|
أحداث كرونشطاط 1921 قمع وحشي أم ضرورة مأسوية؟*
كميل داغر
الحوار المتمدن-العدد: 3974 - 2013 / 1 / 16 - 07:47
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ليست استعادة ذكرى مأساة كرونشطاط، في معرض التجريح والهجوم، مرتبطة حصرا بالتحولات الهائلة التي شهدتها السنوات الأخيرة على مستوى ما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكي. لقد كانت تتم، على العكس، بين الفينة والأخرى، على امتداد السبعين سنة الماضية، كلما وجد الكاتب أو ذاك حاجة إلى (أو رغبة في) ذم ثورة أكتوبر والتشنيع بها. وقد انضم إلى هذه الحملة أناس من شتى الاتجاهات السياسية، ومن أقصى اليمين وصولا إلى "أقصى اليسار" (إذا أمكن أن نضع تحت هذا الوصف أشد الفوضويين تطرفا، من دعاة شيوعية فورية لا تمر بدولة انتقالية، مهما تكن طبيعتها الطبقية). وبالطبع، لقد تغير أفراد ذلك "التحالف"، أو "الجبهة الشعبية من طراز خاص"، على مدى القرن الآفل، مع تبدل الأجيال، والقوى السياسية، وحتى المشارب والأمزجة، ولكن هذا الحلف بقي قائما، وهو يضم خليطا متنوعا من "الأخلاقيين"، الذين يجدون باستمرار أسبابا ومناسبات لالتقاط ما أمكن من الحجارة ومراشقة ذكرى ذلك الفصل الدرامي الأليم من مسيرة ثورة لا شك في أنها أطلقت آمالا عظاما، لكنها فشلت في أن تنقل إلى أرض الواقع الصلبة جمهرة الأحلام التي راودت في هذا العصر غالبية من فقراء هذا الكوكب ومعذبيه، ونخبة هامة من المبدعين فيه، والطامحين إلى تسيير عقلانيٍّ لشؤونه، بما يضمن للناس جميعا شعورا بالكرامة والسعادة، وثقةً بغد أجمل بلا انقطاع. هذا مع العلم بأنها، على الرغم من فشلها، فالعالم من دونها كان سيبدو على الأرجح أشد قتامة وظلماً، وأقل استعداد لخوض تجارب جدية جديدة، في مسيرة البحث عن الحرية والمساواة والعدل.
وقد سبق أن اعتبر أحد مهاجمي السلطة البلشفية، العضو سابقا في الحزب الشيوعي اليوغوسلافي، أنطون سيليغا (فيي كتابه، تمرد كرونشطاط، لندن، 1942، ص 13) أنها شكلت إعلان وفاة للثورة، رادّاً على القائلين إن عدم سحق التمرد كان من شأنه أن يطلق القوى الرجعية من عقالها، بالجزم من جهته: "هذا ممكن، ولكن الأكيد هو أن الثورة قضت نحبها عام 1921" (!!)
وفي الواقع، لن نناقش هذا الحكم القاطع الذي أصدره سيليغا، مثلما لن ندخل في نقاشات، قد تكون عقيمة، حول وحشية القمع الذي تعرض له، في ظروف حرب أهلية حقيقية، تمرُّدُ بحارة تلك المدينة الصغيرة، على مدخل العاصمة القيصرية القديمة. ولكننا نسأل: هل كان يجري التوقف إلى هذا الحد عند ذلك الحدث، فيما لو نجحت ثورة أكتوبر، كما كان يحلم قائداها الرئيسيان، وإن مع يأس متزايد، في فك الطوق العالمي الذي حوصرت ضمنه، منذ لحظة ولادتها، عبر امتدادها الموجة الثورية، لتشمل أكثر من موقع هام في البلدان الغربية المصنَّعة؟ لو أن الثورة العمالية في ألمانيا المتقدمة آنذاك على سبيل المثال، والتي انفجرت بالفعل عام 1918، لم تُجهض على يد الاشتراكية الديمقراطية بالذات، وتخفف بالتالي في مد يد العون لمثيلتها الظافرة في روسيا المتخلفة، بحيث يصبح بالإمكان أن تشكل الثورتان معاً قاعدة مادية صلبة لبناءٍ اشتراكي حقيقي، قادر على ممارسة جاذبيته على شتى عمال العالم ومنتجيه؟!
