أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فؤاد بلحسن الخميسي - في بحث عن اسمها وسط سديم ليلي!














المزيد.....

في بحث عن اسمها وسط سديم ليلي!


فؤاد بلحسن الخميسي
كاتب وباحث

(Belahcen Fouad)


الحوار المتمدن-العدد: 3979 - 2013 / 1 / 21 - 22:59
المحور: المجتمع المدني
    



التقيتها صدفة !
قالت: لو سمحت، ادفع بي كرسي المتحرك لبعض الوقت ولمسافة غير بعيدة.
انتبهتُ من سهوي. كانت سيدةً، تقعد على كرسي متحرك. لمحت، بغتة، طفلا يمشي متثاقلا على يمينها، ماسكا بيده اليسرى الطرف الأيمن للكرسي. دفعت الكرسي، لبرهة، في صمت، محاولا استيعاب المشهد كاملا: سيدة من ذوات الاحتياجات الخاصة، بلا ساقين، متعبة ذراعيها من طول الدفع بعجلة الكرسي، تحمل حقيبة صغيرة على فخذيها، طفل بهندام واسع بعض الشيء، وجهه مخدوش، ينتعل صندلا في زوال بارد، يمشي على غير هدى، يمشي حيث دار الكرسي واتجه! سألْت، باهتمام:
- إلى أين، فلا بد أن تفترق طريق كل واحد منا في مكان ما!
كانت بالطبع بداية مرتبكة بعض الشيء. لكن السيدة لا تجيب عن السؤال، بل ترد بما تريد:
- أنا ذاهبة للبيع، وأنتَ؟
- أنا سأُعَرج على اليسار في مفترق الطرق الآتي.
- إذن ادفع بي قدرَ استطاعتك.
- تـبـيعين ماذا؟
أشارت إلى الحقيبة، وأجابت: أبيع جوارب وأشياء أخرى بسيطة، لا أريد أن أتسول أمام المساجد والمقاهي. لا أريد أن أمُد يدي لأحد.
والطفل أيكون ابنكِ؟
- نعم.
- يدرس في روض أطفال؟ لو كان كذلك لتجنبتِ اصطحابه!
- تنتهي حصته الدراسية المسائية قبل موعد خروجي للبيع، فأكون مضطرة لاصطحابه معي.
فكرتُ في مشهد بشكل خاطف: الطفل يمشي بين الطرقات وبين الناس، رفيقا للسيدة طوال الزوال وربما إلى المساء. هي تبيع وهو يراقب الناس ويخطف قفزات هنا وأخرى هناك، قفزات مُسلية.قفزات من النوع الذي يُشغله عما يفعل الكبار ولا شأن له به. هي تبيع، عين مع زبون مفترض و فرصة بيع محتملة وعين أخرى تتبع خطوات الطفل وقفزاته وربما مشاكساته غير المحسوبة المخاطر. فمحل البيع هو الشارع، الذي لا يحده إلا سقف السماء، ورحمتها. قــَطعتُ تمرين الافتراضات المتولدة بعضها عن بعض. دون أن أشعر أني أطرح السؤال تلو السؤال، سألتُ مجددا:
- وزوجكِ؟!
- أقعده المرض بالبيت!
- لكن، لماذا توقفت وسط الطريق عن سياقة الكرسي بنفسك؟
- لا بد وأن تتوقف في لحظة ما، فعجلة الكرسي ليست مَرنة بالشكل الكافي، وفي نهاية المطاف تستسلم للتعب.
- تحتاجين إذا إلى كرسي جديد وذي جودة، يتحرك بخفة أكبر؟
- نعم، وأحتاج أكثر من الكرسي.
- والدولة، ألا تقدم كراسي متحركة؟
- بلى، تفعل. ولكنها كراسي أقل جودة، أقل مرونة من هذا الذي أملك.
- تتوفرين على هاتف؟ أتستطيعين إعطائي رقم هاتفك؟ (كان السؤال الأول احترازيا).
في هذه الأثناء، صَدم رجل، آت من الجهة المقابلة، بقوة ومن غير قصد ولا انتباه، وجه الطفل بساعده الأيمن! تألم الطفل وصرح بصوت مكتوم يجمع بين التذمر واستئناس الفعل بالاعتياد.لم تنتبه الأم لمُصابه. لمحني وأنا أبصره دون أن أحرك ساكنا. ربما لَعنني بسبب سلبيتي تلك. رَدَّني عن متابعة تفاصيل المشهد ونظرات الطفل "الحاقدة" صوت السيدة:
- نعم بالتأكيد، أستطيع. و بعد تفكير، زادت: أمِن أجل مساعدة إنسانية ما؟
وقبل أن أجيب، استطردَت: سبق وأن وعدني رجل بمساعدات لكن لم أرى له أثرا بعد ذلك!
- إذا، أنا لا أعدك بأي شيء. سأفعل ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وربما غيري يفعل ما عجز عنه كلانا – صاحب الوعود المتبخرة في الهواء وأنا.
- هو ذا: 0678712631، أسكن بحي السينما نور، قرب صيدلية مريم، وبالضبط، قرب نجار وحداد بالجوار هناك.
- حسنا، وكما ترين، سيدتي، كنت أنوي أن أستدير يسارا فإذا بي انعرجت، معكُما، يمينا. ولكن الآن علي الانسحاب. يجب أن أسلك طريقا آخر. رَدَّت:
- طيب.
- مع السلامة
- مع السلامة.
ما قيل كان بمثابة دعوة للمساعدة. وكل المعطيات مسجلة.
ستسألكم عن الذي مكنكم من رقم هاتفها. شخصيا، التقيتها صدفة، إذن يمكنكم أن تردوا وبلا حرج: التقطناه صدفة.
...
تذكرت، الآن، أني لم أذكر أنها قالت: اسمي صَبيحة !
قلت في خاطري: الصبيحة! هي ما نبحث عنه، في هذا السديم الليلي، يا سيدتي!

