جريس الهامس
الحوار المتمدن-العدد: 3979 - 2013 / 1 / 21 - 01:38
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
الأسطورة الإسرائيلية – من القبيلة إلى دولة الإغتصاب .؟ عنوان كتابي الجديد .
وللقراء الكرام مقدمة الطبعة الثانية
أنا إبن نحّات في مهنة البناء , تعلمت من والدي ومن رفاقه النحاتين الطيبين في موطننا الصغير – صيدنايا الحبيبة – كيف تتم أنسنة الصخور المقتطعة من جبالنا العنيدة ,, وتحويلها إلى أحجار منحوتة ومصقولة بأدوات يدوية بسيطة وخبرة مهنية عالية في مقالعهم التي كانت منتشرة حول البلدة وفق المقاسات المطلوبة لبناء المنازل لعائلاتها .أو لبناء أوابد جديدة في ديرها وكنائسها وجامعها وبلديتها.... وكيف كان البناؤون المهرة ( المعمرجيّة ) يحولونها إلى جدران وأقواس حجرية وقباب وفنون بناء مختلفة في منازل الفلاحين البسطاء في القرية القديمة التي عاش فيها اّباؤنا وأجدادنا وعشنا معهم طفولتنا البائسة والسعيدة معاً , قبل غزو كتل الإسمنت العشوائي لها وتشويه براءتها الطبيعية ..أو أشادوا بها أوابد أثرية لاتزال شاهدة على إبداعاتهم وجبروتهم في مهنة البناء الحجري بأدواتهم البسيطة وسواعدهم التي بنوا بواسطتها شواهق دير صيدنايا الباقية حتى اليوم في : قبة الجرس وبرج الساعة القديمة وقناطر واجهة الكنيسة وجملونها وفي بناء جامع القرية ومئذنته الجميلة التي بناها خالي زكي لطفي ونحت حجارتها نحاتو القرية ,,, وحملو ا الأحجار على ظهورهم إلى تلك الإرتفاعات الشاهقة باستعمال الحبال والسلالم الخشبية أو الحبال والبكرات ..
وكان جدي لأمي خليل لطفي وأولاده الثلاثة من أمهر البنائين وأقدمهم وأقدرهم في البناء توفي اثنان منهم في البرازيل وبقي خالي زكي يتقن مهنة البناء حتى اًخر يوم في حياته . وكان يفتح في منزله أمامنا مخطط بناء أوابد دير صيدنايا الشاهقة ومنها قبابه الرئيسية التي بناها جدي خليل وكان أهل القرية يدعونه – المعلم خليل -- ونحت أحجارها شباب القرية ومنهم والدي ..
وهكذا تعلمت أنسنة الحجر كيف يحوله إزميل ومطرقة النحاتين المهرة إلى شتى الأدوات الضرورية التي كانت مستعملة في حياة الناس ,, كالأسطوانات الحجرية ( المداحل ) التي كانت تجر باليد بواسطة ساعد خشبي كالفرجار كان يدعى ( الماعوس ) تستخدم في الشتاء لصقل وتسوية أسطحة منازل القرية التي كانت خشبية مغطاة بالطين في الشتاء لئلا يتفذ منها ماء المطر . وكذلك تسوية أراضي بيادر المحاصيل الزراعية يوم كان سكان البلدة أهلنا فلاحين منتجين طيبين وبسطاء ..وكذلك صنع أحجار معاصر الزيتون والعنب الضخمة . يوم كانت أرضنا وفلاحونا ينتجون أمنهم الغذائي بعرقهم وتضامنهم .. إلى جانب صنع الأدوات المنزلية المختلفة كأجران الكّبة وأحواض الماء و أحواض تعميد الأطفال أو زراعة الورود في المنازل وغيرها.