الثورة تأكل أبناءها؟
قبل سنوات عشر، جرعت احتفالات كبرى في باريس خاصة، وفرنسا عامة، كانت لها أصداء أبعد مدى، لمناسبة الذكرى المئوية الثانية للثورة الفرنسية. وربما يكون أشار البعض، بين من كتبوا، بالمناسبة، إلى حكم المقصلة الذي أتى على عدد كبير من الثوريين، ملتهما رهطا من أبرز قادتها، من شتى الأجنحة، وعلى رأسهم دانتون، وديمولان، وروبسبيار وسان جوست...الخ. ولكن الأمر لم يتعدَّ الإشارة العابرة إلى التشهير والتجريح. لقد بات ما عُرف بحكم الإرهاب، الذي جعل أبناء تلك الثورة العظيمة يتناوبون في قطع بعضهم رؤوس بعض، لا أكثر من تفصيلٍ بسيط يضيع بالكامل أمام الحديث عن انجازات الثورة البرجوازية المجيدة، وما شكلته من قاطرة جبارة للتقدم والتغيير، ليس في فرنسا وحدها، بل عبر العالم، ذلك أن المجتمع الذي أسست له، عملياً، لا تزال له السيادة الفعلية، على المستوى العالمي، على الرغم من أزماته المستعصية وتخبطاته الخطيرة.
وبالطبع لا نورد هذا الواقع، إطلاقا من ضمن غايات تبريرية، إلا أننا، في هذه الالتفاتة التاريخية البسيطة والسريعة، وعلى رغم الفروق الجوهرية في طبيعة الصراع بين جناحي الثورة الفرنسية "المعتدل" (الجيروند) و"المتطرف"(اليعاقبة)، من جهة، وبين السلطة البلشفية عام 1921 وبحارة كرونشطاط، من جهة أخرى، نعتقد أن مأساة ثورة أكتوبر لم تقتصر على واقع الظروف الكارثية التي لازمتها، سواء على الصعيد الموضوعي (انحصارها في بلد متخلف نسبيا دمرته حرب أهلية شاملة)، أو على الصعيد الذاتي (نجاح ثورة مضادة بيروقراطية بقيادة ستالين)، والتي حالت بالتالي دون أن تشكل اختراقا حاسما في تاريخ البشرية، نحو انتصار نمط إنتاج اشتراكي حقيقي يكون تتويجا لانجازات الإنسان، باتجاه التقدم والحرية والفرح، وحماية الحياة، بل تجاوزت ذلك إلى سوء فهم جزء هام من الإنتليجنسيا العالمية لتلك الظروف، ولما تركته من انعكاسات قاتلة على مسيرة تلك الثورة، وبالتالي على مصير السيرورة الثورية الشاملة. وهو سوء فهم يتناوب، بلا ريب، في خلفياته الفعلية، ووفقا للحالات، بين مجرد الجهل بالواقع أو القصور في تحليله، من جهة، وسوء النية، من جهة أخرى. وهو في كلتا الحالتين ذو نتائج وخيمة بالنسبة لوعي الذات التاريخية، أي الطبقات الاجتماعية ذات المصلحة في التغيير الثوري، والسيرورة الفعلية لعملية التغيير هذه.
في كل حال، قبل أن نورد عرضنا لأحداث كرونشطاط وتحليلنا لها، ربما كان من الأنسب أن نمهد لذلك، ولو باقتضاب كلي، بالرؤية الخاصة لتلك الأحداث، التي سبق وأعطاها القيادي البلشفي، الذي حمَّلته كتابات الكير من مهاجمي الثورة الروسية المسؤوليةَ الأساسيةَ عن قمع التمرد المشار إليه.
رأي تروتسكي
في رد تروتسكي، عام 1938، على مقال في مجلة أسبوعية مكسيكية يتهمه بأنه "أمر بإطلاق النار على 1500 (؟) بحار من كرونشطاط، وهم من أصفى الأصفياء"، في حين تبنى بالكامل مسؤولية القرار السياسي الذي جرى اتخاذه في مجلس مفوضي الشعب، وكان يقضي بإخماد التمرد، يوضح واقع أنه لم يشترك شخصيا، بأي شكل، "في القضاء على تمرد كرونشطاط، ولا في حملة القمع التي أعقبته". يقول: "كنت عضوا في الحكومة واعتبرت قمع التمرد ضروريا، وأتحمل بالتالي مسؤولية الإخضاع. وضمن هذه الحدود فقط أجبت عن النقد، حتى الآن، ولكن عندما يبدأ الأخلاقيون بإزعاجي شخصيا، فيتهمونني بالإغراق في الوحشية التي لا تستوجبها الظروف، أعتبر أنه من حقي أن أقول: أيها السادة الأخلاقيون، إنكم تكذبون بعض الشيء".
"لقد اندلع التمرد خلال إقامتي في الأورال، و وجئت فورا من هناك إلى موسكو لحضور مؤتمر الحزب العاشر. إن قرار القضاء على التمرد بالقوة (...) قد تم تبينه بمشاركتي المباشرة، ولكن بعد اتخاذ القرار، بقيت في موسكو ولم أشترك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في العمليات العسكرية، وفي ما يخص حملة القمع اللاحقة كانت كليا من شأن التشيكا" (الشرطة السياسية، التي أسسها درجينسكي، وقادها حتى وفاته عام 1926).
