|
دماء على أسفلت التدين.
مختار سعد شحاته
الحوار المتمدن-العدد: 3973 - 2013 / 1 / 15 - 09:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الكلام فعلهم وفقط:
أوسعونا تقريقظًا كلُما حاولنا أن ننتقد هذا الرجل، لاكوا الاتهامات التى تلاحقهم مثل طفل يلوك علكة، واجتروا أحلام شعبٍ بـ"استحمار" عجيب، وكلما حاولت إقامة الحجة عليهم، لاذوا بالاتهام الرديء بأننا "علمانيون ملاحدة" أعداء الدين، فصدروا لعالم بريء حلم الخلاص الخادع من كل مشكلاتهم اليومية، وألبسوها لُباس الدين البَراء، فخدروا البسطاء بحديثهم المُفترى في حق هذا الوطن، وزادوا تشوهًا وتشويهًا لحقيقيتهم الحقة، وزادوا أن استمروا في كذبهم زورًا وبهتانًا مبينًا. حين خلق الله الكون، واستخلف آدم عليه، علمه أول ما علًم ان يستنطق الأشياء بحقيقة مسمياتها، معتمدًا على واقع حواسه، ومستعينًا باستدلالات عقله، وتلك أمانة خافها الخلق، وحملها الإنسان باقتدار ومشفوعًا بثقة الله فيه، فهو يعلم أنه بنيانه المصطفى بخاتم صناعة الرب المباشرة، مضطلع بأهليته لريادة الكون بما أودع فيه من فيوض روحه الإلهية، ضمانًا للتعمير، وجدارة لهذه الخلافة.
الثالث لا يحل محل الأول:
خرج علينا مشروع النهضة في مصر، وطيروا عنه الأقاويل، ما بين وعد رئيس يمثل الرقم "3" لا الرقم"2" في جماعته ومجلس شورتها، فأغروا أحلام البسطاء في عسل خمرهم الوهمي، وكلما استفاق البسطاء لاذوا إلى تخديرهم بخطاب ديني مغلوط، يفلح في شحذ همم قطعان الموالين لهم، رغم علمهم بفداحة ما يفعلون، إذ عطَّلوا أول ما عطَّلوا تلك الجدارة في أتباعهم، فباتوا يقولون نيابة عن المجموع، واستمروا يفكرون نيابة عن كل القطيع، معطلين أول السنن الكونية في خلق الإنسان بنيان الرب المجيد، فساقوا كل من ساقوا بعقل الفرد الأوحد، وأوقفوا التابعين –بل وألزموهم- تفكيرًا أحاديًا، أقذع ما فيه للعين، تلك الرجعية، وذاك القصور متى أوقفنا العقل في خلق الله –الإنسان- عن العمل.
العجيب هو استراحة هؤلاء لهذا النوع من الانقياد، والأعجب ما يرصده تاريخ الانشقاقات عنهم، فكل من انشق –متى فكر وتعقل- تجده مخونًا، متهمًا، موصومًا بشق صف الجماعة، واستحالوا لتصدير الفكرة، حتى انها قد تأخذ في أذهان البعض فكرة أعلى معتمدة على واحدة من ضلالات هذا الفكر العقيم، فيُرَى الآخرون خارجين عن الشرعية التى ألبسوا –قسرًا- ثوب شرعهم المغلوط، الناتج عن تأويل رديء، إنما يدل على قصر الفهم وثقافة المشافهة لا العلم والقراءة عن فهم ووعي، مؤسسين لأنفسهم أنه لا علم إلا المشافهة والمجالسة لهؤلاء ممن أطلقوا عليهم لقب "عالم جليل"، ضمن أوكازيونات الألقاب التى تعودوا ممارستها ببغائهم السياسي وغبائهم الاستلالي في أمور دنياهم ودينهم.
