|
العلاقات الأمريكية النهضوية بدأت منذ 2006.. وتدخل الجيش في تونس وارد فقط في حالة عنف دموي شديد
رياض الصيداوي
الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 15:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
رياض الصيداوي هو كاتب وباحث في العلوم السياسية وهو مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية بجنيف وصاحب جريدة التقدمية الإلكترونية عرف بنقده اللاذع لأمراء وشيوخ دول الخليج العربي خاصة قطر والسعودية وفضح دورهما في المنطقة العربية حيث اعتبرهما الصيداوي مجرد بيادق لتنفيذ المشروع الأمريكي في المنطقة والذي يشمل إيصال الإخوان المسلمين حركة النهضة في تونس والإخوان في مصر..) إلى السلطة لمواجهة العدوين اللدودين روسيا والصين. وقد ارتأت جريدة الإعلان استضافة رياض الصيداوي في هذا العدد لتسليط الضوء على مجمل الأحداث التي تشهدها بلادنا وخطر الوهابية السعودية القطرية على ثورات الربيع العربي.
من يدير الصراع اليوم في تونس؟
ثمة أطراف متعددة في الصراع حسب ما تبلور على الساحة السياسية اليوم حيث نسجل بروز ثلاثة أقطاب وهي حركة النهضة وحلفائها الإسلاميين (سلفيين وحزب تحرير) يقابله قطب نداء تونس وهو أيضا تجمع لمجموعات معينة يحضى بثقل إعلامي. وفي الجهة المقابلة نجد الجبهة الشعبية التي تضم يساريين وقوميين على أسس بديل اجتماعي جديد وهذه هي الأطراف السياسية الثلاث التي تدير الصراع اليوم في تونس ثم لا ننسى أجهزة الدولة من جيش وقوات أمنية التي من المفترض أن تبقى حيادية جمهورية وتنأى بنفسها عن الصراعات السياسية.
هل تؤيد ما ذهب إليه البعض من أن محسن مرزوق رئيس المنظمة العربية للديمقراطية لصاحبتها الشيخة موزة هو مهندس هذا الحزب على خلاف ما هو معلن؟ وما هو موقفكم من هذا الحزب؟
لا أعتقد كثيرا في الشخصنة وأنا أرى أنا الطيب البكوش هو أقوى الشخصيات في نداء تونس لأنه رجل جهاز استطاع أن يتقدم في الاتحاد العام التونسي للشغل حتى أصبح أمينا عاما له. وأعتقد أنه الشخصية المحورية باعتبار رصيده النضالي الكبير هذا دون أن ننسى علاقات الباجي قائد السبسي الخارجية الكبيرة ولديه تجربة سياسية. ونداء تونس حسب رأيي هو خليط من اللبراليين والكوادر التجمعية الوسطي بعد حل حزب التجمع وأيضا وجوه يسارية ووجوه تقدمية تميل أكثر إلى الليبرالية.
ما هو الخطر الفعلي الذي يتهدد البلاد اليوم؟
الخطر الأساسي يتأتى من غير الديمقراطيين الذين لا يؤمنون بها ويعتبرونها كفرا وخارجة عن الإسلام . وهذا الشق لا يستطيع أن يبني مجتمع ديموقراطي وبالتالي هو عالة على الديمقراطية وهو يهدد اليوم التجربة الديمقراطية.
في تصورك هل يمكن أن تكون الجبهة الشعبية البديل المستقبلي للحكم؟
هي التيار الثالث بين تياري النهضة ونداء تونس. ولكن لو قمنا بمقاربة اجتماعية اقتصادية لكل برامج هذه التيارات لقلنا أن الاختلاف يكمن في حقيقة الأمر بين شقين. شق يؤمن باقتصاد السوق أي الرأسمالية حتى على النمط الأمريكي وهنا يمكن أن نصنف نداء تونس وحركة النهضة في نفس الخانة وشق يؤمن بالاقتصاد الاشتراكي أي أن القطاع العام هو من يقود التنمية وأن الدولة هي من تتولى برنامج التنمية وتوظيف العاطلين عن العمل. وهنا نجد أن الجبهة الشعبية هي التي تتبنى هذا الطرح. وقد أثبتت النتائج أن الطرح الأول الذي تبنته حركة النهضة كانت له سلبيات عديدة أثرت على الوضع الاقتصادي بالبلاد فالنهضة تورطت عندما قدمت وعودا بتوفير 400ألف موطن شغل ولكن فشلت في ذلك لأنها تبنت إقتصاد السوق في حين لو اختارت اقتصاد القطاع العام لكانت حققت نتائج إيجابية. وأنا أرى أن الجبهة الشعبية يمكن أن تقدم تصورا آخر يؤتي ثماره وهو الاعتماد على القطاع العام. لأن أحد الأسباب الهيكلية للثورات العربية هو أن الأنظمة طبقت نصائح صندوق النقد الدولي والبنك العالمي التي دعتهم إلى اعتماد الخصخصة وبيع القطاع العام والذي أدى إلى إضعاف الدولة اقتصاديا. فالثورة التونسية هي بالأساس ثورة اجتماعية وثورة فقراء وبالتالي لا يمكن الاستجابة إلى هذه الطلبات عبر اعتماد اقتصاد السوق وهو خطأ وقعت فيه النهضة وكذلك نداء تونس.