ويضيف في نهاية هذا الرد القصير: "لست أدري إذا وقعت ضحايا غير ضرورية (...)، ولنقص المعطيات لا استطيع الآن أن أقرر بَعْديّاً من كان يجب معاقبته وكيف (...)، ولكنني على استعداد للاعتراف بأن الحرب الأهلية ليست بمدرسة إنسانية. إن المثاليين والمساومين قد اتهموا الثورة دوما بالتجاوزات، غير أن النقطة الرئيسية هي أن "التجاوزات" تنبع من طبيعة الثورة عينها، التي ليست سوى "تجاوز" للتاريخ. إن كل من أراد إنما يستطيع أن يرفض، على هذا الأساس، في مقالات صغيرة، الثورةَ بالإجمال. إنني لا أرفضها".
أما في مقالته الأساسية، "عويل وبكاء على كرونشطاط"، فهو يوضح أن التلاعب "حول مجد كرونشطاط الثوري هو إحدى السمات المميزة لهذه الحملة المشعوذة حقاّ"، كما يقول. وهو يبيِّن بالملموس التبدل العميق الذي طرأ بين عام 1917 وعام 1921 على واقع بحارة كرونشطاط، بحيث لم يعد هنالك أحد يُذكَر من أولئك الذين سجلوا "صفحة مجيدة من تاريخ الثورة". ويضيف:
"إن انحطاط المعنويات، الذي أساسُه المجاعة والمضاربة الاحتكارية، كان قد تفشى كثيرا عند نهاية الحرب الأهلية، وقد أصبح من يُسمّون "حملة الأكياس" (المضاربون الصغار) آفة اجتماعية تهدد بخنق الثورة. وفي كرونشطاط بالضبط، حيث لم تفعل الحامية شيئا، وكان لديها كل ما تحتاج إليه، بلغ انحطاط المعنويات أبعادا كبيرة. ولما أصبحت الأوضاع متأزمة جدا في بتروغراد الجائعة، ناقش المكتب السياسي أكثر من مرة إمكانية تأمين "عون داخلي" من كرونشطاط، حيث بقيت كمية من المؤن القديمة، ولكن بعض مندوبي عمال بتروغراد أجابوا: لن تحصلوا على شيء منهم بالود. إنهم يضاربون بالملابس والفحم والخبز (...)". تلك كانت حقيقة الوضع. إنه لم يكن مثل تلك التجميلات المعسولة التي تعقبت الأحداث".
وهو يحلل التطور الخطير، الذي أنتجته الحرب الأهلية، على صعيد العلاقة بين العمال والفلاحين، فيقول: "في عامي 1917-1918، قاد العمال الثوريون الجماهير الفلاحية، ليس في الأسطول وحسب، بل في البلاد بأكملها، واستولى الفلاحون على الأراضي وقسموها غالبا تحت قيادة الجنود والبحارة، عند عودتهم إلى مقاطعتهم الأصلية. وكانت مصادرات الخبز قد بدأت توّا، وطالت بصورة رئيسية الملاكين الكبار والكولاك، في ذلك الحين. وقد قبل الفلاحون بالمصادرات كشرٍّ مؤقت. غير أن الحرب الأهلية طالت ثلاث سنوات، ولم تعط المدينة شيئا، عمليّا تقريبا، للقرية، وأخذت بالمقابل تقريبا كل شيء منها لحاجات الحرب بصورة رئيسية. وتقبّل الفلاحون "البلاشفةَ"، لكنهم أصبحوا معادين بصورة متزايدة لـ"الشيوعيين". وإذا كان العمال في المرحلة السابقة قد قادوا الفلاحين إلى الأمام، فقد أصبح الفلاحون الآن يجرّون العمال إلى الوراء. وبسبب هذا التبدل في الموقف فقط، تمكن البيض جزئيا من اجتذاب الفلاحين، وحتى أنصاف الفلاحين-أنصاف العمال، في الأورال، إلى جانبهم، وغذّى هذا الموقف، أي العداء للمدينة، حركة ماخنو (1)، الذي استولى على القطارات المرسلة إلى المصانع والجيش الأحمر، وسلبها وخرّب السكك الحديدية وقتل شيوعيين الخ. طبعاً سمّى ماخنو ذلك النضال الفوضوي ضد "الدولة". أما في الواقع فكان هذا صراع أصحاب الملكية الصغيرة، المغتاظين ضد الدكتاتورية العمالية".
