أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسر محمد أسكيف - الحديّة القاتلة , وغياب العقل














المزيد.....

الحديّة القاتلة , وغياب العقل


ياسر محمد أسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 3983 - 2013 / 1 / 25 - 01:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الحديّة القاتلة , وغياب العقل
ياسر محمد اسكيف
أخيرا ً يجب دفن قميص " عثمان " وانتزاع مسمار " جحا " للخلاص من متاهة " البادئ أظلم " كمواجهة للذرائعية التي باتت تغيّب كلّ عقلانية وموضوعيّة في تشخيص الحال السوري اليوم .
لقد كانت السلطة هي البادئة في الاعتداء . ولأنها كذلك تحوّل هذا البدء إلى قميص " عثمان " , وباتت الثأرية عنوانا ً لكل ممارسة , وصارت " الغاية تبرّر الوسيلة " حصانة حتى لما هو غير أخلاقي , وغير إنساني . وبدأت الحديّة التي تأسست على الممارسة القمعية للسلطة تدفع باتجاه نوع من البربرية التي تسم الجميع , بعيدا ً عن أي تفكير عقلاني . وكأنما السوريين باتوا حقيقة طرفين متمايزين امتلك كلّ منهما ما يكفي من التجانس ليغدو تعريفا ً .
ان الحديّة التي بدأت تمارس على الأرض بين ( المُعارضات ) السورية , والسلطة , قد أفرزت , أو أنتجت , مكافئها السياسي والثقافي , هذا المكافئ الذي لا يقلّ وحشيّة وفتكا ً . فالسلطة , من جهتها , تعتبر كلّ من يعترض على سياساتها ورؤيتها لحلّ الصراع هو هدف مشروع للملاحقة , والاعتقال , وربّما القتل . و ( المعارضات ) من جهتها تجد كلّ منها في وجهة النظر التي تتبناها منتهى البصيرة والمعرفة , وتجد في سلوكها السياسي منتهى الحنكة والتدبير , وتجد في الوقت ذاته بأن كلّ من لا يبصم بالعشرة على صحّة ممارستها , كما على وجهة نظرها , واحد من إثنين : إما عميل للسلطة , أو متآمر على ( الثورة ).
وهكذا يجد الصوت , الذي يصدر عن محاولة تستحضر العقل في قراءة الصراع الدموي الدائر , صعوبة بالغة في الوصول إلى هدفه , نتيجة الإقصاء والشك والتخوين . وهنا يتبدى الجوهر المشترك لآليات التفكير عند طرفي الصراع في سوريا . والإقصاء الأهم هنا هو الناتج التلقائي على شكل غياب لصوت العقل , ولعدم صحّة ما يمكن تسميته طرفا ًثالثا يتمايز كوجهة نظر فاعلة , إذ أن تمايزا ً كهذا شبه مستحيل في لحظة الصدام الدامية , لأن صوت العقل يقع في مساحة التقاطع , وليس في مساحته الخاصة التي يمكن اعتبارها حيازة نهائية الحدود . وهنا لا بدّ من التنويه إلى أن الحديّة المقصودة والموصوفة قد غيّرت , بلاعقلانيتها , شروط الاصطفاف وقواعد الاجتماع , بحيث باتت المعارضة والموالاة مكانين لا انتماءين . وباتت المشكلة في مكانية الاصطفاف انها تعيد انتاج ذهنيّة ( من ليس معي فهو ضدي ) التي تعيد هي الأخرى انتاج ( الكلّ في الواحد ) أو ( الواحد الذي يتعرّف الكل به ) أي الطاغية .
قد تكون الكيفيات , بما لها من خصائص إجرائية , هي الكاشف الأهم للحديّة الغاشمة التي قد تستعصي في انكشافها على المواقف والآراء , وذلك لما تمتلكه هذه الأخيرة من إمكانية التحوّل والتبدل . ودوما ً نرى قرارات الإدانة , كما بطاقات الثناء والشكر , تأتي بعد إعلان الكيفية في الوصول إلى تحقيق الهدف . ف(المعارضات ) السورية متفقة جميعها , على أن السلطة السورية بتركيبتها الحالية يجب أن تكون من اختصاص الفعل الماضي , لا الحاضر , أو المستقبل . وأن تغييرا ً عميقا ً في بنية المجتمع والدولة أمر لا نقاش فيه . وحينما يصل الأمر إلى طرح الكيفيات تبدأ صكوك البراءة وقرارات الاتهام سيّدة المشهد .
وهنا أجد بأنه على الديموقراطيين السوريين أن ينتبهوا إلى أن مجريات الصراع قد جعلتهم , من حيث لا يدركون , أولئك العقلانيين المقصيين على هامش الفعل , وذلك لقبولهم بنهائية الشكل الذي وصل إليه الصراع . وباتت الثورة التي كانوا يحلمون بها مجرّد صراع دام بين قوّتين طاغيتين . وبات العالم كله , بما فيه طيف واسع من المعارضة الديموقراطية , وكأنه قد نسي الأهذاف الحقيقية التي تحرّك الشعب السوري من أجلها , مؤججا ً للصراع , بانتظار المنتصر الذي سيدفع الفاتورة . وفي الحالة السورية سيدفعها الخاسر , الذي لم يكن طرفا ً , وهو الشعب السوري .



#ياسر_محمد_أسكيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية الوطنية على مذبح الطائفية
- الديموقراطيون العُزّل والمبادرة المصفّحة
- سوريا ( بين الراسخين في العلم والحالمين بالتقسيم )
- ثورة مخطوفة وديموقراطيون يهلّلون للاستبداد
- القراءة ( بين الزاد الأيديولوجي والاختبار الذاتي )
- هل يُصلح الإئتلاف ما أفسد المجلس
- العلمانيون السوريون ومعضلة التحالفات
- الوجوه المتحوّلة للحراك السوري
- عصيان المعنى وارتهان الكتابة الجديدة
- الدور الاجتماعي للأدب ومسلمة النقد الأيديولوجي
- الديموقراطية والعنف


المزيد.....




- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسر محمد أسكيف - الحديّة القاتلة , وغياب العقل