أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مهند صلاحات - طفل














المزيد.....


طفل


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1148 - 2005 / 3 / 26 - 08:06
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


قصة قصيرة

بعد أن دخل إلى البيت و وضع الكتب التي يحملها بيده على الطاولة التي تتوسط الصالة، رمى بنفسه على المقعد الطويل مقابل الطاولة وفرد ذراعيه على جانبي المقعد في محاولة للاسترخاء التام بعد عناء يوم طويل في المحاضرات وضجيج الطلبة وأسئلتهم، فالتعب النفسي والذهني هو الذي يسبب له الإرهاق بعد عدد من المحاضرات في علم النفس والأسئلة الغريبة التي تخطر ببال الطلبة حول ماهية علم النفس.

نادى زوجته وسألها : أين علاء ... إني لا أراه في البيت ؟

أجابته : إنه في غرفته ... كعادته قد جمع كل الأقلام في البيت ويخربش بها على الورق .

إستجمع قواه وسار بإتجاه غرفة الطفل وفتح الباب ونظر في أنحاء الغرفة فوجد الطفل مستلقياً على صدره على أرض الغرفة قرب السرير ويحمل بيده قلم ويرسم على ورق أبيض ومن حوله تتناثر أقلام وأوراق.

تجول في أنحاء الغرفة ومن ثم جلس على السرير بجانب طفله الغارق في رسومه وخياله الذي يترجمه على الورق، وبدأ يسأل نفسه ماذا يرسم هذا الطفل، وماذا يدور في مخيلته يا ترى !

ثم سأل الطفل : ماذا ترسم يا علاء اليوم ... أرني ماذا لديك ؟

تناول الورق الأبيض عن الأرض وبدأ بسؤاله : ما هذه الدائرة التي لها رأس يا علاء ؟

أجابه : إنها جارتنا أُم أحمد .

قال : وما هذه الخطوط والدوائر وهذه الأشياء المرسومة بجانبها ؟

فأجابه : إنها تحمل خاروفاً وكيساً كبيراً من الخبز وخضاراً كثيرةً.

فقال مندهشاً من جواب الطفل : خاروف يا علاء !!! ولكن لماذا تحمل خارف و كل هذه الاشياء ... وماذا ستفعل بها ؟

وبكل براءة أجابه : ألم ترى كم هي كبيرة ... إنها أضخم من سيارة ... إنها تأكل خاروفاً وكل هذه الاشياء وحدها يا أبي .

رسم إبتسامة عريضة على شفتيه من جواب الطفل وطريقته في تفسير الظواهر المحيطة وكأنه يبحث في الأسباب، فلفت إنتباهه رسوم غريبة وخطوط متعرجة فعاد ليسأل الطفل : وهذه الرسمة يا علاء ماذا تعني ؟

فأجابه : إنها ليست رسم يا أبي ... إنها رسالة كتبتها و كنت سأرسلها معك لطلابك .

تفاجئ الأب مرة أخرى من أفكار الطفل وسأله بدهشة : طلابي أنا يا بني !!! وما تود أن تقول لطلابي ؟؟

فأجابه : هل تذكر حين أخذتني معك في المرة الماضية للجامعة وأجلستني بينهم في الدرس ... وعندما خرجنا منه قلت لي لا تكن شقياً مثلهم وتتعبني ... فأنا كتبت لهم رسالة أقول لهم فيها : أرجوكم لا تزعجوا أبي فأنا أحبه .

وضع يده على رأس طفله وناوله أوراقه وتركه يكمل رسم خياله وتصوراته على الورق.

عاد مجددا للغرفة وفتح الباب بغضب وصاح في الطفل : علاء ... ألم أحذرك بأن لا تعبث في أوراقي !!! لماذا عبثت فيها اليوم مرة أخرى !!!

وقف الطفل أمام الأب وفي وجهه وملامحه تختلط كل علامات الحيرة والخوف والإحساس بالذنب وقال : أردت أن اخذ بعض الأوراق لكي اكتب عليها لأن الأوراق الذي أعطيتني قد نفذت .

فأجابه : ولكني حذرتك بأن لا تقترب من غرفتي ومن طاولتي وكتبي تحديداً ... لماذا تتجاهل كلامي أيها الشقي !!!
تحول غضب الأب لردة فعل مادية على جواب الطفل الذي لم يعجب الأب فضربه على وجهه وهو يقول له : يجب أن أعلمك كيف تطيع كلام أبيك أيها الولد الشقي.
وأغلق الباب خلفه وعاد للصالة مرة أخرى يتابع أخر مستجدات الأخبار على التلفاز.

عندما حان وقت الغداء قال لزوجته : أحضري علاء ليتناول طعامه .

دخلت الأم إلى الغرفة من جديد فوجدت الطفل يبكي وهو مستلقي على صدره ويرسم، فنادته ... لم يجب الطفل نداء الأم وتجاهل حتى وجودها وإستمر في الرسم على الورق .

عادت الأم مرة أخرى وقالت للاب : إنه يتجاهلني ... وهو يبكي ويرسم ... إذهب إليه علّه يسمع منك.

دخل الأب إلى الغرفة وجلس إلى جانب السرير وبدأ ينظر إلى ما يرسمه الطفل في الورق ... تناول الورقة من أمامه ليرى ماذا يرسم.
أحس الأب برعشة تسري في جسده حين وجد دموع إبنه تبلل الورقة التي رسم عليها دوائر وصلها بخطوط من الأعلى والاسفل وملأها بأشكال غريبة.
فسأله : ما هذه الدائرة والخطوط المرسومة هنا يا علاء ؟

أجابه : هذه نار كبيرة وفي داخلها أب لا يحب إبنه فضربه ... ولأن إبنه يحب أباه وبكى لأن أباه ضربه جاءت الملائكة وأخذت الأب ووضعته في النار.

إنهمرت من عين الأب دمعة وحضن الطفل وقال له : اليوم تعلمت منك أيها الصغير درساً لم أتعلمه حتى في الدكتوراه في علم النفس ... سامحني يا بني فأنا أيضا أحبك.



إنتهت



بقلم : مهند صلاحات
عضو تجمع الكتاب والأدباء الفلسطينيين



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنثى ... وأدوات الكتابة
- مشهد
- شارون يفضل القهوة العربية المرّة
- عن ...فتاة تتزوج الحقيقة
- ميلاد الفجر في غزة ...
- أحلام المجانين ... ليلة صيف
- أتى عيد العشاق... سيدتي
- هل تحولت السلطة الفلسطينية إلى مركز أمني جديد في المنطقة الع ...
- محاكمة الذات بالمعايير المبدأية
- لا بد أن يسقط القمر
- وصايا الشهداء
- شعارات / قصة قصيرة
- قررت الزواج ببحر غزة
- الخطأ في شمولية الحكم على الفكرة / ردا على مقالة محمد الموجي ...
- محاولة لترجمة النهى في ليلة راس السنة
- من يحسن قراءة الوطن على أعتاب السنة الجديدة ؟
- المُخٌلِّص
- التكفير سلاح الجاهل ... ردا على الأستاذ محمد الموجي حول كفر ...
- علمانية الفرد العربي ... الحقيقة المرفوضة
- الأندلس الجديدة ... والطاغوت على أبواب المدينة


المزيد.....




- هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل ...
- في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو- ...
- الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م ...
- البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
- الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
- السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز ...
- دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
- ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد ...
- تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
- مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مهند صلاحات - طفل