من هنا كنت ومازلت مع أنسنة الحجر لخدمة الإنسان وطموحه في الحياة الكريمة , الأمر الذي يحقق الأمان الإجتماعي والثقة بالنفس وحب الأرض والإنسان في كثير من الحالات
..... ومع مرور الأيام ومراحل التغيير في حياتنا .. وتعلمنا من -- مجاني الأدب – وغيره ," أن العلم في الصغر كالنقش في الحجر "
تحولت أنسنة الحجر من أداة لبناء المنازل وإسعاد الناس في حياتهم ودفئهم ومعتقداتهم ,إلى أداة نضال شعبية لبناء الوطن , وتحول الحجر مع الهتافات الوطنية العامة والخاصة إلى سلاح وطني رئيسي ضد الإحتلال الأجنبي , وبالحجر والهتافات حققنا إستقلالنا الوطني الأول . وجلاء اّخر جندي فرنسي عن بلادنا في 17 نيسان 1946 ..
كما أسقطنا الديكتاتوريات العسكرية المختلفة ومعها الأحلاف الإستعمارية ورأسها حلف بغداد عام 1956 .. كما اسقطنا بالحجر والهتاف حكومات عديدة يوم كنا طلاباً أبرزها إسقاطنا لحكومة جميل مردم وأحمد الشراباتي وزير د فاعها بعد خيانة عام 1948 في فلسطين وتاّمر الحكام العرب في أقامة دولة الصهاينة.وتوقيع الهدنة الدائمة معها ..
تحت ظل النظام البرلماني الجمهوري أسقطنا تلك الحكومة , وأرغم البرلمان على تشكيل لجنة تحقيق قضائية لمحاكمة وزير الدفاع - الشراباتي -- لإستهتاره في تسليح الجيش قبل المعركة واتهامات أخرى ..
كما أسقط جيلنا ديكتاتورية الشيشكلي الأمريكية الصنع بتمويل سعودي بالحجر والهتاف في 25 شباط 1954 - وأعاد لسورية وجهها الحقيقي الجمهوري البرلماني الديمقراطي .
كما تعلمت من شاعر القطرين : خليل مطران في مجابهة الإستبداد التركي وسياسة التتريك قيمة نحت المبادئ بالصخر والحجر بقوله :
شردوا أخيارها براً وبحراً ....... واقتلوا أبناءنا حراً فحرا
إنما الصالح يبقى صالحاً ......... أبد الدهر ويبقى الشر شرّا
كسّروا الأقلام هل تكسيرها ........ يمنع الأيدي أن تنقش صخرا " .
ثم جاءت إنتفاضة الحجر الفلسطيني في نهاية تسعينات القرن الماضي لتتوج أنسنة الحجر بسواعد أطفال فلسطين المحتلة في سبيل حق الحياة وعودة الشعب الفلسطيني لأرض أجداده منذ اّلاف السنين لإقامة دولته الوطنية المشروعة عليها ووقف الغزو الإستيطاني الهمجي الذي ترعاه الدول الكبرى عند حده .... وانتصر الحجر الفلسطيني على أحدث الأسلحة بيد جيش العدو وعلى أسلحة الإبادة الجماعية في الإ نتفاضة الأولى . وأصيبت دولة العدو بالشلل التام قبل إغتيال راعي إنتفاضة الحجارة ومبدعها الشهيد " أبو جهاد " خليل الوزير في تونس ,
..ودخول حماس والإسلام السياسي بتشجيع من النظام الأسدي المتاّمر الأول على القضية الفلسطينية ووحدة منظمة التحرير ,,على خط الإنتفاضة الثانية الشعبي الطبيعي وتحويلها إلى عمل مسلح وعبوات ناسفة ودعوة للجهاد للإستغلال الديني لإجهاض الإنتفاضة وطعن ثورة الحجارة في الظهر ,....وكتبت يومها زوجتي الحبيبة مريم لثورة أطفال الحجارة مايلي في كرّاس تحت عنوان " خواطر أم عربية "" :
إلى أطفال الحجارة
...... يا عسل الأيام المرّة يا أولادي
يا سواعد ومشاعل ثورة الحجارة
يامنارة تهدي السفن التائهة
إلى شاطئ الأمان
للأرض للإنسان .. للقدس
أطفال الحجارة فراشات الر بيع
غضب كل بيت وجيع
أشواك في حلق المحتل اللئيم
من جذور التين والزيتون والسنديان طلعتم
أصبحتم نشيداً في كل مدينة .. وحارة
من قلب الحجارة انبلج الفجر
الله ..الله.. ما أروع رمي الحجارة !!