صفحة الكاتب التفاعلية على الفايسبوك:
https://www.facebook.com/belahcenfouad?ref=hl
لمعاينة باقي مقالات الكاتب بالموقع:
http://www.ahewar.org/m.asp?i=4620



#فؤاد_بلحسن_الخميسي (هاشتاغ)       Belahcen_Fouad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رحيل رجل شريف .. عبد السلام ياسين
- في بكائيات المجتمع حول ضحايا البرد والثلج - مقترح للإنتقال م ...
- امتحان الثورة والثوار في مصر
- كلمة في المناضل والمعتقل السياسي معاد «الحاقْد»
- حوار مع الشاعر والمترجم رشيد وحتي: الترجمة عملية تلقي مزدوج
- مستقبل حركة 20 فبراير بين متاهات المأزق ومداخل الهوية الجديد ...
- الربيع العربي .. من إرادة التغيير الشعبي إلى سياسة المحاور ا ...
- اسم أدبي .. فاطمة الزهراء الرياض
- صعوبات تعترض الطلاب الدارسين خارج أقاليم إقاماتهم العائلية . ...
- تعليقا على إطلالة المفكر عبد الله العروي الأخيرة بعد صمته ال ...
- بانوراما دينامية حركة 20 فبراير بعد عام من الحراك - مأزق كثي ...
- بانوراما دينامية حركة 20 فبراير بعد عام من الحراك - مأزق كثي ...
- بانوراما دينامية حركة 20 فبراير بعد عام من الحراك - مأزق كثي ...
- شهادة في حق مناضل شهيد: عبد الوهاب زيدون
- مرافعة حركة 20 فبراير في المحاكمة الرمزية للاستبداد و الفساد ...
- البلطجة الصحفية تُدين البلطجة الميدانية .. (صنع بالمغرب) !
- أين وصلت دينامية حركة 20 فبراير؟
- آسف، السلطات العامة بمدينتي تحارب المطالبين بالإصلاحات السيا ...
- ورقة نقدية لمقال « الفصل 47 من مشروع الدستور الجديد: دلالة إ ...
- حركة 20 فبراير و الغد القريب ..7 أفكار للنقاش - بمثابة رسالة ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...
- سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر ...
- كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا ...
- -المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على ...
- 5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فؤاد بلحسن الخميسي - في بحث عن اسمها وسط سديم ليلي!