أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - أسئلة حول الاديان السياسية؟















المزيد.....

أسئلة حول الاديان السياسية؟


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 3970 - 2013 / 1 / 12 - 21:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا كانت الأديان السياسية تدّعي برسالتها الكونية لماذا نزلت رسالتها في مجتمع ولغة وعصر معين؟ كان من المفروض أن يتكلم ألله بلغة عالمية وأفكار تتجاوز مجتمع وحضارة وعصر ما، وان تنتشر في جميع أنحاء العالم في آن واحد، لكننا نجد إن الأديان السياسية تتناسب مع عصر ظهورها ومجتمعها، رغم محاولاتها البراغماتية للتكيف مع العصور اللاحقة، وهذا ما يفسر تغير عقائدها من عصر إلى عصر، لو إن لله رسالة لكانت واحدة، بلغة عالمية واحدة ولكل العصور والمجتمعات، وليس لمجتمع أو أمة بعينها، يفضلها الله دون سواها؟ قد يقول قائل إن الله يغّير رسالته عبر رسالات مكمّلة لبعضها البعض كما في الأديان السياسية الثلاثة تلاءم التغيرات الاجتماعية، لكن الواقع ينسف هذه الفرضية إذ أن الأديان السياسية تكّفر وتناقض وتنفي وتحارب بعضها! وحتى لو صح افتراض الرسائل المكمّلة لبعضها، كان من المفروض أن لا يقف الله عند ثلاث مراحل ويستمر بإصدار ديانات حديثة تتلاءم مع المتغيرات الكبرى كالثورة الفرنسية والعصر الصناعي وعصر التكنولوجيا وثورة الاتصالات والعولمة الخ عبر مجموعة رسل (وليس رسول واحد) في وقت واحد بجميع أنحاء العالم، دون أن تدّعي خاتمتها أو تقدّس شخوصها(1)، بل تمهد لرسالة مقبلة تتلاءم مع المتغيرات الكبرى، وهذا مسمار النعش في فرضية الرسائل المكمّلة لبعضها. فالكونية هنا هي كونية سياسية استعمارية واضحة، ومعلوم تاريخيا أن هذه الأديان كالمسيحية والمحمدية أقامت إمبراطورية دينية قائمة على الاستعمار والغزو والاستعباد للآخرين؟ لكن رغم هذه التناقضات الواضحة في الأديان السياسية إلا أنها متوافقة في جوهرها؟ فهي جميعها نظريات سياسية مطلقة قائمة على عبادة الزعيم الأوحد المختار من الله! الذي يدعي أنه الأخير والمنقذ الأبدي، أي نهاية التاريخ! والذي يسن ويشرّع القوانين وألاخلاق و ينظم أفعال الناس وسلوكهم وأفكارهم ومعاملاتهم العامة والخاصة وفق مبدأ الثواب لمن أطاعه والعقاب لمن خالفه، وهي جميعها تقسم الحياة لقسمين قبل الموت وبعده! لأنها جاءت أصلا لا لتغيير حياة الناس للأفضل وإنما لتغييرها لصالح السلطة، أي أبقائها كما هي؟ بحجة أن التغيير الموعود في الحياة الأخرى في حال قبولهم هذا النظام السياسي والخضوع التام له، والقبول بوضعهم الحالي كما هو! لهذا ابتكرت حياة أخرى لتعوض الفقراء والمعدمين والبائسين حقوقهم التي لم يكسبوها في حياتهم، فأجلوا كل الحقوق الدنيوية المسلوبة والمغتصبة للمظلومين لما بعد الموت، فالظالم والمعتدي والقاتل مثلا سيعاقبه الله على جرمه بعد الموت! والفقر سيعوضه الله بالغنى في الفردوس بعد الموت! من خلال التمسك بهذه الأديان فقط وهكذا بقية الحقوق الأخرى التي يتمتع بها الأغنياء وأتباع السلطة في حياتهم! لهذا يلقنون الناس دوما أن الدنيا شر وزائلة لتبرير فسادهم، فركزت على تحقير الدنيا والزهد بها، كبديل عن بؤس وشرور النظام الاجتماعي والسياسي الذي أوجدته هي بحكمها أو تواطأت مع السلطة الفاسدة، وأغرت الإنسان بحياة افتراضية تحقق العدالة بعد الموت بدل الاحتجاج والثورة والإصلاح والتغيير ضد النظام الفاسد الذي يعيش بفردوس من الغنى والرفاه على حساب الناس، أي أنها وفرت الفردوس الواقعي للسلطة وأجلته للناس بعد الموت!