يا أختي الفلسطينية
ما أبهى لغة الحجارة
عندما تضحي بقية اللغات بكماء ..
ليتني أعود طفلة معكم يا للخسارة !
يامن هزئتم بأحدث الأسلحة بالحجر
واقتلعتم أنياب العدو الذرية بالحجر
وأسقطتم كل سلع التجارة والتجار بالحجر
عودتكم لعصر الحجارة ..أعدتم الإنسان إلى براءته
وحذفتم اّلاف سنين العبودية ... ك 2 – 1990
وسواء كتبنا الحقيقة بالإزميل أو السكين كما كتب محمود درويش ونزار قباني أيضاً قصائدهم الأخيرة .. أو بحجر الإنتفاضة الفلسطينية أوحجر أختها الثورة السورية البطلة , يجب أن نقول الحقيقة , والحقيقة مرة في أغلب الأحيان . لكنها طريق الخلاص الوحيد الذي نضع فيه ألإصبع على الجرح , أو في عيون الأعداء .. من الصهاينة اليهود أو الصهاينة العرب الذين طعنوا شعبنا وقضايانا الحياتية والمصيرية في الظهر وسلبوا أبسط حقوق شعبنا في الحرية والكرامة ليبنوا قلاع الإستبداد والنهب التي تحمي مما لكهم الكرتونية ...
أما وعّاظ السلاطين وحكام الإستبداد من النخب البورجوازية الوضيعة الذين يبلعون ألسنتهم ويضعون الحصى في أفواههم ,, خوفا على مصالحهم المرتبطة بديمومة الإستبداد السياسي أوالطائقي الديني أو الإثنين معاً في أرضهم يذل أهلهم ويستعبدهم ..ويكذبون على أنفسهم وعلى الناس في طمس جرائم الطغاة فهم جميعاً أعداء الثقافة الوطنية والإنسانية , أعداء الحقيقة والحرية والوطن ..
لذلك أعذروني إذا كتبت لكم أحياناً بالإزميل أو بسكين أو بحجر من أحجار الثورة ...لأنني أمقت لغة التورية والباطنية والنفاق التي يسمونها في كثير من الأحيان في السياسة "" لغة ديبلوماسية ""
سارت الثورة الفلسطينية بعد فشل الإنتفاضة الثانية من منحدر وتراجع إلى اّخر . بفضل التأّمر العربي والأسدي خصوصاً وأداته حماس التي شقت الصف الفلسطيني وأعلنت غزة إمارة إسلامية وارتكبت جرائم قتل وترويع لأنصار الفصائل الفلسطينية المناضلة في قظاع غزة يندى لها جبين العالم خجلاً في سبيل السلطة الوهمية وحولت السلطة الفلسطينية المنتخبة ديمقراطياً إلى سلطة مشلولة هزيلة ( رغم كل أخطاء وانحرافات قيادة فتح ).. وانتقلت القضية الفلسطينية بعد مدريد وأ وسلو وتخلي الحكام العرب عنها وتطبيعهم مع العدو الصهيوني سرأً أو علناً . وبعد كل الإتفاقيات المضللة التي لم ينفذ العدو الصهيوني حرفاً واحداً منها , بل عمل عكسها ومازال مستمراً حتى اللحظة يغتصب الأرض ويبني مستوطناته وأوكاره عليها ويقتل ويشرد شعبها حتى اغتصب 42 % من مساحة الضفة الغربية حتى اليوم بدعم أمريكي فاضح وصمت عربي وعالمي متاًمر تكّرس كله بالصمت عن جدار الفصل العنصري الذي أشاده شارون . رغم قرار محكمة لاهاي الدولية في إدانته ..
