أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك














المزيد.....

صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1147 - 2005 / 3 / 25 - 15:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك هوة شاسعة تفصل بين قيم ومبادئ الفلاسفة وقيم ومبادئ الملوك، فالفلاسفة يسعون نحو نشر مبادئ العدالة والمساواة بين البشر وإحقاق الحق وفضح ستر الانتهاكات والتجاوزات على حقوق الإنسان والمجتمع. في حين الملوك يمثلون السلطة وما تنهل من قيم الشر توجهاتها للتحكم بالمجتمع.
يتحكم هذا التعارض بالقيم والمبادئ، بشكل العلاقة ومسارها المتقلب بين الفلاسفة والملوك فحين يحتاج الملوك لحكمة الفلاسفة واستشارتهم في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، يتم تقريبهم والاستماع إلى وجهات نظرهم من أجل إصلاح الخلل وأوجه الفساد في مرافق الدولة خشية انهيارها.
ولكن هذه العلاقة سرعان ما يشوبها التأزم، عند إحكام الدولة قبضتها على المجتمع. ويلجأ الملك إلى التنكيل والإساءة للفلاسفة لأنهم يتخطون الحدود المرسومة لهم في نقد أداء الدولة، حيث يتحول دورهم من مقدم للمشورة إلى تعرية فساد البلاط والملك.
ويعد ذلك مساساً بالبلاط والملك، وإضعافاً لسلطتهما وهيبتهما أمام المجتمع. ولايجد الفيلسوف أن مهمته الأساس تقديم النصح للملك حسب، بل فضح مكامن الخطأ والفساد في دولة الملك. فالفيلسوف يعتبر المشرع والمدافع عن قيم العدالة والمساواة ورسالته هي الدفاع عن مصالح وحقوق الأفراد والجماعات وتحدي السلطة الظالمة.
تلك المهام وما يضطلع بها الفيلسوف تتعارض تماماً وقيم سلطة الملك وبغض النظر عن شكل العلاقة بينهما، فكل منهما لديه من المهام والمصالح ويسعى لتحقيقها. لذا لايتوانى الملك عن استخدام العنف والاضطهاد ضد الفلاسفة عندما تمس مصالحه بشكل مباشر.
كان ((أفلاطون)) على علاقة جيدة بالملك ((ويونيسوس)) ملك ((سراقوصة)) ويستمع الأخير لآراءه في شؤون الدولة والمجتمع، ولكن عندما طالبه ((أفلاطون)) بإصلاح مكامن الخلل في البلاط واجتثاث الفساد والمفسدين والقيام بإصلاحات تعود بالنفع على الصالح العام. أمر الملك ((ويونيسوس)) باعتقاله ورُحل إلى جزيرة ((أجينا)) حيث تم بيعه في سوق النخاسة، فاشتراه رجل من معارفه وأطلق سراحه ليعود إلى مدينته ((أثينا)).
سعى الملوك على مر العصور إلى التقرب من الفلاسفة والعلماء لأجل تحيدهم، وتعطيل مهامهم المفترضة للدفاع عن مصالح العامة من الناس. وهذا التقارب أخذ أشكال متخلفة، فتارة بكسب ودًّهم ومنحهم دور استشاري للملك في إدارة شؤون الدولة، وتارة أخرى باستخدام العنف والاضطهاد عند عدم استجابتهم لمطالب الملك في الكف عن كشف مكامن الخلل وتعرية فساد البلاط.
ولم يتورع الملك من توجيه التًّهم الملفقة للفلاسفة، من أجل تعطيل مهامهم المفترضة. وفي مقدمة تلك التهم، تهمة الإلحاد أو التعريض بقيم المجتمع وإفساد أفكار الشباب. وعقوبة تهمة الإلحاد هي الموت أو السجن المؤبد، وقد طالت تلك العقوبة العديد من الفلاسفة والعلماء على مر العصور.
وبهذا عطل العديد من الملوك مسيرة العلوم والتطور من خلال زهق أرواح العديد من الفلاسفة والعلماء للحفاظ على سطوتهم وإحكام قبضتهم على المجتمعات البشرية.
تعرض الفيلسوف ((كامبانيلا)) صاحب يوتوبيا ((مدينة الشمس)) إلى مختلف صنوف التعذيب، بتهمة التآمر على أسبانيا ووجهت له تهمة الهرطقة وحكم عليه بالموت، وفيما بعد خفف الحكم إلى السجن المؤبد!.
إن تلك الأحكام الجائرة وما طالت من رقاب وعُسف للفلاسفة والعلماء المناهضين للاستبداد والظلم في المجتمع، أدت مع الزمن إلى هزيمة تلك النظم الجائرة وتحرر البشرية من براثن الأحكام الجائرة للملوك. وبالرغم من تلك الهزيمة النكراء للأنظمة، ظلت قيمها سائدة ومتوارثة بأشكال مختلفة وعبر سلطات متنوعة لوقتنا الراهن، وهي لاتقل عُسف واضطهاد عن سابقتها.