وضمن هذا السياق، يبيِّن تروتسكي الطابع المضاد للثورة الذي اتخذته موضوعيا انتفاضة البحارة، بوصفها ردة فعل مسلحة من قبل البرجوازية الصغيرة "ضد قساوة الثورة الاجتماعية وصرامة الديكتاتورية العمالية". يقول:
"كان هذا بالضبط معنى شعار كرونشطاط: "السوفييتات بدون الشيوعيين"، الذي تبناه مباشرة، ليس الاشتراكيون-الثوريون فقط، بل أيضا، وعلى حد سواء، الليبراليون البرجوازيون. فقد فهم الأستاذ ميليوكوف، بصفته ممثلا لرأس المال، بعيد النظر نسبيا، أن تحرير السوفييتات من قيادة البلاشفة كان يعني، ولو تم، تدميري السوفييتات (المجالس) ذاتها، بعد وقت قصير. وقد أثبتت ذلك تجربة المجالس الروسية خلال فترة السيطرة المنشفية والاشتراكية-الثورية، وبصورة أوضح، بعد ذلك، تجربة المجالس الألمانية والاسترالية، تحت سيطرة الاشتراكيين-الديمقراطيين. إن مجالس اشتراكية ثورية-فوضوية كان بإمكانها فقط أن تلعب دور جسر بين ديكتاتورية العمال والردة الرأسمالية، ولم يكن بإمكانها لعب أي دور آخر، مهما كانت "أفكار" المشتركين بها".
حقائق لا يمكن القفز فوقها
لقد كانت الثورة، التي قادها البلاشفة في أكتوبر 1917، إحدى أقل الثورات دموية، حتى أن المرء ليكاد يقول إنها اتخذت طابعا شبه سلمي، بسبب ندرة الضحايا التي وقعت خلالها، وكان يمكن أن تبقى هذه صورتها لو أن الطبقات الغنية المتضررة لم تُعد تجميع قواها وتحصل على دعم الدول الأجنبية، لتخوض بعد أشهر من ذلك النصر إحدى أشرس الحروب الأهلية في تاريخ الشعوب، مكبدةً البلد، إلى الملايين من القتلى والجرحى والمشوهين، دمارا مخيفا في كل مظاهر العمران وقطاعات الاقتصاد وقد جاء ذلك ينضاف إلى دمار الحرب العالمية الأولى، ليجعل روسيا تخرج من ذلك الكابوس الطويل، وهي في حالة من الانهيار الاقتصادي "لا مثيل لها في تاريخ البشرية"، كما يقول مؤرخ معاصر لتلك الحرب، هو ل.ن.كريتسمان. وهو أمر، بحصيلته من البؤس والجوع والمرض والبرد، في ظل حصار عالمي صارم، والعجز عن استجابة ابسط حاجات الناس، الذين تحملوا أهوال تينك الحربين، جاء ليترافق مع تفاقم التناقضات بين المدن، التي تدنّى فيها الإنتاج الصناعي إلى خُمس ما كان عليه عام 1913، والريف الفلاحي المدمر، متسببا بتمردات كثيرة في أوساط الفلاحين (118 تمرّدا في شباط/فبراير 1921 بالذات، أي قبل أسابيع من انفجار كرونشطاط)، الذين كانوا شديدي الحنق، بسبب ما سمي بشيوعية الحرب. وقد كان البلاشفة اضطروا لاعتمادها قسراً لإنقاذ ثورتهم، مع مرافقتها من إجراءات قاسية، من مثل مصادرات الحبوب لإطعام المدن وجيش من خمسة ملاين رجل كان عليه أن يواجه، عدا جيش الجنرالات المحلي الأبيض، 14 جيشا أجنبياً غازيا.
انضاف إلى هذا الواقع تسريح قرابة مليونين ونصف جندي أحمر، في شتاء 1920-1921، "في مناخ عنف واضطراب اجتماعيين يهددان أسس الدولة". وقد كان المسرَّحون يشكلون، بعد عودتهم إلى أريافهم، ورؤية معاناة أهلهم هناك، مشاريع عصاة إضافيين. وقد تضافر الجوع والبرد، وعدم وجود آفاق واضحة لتحسُّن أوضاع الناس، في إطلاق تظاهرات صاخبة، في كل من موسكو وبتروغراد ولقي البلاشفة صعوبة في إقناع عمال المدينتين بوقف تحركاتهم، ولم ينجحوا في ذلك إلا بعد إرفاق الحزم في الموقف بمجموعة واسعة من التنازلات، التي قُدِّمت، كتوزيع حصص إضافية على عمال المصانع والعسكريين أدّى إلى استنزاف الاحتياطي الغذائي في بتروغراد، والحقِّ بمغادرة المدينة للبحث عن المؤن في الريف، والوعد باعتمادٍ قريب لسياسة اقتصادية جديدة تطلق حرية التبادل بين المدينة والريف، ورفع حواجز المصادرات من الطرقات، الخ.
في مثل هذا الوضع المليء بالألغام، والمنذر بانفجارات لا تحمد عقباها، ولاسيما أن قوى المجتمع القديم كانت تنتظر الظروف المناسبة لإعادة تحركها، وتعد الخطط لإسقاط جمهورية السوفييتات، وأن الحرب مع بولونيا كان يمكن أن تتجدد إذا لاحظ الزعيم البولوني بيلسودسكي ضعفاً في وضع الدولة السوفييتية، في مثل هذا الوضع، نقول، بدأ انفجار كرونشطاط.