، بعد أن كانت هذه الأديان ذاتها تحرض الناس على الثورة ضد النظام الذي لا يتحالف معها (حتى لو كان ظالما) أو يحاربها، أو لا يتوافق مع مصالحها! وحين استلمت السلطة قمعت وكفرت أي ثورة أو أصلاح لنظامها لأنها نظام سماوي أبدي وليس دنيوي!، وأن الإصلاح والعدالة والمساواة التي كانت تعد بها ستتحقق بعد الموت! وللتابعين لها فقط، أما المعارضة فهم محاربين في الحياة ومصيرهم إلى الجحيم في الموت! لخلق المجتمع ذو البعد الواحد مجتمع كالنمل. أن الإنسان تراوده أفكار وأمنيات عن حياة بعد الموت قبل ظهور الأديان السياسية كنوع من النرجسية والإسقاط عن حياته التي يعيشها أو التي يتمنى أن يعيشها، لكن الأديان السياسية استغلت هذه العاطفة والأمنية وحورتها لمصالحها السياسية، فهذه الأديان جاءت للسلطة لا لتغيير أوضاعهم الاقتصادية وإنما لتغيير النظام السياسي، ولأنها لم تحّسن أوضاع الناس وانحصر بأتباعها المقربين والمطيعين، أغرت الناس بحياة أخرى خالدة أفضل من حياة الأغنياء، تحقق جميع الرغبات والحاجات الدنيوية و الطفولية والنرجسية لهم وما على الناس ألا الصبر والانتظار للموت!.
لا يمكن أن يكون لله رسالة، لأنها تتجاهل حتميات الأسرة والبيئة والمجتمع والتعليم والعصر، وتأثيرات المؤسسات الإعلامية والقبلية والدينية في تحديد وتعليب توجهات الإنسان وتغيرها من حضارة إلى حضارة، رغم الفروق الفردية للاستجابة لها، وهي أخيرا تنفي أو تصادر الإرادة والعقل والحرية والاختلاف. فالذي يولد في أسرة أو مجتمع يعتنق ديانة ما، وولد وعاش ولقن وتطبع على هذا الدين الذي يعتنقه أباه وأجداده وأقرانه، والذي ُصور له انه الدين الحق والأخير والمنقذ وكل ما قبله وما بعده باطل! لأنه سماوي وفطري وعلمي، والخروج عليه يعاقب اجتماعيا وأسطوريا، لا يمكن لهذا الفرد أن يعتنق ديانة أخرى، فهو اعتنقه ليس اقتناعا أو اختيارا، وإنما تطبعا وتقليدا وتوارثا حتى يصبح عادة عنده، وهذا الحال مع كل أتباع الأديان المختلفة، فالحماسة التي يتكلمون بها المتدينون عن حقيقة دينهم المطلقة، ستكون حماستهم مماثلة لدين آخر لو أنهم ولدوا في بيئة أخرى تعتنق هذا الدين! فكيف نطالب من هكذا فرد أن يترك دينه ويتبع دين آخر!! وهذا ما أعنيه بالحتمية الاجتماعية، ثم كيف يكون الله عادلا وهو ينحاز لأمة بعينها ويخصها برعايته وفردوسه، أما بقية الأمم الأخرى للجحيم! إذا لم يعتنقوا دين هذه الأمة المفضلة والمدللة! أي رب هذا لا يساوي بين البشر! ويتجاهل الحتميات الثقافية وتعددها؟ ثم أليس من الظلم أن يعذب الإنسان إلى الأبد لمجرد اختلافه بالرأي أو الثقافة مع هذا الرب! أو لأنه ارتكب جرم أو خطأ حتى لو نال عقابه أثناء حياته؟ أن مسألة الخير والشر والعدالة والقوانين الإنسانية الخ هي من صنع الإنسان وبيئته وحضارته ولا علاقة للرب بها مطلقا.