ماذا تستشف من زيارة الباجي قائد السبسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي من المنتظر أن يؤديها خلال شهر نوفمبر المقبل؟
اشتغل الباجي قائد السبسي وزيرا للخارجية لمدة طويلة ثم كرئيس حكومة وانتج علاقات خارجية كبيرة وهو في إطار البحث عن حلفاء في الداخل والخارج مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي نسجت علاقات مع النهضة منذ سنوات 2006 ومعروف أن الباجي قائد السبسي يقوم اليوم بعملية تعبئة خارجية وداخلية تحضيرا للانتخابات القادمة.
بعد توتر العلاقات بين حركة النهضة والولايات المتحدة على خلفية أحداث السفارة الأمريكية فهل يمكن أن تتخلى الأخيرة عن النهضة؟
هناك اليوم مشروع أمريكي إخواني لإيصالهم إلى السلطة في كل الوطن العربي وقد طلب من قطر أن تمول هذه العملية. ولئن انزعجت أمريكا مما حصل بالسفارة الأمريكية في تونس إلا أني لا أعتقد بوجود قطيعة مع الحركة لأن لديهم نقاط كثيرة مشتركة. ولكن لا بد أن لا ننسى صندوق الاقتراع الذي من المفروض أن يحدد السلطة القادمة وأنا أرى أن كل من نداء تونس وحركة النهضة هما القريبتان من الولايات المتحدة على عكس الجبهة الشعبية لأن طرحها الاقتصادي الاجتماعي مخالف لليبيرالية الأمريكية.
هل يمكن أن تعاد التجربة الجزائرية في التسعينات في تونس؟
ما حدث في الجزائر صعب حدوثه بشكل كامل في تونس لأن الجيش الجزائري قوي جدا وهو العمود الفقري للدولة ثم أن الحركات الإسلامية بالجزائر راديكالية جدا إلى جانب وجود تضاريس وعرة من جبال وغابات كثيفة في الجزائر إضافة إلى ثقافة العنف الذي كسبت في حرب التحرير في الجزائر على خلاف تونس . ولكن من الممكن إن يتطور العنف السياسي في تونس بشكل دراماتيكي الأمر الذي سيكون له انعكاس كبير على اقتصاد السوق الهش بطبيعته الذي يعتمد بالأساس على الخدمات والسياحة والاستثمار الأجنبي على عكس الجزائر التي تمتلك ثروات طبيعية هائلة وبالتالي فإن قيام حرب أهلية غير واردة ولكن هناك امكانية تدخل المؤسسة العسكرية في لحظة تدهور شديد للوضع الأمني.
المتابع لمواقعك الالكترونية يلاحظ تركيزك على المسألة الوهابية ودور الوهابيين والسعوديين في العالم الإسلامي، فما هي طبيعة مصادرك؟
أولا ثمة مخاطر حقيقية تهدد كل ديمقراطية عربية من الوهابية السعودية والوهابية القطرية.. لكن أخطرهما الوهابية السعودية. في الحقيقة هناك معطيات كثيرة تتحدث عن المسألة الوهابية مثلا لمن يريد أن يعرف تاريخ الدول الوهابية عليه ببريطانيا أو وزارة المستعمرات البريطانية. هناك أرشيف كامل يكشف مثلا أن الملك السعودي كان يتقاضى شهريا 5 آلاف جنيه إسترليني من المخابرات البريطانية. ثمة نصوص أيضا وثمة المعارضة علما وأن لهم معارضين يتطلعون إلى الديمقراطية ويتمنون أن يصبحوا مثل تونس. ففي السعودية وقطر لا يوجد أي شكل من أشكال الانتخابات أو الحرية الإعلامية، في قطر حاليا ثمة قضية الشاعر محمد بن الذيب العجمي المعتقل في السجن بسبب قصيدة إلى الآن ولا يتحدث عنه أحد.. المهم أن المعلومات لا بد من البحث عنها، تفكيكها وإعادة تركيبها وصياغتها..