كانت التظاهرات التي تمت في بتروغراد خلال شباط/فبراير، والإشاعات الكاذبة حول إسقاط قتلى في جزيرة فازيلي، وحول إعدامات لقادة الإضرابات على يد الشرطة السياسية، والحسابات الخاطئة حول كون الاستيلاء على السلطة في كرونشطاط، وطرح برنامج قصوى، -هو ذلك الذي أقره البحارة على متن المدمرة بتروبافلوفسك، وبين أهم بنوده اعتبار السوفييتات القائمة لاغيةً وإجراء انتخابات فورية لأخرى جديدة، ضمن ظروف في أقصى درجات الخراب والإنهاك والبلبلة السياسية- كفيلة بتفجير الوضع في كامل البلد، انطلاقا من بتروغراد بالذات، وبإطلاق "ثورة ثالثة" تطيح سلطة البلاشفة، وتقيم نظام سوفييتات حرة. فالبحارة المتخندقون في الحصن المنيع جداً داخل خليج فنلندا، على بعد كيلومترات من العاصمة القديمة، كانوا يحمِّلون البلاشفة كامل المسؤولية عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي، كما يقول المؤرخ، الأستاذ في جامعة كولومبيا سابقا، بول أفريش، الذي لا يخفي تعاطفه مع المتمردين، ولكنه يكتب مع ذلك:
"لم يكن هؤلاء يحمِّلون تبعة الواقع للخواء الهائل وللأضرار الكبرى التي تسببت بها الحرب الأهلية، وللخراب المحتوم حين تتواجه الجيوش، ولتدخل الحلفاء وحصاراتهم، وللافتقار إلى الوقود والمواد الأولية، الذي نجم عن كل ذلك. كما أنهم كانوا يتناسون الصعوبات في إطعام الجياع، والاعتناء بالمرضى وسط المجاعة والأوبئة. كل الآلام وكل الشرور كانت حجارة يرمون بها إلى بستان البلاشفة" (مأساة كرونشطاط، ص 157-158).
مبادرات البلاشفة
كان بين المطالب التي طرحها برنامج بتروبافلوسك إلغاء حواجز المصادرات في الطرق، وإعطاء الفلاحين حرية العمل الكاملة على أرضهم، كما حق تربية قطعانهم، ومطالب اجتماعية-اقتصادية أخرى، وهي مطالب كانت آنذاك في صلب اهتمامات البلاشفة، الذين سبق أن أقروا، في الفترة نفسها تقريبا، سلسلة من التراجعات الجديدة، التي سيقدون عبرها تنازلات ضخمة للفلاحين.
وبالطبع، فإن ذلك التوجه لم يكن ناتجا حصرا من الضغط الذي مثّله تحرك البحارة، بل كذلك من الاحتقان الشديد في شتى أنحاء البلاد، ولاسيما في موسكو وبتروغراد، ومن وعي لينين وتروتسكي، بوجه خاص، بعد إخماد الحرب الأهلية، للحاجة إلى مرحلة من التقاط الأنفاس، في ظل سياسة تحرير جزئي للاقتصاد ولاسيما الزراعي منه، تتيح مراكمة الحد الأدنى الضروري من الثروة الاجتماعية، تمهيداً لإعادة إطلاق خطوات البناء الاشتراكي.
أما على المستوى المباشر، فقد عمدت السلطة على الفور إلى إيفاد اثنين من كبار المسؤولين، أحدهما رئيس جمهورية السوفييتات آنذاك، ميخائيل كالينين، للتفاهم مع البحارة وإقناعهم بالعدول عن مواقفهم التصعيدية. وهو أمر رد عليه هؤلاء بمواقف بالغة التشنج. فعدا التحقير والصراخ والشتائم، عمدوا إلى إيقاف كالينين مؤقتا، قبل أن ترجح كفة المعارضين لتلك الخطوة، في وجه القصويين، الذين نجحوا أيا يكن، في فرض اعتقال العضو الثاني في الوفد الحكومي، المفوَّض الملحق بمجلس الحرب الثوري للأسطول، كوزمين، فضلاً عن رئيس سوفييت كرونشطاط، فاسيلييف، ومفوض الأسطول، كورشونوف، إلى ثلاثمائة شيوعي آخر بقوا على ولائهم للسلطة المركزية.
هذا ولم تبق مساعي التفاهم والتهدئة حكراً على السلطة التنفيذية في الدولة، بل شارك فيها سوفييت بتروغراد بالذات، الذي اقترح على اللجنة الثورية المؤقتة في كرونشطاط استقبال وفد يضم خلطا من الممثلين العماليين، الحزبيين منهم وغير الحزبيين. إلا أن اللجنة رفضت الاقتراح، في ما يشبه إعلان حرب، وإغلاق الجسور جميعا أمام إمكانات التفاهم وإطفاء النيران.