ومازالت تهمة الإلحاد رائجة وجاهزة لإلصاقها بالمخالفين بالرأي خاصة ضد المثقفين وتوارثت السلطات الجديدة قيم وأحكام الأنظمة المستبدة في القرون الأولى من التاريخ. ومازال المثقفين ينهلون من قيم الخير توجهاتهم لنشر مبادئ العدالة والمساواة في المجتمع، ومازالت مهامهم المفترضة هي ذاتها منذ القرون الأولى ودافعهم هو نفسه الداعي لنشر قيم الخير والسلام في أرجاء العالم.
والصراع مستمر بين سلطات التخلف والجهل من جهة، ومن جهة أخرى بين العلماء والمثقفين. فالسجون وأقبية التعذيب أصبحت أكثر تطوراً وأشد عُسفاً، لكنها أخفقت في استئصال قيم الخير من أذهان الأجيال المتتالية الداعية للعدالة والمساواة.
يرى ((ترتوليان))" أننا نتكاثر حينما تحصدوننا..... وفيما تأخذونه علينا من عناد، عبرة لكم. فمن ذا الذي يشهده ولايتزعزع ثم لايبحث عن السر فيه، ومن ذا الذي يبحث فلا ينضم إلينا. ومن ذا الذي ينضم إلينا فلا يتوق للعذاب والموت في سبيل الحصول على الحياة الكاملة والعفو الشامل".
قد تنجح السلطات في إعاقة عجلة التطور والتقدم، ولربما تنجح أيضاً في تعطيل سُبل العدالة والمساواة لفترة من الزمن عبر استخدام أساليب الإرهاب والاضطهاد، لكنها بكل تأكيد ستعجز عن ثني عزم وتصميم العلماء والمثقفين عن مقاومة شرها والمطالبة بالإصلاحات الاجتماعية والسعي لإحلال العدالة والمساواة بين البشر.
ولاخيار أمام سلطات الاستبداد والقهر، إلا تغيير نهجها وإصلاح ذاتها ونبذ أساليبها القهرية. وتبني قيم الخير والصلاح والشروع بإقامة أنظمة ديمقراطية تقرًّ بحقوق الإنسان وتؤمن بالرأي الأخر وحرية الانتخاب لممثلي الشعب في البرلمان لاختيار الحكومة الصالحة لتحقيق مصالح المجتمع.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي
- دور علماء الاجتماع في تقويم المجتمع
- موقف الفلاسفة من الحاكم والحكومة
- العلم والجهل في المجتمع
- تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط
- الحكومة والشعب
- التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي
- مجالس الفلاسفة والعلماء مع السلاطين
- الملوك والفلاسفة وتهمة الإلحاد
- النظام الديمقراطي والسلطة السياسية
- الفشل في تحقيق الذات وانعكاساته السلبية على المجتمع
- العنصر الثالث لدعم الاستقرار والتوازن الاجتماعي
- سلطة القانون في المجتمع
- مواصفات الرئيس وشروط الرئاسة
- شروط وآليات العقد السياسي والاجتماعي في كتابة الدستور
- المرأة والحب في عالم الفلاسفة والأدباء
- انعدام سُبل الحوار والنقاش مع الإنسان المقهور
- النزاعات العرقية والمذهبية في المجتمعات المقهورة نتاج سلطة ا ...
- تنامي ظاهرة الحقد والعدوانية في المجتمعات المتخلفة
- شرعنة العنف والقتل في الدولة الإرهابية


المزيد.....




- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع ...
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا ...
- -غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
- بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال ...
- في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
- 5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
- قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا ...
- خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة ...
- اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال ...
- اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - صراع القيم والمبادئ بين الفلاسفة والملوك