|
شهرزاد والحالة المصرية
مؤمن عشم الله
الحوار المتمدن-العدد: 3971 - 2013 / 1 / 13 - 01:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شهرزاد والحالة المصرية -----------------------------------------بقلم /بريماكوف ديكوفيتش
ينتاب المجتمع المصري الان حالة شديدة من الردة الحضارية والأخلاقية. هناك تراجع شديد لا ينكره أحد في الثقافة . يظهر ذلك في حدة الحوار والفظاظة التي يتعامل به الساسة و الأعلاميين وكل المعنيين بالشأن العام. وقد يرجع البعض ذلك الي خضوع البلاد لفترة طويلة لحكم أستبدادي وضع في أولوياته تجفيف الثقافة من المنبع حينما قمع الحريات الصحفية وحبس الكتاب وحارب اصحاب الرأي من المعارضة. لكني أري أن لتلك الردة و الضحالة الثقافية أسباب أعمق وأبعد من ذلك.....أدعوكم لمناقشتها سويا: - أعتقد أن التنوير والرقي الفكري لا يتأتي لمجتمع ما ألا بنضال نابع من الأيمان الكامل بأن لا بديل عن الديموقراطية . في الديموقراطية –والديموقراطية وحدها – نترك الماضي ونركض نحو المستقبل ، تاركين في خلفية المشهد كل من يحن الي ماض نهرب نحن منه . بالديموقراطية نترك كلمة " لولا " التي لاتجلب غير مزيد من الأسي والحسرة فنسارع الي البحث عن أسباب الردة والأضمحلال. هناك من بين أبناء هذه الأمة من يريدون أن يحيلونا الي تراث أكل عليه الدهر وشرب . نقول لهم دولة القانون فيجيبوننا بشريعة الله . نسألهم عن التكنولوجيا والبحث العلمي فيردوا علينا بوجوب حمل لواء الجهاد ففي ذلك ثواب عظيم. نحاججهم في أمور الحكم الديموقراطية فيحتجوا مستندين الي الحاكمية و الخلافة. وحينما نقول لهم هذا غير صالح لزماننا يكفروننا قائلين الأسلام دين ودولة . وهنا لابد أن نفهم ........هل هناك مايسمي دين ودولة ؟ نعلنها واضحة جلية أن الأسلام دين يحترم ولكنه ليس دولة. فالدولة السياسية التي أسس لها أول ما أسس رسول الأسلام أستندت الي تشريع القوانين وسن الأحكام العرفية التي كانت تصلح لذلك الزمان .فلم يحمل الوحي القرأني ما يسمي بأحكام الشريعة .وحتي بعض ما ذكر منها فيه مازال هناك جدل بشأنه حول قطعية دلالته وثبوته.وما هو قطعي منها فهو مرتبط بالحادثة التي ذكر فيها فيما يعرف بأسباب النزول. فلماذا نحن الي ماض وتراث عليل لا يناسب ما نحن عليه الأن . حين سن رجال القبائل والعشائر قوانين الحكم لم يجعلوها قوانين تصلح لكل زمان ومكان .ولو كانت كذلك لأبقينا الي الأن علي الدراهم ودواوين المظالم والأنكشارية والعسس وملابس تلك القرون الغابرة. لو كانت حقا كما يزعمون بصلاحيتها المؤبدة لما كانت هناك حاجة لسفك دماء سعيا للتنوير – فمن يؤمن بفولتير لا يحن الي أبن تيمية. ولكن ما الأسباب التي تجعلنا نحن الي ماض قد مضي غير مأسوف عليه في حين يلهث الغرب نحو مستقبل أراه ممنوعا علينا التفكير فيه؟ .المستقبل بالنسبة لنا كالعملة الأجنبية المحظورة التداول . اري في شهرزاد كل الأجابات.............. من لا يجد ما يؤمن به في حاضره المؤلم فأنه لا يسعي الي مستقبل مجهول بل يبحث في دفاتره القديمة عن تاريخ ربما كان فيه ما ينتسب اليه وهناك يختلق لنفسه ما يؤمن به فيجعله ثوابته . هكذا كانت شهرزاد فمع صياح الديك معلنا قدوم فجر جديد هناك سيف يلوح بالموت . فلم تسع لكسر هذا الخوف بجسارة الشجعان وايمان الصالحين .بل راحت تلهو مع مليكها لهو ينسيها مخاطر الفجر . تماما كما تفعل أمتنا من هروب من مواجهة الواقع والحنين الي روايات تراثية بعضها مسل وبعضها مدعاة للسخرية والأخر يدعو للأشمئزاز. بعضهم تسأله عن مستقبل الأقتصاد فلا يحمل اجابة غير تطبيق الشرع ولا أدري اي شرع يقصدون . هل يقصد فهمهم الشخصي للشريعة ؟ وماذا بشأن الاحكام التي ليس هناك عليها أجماع؟ كيف سيتصرفون في القروض والفوائد ؟وكيف ستعاملون الأقليات ؟ وكيف هي نظرتكم للعدل الأجتماعي وتوزيع الثروة؟...............فيجيبونك انها الشريعة !!!!! ليس هناك استراتيجيات واضحة او خطوط عريضة تتلامس معها عند قرائتك لبرنامجهم أن وجد هذا البرنامج!! شهرزاد تخشي المغامرة .