هاجس الوقت القاتل
حين بدأ التمرد في جزيرة كوتلين، في خليج فنلندا، كانت حرب الثلاث سنوات الأهلية تكاد تكون وضعت أوزارها، مكبدة البلد وثورته أفدح الخسائر، وتاركةً إياه في حالةٍ من البؤس والإنهاك قلَّ نظيرها. ولقد كانت المشاكل الكثيرة التي راكمتها تلك الحرب والحرب الأخرى (العالمية) التي سبقتها، تنزل بثقلها الفادح على السلطة الجديدة، التي كان من سوء حظها أنها استلمت مقادير تلك "القارة" في حالة انهيار شبه مطلق، أي في ظروف غير مؤاتية بتاتا لحماية مكاسب الثورة الاشتراكية الظافرة الأولى في التاريخ، وللحفاظ على ركيزة اجتماعية واسعة لها. ولقد كان من حق أولئك الرجال، الذين قادوا سنوات من القتال الشرس والصعب، وعظيم الكلفة، دفاعا عن أحلامهم في تركيز قاعدة راسخة للثورة العالمية، قادرةٍ على تقديم مثال للبناء الاقتصادي والاجتماعي، على قدر كافٍ من الإغراء لعمال العالم وكادحيه، من حيث مستوى المعيشة والعدل والحرية والكرامة والمساواة، كان من حقهم أن يشعروا بالتوجس الشديد من احتمال حرب أهلية جديدة لا تبقي ولا تذر. وهي حرب كان يمكن أن يشكل تمرد كرونشطاط شرارتها المفجرة، فيما لو أُتيح له أن يثبِّت أقدامه، ولاسيما على مقربة من ذوبان الجليد، في غضون أسابيع قليلة، الذي كان سيجعل أي تقدم لاحق في "البر" أمرا مستحيلا، محوِّلاً الجزيرة تلك، المزروعةَ بالحصون المنيعة، وبالقدرات المدفعية الضخمة، وبالمدمرات، إلى قلعة لا مجال لاقتحامها.
والأخطر من ذلك أنها كانت ستشكل، فيما لو أتيح للتمرد أن يستمر، إلى ما بعد الذوبان هذا، قاعدةً لتدخل عسكري أجنبي جديد، على غرار التدخل إبان حرب السنوات الثلاث السابقة، ولاستخدام كرونشطاط وجزيرة كوتلين مكان تجمُّع لفلول الجيش الأبيض، ولاسيما جيش الجنرال فرانغل، الموزع آنذاك بين تركيا وقاعدة بنزرت في تونس، والحاظي بالرعاية الفرنسية، وفقما كانت تتوقع تلك المذكرة، التي وُجدت في ما بعد في محفوظات المجلس القومي، الحركة الخاضعة لسيطرة مهاجرين من حزب الكاديت البرجوازي الروسي.
في كل حال، لقد كانت صحافة المهاجرين، كما الصحافة الغربية، قد تحدثت عن "الانتفاضة"، قبل وقوعها بأسابيع، لا بل حتى عن سقوط بتروغراد بالذات. وعندما بدأ التمرد بالفعل، أعلن كيرنسكي، آخر رئيس وزارة برجوازية قبل ثورة أكتوبر، عن السقوط الوشيك للبلشفية، وتوقَّع مليوكوف، زعيم حزب الكاديت، في حديث أعطاه لمراسل نيويورك تايمز في باريس، أن تكون "أيام نظام لينين معدودة"، حاثّاً الحكومة الأمريكية على إيصال مؤن للمتمردين.
هذا وعلى رغم ما يقال من أن دور الجنرال القيصري كوزلوفسكي اقتصر على النصح والتوجيه، ومن ضمن ذلك محاولة الدفع باتجاه المبادرة للهجوم على بتروغراد من دون أن ينجح في لعب دور قيادي، هو وضباط آخرون أقل رتبة، إلا أن مشاركته مع أولئك، في الاجتماعات العامة للبحارة، واتصالاته بالمهاجرين، كان من شأنها أن تثير عميق القلق لدى البلاشفة، الذين كان من حقهم أن يخشوا انضمامه إلى سلسلة الجنرالات الذين سبقوه، من أمثال كورنيلوف ويودنتيش وكولتشاك ودنيكين وفرانغل، بحيث يقود بدوره هجمة بيضاء جديدة. لقد كانوا على علم بدخول المهاجرين على خط المتمردين، وعروض الدعم بالرجال والمال، التي قدمها لهؤلاء رئيسُ الجمعية التأسيسية المحلولة، فيكتور تشيرنوف.
