، يحسب خطواته بالمليم والدينار، ويقيم تلاميذه بالذهب والفضة، ويقدر المعلومة والمعرفة على سلم بورصة الصرف و القيم المقولة.

كما كتبنا وما زلنا نكتب، و بكثير من الأمل أيضا، عن الموت السريري للسياسة في المجتمع التونسي والعربي عموما وقلنا إنّ تحرير التواصل والفكر الديني والمدرسة، بغية تجديدها، وبطرق علمية (بعضها متوفر لدينا) هي الكفيلة بتأسيس فكر سياسي معاصر يطور ويتحدى ويتجاوز ويعوض الفكر السياسي الموروث عن مراكز العلم الأجنبية المهيمنة سياسيا وإيديولوجيا. لكن قلة قليلة من أجهزة الإعلام المحلية كانت قادرة على تعديل ساعتها على ما يخالج أذهان أهل الذكر. وكانت النتيجة تعاقب الاحتقان المجتمعي تلو الاحتقان، والدوران في حلقة مفرغة إلى أن وصل بنا الأمر إلى إعلان رئيس الحكومة عن عدم الإعلان عن أية تشكيل حكومي منتظر، واضطراب المجتمع وارتفاع نسبة خيبة الأمل لديه وازدياد مخاطر الانفجار لديه.

بالنهاية إن لم يكن الجسم الإعلامي قادرا على مشاهدة نفسه في مرآة الصحيفة والمذياع و الشاشة ليرى أنه يقصي المفكر والمثقف والمربي مثلما يتنفس وأنه، في محاولة يائسة للتفريج عن كُربته، يستبدل المحامي والحقوقي والداعية مكان هؤلاء في برامجه وتحقيقاته وتقاريره، فسيأتي اليوم الذي تقول فيه المدرسة والمسجد وجهاز الإعلام معًا وبصوت عالٍ: تبّا لإعلام يربي الشعب على الامتثال، لا للقانون، وإنما لقانون الخنوع لسلطة بلا صلاحيات شعبية.



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: برنامجنا للإصلاح التربوي والعام
- تونس: حتى لا تكون التربية على المواطنة صفقة خاسرة
- تونس: منهجية الإصلاح متوفرة فماذا تنتظر وزارة التربية؟
- على -اتحاد تونس- استهواء أنصار النهضة وإلا فالفشل
- تَعرَّينا...
- شعب تابعٌ لنخب مهووسة بانتقاد السلطة
- اللغة كسلاح للتصدي لاستعمار تونس وسائر الوطن العربي
- إلى من يريد نظام الحكم البديل..
- بلادي بين مفاصل الوفاق وعضلات الإضراب العام
- هذا ما يريده الشعب التونسي، فماذا تريد -النهضة-؟
- هل طاب من الخطاب ما يمحو الاستقطاب؟
- هل مِن خيار سوى تسييس اللغة؟
- ما معنى أن تكون لنا وزارة للغة؟
- من أجل إحداث وزارة للشؤون اللغوية
- هل وحّدتنا صواريخ غزة؟
- الجبهة والتحالف في تونس: قطب ثالث بلا منهاج؟
- مشهدٌ من الوفاق ولا العيش 23 سنة أخرى في الأنفاق
- اعطوا الشباب مشروعيةً يعطيكم ثورة حقيقية
- جبهة شعبية دون تطبيع العلاقة مع الدين؟
- الله رب (النهضة) وربنا جميعا


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد الحمّار - الإعلام المحلي يقود تونس إلى الكارثة