|
النص والمرأة
احمد عبدول
الحوار المتمدن-العدد: 3970 - 2013 / 1 / 12 - 21:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليس هنالك نص يهز كيان المرأة ويطعن أنوثتها ويقض مضجعها ويهدد مستقبلها مثل ذلك النص ألقراني الذي يتناول مسالة إمكانية تزويج الرجل واقترانه بأكثر من امرأة وهو النص الذي يجيز للرجل إن يتزوج ما طاب له من النساء مثنى وثلاث ورباع انه النص الذي يخاطب الله فيه الرجال حصرا بقوله (وان خفتم إن لا تقسطوا في الايامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ). والمعروف إن هذا النص ما يزال يثير الكثير من علامات الاستفهام ويبعث على الكثير من من التساولات والاستفسارات ويفتح باب النقاش والاختلاف والأخذ والرد على مصراعيه دون إن يصل المتناقشون بخصوصه إلى نتيجة واضحة المعالم لا تقبل الجدل ولا تخضع للتأويل وعلى الرغم من إن البعض كان قد فسر النص على انه يشتمل على نكتة اجتماعية وبلاغية واضحة حيث ذيل النص ألقراني بقوله (وإن خفتم إن لا تعدلوا فواحدة ) وهو ما يؤكد على عدم الجواز للرجل بالتزويج بأكثر من امرأة لان شرط العدالة من المستحيل أن يأتي به الرجل على الوجه الأكمل وهو ما ينفي أمر التزويج بأكثر من امرأة جملة وتفصيلا إلا أن مثل هذا التفسير قد اصطدم بتفاسير أخرى مناهضة ومعارضة لوجهته وما يذهب إليه من طرح حيث كانت تلك التفاسير ترى أن العدالة ممكنة وإنها ليست إلا مسالة موازنة بالحب والعاطفة والمشاعر والأحاسيس والحاجات المادية والعينية كذلك فقد اصطدم التفسير القائل بعدم إمكانية التزويج بما كان يتمتع به الأنبياء والرسل والأولياء الصالحين بالإضافة إلى الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين بعشرات الزيجات وهكذا بقي مثل هذا المورد مورد اخذ ورد وشد وسحب وقول واخر وعلى الرغم من إن كل ما قيل ويقال فان النص بقي على حالته وظل على سيرته حيا فاعلا في إعطاء الضوء الأخضرللرجل بالزواج من امرأة أخرى لاسيما إذا كانت زوجته لا تنجب (عاقرا ) أو كانت لا تلد له من الذكور ما يشد بهم أزره ويحفظ ذكره ويامن غوائل دهره ,فضلا على إن زواج الرجل من امرأة أخرى قد يكون محض رغبة ومجرد تسلية وقضاء وطر ليس إلا لقد بقي هذا النص وعلى امتداد أكثر من أربعة عشر قرنا كارتا احمرا يشهره الرجل بوجه المرأة لسبب وبدونه ولحاجة ولغيرها فما إن يثار الرجل أو يصطنع الإثارة حتى يصيح بوجه المرأة (سوف أتزوج من امرأة أخرى ) فإذا ما ردت عليه زوجته بما لا يرضيه صاح بها (هذا ما أحله الله لي على الرغم من انفك ) مثل هذا النص بقي نصا ثقيلا على نفس المرأة لا تكاد تمر عليه حتى يتفصد جبينها عرقا وترتجف فرائصها خوفا وفرقا لذا فإنها تتحاشى قرأته وتتهرب من مطالعته وكيف لا وهو النص الذي يركبه الرجل ليصل من خلاله إلى امرأة أخرى وحضن أخر وسحر أخر وفتنة أخرى والمرأة ليس لها حول ولا قوة لا من شرع ولا من عرف ولا تقاليد أنها الطامة الكبرى . المرأة وبشكل عام سواء كانت متعلمة أو غير متعلمة متدينة أو غير متدينة متفهمة أو غير متفهمة بيضاء كانت أم سمراء شقراء كانت أم حمراء فإنها ترفض رفضا قاطعا أن يكون هنالك نص يبيح لنصفها الأخر إن يرتبط بامرأة أخرى هي لا شك تعتبر ذلك النص غواية لزوجها (ادم ) بالهبوط إلى جنة أخرى هي تعد ذلك الأمر خيانة عظمى وجناية كبرى بحق أنوثتها المرهفة والحساسة والذي يريد إن يقف على جلية الأمر وحقيقة الخطب فما عليه إلا إن يسال زوجته ويسر ابنته ويكاشف زميلته عن طبيعة ما يمثله زواج الرجل على نصفه الأخر ماذا يعني مثل هذا الأمر على نفس وعقل ووجدان المرأة ووجودها فإذا كانت المرأة تمثل نصف المجتمع وهذا ما يقر به الرجل وإذا كانت هي إلام وهي الأخت وهي البنت والأخت والزميلة والرفيقة وان كان الفكر الديني التقليدي يرفض مفردة الزميلة إن لم يكن يقاطعها ويكفرها ويعدها بدعة ما انزل الله بها من سلطان إذا كانت المرأة تنزل تلك المنزلة وتبلغ تلك المرتبة فلماذا نصر على أهانتها وتحقير شانها بمثل ذلك النص الذي يجب إن يقوم رجال الدين بحمله على معنى أخر يتماشى مع مصلحة المرأة ولا يضر بمصلحتها ولا يهدد بيتها , فإذا كان مثل ذلك النص صالحا للعمل في الأزمان الغابرة والمجتمعات السابقة فإنه ليس كذلك في مجتمعاتنا المعاصرة التي تبوأت فيها المرأة مراتب سامقة فشاركت الرجل في جل الميادين العلمية والعملية وشاطرته همومه وقاسمته مشاغله هذا بالإضافة إلى باقي مسؤولياتها في تربية الصغار وتنشئة الأجيال ولا شك ان هنالك العديد من النصوص وهذا ما يقره فقهاء الشريعة وعلماء الدين قد فقدت إمكانيتها على التطبيق داخل مجتمعاتنا المعاصرة ,إذ إن نصوص الشريعة في جزء غير قليل منها ليست ثوابت متحجرة بقدر ما هي نصوص تدور مدار مصلحة الرجل والمرأة على حد سواء وبما إن المرأة هي إلام وهي الأخت وهي البنت وهي الزوجة وهي الرفيقة وهي الأنيسة وهي الجليسة فلماذا لا نسارع إلى رفع ذلك القيد عن معصمها لتتمتع بحقوقها المشروعة على الوجه الأكمل والأبهى وبذلك نكون قد أنزلناها منزلتها التي تستحق وأكرمناها بما هي أهل له .
#احمد_عبدول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مطر السوء
-
القوم الكافرون
-
أضغاث أحلام
-
الإنسان أم الأديان
-
هل يمتلك العراقيون دينا خالصا
-
طقوس كربلاء من منظار اخر
-
ما هو المطلوب من رجال الدين تحديدا؟
-
شيوخ العطب والهلاك
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|