أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - غادا السمان - أسئلة مابعد الإختناق















المزيد.....

أسئلة مابعد الإختناق


غادا السمان

الحوار المتمدن-العدد: 1145 - 2005 / 3 / 23 - 12:51
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


* أسئلة ما بعد الاختناق

بقلم: غادا فؤاد السمان *

بعيداً عن مشروع الطائف، بعيداً عن القرار 1559، بعيداً عن الأمم المتّحدة، وعن مجلس الأمن، والمجتمع الدولي.. بعيداً عن انشطار القرار اللبناني بين التنفيذ والتنفيس، بعيداً عن تداعيات ما حدث، وما سيحدث، وما لم يحدث بعد ..

ثمّة سؤال "بائت" منذ ثلاثين عاماً عجزت عن طرحه ثلاثة أجيال متتالية، وربّما سأصاب بعجز مماثل عن حسن الصياغة، تُرى أما آن للمواطن السوري أن يبلغ حدّ الفطام في تقبّل إرادة السلطة العتيدة، وإدارتها السديدة، ودرايتها المُحكمة؟ أما آن الأوان للمواطن السوري وقبل غيره أن يجد الجواب الشافي، والمُقنع من ممثّلي السيادة والقيادة، شخصيّاً ورسميّاً بحوار جادّ ومُتكافِئ بفتح أبواب السجال المُباشر، دون حواجز وأبواق وأصداء وأزلام وعراقيل إعلاميّة دائماً لديها إجابات جاهزة ومُفبركة ومسبوكة ومحبوكة وجازمة.

طبعاً المُجازفة هنا في خوض غمار التعدّي على حدود الخرس المُقدّر للمواطن السوري منذ القرن الماضي وحتّى يومنا الشرق أوسطي هذا، لم يستنسل كفيروس عدوى بحكم الأصوات المُتعالية في الشوارع والشاشات والصحف والشرفات التي تقودها المُعارضة اللبنانيّة بغلواء حادّ، فقط جاء من دواعي الحرج المُتزايد نتيجة اللعنات المُعلنة من كلّ حدب وصوب، والشتائم الطائشة في كلّ اتّجاه وقد بدأت تُؤثّر على ماء الوجه، وصارت الخشية جدّيّة من فقدان مُرطبات التبرير، لتنشيط خلايا الاعتداد والاعتزاز والكرامة، عندما يُسائلني طفلي ابن السبعة مواسم: "ماما سورية قلّلت أدب؟ ليش بدّن تطلع برّا؟!"، وهُنا تستعصي عليّ الإجابة لطفل يعيش الواقع اللبناني بلكنة حيّة لا يجيدها ذووه، ولا يملكون له سوى قسيمة إقامة مؤقّتة منذ ثلاثة عشر عاماً، ومستقبل مُبهم، بحكم القدر السياسي المُزمن، والقضاء المعيشي المنقوص، ولأنّ الحديث عن خطوط الرجعة واهٍ كخيوط العنكبوت، بصفتي مواطنة لم تفز بشهادة المحفل العقائدي وتقديره، ليُكتب عليها النبذ من مغانم السلطة كالعنزة الجرباء، وكعنزة جرباء أسأل: "أليس من حقّ المُواطن السوري وقبل غيره أن يتوجّه بالسؤال وبإلحاح شديد، للقيادة الحكيمة، عمّا يدعوها لتجاهل مشروع الطائف، وما الذي يعيقها عن تحقيق المشيئة العارمة للرغبة اللبنانيّة في شأن التسوية لتصحيح المسارين؟!

لعلّي مُستبعدة من النظرة الدونيّة المُباشرة التي يُرمى بها "مليون" عامل سوري حسب إحصائيّة جريدة "النهار"، وربّما لا أحد سواه الأستاذ طلال سلمان مشكوراً حمل هواجس المواطن السوري في لبنان وتحدّث عن مخاوفه باستطراد إلى الأستاذ عماد الدين أديب. وكل هذا لا يجنّبني وابلاً من الاستفسارات المكرورة من الأصدقاء والمعارف حول ضرورة التواجد السوري بشقيّه، لدرجة صرت أشعر أنّ الانسحاب السوري لا يبدأ إلا بخطوة، وهذه الخطوة ينبغي أن أخطوها أوّلاً لفتح الطريق، علّ السُبحة تكرّ، ويكون الانسحاب على مبدأ المثل القائل "نيّال مين زار وخفّف".