تفتقد الي الحلم و الأمل والتطلعات . شهرزاد تثق في الأمان الوهمي الذي يمنحه لها ما تظنه من ذكاء في عقلها وثراء لديها في تراثها وموروثها القصصي. وبينما تلهث مئات الملكات لتتربع علي عروش الأمم مستبقة شهرزاد بمئات الأميال تجد شهرزاد تتحسس مرتجفة يدي مليكها فاحصة عينية فأذ هو يغط في نوم عميق فتأمن شر مسرور وبطش سيفه . حتي متي نظل قابعين في هذه الحالة الشهرزادية ؟!! في القرن الثامن عشر أعتلي كرسي أباطرة روسيا بعد وفاة القيصر بطرس الأكبر غانية من غواني ذلك العصر وهي كاترين الثانية التي لم تكن روسية الأصل فهي ألمانية المنشأ والقارئ لتاريخ هذه الفترة سيكتشف مدي الأنحطاط الأخلاقي الذي من الممكن ان يصل اليه مجتمع وللعجب هو مجتمع في دولة دينية . كأن تدفع الأمبراطورة الأم بزوجة ابنها لأحتضان عشيقها لكي تنجب ولي العهد بعد ان عجز أبنها ووريث العرش عن الأنجاب .وكيف كان بطرس الثاني زوج كاترين الثانية ، كيف كان ضعيف الشخصية عربيدا وسكير ومنحل أخلاقيا مما دفع بزوجته- جميلة الجميلات أنذاك - ليلقيها في بئر الخيانة و الفساد الأخلاقي. لا أذكر هذه القصة من باب التسلية او الأمتاع بل ليصبح واضحا جليا امام الجميع عن فساد الدولة الدينية . فليس بخاف علي احد ان قياصرة روسيا كان يجري تجليسهم بمباركة البطريرك الأرثوذكسي الأكبر . حيث يضع يده علي رأسه مباركا استلامه العرش وهذا تعبير واضح علي موافقة اكبر سلطة – وهي الكنيسة – علي هذا القيصر .وهذه الموافقة بدورها هي تماما مباركة السماء ورضا الأله عليه.تماما كما يحدث في أيران الجمهورية الأسلامية والدولة الدينية –تكاد تكون الوحيدة حتي الأن بالمنطقة- عندما يبارك اية الله الرئيس المختار واضعا يده علي راسه بينما يخضع الأخير له خضوع الأبن لأبيه. أسوق هذا المثال ردا علي الزاعمين بأن الدولة الدينية أو ما يقولون عنه شرع الله هو الخلاص من الفساد والأنحلال الأخلاقي في المجتمع. فالممنوع دائما مرغوب ويقول حكيم أخر " أنظر ماذا يهاجم الرجل بعنف وشدة لتعرف ما ذا يقض مضجعه ليلا أويراوده من احلام اليقظة نهارا "، وهذا بحق هو الواقع .فالغالبية العظمي من هؤلاء الذين يطالبون بتغليظ العقوبات علي المرأة و أخراجها من الحياة السياسية وأقصائها من المشهد هم أنفسهم أولئك الذين يتم ضبطهم في حوادث زنا ودعارة ...وما خفي كان أعظم. المرأة في نظر هؤلاء هي مجرد وعاء لأشباع رغباتهم وشهواتهم الدنيئة.هم لا يرون في المرأة غير النصف السفلي . يكفي هنا الأشارة ألي تقرير منظمة الصحة العالمية عن تزايد أعداد المصابين بالأيدز خلال العقدين الأخيرين في المملكة العربية السعودية- المطبقة للشريعة- والتي تجرد المرأة من كامل حقوقها تقريبا. وتقرير أخر عن تزايد حوادث التحرش الجنسي الذي لم يقتصر علي السافرات بل طال المحجبات والمنقبات علي حد سواء.ناهيك عن تقير أخير يفيد بارتفاع أعداد حالات الشذوذ الجنسي في السعودية. لم يلتفت الكثيرين الي القنبلة الموقوتة والمادة المفخخة في الدستور الأخير –المعيب لغويا وحقوقيا وقانونيا- تلك هي المادة رقم " 10" والتي تنص علي دور المجتمع والدولة في حماية الأخلاق والأداب العامة مما يدفع الي تكوين جماعات امر بالمعروف ونهي عن المنكر . أذ تمنح هذه المادة للأفراد التغيير باليد لكل ما قد لا يقبلوه ويعتبروه منافيا للأداب ومخالفا للقيم والأخلاق .وذلك بحسب رؤيتهم الخاصة لما يعتبرونه منافيا للأداب او الأخلاق. والسؤال هنا هل لدي القوي المدنية رؤية للمخرج من هذه الحالة الشهرزادية ؟ أم سنظل نغط في نوم عميق؟!!!!
#مؤمن_عشم_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلمانية ....خارطة طريق المجتمع المصري
-
العلمانية بين طموح الأقليات ومبادرة الأغلبية
-
العلمانية......الشك والمقاصد
-
العلمانية.....لماذا نحن بحاجة الي تنوعنا.
المزيد.....
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|