المعركة المجنونة
يزعم أكثر من ناقد أن قوات الجيش الأحمر، بقيادة توخاتشيفسكي، تولَّت "قمع الانتفاضة بوحشية نادرة". وفي الواقع أن محاولات التقدم في الأيام الأولى، التي تلت إنذارَيْ 5 آذار/مارس و6 منه بإلقاء السلاح، فشلت بصورة ذريعة، وأدت إلى سقوط أعداد كبير من المهاجمين، التي انتشرت جثثهم على الثلوج، فيما ابتلع الخليج المئات منها، في أكثر من مكان، وذلك تحت وطأة القصف المدفعي، الذي أحدث فجوات داخل الجليد. إلا أن الإصرار على إنهاء التمرد، في أسرع وقت ممكن، وقبل أن يصبح "مرقاة، وسُلَّماً، وجسرا"... بحسب تعبير لينين، لاستيلاء البيض على السلطة، جعل البلاشفة، بشتى تياراتهم وتلاوينهم، في حالة من الاستعداد لتقديم أشد التضحيات جسامة لقاء إخماد التمرد. ومن ضمن هذه الحالة بالذات، تطوَّع لا أقل من ثلاثمائة مندوب إلى المؤتمر العاشر، للمشاركة في القتال، وبينهم العديد من قادة المعارضة الشيوعية وعناصرها داخل الحزب. وعلى هذا الأساس، جاءت المرحلة الأخيرة من الهجوم، التي بدأت في 16 آذار/مارس على قدر كبير، بالتأكيد، من الشراسة، من الجانبين، علما بأن الخسائر الكبرى وقعت في صفوف المهاجمين بالذات، الذي قدَّر البعض خسائرهم بـ 25 ألفاً بين قتيل ومفقود وجريح، فيما قدرها القنصل الأمريكي في فيبور، بفنلندا، هارولد كارتن، بعشرة آلاف، وهو رقم أقرب إلى الدقة. هذا بينما كانت خسائر المنتفضين أقل بكثير، وتقدرها إحدى الروايات بستمائة قتيل وأكثر من ألف جريح، و2500 أسير، وإن كانت روايات أخرى تعطي أرقاما أكبر، متحدثة عن أعمال انتقامية شرسة تلت الانتصار البلشفي المكلف جداً.
والجدير بالذكر أنه حتى قبل انتهاء المعارك، بعد ظهر 18 آذار/مارس، وفي مساء اليوم السابق، تمكَّن أحد عشر من أصل 15 عضوا في اللجنة الثورية الموقتة (قيادة التمرد الرسمية)، من الفرار إلى فنلندا، فضلا عن ثمانية آلاف من البحارة، وهو الأمر الذي أثّر في معنويات الباقين من المتمردين في مواقعهم، لا بل دفع العدد منهم إلى رفض أوامر ضباطهم بإغراق المدمرتين بتروبافلوفسك وسيباستوبول، والى اعتقال أولئك الضباط وإبلاغ القيادة السوفييتية باستعدادهم للاستسلام.
الإخوة الضالُّون
إذا كان لينين وصف تمرد كرونشطاط بأنه "البرق الذي أضاء الواقع أفضل من أي شيء آخر"، فقد تحدث عن المتمردين في 15 آذار/مارس، وقبل أيام قليلة من إخماد انتفاضتهم، وذلك أمام المؤتمر العاشر للحزب، قائلا إنهم "لا يريدون الحراس البيض، ولكنهم لا يريدون أيضا سلطتنا نحن"، معربا عن تصوره بأن "الحركة هي ثورة مضادة برجوازية صغيرة، وترجع إلى العفوية الفوضوية لدى البرجوازية الصغيرة."
وفي هذا المجال، ليس من النافل الإشارة إلى أنه على الرغم من صحة الوصف الذي أعطاه القائد العسكري البلشفي، بافل ديبنكو، وقد كان هو ذاته في طاقم البحارة بكرونشطاط سابقا، حين تحدث عن "روح التمرد الدائمة " لدى هؤلاء، فإن البحارة الذين قُمعوا عام 1921 لم يكونوا هم أنفسهم أولئك الذين لعبوا دورا حاسما إلى جانب ثورة عام 1917، ومن ثم خلال الحرب الأهلية. كانوا في غالبيتهم الساحقة مجندين جدداً من أصول فلاحية، على عكس سابقيهم في أسطول البلطيق، الذين كان قسم هام منهم من عمال منطقة بتروغراد. وهذا ما يعترف به قائد التمرد، البحار بتريتشنكو، الذي اعترف هو أيضا، بالمناسبة، خلال إقامته الطويلة في فنلندا، بعد فراره إليها، بأنه في الفترة ما بين ربيع عام 1920 وآخر الصيف، التي قضاها في قريته وشاهد خلالها عن كثب بؤس الفلاحين، حاول الانضمام إلى البيض، الذين رفضوه بسبب ماضيه البلشفي.
ولا يقل أهمية، في وصف الحقائق، أن نقول إنه على الرغم من شراسة القتال، الذي دار بين مقاتلي الجيش الأحمر وبحارة كروتنشطاط في آذار/مارس 1921، فإنه لأمر جوهري جداً أن نبرز واقعا، متناقضا بالتأكيد، يدحض تماما وجهة النظر التي عبر عنها نُقّاد عديدون، والتي تقول إن البلاشفة قمعوا بحارة كرونشطاط "من دون أن يرف لهم جفن"، واقعاً هو قمة المأساة، يضعنا إزاء ما يشبه تراجيديا إغريقية ممزِّقة، حيث القدر القاسي ينزل بثقله على مصيره أبطال يقفون حيال دورٍ فُرض عليهم فرضاً، ويضطلعون به وهم يشعرون قطْعاً، حتى وهم يحققون النصر، بأنهم يتجرعون كأسا عظيمة المرارة، كأساً يغلب عليها طعم الموت، لا حلاوة الانتصار!