حكومة السقطات:
لعل اللافت في حكومة الأشهر الماضية مما عرفناه باسم حكومة "الأخوان المسلمين" يُصدر لنا حقيقة دامغة، تكشف عن سوء فهم وقصور في التدبر عن بالغ عمد وترصد، وتُلقى بحقيقة ناصعة، ملونة بلون الدم المراق في شوارع مصر منذ توليهم دفة الأمور، أو –ومن وجهة نظر شخصية- منذ سرقتهم لمفاتيح وشفرة الحل والعقد في مكتسبات ثورة شبابنا الرائع، فكانت النتيجة، جيل من عواجيز بالت على عقولهم إبل الحضارة التي فشلوا في استيعابها وإعادة تصديرها من جديد، فأرادوا أن يستعيضوا عن السياسات العالمية والعلمية بولاية فقيههم، فكانت النتيجة، مورد دماء مصرية لا يتوقف، وبئر آسن للسقطات والخطايا، تتجمع فيه خبالهم النتنة، تُلقي كل يوم بجثث المصريين في غياهبه، وتروى مشروعهم المستطار "مشروع النهضة"، وكأن شجرة نهضتهم لا ترتوي إلا بدم مصري شريف، وغاب عنهم، أن ثمار شجرة رويت بدماء شرفاء وأبرياء من أولاد هذا الوطن، لن تثمر إلا قيحًا ودمامل تطيب يومًا بعد يوم، ستنفجر في وجوههم قريبًا، فتلطخ وجوههم كما تلطخت أياديهم بتلك الدماء في الاتحادية، وفي التحرير، وفي القائد إبراهيم، وفي أطفال قرية المندرة تحت عجلات قطار سريع، وفي البدرشين أخيرًا، ناهيكم عن خروقات عديدة في جسد وطن عظيم، ليبدأ نزيف الدم والسوائل الضامنة لاستمرار حياة الوطن، فخرج علينا التصريح "يلزمنا عشر سنوات لنحقق نسبة 70% مما وعدنا به الشعب"، وهكذا تبخرت وعودهم بالنهضة مئوية الأيام، كما تتبخر جلود الطغاة أمام محاكم التاريخ الشعبي وذاكرة الشعوب.
ثمرنا طابت وثماركم حُصرم:
يا هؤلاء الذين انشغلوا بحصد ثمر "حُصرم" ما نضج، وما سُقي إلا بدم المصريين، ألهذا الحد باتت كل الأشياء بين أيديكم مشوهة ومقيتة، فما عُدتم تفرقون بين ما طاب من الثمر، وبين ما لم يطب بعد؟! أرونا ثمرة واحدة مما تأكلون ليست ملوثة بدم بريء أو اتفاق ليل، أو كيد عواجيز وكُهان دين، أظلمت عقولهم فأظلموا دنيانا بحق كل عقل أوقفوه عن التفكير، تحت ضمانة رجاحة تفكيرهم ورصانة منطقهم الأبله. يا سادة ألم تكن من قبل كما شنفتمونا "دعوها فإنها منتنة"، فما بالها باتت في أيديكم كأنها "مُعطرة"؟! نعم باتت للحقيقة معطرة، وعطرها كل تلك الدماء الزكية التى استبحتموها لحصد ثمركم الشيطاني، المدفوع بجشع الحكم والسيطرة، ولو رغم الناس وأحلام الشعوب.
يا سادة.. استقيموا يرحمكم الله، وأقيموها في قلوبكم وعقولكم، فلا حسن النويا وحده يكفي، ولا لُباس الدين بتأويلكم القاصر وحده يكفي، ولا مال التمويلات وحده يكفي، ولا طاعة العميان وراءكم وحدها تكفي وتحمي، فما نبت نبت في ليل إلا وخاف النور، وحكمكم صار ليلا أنتم بخياناتكم لصحيح الدين معنا، ولغبنكم حق الشعوب، تسرعون دورة عقارب ساعات ليلكم الكئيب، وتستعجلون فجر ثورة جديدة والنور، فهنيئًا لكل من خرج يستقبل الفجر، وخاب من ظنَّ أن الظلام وجهلكم يدوم.
مختار سعد شحاته. روائي مصر- الإسكندرية.
#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من حالات ربٌّ يُحبُ النساءَ.
-
رسالة إلي الشيخ -العريفي-.. أرونا فعلكم قبل خُطبكم الرنانة.
-
الحمد لله أنها خلقت من ضلع أعوج.
-
الجنة بين الحلم والخيال والواقع.
-
.من تاريخ العُري الوطني.
-
اقرأ .. وحاجة إلى إعادة فهمها القرآني.
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|