كما تصمت أمريكا وروسيا والصين ,والمجتمع الدولي على جرائم بشار الأسد في قتل شعبنا الأعزل المنادي بالحرية والتغيير الديمقراطي في شوارع المدن السورية , وأنا أكتب هذه المقدمة والدمعة في عينيّ على وطني المحتل في سورية وعلى أطفال بلدي وشبابها الذين يقتلوا يومياً برصاص غدر طاغية دمشق وعصابته ..
.... * * * * *
وبعد تخلي الأنظمة العربية علناً عن القضية الفلسطينية بعد متاجرتهم بها
عقودا طويلة لقمع شعوبهم وتبرير إغتيال التنمية السياسية والإقتصادية في أقطارهم ونهب مواردها مع مصادرة حرياتها باسم التسلح وحروب الهزائم والخيانات السافرة .. وانتقلت هذه الأنظمة للتطبيع العلني أو السري مع إسرائيل ..وليتهم فعلوا ذلك ورفعوا أيديهم عنها منذ عام 1948..لما كانت قد ذهبت فلسطين كلها وفوقها الجولان السوري ..ليتهم سمعوا صرخة الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان بعد خيانة عام 48 يوم قال :
في يدينا بقية من بلاد ........ فاتركونا كي لا تضيع البقية -
لكن مهمة هؤلاء إضاعة البقية بأمر أسيادهم الذين وضعوهم على الكرسي وهذا ماكان في خيانة حزيران 67 ...
ومنذ مؤتمر الجزائر 1988حتى اليوم بقي إعلان الدولة الفلسظينية على ماتبقى من الأرض في الضفة والقطاع حبراً على ورق .. وانتقلت القضية برمتها إلى مرحلة الجزر والتهميش . على الصعيدين العربي والدولي .. بينما إنتزعت إسرائيل قراراً من الجمعية العامة للأمم المتحدة يلغي صفتها العنصرية وفق قرار سابق صدر بالإجماع في هذه الجمعية ..
وذهبت كل أحلامنا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة أدراج الرياح حتى الاّن ..وما زال الفيتو الأمريكي الأداة الرئيسية بيد العدو الصهيوني لتفشيل أي قرار في الأمم المتحدة يعترف بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ... ولم تجرؤ أية دولة عربية نفطية من الدول التي أنقذت النظام الأمريكي ودولاره المزيف الذي يستعبد العالم من الإنهيار بودائعها ومليارات تمويلها للبنوك الأمريكية.. لم تجرؤ على الطلب الحاسم للتخلي عن الفيتو الأمريكي الظالم ضد قيام دولة فلسطية المستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967 وفق قرارات مجلس الأمن المعروفة ..
وتواصل إسرائيل الإحتلال والإستيطان في فلسطين والجولان واستعباد شعبنا دون حسيب أو رقيب ..وتزداد غطرسة وهمجية وعنصرية توجتها ببدعة ( الدولة اليهودية ). وهي الدولة الوحيدة في العالم مع نظام الملالي في طهران التي حولت الدين إلى قومية عنصرية وأمة واحدة , تلتقي بها مع الأصولية الإسلامية التي تعتبر الدين أمة واحدة ,,وقومية واحدة , ويحاول اليمين الصهيوني بقيادة – نتنياهو – اليوم فرض هذه الأسطورة على سكان فلسطين المحتلة كلهم من العرب واليهود ومن مختلف الإثنيات والقوميات ..جاعلاً ألأسطورة اليهودية ( شعب الله المختار – وأرض الميعاد ) كما وردت في التوراة أساس دستور إسرائيل التي تدعي العلمانية والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وتبنت الإدارة الأمريكية زعيمة ما يسمى العالم الحر هذه ألأسطورة في عهد الرئيس – أوباما – الإسرائيلي النزعة أكثر من الإسرائيليين ,, كما وصفه المفكر الفلسطيني الكبير ( إدوار سعيد ) زميله وصديقه السابق في الجامعة ..
...................