أليس هذا ما كان يبرز دائماً في تصريحات القادة البلاشفة، كلما كانوا يضطرون لاسترجاع ذكرى تلك "الضرورة المأساوية"، كما سماها تروتسكي،؟ إن بول أفريش يذكر بين ما يذكر في كتابه عن كرونشطاط أن أولئك القادة "لم يكونوا يصوِّرون المتمردين بالذات كأعداء غادرين للشعب، بل بالأحرى كإخوة ضالِّين ينبغي الرثاء لهم بقدر ما يجب إدانتهم".
في كل حال، ثمة أحداث في تاريخ الشعوب، وفي صراع الطبقات الاجتماعية، وحتى الأفراد، عبر العصور، لا يمكن الحكم بصددها بسهولة. على العكس، إن تحديد موقف صارم إزاءها أمر في منتهى التعقيد، لا بل قد يسقط في الاعتباط والتعسف إلى أبعد الحدود. وربما ينطبق ذلك أكثر ما ينطبق على حالةٍ بحساسية ما جرى في تلك الأيام القاسية، المتناوبة بين الثلج والشمس، بين الخامس والثامن عشر من آذار/مارس، على تلك الجزيرة المعزولة بالجليد والنار، في خليج فنلندا. كانت تلك الحالة على درجة من التناقض والرهافة، بحيث لا يصلح بتاتا، في التعامل معها، استخدامُ الأحكام القيميَّة، وربما هذا ما حاول أن يراعيه بالضبط، وإلى هذا الحد أو ذاك، الأستاذ في جامعة كولومبيا، بول أفريش، في نهاية المقدمة التي وضعها لكتابة "مأساة كرونشطاط"، إذ يقول:
"يَهُمُّ فوق كل شيء أن نأخذ بالاعتبار التحفيزات المتناقضة لدى المتمردين، كما لدى خصومهم البلاشفة (...) فعلى امتداد النزاع، تصرَّف كلٌّ من الفريقين وفقا لأهدافه وتطلعاته. وقَوْلُ ذلك لا يعني إنكار الحاجة إلى الحكم الأخلاقي، ولكن في حالة كرونشطاط، يمكن أن يسمح المؤرخ لنفسه بتأكيد أن المتمردين يجوزون تعاطفه، في الوقت نفسه الذي يسلٍّم فيه بأنه كان للقمع البلشفي ما يبرره. والاعتراف بذلك إنما يشكل في الحقيقة إحاطة بمأساة كرونشطاط من جوانبها كافة".
كميل قيصر داغر
ينبغي أن نحلم
نصوص في سياسة هذا العالم
ص 246-259
إحالات
*نداء الوطن، 25 و26 كانون الثاني/يناير 2000
(1) نستور ماخنو، قائد عصابات فلاحية قامت في أوكرانيا، ضد البيض وضد الجيش الأحمر، على حدّ سواء.
#كميل_داغر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علمانية شاملة، أم مجرَّد إلغاء للطائفية السياسية؟
-
رسالة إلى صديق في المجلس الوطني السوري
-
ثورات عربية متمايزة، حتماً، ولكنها ثورات
-
الثورة السورية الراهنة وحساب الاحتمالات
-
هل تشكل سوريا استثناءً للقاعدة العربية؟
-
المارد الشعبي المصري يخرج من القمقم: انها تباشير الثورة العر
...
-
تونس: اليسار والحفاظ على مكتسبات الثورة
-
كميل داغر في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الإصلاح أم
...
-
من أجل يسار عربيّ ثوري جديد
-
عكار: الصعود المتجدّد للصراع الطبقيّ
-
حقوق فلسطينيي لبنان وخرافة التوطين
-
ألّهنا الطبيعة... ثم أكلناها!: مرامل كفور العَرْبي نموذجاً
-
عن راهنية الثورة وأمور أخرى: رسالة تصحيح إلى فواز طرابلسي
-
لأجل -ديمقراطية لبنانية- غير مشوّهة
-
لا حل للقضية الفلسطينية إلا بتفكيك الدولة الصهيونية(*)
-
الأممية الرابعة: من تروتسكي مؤسسا إلى الآن (المقدمة العربية
...
-
بيان وزاري لحكومة وطنية غير موجودة
-
رسالة من مواطن يساري إلى الأمين العام لحزب الله
-
لأجل أن يتحقق الحلم حلم الشهداء الشيوعيين
-
4 أيّار في مصر و7 أيّار في لبنان: الصعود الجديد لصراع الطبقا
...
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|