خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3978 - 2013 / 1 / 20 - 17:18
المحور:
القضية الفلسطينية
تتجه المؤشرات الى القول ان عام 2013م/ سيكون عاما مفصليا, في الصراع بين مشروع التحرر الوطني الفلسطيني, والمشروع التوسعي الاستعماري الصهيوني, مما سيرفع فيه الى درجة خطيرة حالة المواجهة بين الطرفين, حيث تتنامي حالة التعارض البرنامجية بين المشروعين الى درجة تكاد تلغي اي فرصة لتحقيق تسوية للخلافات بينهما, الامر الذي سيزيد الحاجة الى مزيد من تدخل الطرف العالمي ليس بهدف حفظ السلام والامن في المنطقة فقط, وانما ايضا للمردود السلبي الذي يعكسه الصراع بين الطرفين على مصالح االطراف العالمية في المنطقة,
في السياق التاريخي للصراع, قدم الطرف الفلسطيني تنازلات رئيسية في حقوقه, تجاوزت حتى حجم الحقوق الذي اقرته الشرعية الدولية له في قرار التقسيم الذي اتخذته لتسوية الصراع بين الطرفين عام 1947م/ في حين كان ولا يزال الطرف الصهيوني يصر على انكار الوجود والحقوق القومية الفلسطينية, ويعمل على شطبها والغائها بممارسته سياسة الامر الواقع على الطرف الفلسطيني ومحاولة اقتلاعه من وطنه وتهجيره باعتماده مختلف اساليب ووسائل القوة والقمع, دون ان يتمكن من كسر ارادة الحياة والتحرر فيه, الامر الذي ابقى الانجازات الصهيونية مهما مجرد نقاط لصالحه في سجل الصراع فحسب, صحيح انها الحقت بالطرف الفلسطيني خسائر جسيمة الا انها لم تتحول الى هزيمة فيه تجعله يتخلى عن حقوقه وتجبره على الاستسلام للموت القومي والتخلي الكامل عن كل الحقوق وفي مقدمتها حق الحياة والبقاء القومي, بل انه في المقابل برهن الطرف الفلسطيني عن تمسكه القاطع بوجوده وحقوقه القومية وناضل وحقق انجازات رئيسية, لها موقع المقتل في شرعية المشروع الصهيوني, حيث استعاد مكانته كطرف قومي مستقل لا يمكن تجاهله في الصورة السياسية للصراع العالمي, وحسابات اطرافها, واستطاع خلق لوبي فلسطيني عالمي هزم اللوبي العالمي الصهيوني في مجالات متعددة اهمها
1- بناء قناعة عالمية بعدالة القضية الفلسطينية وشرعية مقاومتها لعدوانية الاحتلال الصهيوني
2- تمييز عدالة القضية الفلسطينية في الراي العام العالمي عن النظرة االعالمية الطائفية للاسلام السياسي ووصمه بالارهاب
3- تظهير عنصرية فكر وحركة وسياسة والطابع الحضاري للكيان الصهيوني وعدوانيته, وتقزيم القناعة الدولية بمقولة التفرد الديموقراطي الصهيوني
4- ترسيخ قناعة دولية بعدم امكانية الحفاظ على الامن والسلام في منطقة الشرق الاوسط الا بنيل الفلسطينيين حقوقهم القومية واستقلالهم في دولتهم الخاصة
5- ترسيخ القناعة بان الظلم الذي الحقه العالم بالفلسطينين هو احد الاسباب الرئيسية لعداء شعوب المنطقة للسياسات العالمية فيها
ان هذه الانجازات جميعا كان لها دورا كبيرا في النجاح في الموافقة على الطلب الفلسطيني في استصدار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية, رغم الثمن الباهظ الذي دفعه شعبنا ثمنا لتحقيقها, غير انها لم تكن لتؤتي هذه الثمار الا بتوفر سببا اخر هو حجم التعارض المتزايد التنامي في التوجه السياسي بين الكيان الصهيوني وبين الاطراف الدولية, والذي يصر المنظور الايديولوجي والثقافي الاقليمي على انكار وجوده وتجاهله من صورة العلاقة الدولية بالمنطقة, والاصرار على انكار استقلالية الاطراف الدولية وسياساتها عن استقلالية الكيان الصهيوني وسياساته, وبالتالي انكار وجود خلافاتها, والاصرار على مقولة العالم في خدمة الكيان, بل ومط هذه القناعة الى درجة القول بوجود المركز الماسوني الصهيوني الحاكم للعالم, الامر الذي ينتهي باسقاط دور هذه الخلافات من الحسابات السياسية واشهار العدائ لها بصورة مطلقة اثناء اجراءها الحسابات عملا بمقولة الوحدة والاندماج بين الطرف العالمي والكيان الصهيوني, بل والعمل على محاربة الرؤى التي تاخذالفارق بينهما بعين الاعتبار في المنظور التحليلي,
ان استمرار التمترس خلف الحسابات المبدئية الضيقة ذات المنطلقات العرقية الطائفية و حتى المنطلقات الوطنية القومية, دون التعرف على مداخل تجسيد هذه المباديء في الواقع المباشر, يعني استمرار هدر فرص خلق التناغم والانسجام بين التوجهات السياسية الاقليمية كطرف صراع مباشر والتوجهات السياسية العالمية كاطار عام وعامل مساعد في الصراع, علما ان الاجماع السياسي العالمي الراهن يقدم دعمه واسناده لنا في اعتماده مقولة حل الدولتين, الذي يسهم رفض الكيان الصهيوني لها ببدء فرض العزلة العالمية عليه, مما يعني ان هذا التمترس الخاطيء يعمل على تحرير الكيان من مقدار العزلة السياسية الذي لحق حتى الان به, ويحرم مناورتنا السياسية من الاستفادة من قدر البراغماتية السياسية اللازم توفره لضمان نجاحها, وعلى العكس فانه يستمر في تقييد مرونتها السياسية بالقيد الايديولوجي, الفاقد شرط تحقيقه لتوافر وضع الخلل اللازم لصالحنا في معادلة توازن القوى بيننا وبين العدو,