وجاء الربيع العربي مؤخراً حاملاً رياح الثورة والتغيير والتمرد على عبادة الأوثان في أنظمة الإستبداد والديكتاتورية والفساد .. وسقطت قلاع حكم الفرد الشمولي , سقوط أوراق الخريف أمام هبوب رياح الثورة الشعبية بسواعد وتضحيات الشابات والشباب المتمرد الطامح للحرية والتغيير والسلم والمسلح بالعقل ومنتجات العصرالفيسبوكية الرائعة ,, والطامح للحرية والديمقراطية , والتغيير والحياة الأفضل .
وسقطت الديكتاتوريات وترسانات أسلحتها كأعمدة الملح في أسطورة " سادوما وعامورا " التي وردت في التوراة التي أطلق عليها إسم ( العهد القديم ) كما اعتبرها المسيحيون والمسلمون كتاباً مقدساً ..لكن من يقرأها بعمق وتحليل علمي بسيط بعيد عن التابو الوثني وتقديس النص , يرى أنه أمام كتاب تاريخي وسياسي عنصري بامتياز وأدبي قصصي وشعري غزلي أيضاً .. أخذ معظم رواياته من أساطير سومر وبابل وغيرها من أساطير مصر الفرعونية – كقصة – التكوين – وقصة – اّدم وحواء – والعالم السفلي والعالم العلوي – المشابهة تماماً لأسطورة ( إينانا ودموزي )السومرية , وقصة الطوفان ونوح وأولاده ,, وابراهيم وإسحق وغيرها من أساطير بابل وسومر كما ورد تفصيلها في متن الكتاب , حتى الوصايا العشرة الشهيرة ,,مأخوذة من بردية ( نو ) الموجودة في المتحف البريطاني حتى اليوم من عهد الفرعون أخناتون الذي وحّد الاّلهة بالإله ( اّمون )الأوحد ...وما زالت كلمة اّمون مستعملة في الديانات اللاحقة حتى اليوم بعد قلب الواو ياء فأصبحت ( اّمين ) لذلك لاتعتبر التوراة في نظري ونظر الكثيرين المتحررين من سطو الفكر الديني الشمولي على العقول كتاباً دينياً مقدساً .. ولو أخذ الاّخرون من نصوصها ...ونترك للقراء الكرام حرية الرأي بعد قراءة الكتاب كله .
....... وجاءت الثورة السورية المجيدة أم الثورات , وأكثرها تعقيداً ومراهنات إقليمية ودولية , نظراً لأهمية موقع سورية ,, الجيو بوليتيكي ,, الهام في الشرق الأوسط من جهة ,و لوطنية شعبها وجذوره الحضارية وطموحه للحرية والإستقلال عبر التاريخ من جهة أخرى ..
ونظراً لإرتباط النظام الأسدي الطائفي والعنصري , مع نظامين أسطوريين وعنصريين في المنطقة : إسرائيل الإغتصاب وشعب الله المختار .. ونظام " ولاية الفقيه " الفارسي في إيران . المعتمد من المخابرات الأمريكية التي حملته كبديل لنظام الشاه الذي كان يترنح تحت ضربات جبهة النضال التقدمية في إيران التي ضمت جميع القوى الوطنية الديمقراطية لشعوب إيران وقومياتها المضطهدة المختلفة من العرب الأهوازيين إلى الأكراد , إلى الاّذاريين وغيرهم .. وفي مقدمتهم فدائيو خلق , ومجاهدو خلق ,, والحزب الديمقراطي الكردي , وحزب تودة وغيرها ...