حسب رأيك ماهي طبيعة الدور السعودي القطري في المنطقة العربية وماهي دوافعه؟
بالنسبة إلى السعودية وقطر مهمتهما هو لعب دور الوسيط للمخابرات المركزية الأمريكية، بمعنى أن الولايات المتحدة لديها مشروع في الوطن العربي لكن في نفس الوقت لا تريد أن تموله لأن ليس لديها السيولة النقدية الكافية لذلك، فتطلب من السعودية وقطر باعتبارهما دكتاتوريتان مطلقتان أن يدفعا ثمن خططها، فمثلا السعودية وقطر دفعتا أكثر من مائة مليار دولا لقصف العراق واحتلاله وأكثر من 10 مليارات دولار لقتل معمر القذافي والآن 20 مليار دولار للقضاء على نظام بشار الأسد، أما الدوافع فتتلخص في الاتفاقية التي وقعها عبد العزيز بن سعود سنة 1943 شعارها النفط مقابل حكم العائلة أي أن السعودية تقدم النفط مقابل أن تحمي أمريكا عائلة آل سعود، علما وأن في السعودية اليوم ثورة في المنطقة الشرقية الغنية بالثروات سقط فيها قتلى وجرحى وتم اعتقال حوالي 4 آلاف إمام وعالم دين من الفقهاء الصادقين..
الوضع في سوريا من حيث أنها ساحة لحرب عالمية هل ترون أن الصراع سيفضي إلى إعادة صياغة العلاقات الدولية خاصة وأن الرئيس الروسي صرح بأن النظام العالمي الجديد يبنى في دمشق؟
بالتأكيد ما يحدث في سوريا غير موازين العالم رأسا على عقب. أحداث سوريا بينت أن نظام عالمي جديد برز فلم تعد أمريكا وأوروبا الغربية أي الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي هم من يتحكمون بمصائر العالم، روسيا رفضت أي تدخل عسكري في سوريا وفي نفس الوقت أيضا الصين تتدخل لأول مرة في مجلس الأمن وتستخدم حق الفيتو، وكذلك الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا كلهم رفضوا.. فالدول الاقتصادية التي حققت ازدهارا اقتصاديا كبيرا والتي تريد أن تضع حدا للهيمنة الأمريكية المطلقة. لأنه بالتأكيد أمريكا لا يهمها الديمقراطية والحرية في سوريا وأيضا في ليبيا بقدر ما يهمها مصالحها البترولية ومصالحها في أمن إسرائيل، فلو كانت مهتمة بالديمقراطية والحرية لحررت الشعب القطري والسعودي، فهما شعبان لا يعرفان حتى شكل صندوق الانتخابات، إذن هناك نظام عالمي جديد قد تشكل بين روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا وإيران ودخلت فيه سوريا لأنهم أدركوا أن محنة سوريا بتدخل استخباراتي أجنبي واضح المعالم ليس هدفها الحرية والديمقراطية للشعب السوري بقدر ما يهدف لمصالح أخرى منها حماية إسرائيل وحماية الخليج، ثم لوجود غاز في شمال سوريا بشكل كبير وقطر تريد أن تستغله عن طريق سوريا ولبنان والبحر الأبيض المتوسط عبر أنابيب، هذه كلها عوامل اقتصادية نفعية تجعلنا نستبعد حكاية الدعوة إلى الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان التي لا يصدقها المواطن العادي فما بالك بالمثقفين أو الباحثين أو علماء السياسة..
حاورته: كل من صابرة دوح ولمياء سلام لصحيفة "الإعلان" التونسية
#رياض_الصيداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في تونس نعيش بثلث ديموقراطية
-
التونسيون الذين يحاربون بسوريا قنبلة موقوتة قد تعود للانفجار
...
-
أمامنا معركة مصير.. إما العلم والتقدم والاسلام المالكي.. وإم
...
-
عندما ينتهي البترول ستندثر الوهابية
-
التقدمية كشفت بطلان الفتاوى السياسية التي يصدرها شيوخ لخدمة
...
-
الجزائر حالة خاصة وشعبها يسخر من قطر وأميرها وقناتها
-
قصة المخابرات العسكرية الجزائرية: من عبد الحفيظ بوصوف إلى مح
...
-
قصة المخابرات العسكرية الجزائرية من عبد الحفيظ بوصوف إلى محم
...
-
رياض الصيداوي: المؤامرة القطرية السعودية على سوريا فشلت والش
...
-
قصة المخابرات العسكرية الجزائرية من عبد الحفيظ بوصوف إلى محم
...
-
واشنطن تحاول أن تتلاعب بمصير الثورات وقطر تساعدها على ذلك
-
الأولى بالرّئيس المرزوقي أن يركّز على السعودية وقطر وهما أكث
...
-
المخابرات السعودية تعود لاستخدام ملائكتها الخضر بعد ان تقاعد
...
-
ثورة تونس نموذج في علم اجتماع الثورات
-
الاستقرار المبني على ديمقراطيّة حقيقيّة يحتاج وقتا طويلا.. و
...
-
“حركة النهضة فازت بضوء أخضر أمريكي ودعم خليجي قطري عبر الجزي
...
-
المحلل السياسي رياض الصيداوي: اذا حصلت ثورة في الجزائر على ا
...
-
الحركات الإسلامية أخذت الضوء الأخضر من واشنطن لتصل إلى الحكم
-
الغرب لن يسمح بثورات في الدول النفطية مثل السعودية رغم توفر
...
-
الحركة الوهابية مشروع غربي استعماري والجزائر تجاوزت أزمتها م
...
المزيد.....
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|