ان السابق قوله وإن انطوى على قبول عملية التفاوض, فليس شرطا فيه ان ينطوي على شرط تقديم تنازلات اخرى عن التنازلات التي انطوت عليها واقعة الاعتراف الفلسطيني بالكيان الصهيوني دولة, ولكنه ينطوي على دعوة لرؤية اهمية دور العامل الدولي في الصراع بين المشروعين الوطني الفلسطيني والعدواني الصهيوني, ويتكيء على وجود التوجه الصهيوني الرافض ليس لمقولة حل الدولتين فقط بل ومقولة الدولة الثنائية القومية كما تشير اخر تصريحات ادارة الكيان الصهيوني, والذي يعني عمليا رفض مقولة التسوية برمتها نظرا لما تنطوي عليه من انكار كامل للحقوق القومية الفلسطينية, وانكار الاعتراف العالمي بها
لم يكن غريبا وهذه الحال ان تتصاعد التصريحات العالمية الرافضة لنهج الاحتلال الصهيوني, والتي تتناول الان بصورة رئيسية منهجية الاستيطان, باعتبارها معيقا لاستعادة عملية التفاوض, لكنه كان غريبا وان تتناول التصريحات الامريكية ما هو ابعد من ذلك باشارتها لما تمثله من خطر استراتيجي سياسات نتنياهو على اسرائيل يتجاوز خطرها خطر الملف النووي الايراني الذي وصفته التصريحات الامريكية بالطاريء والمؤقت,
والحقيقة ان القيادة الفلسطينية نفضت يدها كما يبدو من عملية التفاوض المباشر مع الكيان الصهيوني واغلقت باب الامل والرجاء بامكانية تحقيق اي انجاز وطني من خلالها, دون ان تعلن رفضها العودة اليها, فهي لا تستطيع في حساباتها السياسية القفز عن وتجاهل حقيقة وجود خلل في معادلة القوى يميل لصالح الكيان, وحقيقة ان الكيان تبعا لذلك يدفع بالطرف الفلسطيني لممارسة العنف من اجل توفير فرصة عملية للمشروع الصهيوني يستغلها لاجهاض مقولة وعملية التسوية تحت حجة ومبررالداعي الامني وكسب التاييد العالمي على هذا الاساس, كما استغلها ويستغلها كالية يدفع بها الاهتمام الدولي نحو الانشغال بمواقع اقليمية يدعي انها تشكل خطرا على امنه فيقل التركيز العالمي على ضرورة انجاز تسوية الصراع الفلسطيني الصهيوني, وتحرر الكيان الصهيوني من الضغوط التي يواجهها بهذا الصدد,
ان منحى المناورة الفلسطينية في تدويل الصراع مع الكيان الصهيوني دون اعلان رفض العودة للتفاوض المباشر,يتيح للمناورة الفلسطينية اجتراح اجراءات احادية تدفع بالكيان الصهيوني الى مزيد من رفض المواقف الدولية ورفض اخذ الانجازات الفلسطينية بها بعين الاغتبار ورفض العودة لعملية التفاوض, بل يندفع الى اتخاذ مزيد من الاجراءات العدوانية التي يرفضها وينكر المجتمع الدولي شرعيتها وبذلك تدفع بالكيان الصهيوني نحو المزيد من العزلة السياسية العالمية, ومن الواضح انها تاخذ بعين الاعتبار ليس حاجته الموضوعية الى السياسات العدوانية باعتبارها العامل الرئيسي لبقاءه ووجوده واستمراريته, لكنها ايضا توظف ضيق افقه الايديولوجي القومي الديني لابراز وتظهير عمق عنصريته وعدوانيته الى درجة يتقزز معها منه ثقافيا وسياسيا حتى اصدقائه وحلفائه عالميا, وهذا هو جوهر المخاوف التي عبرت عنها تصريحات الرئيس الامريكي باراك اوباما,
لقد سبق للموقف العالمي ان حدد موقفه من الصراع الفلسطيني الصهيوني, واطره في مقولة حل الدولتين, وهي المقولة المعبرة بصورة رئيسية عن متطلبات الحفاظ على امن وسلامة المصالح العالمية بضمان وجود الكيان الصهيوني وضمان امنه بضمان تفوقه, الا انه ايضا اقر بالحق الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة, وهو ما وافقته الرؤية السياسية الفلسطينية عليه, الامر الذي يجعل المواجهة العالمية مع الكيان الصهيوني الحيز الاكبر من المواجهة العالمية الاقليمية, دون ان يشترط ذلك مواجهة عنيفة طابعها عسكري بين الطرفين, ولكن دون استبعاد تنامي بناء من المقاطعة والحصار والعزل السياسي الاقتصادي, لا يعوق وتائر تحققها سوى اخطاء المناورات الاقليمية ومنها على وجه الخصوص حالة الانقسام الفلسطينية التي تقدم خدماتها الجليلة المجانية للمناورة الصهيونية, الامر الذي يزيد في اهمية اولوية المصالحة بالنسبة لشروط نجاح المناورة الفلسطينية في الصراع
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