ورغم إعتماد المخابرات الأمريكية المركزية اليوم علناً الإخوان المسلمين في تونس ومصر وليبيا وسوريا كبديل عن الأنظمة المنهارة في الربيع العربي .. وهذا ما يتجسد في ( مجلس اسطنبول ) بشكل فاضح .. ما زالت إسرائيل تتمسك بشكل شبه علني ببقاء النظام الأسدي الذي باعها الجولان عام 67وحمى حدودها الشمالية طيلة 42 عاماً . رغم كل ذلك . فإن صمود شعبنا وتضحيات ثوارنا وبطولاتهم التي كادت تعانق السماء وضعت النظام أمام طريق مسدود رغم أنف إسرائيل وأمريكا الخاضعة لمشيئتها في الشرق الأوسط , ولا أدلّ على حماية الصهاينة للنظام الأسدي من تصريحات كبار الصهاينة السافرة على لسان يهودا باراك وزير دفاعهم في 7 / 1 / 2012 : ( إن سقوط نظام الأسد يهدّد أمن إسرائيل ) ) وتصريح عامود جلعاد رئيس الأمن القومي الإسرائيلي في وزارة الدفاع الإسرائيلية بتاريخ 15 تشرين ثاني 2011 : ( إن سقوط شبل الأسد سقوط لدولتنا ) ) .
وهذا ما أعلنه ( رامي مخلوف ) – إبن خال بشار الأسد - ورأس مافيا اللصوص في النظام الأسدي حين أعلن : ( إن أمن سورية " الأسد " من أمن إسرائيل ) .
لذلك منح المهيمنون على مصدر القرار في الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفي جامعة الأنظمة العربية الفرصة تلو الفرصة لنظام القتلة واللصوص للقضاء على الثورة السورية ومنحوا القاتل رخصة قتل شعبه الأعزل بترسانة أسلحته الحديثة , لكن صمود شعبنا الأسطوري ردّ كيد إسرائيل وأميركا وغيرها إلى نحورهم وجميع المختبئين خلف الفيتو الروسي والصيني المتاّمر على حق شعبنا . وخرجت ثورتنا كالعنقاء من تحت الدمار والحرائق أكبر شكيمة وأصلب عزيمة , لإسقاط النظام الفاشي إلى الأبد وبناء سورية الجديدة لكل السوريين دون استثناء .
لكن تكالب الأعداء على الكرسي وتكالب بني صهيون على بقاء النظام الأسدي حليفهم ,وخادمهم الأمين ,, وتهافت المعارضين المزيفين بقيادة الإخوان المسلمين أوعملاء طهران ونظام دمشق على المغانم .. بعد أن نسوا لماذا وجدت المعارضة الوطنية وشرفها وعهدها الوطني الديمقراطي الوفي للثورة ودماء الشهداء لاغير ..؟؟
وأنا أنهي كتابة هذه المقدمة في باريس بعد سلسلة لقاءات وحوارات مع إخوة أعزاء هناك ومشاركات مستمرة في جميع تظاهرات ومهرجانات أهلنا في ساحات باريس لإستنهاض الضمير العالمي للتضامن مع شعبنا الثائر في الداخل وثورتنا العادلة وإنقاذها من المجازر اليومية في المدن والأرياف السورية والمذبحة والإبادة للبشر وللحجر ومن مخالب التجار والسماسرة لا يسعني سوى الختام بألم لأن التاريخ يعيد ويجترّ نفسه في أرضنا لأنشد مع سميح القاسم مقطعاً من تغريبته لأخيه محمود درويش كتبها في الرامة .. بتاريخ 27 / 10 / 1982 :
.. " لم يبق في الأرض
غير الذين
يحبوننا ميتين
وإن قدّر الله حسن النوايا
فقد يقبلوننا لاجئين
ومستضعفين
ومستنزفين " .
+ + +
لكن ثورتنا لاتموت والإنتفاضات ستولد من قلب القهر والظلم والإستبداد والإحتلال .. كما قال المعلم كارل ماركس " الرأسمالية النهّابة ونظامها الإستبدادي تخلق حفاري قبورها بيديها .. كما قال فيلسوف لبنان أيضاً "" جبران خليل جبران :"" كل تنين يخلق جاورجيوس – أوالخضر عند المسلمين – ليقتله ... وستدفن ثورتنا التنين إلى الأبد في فلسطين وسورية المحتلتين ....
-- باريس – 30 نيسان 2012
#جريس_الهامس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