أعترف أنّ هذا المنطق لم يكن مفهوماً لديّ قبل 13 عاماً، عندما دخلت مدينة الحلم بيروت، هذه اللؤلؤة التي يتكالب عليها السوس. ففي العام 1995 دُعيت للمُشاركة في مهرجان شعري برعاية شيخ الشباب وقتها "جبران التويني"، وقبل أن يحين ترتيبي لارتقاء المِنصّة؛ اعتلاها الشاعر"موريس عوّاد"، وبدأ بحقن الحضور الذي يفوق الألف شخص؛ بجرعات من التوتّر العالي في صالة الشاتو تريانو، وقتها استهجنت السخط على الوجود السوري، واستنكرت اللهجة التصعيديّة بإضفاء صفة المحتلّ، وعندما بلغت المِنصّة، فتحت جبهة منفردة أمام حضور كثيف منحاز لقناعة يصعب زحزحتها، احتدم السجال بيني وبين الأستاذ جبران تويني، وتوزّعت الأنظار بين مؤيّد لجرأتي ومناهض لجرأتي على متناقضين وقتها، التويني وأنا، وامتدّ السجال حتّى كاد يُطيح بالمناخ الشعري، وبالتوقيت المُخصّص للمهرجان الذي تجاوز السجال فيه قُرابة النصف ساعة ويزيد، ترك انطباعاً حادّاً ودامغاً في ذهن الحضور الكثيف الذي حمله معه خارج المُناسبة، وتناول ما حدث في حينه الكثيرون في المجالس العامّة والخاصّة، ولا يزال الأستاذ "وليد عبّود" يُذكّرني بالواقعة كلّما سنحت الصدفة.

بعد ذلك، قدّر لي اللقاء ولأكثر من مرّة بالأستاذ "جبران التويني"، وتبيّنت مدى الغصّة التي يتركها التجاهل السوري لنداءاته للحوار، وبدأت أتابع إلى حدّ بعيد افتتاحياته ومواقفه، واعتباراً من لقاء الشاتو تريانو وإلى مُناسبات أخرى تلتها، كان يبادرني الأستاذ تويني: "قولي لقيادتك"، وعبثاً كُنت أقنعه أن لا قيادة لي سوى أمزجتي الضارية، ولا سلطة عليّ سوى قلمي.

الآن .. نعم الآن، ولم يعد لي متسع لثلاثة عشر عاماً أخرى أنتظر، أنا معنيّة بهذه القيادة التي أوصلتنا إلى هذا الدرك من الشِقاق بين شعبين، كُتِب عليهما توأمة مزيّفة، فمن قال إن القيد يليق بالأجنحة؟

لبنان بلد الحرية فعلاً لا قولاً فقط، ولهذا كان مطمح كل مُبدع وكل مُثقّف عربي، وسوري تحديداً، فهل كان لأدونيس أن يكون "أدونيس" لولا لبنان؟ وهل كان ليوسف الخال أن يكون الخال لولا لبنان؟ والماغوط هل كان بوسعه أن "يخون وطنه" لولا لبنان؟ هؤلاء كانوا في أمسِ الحريّة، حملوها معهم إلى الاغتراب ليبقى لنا الفتات ليس إلا.

لهذا امتدّ الهُتاف، وتمادت الأصوات، معارضةً ومطالبةً وجسورة، فهل كان من الواجب أن تصل هذه الأصوات "الكونغرس الأمريكي" و"قصر الإليزيه" متّحدين على حِساب دم رجل قلّ له نظير في البلدين، بل في المنطقة عموماً، اسمه" رفيق الحريري"، ليصير قُرباناً على شرف النداء، وليُصبح استشهاده مدعاة لكل التباس، وباعثاً لتطويع البعث بين السندان الفرنسي والمطرقة الأمريكية؟!

ألم يكن حريّاً أخذ الكتاب المفتوح الذي أرسله التويني عبر صحيفة "النهار"، ذات رجاء، إلى الرئيس السوري بعين الاعتبار؟! ألم يكن حريّاً بالقيادة السوريّة أن تسنح وتُفسح وتصغي لنبض الصحافة ونبض المثقفين، برحابة صدر، إذا لم نقل بديمقراطيّة؟!

الأسئلة كثيرة وكثيرة جدّاً، أهمّها: كيف يُمكن أن نعيد للشعب اللبناني ثقته بالشعب السوري، أخاً وصديقاً، وعاملاً، ومقيماً؟

كيف يُمكن أن نزرع المودّة بين القلوب المنفطرة والمنشقّة، بعيداً عن كلّ الذين استفادوا بحقّ من النفوذ المُستعار وأنا أشهد، وبعيداً عن كلّ الذين أفادوا طمعاً في نفوذ زائل؟!

كيف يمُكن أن أتجاهل شخصيّاً عبارات الطرد المُشينة، وأنام على إيقاعها المُتصاعد قريرة السريرة، في بيت مُستعار، ووطن مُستعار، وحلم مُستعار، وزمن مُستعار، وطمأنينة مفقودة؟

لقد نشأنا على مشجب كبير اسمه "إسرائيل"، علّقنا عليه طويلاً مجمل خيباتنا، وها نحن اليوم نستعيض عنه بمشجب أكبر اسمه سورية، نعلّق عليه بقايا خيباتنا، وشرّ البلاء توريث البلايا.

www.geocities.com/ghada_samman



#غادا_السمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - غادا السمان - أسئلة مابعد الإختناق