إن الإله (إن وجد) لا يمكن أن يكون إلا كعلة أولى، خلق الكون وفق قوانين ذاتية الاستمرار فقط، أما التفكير بهدف، فما هو إلا إسقاط أنساني محض، اعلم إن هذا التصور يتعارض مع الصورة التسلطية الأبوية كما في الأديان السياسية، لإله مستبد ومستعبد لعباده (2)، سادي، أناني، نرجسي، يحكم بانفعالاته، قاسي وحنون، يفعل ما يشاء، يهدي ويظل، يعطي ويأخذ من الناس كما يشاء! يتدخل ويبرمج كل شيء في شؤون البشر كأنهم أطفال أو عبيد، يغري غرائزهم بالجنة لو أطاعوه، ويرعب غرائزهم بالعذاب لو خالفوه أو اختلفوا معه، رغم انه المبرمج في النهاية!(3)
هناك سؤال بديهي وفلسفي قديم ما يزال حيا حتى الآن، إذا كان الله يتحكم في كل شيء ويعلم كل شيء وبيده مصير الإنسان وقدره، فلا مبرر لوجود للثواب والعقاب وللقوانين البشرية، لأن الإنسان هنا ضحية برنامج مسبق وإن الله هو الخصم والحكم والجاني، والإنسان مظلوم مسلوب الإرادة تماما وفق هذه الرؤية!.
ـــــــــــــــــــــــــــ
1ـ إن أدعاء بعض ألأشخاص أنهم حملة الرسالة ألالهية يتعارض مع تقديس أنفسهم بالتماهي مع الرسالة أي مع الله، أليسوا هم مجرد وسطاء وأن الغاية هي الرسالة ألاهية؟ وإذا كان تقديس أنفسهم أثناء الحياة مبررا نوعا ما، لماذا يقدسون أنفسهم بعد موتهم أو بعد أتمام الرسالة؟ من الواضح إن ادعاء هؤلاء الأشخاص الرسل، كان يحمل مشروع السلطة باسم الرسالة وإن الله ما هو إلا الشخص ذاته مرفوعا إلى السماء.
2ـ هناك رفض من الناس لأي صورة للإله غير الصورة التي تروجها الأديان السياسية من اله أبوي يصدر القوانين والشرائع عبر أشخاص مختارين ناطقين باسمه، لإطاعته وعبادته، قاسي في عقابه لمن لا يطيعه ومصيره للجحيم، وحنون في مكافئته للمطيعين ومصيره للنعيم (الفردوس)، ُيخطط وُيقدر ويغير ويعلم مسبقا كل شيء، وهذا انعكاس لصورة الحاكم المستبد الذي صنع هذه الصورة أصلا ورسخها بين الناس وكفر كل من يخالفها أو يناقشها، لكي يدّعي انه ظل الله على الأرض قالبا الوضع بالمقلوب أي إن صورة الله التسلطية هي انعكاس أو ظل للصورة السلطوية للنظام وليس العكس كما يدعي الحاكم.
3ـ من الملاحظ لغويا أن أسم الله وبقية أسمائه الأخرى لا يجوز تسميتها للبشر إلا وتسبقها كلمة (عبد) مثل عبد الله، عبد الرحمن، عبد الوهاب، الخ وربما أن كلمة (العبادة) مشتقة من الجذر (عبد) أي العبودية، وهناك نصوص دينية صريحة تدعوا إلى الخضوع والعبودية لله، وهذا أحد الأدلة على النظرة الاستعبادية للإله في الأديان السياسية.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحيل النفسية للفاسد إداريا وماليا في المجتمع العراقي
- محاكمة عزيز علي بالماسونية
- المنولوجات المفقودة أو النادرة الغير المدونة لعزيز علي
- ألكلمات والجُمل التي استبدلت بهمهمات في منولوجات عزيز علي
- المنظّرون السياسيون للفكر الشيعي التقليدي
- فلسفة عزيز علي
- الإسلام بين خطاب الحداثة والسلفية
- الإستبداد المقدس
- خاتمة كتاب (تأملات في الأديان السياسية)
- جدار المرحاض الحر
- بين مقتدى الصدر وصدام حسين
- فلسفة الخطأ الإنساني
- تأثيرات الهاتف الخلوي على المجتمع العراقي
- من ذاكرتي بين عهدين
- حقيقة انتمائي
- السياسة في نظرية الحق الشعبي
- صورة المرأة الثنائية في المجتمع العربي
- أربع قصائد سياسية
- فلسفة الحب الأسطورية في المجتمع العربي
- أسطورة الشيطان ونظرية المؤامرة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - أسئلة حول الاديان السياسية؟