أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرثا فرنسيس - كيف قبلت؟














المزيد.....

كيف قبلت؟


مرثا فرنسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3971 - 2013 / 1 / 13 - 18:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كيف قبلتَ أن تأتي وسط هؤلاء البشر قساة القلوب؟ كيف قبلتَ أن تولد في أرضِ الشقاء والعناء رغم إنك خالق الكون، كيف رضيتَ أن تولدَ فقيرا ليس لك مكان يليق بك لتولد فيه؛ الا مذود بسيط فقير وانت مُلككَ السماء والأرض، كيف قبلت أن تنشأ وتشُب في مكان متواضع مع رجل بسيط ليقوم برعايتك وأنت الذي لا تنعس ولا تنام لتحفظ كل من صنعتهم يداك، وكان جديرا بك إذا ولدتَ على الأرض أن يكون لك اباً من علية القوم ومن أغنى أغنياء الملوك، كيف رضيت ان تعمل بيديك وأنت تملك كل مقاصير الحياة وكنوز الأرض.
كيف قبلتَ أن تولد لأم لا تملك الا نقاء قلبها وخضوعها الواعي، أم قبلت هذه المهمة الصعبة في وسط مجتمع قاس يُحمِّل المرأة مسئولية أخطائها وأخطاء الغير. أم كانت تعلم أنه سيجوز في نفسِها سيف بفراقك وأنت في ريعان الشباب ولكنها كانت تدرك جيداً أنك الوحيد الذي تستطيع وتصلح لهذه المهمة الصعبة.
كيف قبلتَ ان تقضي الساعات و الليالي تجول تصنع خيراً حتى مع من رفضوك وهاجموك ولم يصدقوك، كيف قبلتَ أن تمُد يد الشفاء والحب لكل من يحتاج لهما مهما كان وضعه الاجتماعي ومستواه وموقفه منك ايضا! كيف قبلتَ أن يُجربك من كانت لديهم النبوات التي تؤهلهم أن يعرفونك ويتوقعون مجيئك، كيف قبلتَ أن يُنكرك أحد تلاميذك ويخونك آخر ويُسلمك لقاتليك، كيف قبلتَ وتحملتَ عذاب القلب ومعاناته من قسوة الأحباء وخيانة الأصدقاء، كيف قبلتَ أن تأكل وتشرب مع الخطاة الاثمين ولم تستحِ منهم، بل ناظرا في عيونهم بحب مؤكدا لهم أن كل منهم انسان غالي وله قيمة عظيمة، كيف قبلتهم وأحببتهم، كيف قبلتَ أن تدخل بيوتهم ولم تخش على نفسك بكل نقاوتك وطهارتك- لم تخش على نفسك من مكائدهم وهجومهم الحاد عليك ومحاربتهم لك ولتعاليمك السامية، كيف قبلتَ أن يناقشك من يتصيدون لك الأخطاء، بينما هم غارقون في الشر، كيف استطعت برحابة صدر أن تفسر لهم وتشرح لهم حتى يعرفون الحق فينالوا الحرية، وأنت تعلم جيداً أنهم لا يعرفون الا قشور وطقوس العبادة. كيف رضيتَ وانت المثل الأعلى والقدوة الرائعة، كيف قبلت عنادهم وكبريائهم وبطول اناة كنت تشرح لهم بأمثال حتى يفهمون ويدركون مقاصدك النبيلة ويتذوقون معنى وطعم الحب الحقيقي الذي هو أساس العبادة والصلاة، بحكمةِ استطعتَ أن تكسر جمود الشرائع و تعطي معنى وعمق روحي لها، لتبدأ من اعماق الانسان وليس فقط من شفتيه، وبحب قدرتَ أن تضع يدك على مكان الداء الروحي والجسدي وبسلطان كلمتك تطلق الشفاء.
كيف قبلتَ أن تحمل صليب العار وانت الذي لم تُخطئ أبدا ولم يوجد في فمك مكر أو غش، بل وكان في قدرة يدك أن تترك الخاطئ ليتحمل نتيجة ما ارتكب، كيف يمكن أن يكون هناك قلب يملك كل هذا الحب ولا يخصه بالمستقيمين فقط أو بالمراكز العليا فقط أو بشعب مميز فقط، كيف يمكن لهذا القلب ان يزداد حباً كلما أعطى ويزداد تضحية كلما أحب .
كيف قبلتَ أن توجه لك الاتهامات وأنت ديان العالم، ورضيت أن يتجاسر عليك الجنود والعبيد وأنت ملك الملوك ، كيف تركت ظهرك للسياط ويداك للمسامير، كيف تركتهم يطعنون جنبك ويسمرون قدميك، وأنت الذي مشيت ساعات طويلة للسامرية وفتحت أحضانك لجابي الضرائب!
كيف قبلتَ أن يُدفن جسدك في قبر وأنت معطي الحياة، ورضيت أن تواجه الموت عني وأنت روح الحياة.
كيف قبلتَ أن تحمل خطيتي حتى تحررني وتأتي بي الى محضرك ليس لتأخذ مني بل لتمنحي راحتك وسلامك وترفع عني ثقل الإحساس بالذنب الناتج عن الخطية، أردت لي ان يفرح قلبي الفرح الحقيقي الذي لا يعطيه مال ولا جاه ولا سلطان، وأردتني أن احيا في سمو فأدرك معنى
الانسانية، وأفتخر بأنني أنتمي لها، أعطيتني أن اُميز بين العبودية للخطية وبين التحكم في الغرائز والشهوات.
قبلتَ هذا وذاك حتى أعود كما خلقتني مخلوق خالد أبدي حتى لو جاء إليه الموت فستحيا روحه، فإن النسمة التي نفختها فيه خالدة لا تموت إلى الأبد.قبلتَ هذا ليدرك كل إنسان معنى كونه إبنا شرعيا لك وليس خادما أو عبدا.
هل حقا قبلت كل ذا فقط لأنك تحبني؟ هل يمكن للحب وحده أن يكونَ دافعا لكل هذه التضحية؟ كيف يمكنني تجاهل حبك؟ كيف يمكنني الاستغناء عن مثل هذا الحب الباذل المحتوي، أسأل نفسي أمامك: كيف يمكنني أن أبادلك كل هذا الحب، في ضعف الجسد وصعوبة الحياة، وهل يمكن لشئ ما أو خطأ ما أو ضعف ما أن يحرمني هذا الحب فأفقده مرة ثانية؟ هل يستطيع قلبي الصغير هذا أن يحبك كما تستحق؟
هذه أنا.
من نبع هذا الحب أقدم محبتي للجميع



#مرثا_فرنسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العروس تحتضر
- الله يكره الدين
- داعية وتصريحات
- أرجوكم لا تبيعوا مصر
- بلاغ عاجل للإنسانية
- دار المعنفات هل هوالحل؟
- دار المعنفات وإعادة تأهيل الرجل
- أراك
- رِساَلة إلى أبي في عيدِ الأم
- الخلود والخوف من الموت
- ماذا تحتاج المرأة؟
- رجال وردود أفعال
- عيد الحب في عيونهم
- هل للمرأة حاسَّة سادسة؟
- الروح
- سأحتفل بالميلاد
- مصر تنتحب ولا يكفي الإعتذار
- تهنئة ونقد وعتاب - ورودي المصرية في العقد الثاني للحوار المت ...
- أنا مسيحية، علمانية، ليبرالية وأفتخر
- الغاية والوسيلة


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرثا فرنسيس - كيف قبلت؟